سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عزيزي القارئ ..الرجاء عدم قراءة هذا المقال..ما الذي يعجب الحزب الحاكم في فلان وفلان وفلان حتى يكمل الفلانات 30 مرشحاً من قدامى المرهقين والمجهدين والذين نضبوا إلا من الأسماء والعلامات.!
بعد انهيار وحدة الإسلاميين والوطنيين الذين حولهم أصبحوا مجرد (أولاد دفعة) الحياء من صداقاتهم وأسرهم يحتم عليهم (مباصرة) المواقع، فالذي لا يسعه كرسي الوزارة يسعه كرسي السفارة، والذي لا يسعه كرسي السفارة يسعه مشروع العمارة، والذي لا تسعه العمارة تسعه الاستشارة.. وبعدها لا يهم أين هو فلان وأين هو علان.. عزيزي القارئ ..الرجاء عدم قراءة هذا المقال السيد/ الدكتور عبدالرحمن الخضر إذا ظننت أنت وطاقمك بأن في مقدوركم حل أزمات ولاية الخرطوم فأنتم مخطئون، لأن هذه ليست ولاية هذا وطن بحاله.. وإذا ظنت الحكومة المركزية أن والي الخرطوم سوف يواجه لها التزامات ولاية هي في ظنه مثل الجزيرة التي تندب حظ مشروع الجزيرة أو مثل ولاية نهر النيل وهي تواجه أزمة المرتبات، فهو مخطئ، لأن الوالي في الخرطوم يجلس فوق برميل من البارود.. بارود ملايين البشر الذين يأكلون ملايين أرغفة الخبز التي لايزرعونها ويطالبون بالخدمات المتصاعدة التي لا ينتجونها والي الخرطوم الذي تمتد نحوه ملايين الأيدي من الشباب العاطل وهو يحلم بالعمل والإنتاج والسكن والزواج والأطفال، يعشم في بعض المستحيل ويبكي على سنوات الشباب الذي يجري.. تخطئ الحكومة المركزية وتخطئ حكومة ولاية الخرطوم لو ظنت أنها بحزمة من الإجراءات العابرة سوف توقف غول الهجرة المتصاعد الذي يشكل يومياً أسورة من البشر الذين يطالبون بالماء والدواء والطعام ولا يملكون ثمناً لهذا إلا بطاقة الهوية بأن طولهم ستة أقدام وخمس بوصات وعيونهم عسلية. تخطئ الحكومة المركزية لو ظنت أن السودان أصبح دولة جنوب السودان ودولة شمال السودان.. تخطئ خطأً فادحاً لأن الصحيح أن السودان أصبح دولة جنوب السودان ودولة شمال السودان ودولة ولاية الخرطوم.. والأخيرة لا تملك من الموارد الحد الأدنى الذي يسمح لها بمعالجة شكلية للصرف الصحي دعك من بقية المنغصات الخطيرة.. والحكومة المركزية (عافاها الله) لو بذلت كلما تملكه ونملكه في تعضيد تجريدة واحدة لفرض الأمن في النيل الأزرق وجنوب كردفان لكفاها وللثمنا يدها ظاهرها وباطنها. يخطئ والي ولاية الخرطوم لو ظن أن منسوبيه هم فقط الذين ظهروا في لوائح الانتخابات الأخيرة، فهنالك يا سيدي الذين أبوا والذين تأبوا والذين تنحوا والذين غابوا والذين غُيبوا والمرجئة والرافضة والمعتزلين والمعتذرين.. وأخطر من كل ذلك منسوبيه المتوقعين في الولايات الأخرى الذين يستعدون الآن الآن للإحاطة بالخرطوم، الخرطوم العاصمة الوحيدة في الدنيا التي لا تملك خريطة حاكمة أو تعداد ملزم، فالانتماء للخرطوم ما عاد يكلف أي فرد غير الوصول لها عبر أي وسيلة وعبر أي طريق.. الخرطوم ما عادت تكلف إيجاراً أو حتى استضافة أسرة.. الخرطوم اليوم تسمح لك باقتطاع أي قطعة أرض تعرش بأي شيء وتلتحف كل شيء وبئر يتآزر عليه اليتامى والمساكين والمهاجرون.. ولأن الولايات الأخرى قد أصبحت مهمتها غير المعلنة هي التحريض السري لقاطنيها عبر السياسات الخرقاء بأن يهاجروا زرافات ووحدانا صوب عاصمة الأتراك والمتوركين الخرطوم لسبب معلن وهو أن يجدوا لهم متسعاً ومراحاً مع ميزانية المركز تسمح لهم بتغطية منصرفات البند الأول من الميزانية والامتيازات التي تسمح بإكمال قصورهم بالخرطوم ما يسمح له باللجوء السياسي والاقتصادي المشروع والآخر المعد للإيجار والليالي العجاف. لقد كنا صادقين جداً عندما قلنا للأخ عبدالرحمن الخضر إن عليك دوراً استراتيجياً يجب أن تلعبه بل هو دور مركزي، وهو أن تلحق بمواطنيك الموعودين في الشمالية والوسط وكردفان ودارفور والنيل الأبيض بإقامة مشاريع مستمرة هناك تؤجل (حصار الخرطوم) وقد عفّ القلم من أن نقول سقوطها. ويظل السؤال المُر لماذا أصبح والي الخرطوم وحده هو الذي يتصدى لفشل السياسات الاقتصادية والاجتماعية والكبار صامتون من الإجابة عن الأسئلة الصعبة والإجابة سهلة جداً، وهي أن المشروع الوطني السياسي التعبوي العام قد إنهار تماماً بإنهيار أحلامنا في نيفاشا التي لم تحقق الوحدة ولم تحقق السلام ولن تحقق الاستقرار. أما الكفاية والعدل فهذا من بعض قضايا شعر التفعيلة والرومانسية المحدثة المجللة بالطلاسم والغموض وتتعاقب الإجابات المُرة نعم إنهار المشروع السياسي وأعقبه انهيار المشروع الاقتصادي بكامله بعد ذهاب اقتصاديات النفط التي راهنا عليها بشبابنا وعقولنا وعلاقاتنا العربية والإسلامية والعالمية والتي صنعناها في أزمنة المقاطعة من طوب الرمال ونحتناها على جدران الصخر بأظافر الحاجة وألصقناها على غور الأرض بدمع الرجاءات بددنا كل ذلك بثقة الغافلين في الغرب والمشروع الإمبريالي وقادته مما يعد حسن ثقة في أمريكا وسوء ظن بالله والعياذ بالله. وعندما أثمر بعضه وعداً وقمحاً وتمنياً حملناه على صحن من ذهب وأهديناه لحركة عنصرية أثبتت أنها عدو أصيل للشعب الجنوبي قبل أن تكون عدواً للشمال الذي سقاها من لبن امرأة من سهل العروبة تأكل القديد، ولأن القيادات المنتجة والمبشرة بالإنتاج والصبر عليه من كل القبائل ولا أقول الولايات، لأن هذا هو زمان القبلية قد غادرت أصقاعها صوب المدن القريبة خطوة أولى وصوب المدنية خطوة ثانية وصوب المنافي خطوة ثالثة نوعية فقد أصبح الريف خالياً تماماً من كل القوى الحية بفعل السياسات غير المنتجة وغير الحقيقية وبفعل الحكم غير الراشد الذي ضربته القبيلة والانتماءات الضيقة في مقتل، وبفعل الفساد وانسداد برامج الأولويات الذي لا يجد نخبة لتحديده، وإن حُدد لا تجد من يتابعه على أرض الواقع.. ولأن الواقع الرديء والمتهالك في الريف بسبب سقوط البنيات الأساسية وتقلص السيولة بفعل انسحاب مشروع النفط.. وبقاء فاتورة الاستهلاك اللعين فاغرة فمها ليل نهار فقد أصبح صوت القيادات السياسية في الولايات والمركز هو الأضعف إلا في مواجهة العدو المتخيل في المعارضة الشمالية تلك المشلولة التي يئس منها أهلوها المقربون، فما عاد في مقدورهم حتى أن يقدموا معهود السلام والطعام. وعندما يتمدد بساط الخوف من المجهول وتجعل المصائب والكوارث العاقل يستحي من فضائل النقد ويخاف من شرف المواجهة حينها يتقلص الوطن إلى مجرد خيال تجريدي ينكفئ عليه العامة والخاصة الأصدقاء والأعداء، لأن الوطن في مثل هذه الأحوال يكون الفرقاء عند عتباته سواء.. وحين يصبح التلاوم سرياً والحذر كذلك فإن الجميع لا يستطيعون الرد حتى وإن كانت الحجة واضحة، فقد حكى الشاهد أن أحد الزهاد العارفين دخل خلوة لأشهر وجعل إفطاره بعد صومه الطويل ثلاث بلحات مع مائه غير القراح في تلك الجبال البلقع، وعندما خرج من خلوته كان ضئيلاً مجرد جلد تملؤه الروح، فوجد جلباباً فارغاً فظنه جلبابه فدخل فيه فتعجب أن وجد فيه رجلاً أكثر ضآلة منه وضعفاً، فارتعد فرد عليه صاحب الجلباب مغاضباً لقد منعك (البركاوي) من فضيلة النظر للذين هم أدنى منك من الفقراء والمساكين.. والحكاية ذات دلالات سياسية راهنة وعظات.. فإن الفتات الذي يحاوله وزير المالية الآن مع بعض الإداريين الذين حوله من الذين لا حول لهم ولا قوة لتقسيم (النبقة) يجعل الحكومة والمعارضة سواء في القسمة الضيزى في حملة محاربة الفقر وحملة محاربة الملاريا وهو لعمري برنامج الحد الأدنى الذي يجب أن يلتقي عليه السودانيون وإن لم يلتقوا عليه فإنهم ورب محمد لن يلتقوا إلى قيام الساعة.. وقد حدثتني نفسي الأمّارة ببعض الخير وبعض السوء أن أتساءل ألا يشكل التشكيل الوزاري القادم كوة ضوء في حائط الظلمة السوداني المحاصر بالفقر والحرب والخلاف وشح المفردات.. نعم حدثتني فألجمتها فالتشكيل الوزاري في ظل هذه التقسيمات الجهوية والترضيات والخلافات داخل المنظومة السياسية الحاكمة والمعارضة لا يعبر عن أي فكرة أو برنامج للإنقاذ الوطني.. فلا هو يمثل مخرجاً قومياً جامعاً وبرنامجاً مرحلياً يخرجنا من هذا العسر والانكفاء التاريخي.. ولا هو يمثل مخرجاً إنقاذياً (جوانياً) لتمثيل البُعد الجبهوي لتكوين الإنقاذ وتيارها الوطني الإسلامي والذي تعتمل داخله قوى تقليدية ووسطية وتجديدية، وكل هذه لا تجد تمثيلاً لها ولا رؤية.. فالتشكيل القادم بعد انهيار وحدة الإسلاميين والوطنيين الذين حولهم أصبحوا مجرد (أولاد دفعة) الحياء من صداقاتهم وأسرهم وذكرياتهم النبيلة يحتم عليهم (مباصرة) ودبارة المواقع، فالذي لا يسعه كرسي الوزارة يسعه كرسي السفارة، والذي لا يسعه كرسي السفارة يسعه مشروع العمارة، والذي لا تسعه العمارة تسعه الاستشارة.. وبعدها لا يهم أين هو فلان وأين هو علان.. وفي كثير من الأحيان لا يعرف أقرب الناس للمرشح لماذا هو هنا ولماذا هو هناك.. فقد روى لي أحد الظرفاء أن أحد الأحزاب الكبرى كاد نوابه أن يتصدعوا لإصرار رئيس الحزب على مرشح للوزارة يرفضه النواب، وكلما أصروا على رفضه أصر رئيس الحزب على تقريبه وزاد عناده، فلما سمعت زوجة المرشح المرفوض وهي ناشطة في الحزب صرخت في لحظة صدق سارت بها الركبان (يا جماعة الخير أفتوني.. السيد دا العاجبو في راجلي دا شنو؟) وعلى ذات الشاكلة من المنطق والبلاد محاصرة بالقضايا والبلايا ما الذي يعجب الحزب الحاكم في فلان وفلان وفلان حتى يكمل الفلانات 30 مرشحاً من قدامى المرهقين والمجهدين والذين نضبوا إلا من الأسماء والعلامات. الوان