ولماذا مقاطعة إسرائيل لوحدها وهناك مقاطعة شراء اللحوم بأنواعها المختلفة خاصة الضأن حيث بلغ سعر الكيلو منه حوالي خمسة وثلاثين ألف جنيه رغم أننا بلد ثروة حيوانية وتعداد رؤوس المواشي عندنا يصل إلى أعداد كبيرة جداً جداً يصعب حصرها ويبدو أن التصدير للخارج واحد من الأسباب لكنه ليس السبب الأكثر تأثيراً حيث إن الرسوم التي تفرضها حكومتنا الرشيدة (!!) هي وراء ذلك الغلاء وهو غلاء طال كثيراً من السلع يقابله عجز وشلل تام لمقدرات الناس الشرائية في ظل دخول مالية متدنية تعجز عجزاً تاماً عن الوفاء بالالتزامات المعيشية الضرورية وهل هناك درجة أدنى من أكل الطعمية وأنا شخصياً أحب أكلها واستمتع برائحة وضعها في الزيت وقليها وهناك صانع للطعمية في الثورة شارع الشنقيطي حيث أسكن يجيد إعداد الطعمية وعمل خلطتها بشكل متقن حيث لاحظت في خلال الأربعة أشهر الأخيرة تناقص عدد حبات الطعمية التي يضعها في القرطاس بحيث إن كل اثنتي عشرة حبة بجنيه واحد ثم صار العدد عشر حبات ثم تناقص إلى أن صار سبع حبات فقط ويبدو أن سعر الطعمية يتأثر بسعر الذهب أو النفط ولما تناقصت حبات الطعمية نظير الجنيهات التي أدفعها تسلحت بالشجاعة وقلت له: أنت ما ملاحظ أنك بتغلط في حساب عدد حبات الطعمية في مقابل ما أقوم بدفعه من جنيهات؟! رد عليّ بتكشيرة نافياً وقوعه في الخطأ وأنه أمين في تعامله مع الناس وشعرت بالحرج حيث إنه ذهب إلى أبعد ما قصدته فحاولت التوضيح لكنه قال لي أنا حسع مشغول ممكن تجيني زي الساعة العاشرة مساء وأنا أوضح ليك وقد فعلت وإلى القارئ الكريم قبل أن تطلب منه الحكومة مقاطعة الطعمية حصيلة ما أفادني به.. قال لي انتو قايلين نحن بنغشكم وبنستغلكم وبنكسب الكثير رغم مواجهتنا للنار ورائحة الزيت والوقوف الطويل على أعصابنا.. شوال الكبكبيه (الحمص) سعره 250.000 جنيهاً و(جركانة) الزيت 165.000 جنيهاً وهناك الشمار الأخضر والملح والباكنج باودر والفحم أو أسطوانة الغاز وورق اللف وطحن الكبكبيه والحرص الشديد في ضبط المقادير ناهيك عن الأدوات الأخرى التي هي ضرورية مثل الطاولة والموقد والمقصوصة... إلخ عرفت جهدنا وعرقنا واللا عندك شك. حقاً لقد وضعني في محك لا أملك معه سوى الإشادة والتقدير بمطلوبات العمل والاستعدادات التي يقوم بها صانع الطعمية وعندما رآني متجاوباً مع ما قاله قال لي: انتو ما عيونكم على الفيل لكن بتطعنوا في ضلو!! قلت له ما فهمتك.. رد قائلاً هناك ضرائب ثقيلة على مصانع الزيوت وهناك رسوم مجهولة الهوية وهناك وهناك وانتو كان ما دايرين تاكلوا طعمية خلوها على الأقل تريحونا!! قلت له: وانتوا تعملوا شنو؟ ابتسم، أرض الله واسعة نشوف لينا حاجة أخف من كل هذا الجهد ومواجهة النار وتقبل تبرم وشكاوى الناس وهم ما عارفين نحن ما عندنا ذنب وعندما كانت المواد رخيصة ومعقولة كنا نبيع خمس عشرة طعمية بجنيه واحد وأرباحنا كانت أفضل؟! شكرته وانصرفت وقلت لنفسي: الذي استطاع أن يقاطع شراء اللحمة يمكنه مقاطعة شراء الطعمية لكن نقاطع شنو واللا شنو وقد امتد الغلاء إلى كل السلع ولما كان أكل الطعمية ليس قاصراً عليها وحدها وإنما هي تدخل مع الفول الذي صار هو الآخر غولاً حيث إن "كمشة" الفول صارت بحوالي أربعين قرشاً وأن طلب الفول سادة يكلف حوالي أربعة جنيهات فقد امتد الغلاء ليشمل البيض الذي هو بدوره أحد العناصر الهامة في خلطة معتبرة فصار طبق البيض بما لا يقل عن خمسة عشر جنيهاً يعني خمسة عشر ألفاً، كده المسألة هاصت وجاطت وكسرت الحواجز ولا بد من حل بل حلول ولا بد من مخرج بل مخارج وعلى رأس تلك المخارج ترخيص البنزين ومشتقاته من جازولين وزيوت إن لم تخرج لنا حكومة الإنقاذ بقرار يزيد من سعر لتر البنزين أو الجالون وما يستتبع ذلك من زيادات للمواد البترولية ثم زيادات تطال كل الحياة... الناس محتارة بل إنها مفلسة وعاجزة وصابرة وغير صابرة وهناك احتقان شديد وأنا أحد الساخطين والمتذمرين وفي مطلع كل يوم جديد تزيد الأعباء وتزداد الضغوط وهي تراكمات تتنامى وتتعالى وهناك الضغط وهناك السكري وهناك الجلطات بمختلف أنواعها حيث لا قبل للمواطن بكل تلك الزيادات غير الواقعية وغير المنطقية وغير المتسقة مع دخله اليومي أو الأسبوعي أو الشهري.. غلاء طال كل ضروريات الحياة والانفجار قريب أو هكذا أتخيله استناداً على إحساسي وشعوري وواقع الحال الذي أعيشه ودون شك هناك غيري كثر ممن هم أسوأ حالاً مني وشيل من التل يختل!! حتى اللبن لم يسلم حيث زاد سعر الرطل في الآونة الأخيرة بمعدلات جومترية من ألف إلى ألف ومائتين إلى ألف وأربعمائة وبالأمس القريب الأحد 25/9/2011 حدثني السيد محمد أحمد الفائز ابن راعي البقالة بأنه ابتداءً من يوم الاثنين 26/9/2011 سيكون الرطل بألف وسبعمائة وبالفعل امتنعت عن شراء اللبن بهذا السعر!! السيد وزير المالية والسادة المسؤولين أعتقد أنكم عاجزون عن إدارة دفة هذه السفينة التي ارتطمت بالصخر وبالشعب المرجانية وهي أمام أحد أمرين إما أن تغرق وإما أن يتم تخليصها من المعوقات من صخور وشعب مرجانية مع تدخل هندسي سريع يسد ويلحم ما حدث من ثقوب وفتحات بدأت المياه تدخل من خلالها.. نصرخ S.O.S أي أنقذونا أو أغيثونا أو حافظوا على أرواحنا ولمن لا يعلم ماذا تعني الأحرف الثلاثة بالإنجليزية بما في ذلك الإنقاذ التي عجزت عن أن تفهم باللغة العربية نقول “Save Our Souls".. حقيقة إن الوضع لجد خطير والناس في حالة صعبة ولو لم يتبقَ بعض من حياء وماء وجه لحمل الناس القرعة صائحين: حسنة لله يا محسنين.. رغم أنني جد متأكد بأن قطاعاً كبيراً من المحسنين الذين يفترض أن يعينوا الشحاذين قد دخلوا إلى دائرة الفقر وهبطوا كثيراً إلى ما دون خط الفقر!! ويا والي الخرطوم تقسم أو تبيع أراضي زراعية أو تمنحها بالمجان فإن من سيحصلون عليها ستواجههم مشكلات المدخلات الزراعية وتكاليف الترحيل وأسعار المواد وما إلى ذلك من جباياتكم الكثيرة ومما أبدعته السيدة حكومة الإنقاذ من سياسات اقتصادية وضرائب ووسائط ولخمة رأس وصدقني بيع الطعمية والفول في هذه الحالة على علاتها أرحم من حلولكم وخيالاتكم التي فرضتها الحقائق والوقائع على أرض الواقع.. وهناك مثل يقول: إن غلبك سدها وسع قدها!! إلى الله الشكوى فهو نعم المولى ونعم النصير طحه حسن طه