تظاهر مئات السودانيين، أمس الأحد، في عدد من أحياء العاصمة الخرطوم، في تحد لقرار الرئيس السوداني عمر البشير، إعلان حالة الطوارئ. ودعا تجمع المهنيين (تجمع نقابي غير رسمي ) وقوى الحرية والتغيير الى ثلاثة مواكب في مدن الخرطوم وبحري وأم درمان للاحتجاج على قرارات البشير، مساء الجمعة، بحل الحكومة في المركز والولايات وتشكيل حكومة عسكرية، بالإضافة إلى إعلان حالة الطوارئ لمدة عام. وقال شهود عيان وناشطون إن 12 من أحياء الخرطوم وبحري وأم درمان، شهدت تظاهرات كان أكبرها داخل السوق الكبير في أم درمان. وحسب الشهود، قامت القوات الأمنية بتفريق التظاهرات بإطلاق الغاز المسيل للدموع وإجبار التجار على إغلاق محالهم. في الموازاة، أطلقت سلطات الأمن السودانية سراح 11 من قادة المعارضة الذين تم اعتقالهم يوم الخميس الماضي. وقال أحد المفرج عنهم إن السكرتير السياسي للحزب الشيوعي محمد مختار الخطيب لايزال قيد الاعتقال. وأكد آخر يدعى معاوية شداد، كان ضمن المعتقلين، في رسالة على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» : أنه «تم إطلاق سراحه و10 آخرين بعد لقاء مطول مع مدير الأمن السوداني صلاح عبد الله الذي أبلغهم بدعوة الرئيس عمر البشير للحوار، وأن يكون التغيير عبر صناديق الانتخابات وليس بالتظاهر، بالإضافة إلى تطرقه لملفات أخرى بينها الفساد». كان الأمن السوداني اعتقل 25 من قادة المعارضة أثناء محاولتهم الخروج في موكب دعا له تجمع المهنيين (تجمع غير رسمي) يوم الخميس للاحتجاج على الأوضاع الاقتصادية والمطالبة بإسقاط النظام. وواصل البشير إصدار قراراته أمس حيث أعلن تكليف مصطفى يوسف حولي بمهام وزير المالية والتخطيط الاقتصادي. وحسب بيان صادر عن رئاسة الجمهورية، فإن البشير أصدر قراراً بتكليف حولي بمهام وزارة المالية إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة المتوقع إعلانها في غضون الأيام المقبلة. وفي سبتمبر/ أيلول الماضي تولى حولي منصب وزير الدولة في وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي. ويأتي تكليف حولي بوزارة المالية في ظل أزمات اقتصادية متجددة يعيشها السودان تضم أزمات الخبز والطحين والوقود وانخفاضا غير مسبوق لسعر صرف الجنيه السوداني أمام الدولار إلى معدلات غير مسبوقة. والجمعة الماضية، أعلن البشير حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد لمدة عام، وحل حكومة «الوفاق الوطني» وحكومات الولايات، كما دعا البرلمان إلى تأجيل النظر في التعديلات الدستورية. وشرع البشير بتشكيل حكومة جديدة أبقى فيها على وزراء الدفاع والخارجية والعدل في مناصبهم، كما عين حكام ولايات جميعهم من العسكريين. وتأتي تلك القرارات والتغييرات في المناصب الحكومية في وقت تشهد فيه البلاد منذ أكثر من شهرين احتجاجات منددة بالغلاء ومطالبة بتنحي البشير، صاحبتها أعمال عنف. كذلك أكد البشير أن المرحلة الحالية تتطلب حكومة عسكرية، نافيا أن تكون خطوته سببها الانحياز للجيش. وطالب خلال أداء مسؤولين جدد للقسم الدستوري بتشكيل حكومات كفاءات والابتعاد عن المحاصصات السياسية. وأدى النائب الأول، وزير الدفاع المكلف عوض أبن عوف، ورئيس الوزراء الجديد محمد طاهر إيلا وحكام 18 ولاية سودانية القسم الدستوري أمام البشير، الذي ظهر إلى جانب النائب الأول وحكام الولايات المختلفة بالبزة العسكرية، في إشارة الى كونها حكومة عسكرية، وهو أمر يراه مراقبون بمثابة إنقلاب داخلي أبيض. وقال: «التعيينات الجديدة للحكومة نتاج لما جرى خلال الايام الفائتة»، في إشارة للتظاهرات التي شهدتها البلاد، مؤكدا أن المرحلة تتطلب وجود عسكريين على رأس الولايات للعمل على إعادة وضمان الأمن والاستقرار. وأكد أن اختيار المسؤولين الجدد «لم يأت من فراغ وإنما عن قناعة تامة بمقدراتهم للمنصب». الى ذلك، تعهد النائب الأول للرئيس السوداني وزير الدفاع المكلف عوض بن عوف، بالعمل على تهيئة المناخ العام للعمل السياسي باعتباره من أهم الواجبات. وقال في تصريحات عقب مراسم أداء القسم إنه سيعمل على تحقيق تطلعات وطموحات الشباب وحل مشاكلهم في حدود الإمكانيات «بالعدل والشفافية»، مؤكدا أهمية التواصل مع الشباب. أما رئيس الوزراء محمد طاهر إيلا، فقال في تصريحات، إنه يأمل في معالجة القضايا العالقة التي تمثل هما للسودانيين، مشيرا الى أنه سيعمل على لقاء الجهات المعنية لوضع برنامج عاجل يعمل على إرضاء المواطنين.