تعمل هذه الأيام بعض الفرق المسرحية في وضع لمسات التجويد الأخيرة على أعمالها المختارة للمشاركة في مهرجان البقعة الدولي للمسرح وهو يحتفي بدورته العشرين التي ستقام كالعادة بالمسرح القومي اعتباراً من اليوم السابع والعشرين من مارس (يوم المسرح العالمي) حتى الرابع من أبريل. ولكون هذه الدورة استثنائية وتود الاحتفاء بالمسرحيين الذين ظلوا يقفون خلف المهرجان سنوياً سواء اختيرت أعمالهم أم لا، فقد رأى القائمون على أمرها في البدء مضاعفة نسبة مشاركة المسرحيات السودانية في أيام المهرجان تقديراً لجهود المتنافسين علماً بأن المنافسة لاختيار الأعمال في هذه الدورة لم تكن مفتوحة كما جرت العادة سابقاً وإنما تم استحداث خطوة تمهيدية بإخضاع النصوص المسرحية المتنافسة للقراءة والإجازة أولاً ومن ثم عرض المجاز منها بعد الإخراج على لجنة المشاهدة والجودة للاختيار النهائي الشيء الذي يرتقي دون شك بمستوى الأعمال ويكسبها صفة الندية للتنافس مع الأعمال المسرحية الخارجية المشاركة في المهرجانات، فضلاً عن أن ذلك يحصر جهود لجان الاختيار ويكثف تركيزها على أعمال معلومة ومقروءة سلفاً بالنسبة لها. ولعل المتتبع لمسيرة دورات هذا المهرجان منذ بدايته في العام 2000 وحتى بلوغه سن العشرين يلاحظ أن العديد من نجوم المسرح اللامعين قد شاركوا في دوراته المختلفة ووضعوا بصماتهم التي تشير إليها الكتب التوثيقية والنشرات التوعوية قبل أن يترجل بعضهم من على صهوته دون أن يؤثر ذلك على استمرارية المهرجان بذات الحيوية والتوهج ليضيف في كل عام رصيداً جديداً من المبدعين تمثيلاً وتأليفاً وإخراجاً وصولاً إلى فتح الباب للمشاركات الخارجية التي أكسبته صفة الدولية بعد أن كان محلياً وقاصراً على مساهمات العاصمة وبعض الولايات. ومن ناحية أخرى – أراها ضرورية – لكي لا تنقطع الصلة بين المسرحيين وجمهورهم الذي ظل يقبل على عروض المهرجانات الدورية بحماس، فلا بد من جدولة تلك المسرحيات المشاركة في مختلف المهرجانات لعرضها على خشبات المسارح المختلفة والتنقل بها بين المدن لكي تتوسع دائرة المشاهدة الجماهيرية وتنطلق جهود المبدعين لمدى أكبر من زخم احتفالية العرض الوحيد في أي مهرجان. إن هذا المهرجان الذي يقدم الندوات الفكرية ويقيم الجلسات نقدية ويعقد ورش العمل التدريبية لمختلف أصحاب المواهب والقدرات والفنيات إضافة إلى العروض التنافسية ويحشد لذلك الخبراء والعلماء المحليين والقادمين من الخارج، من المؤكد أن يكون ضمن أولوياته مواصلة الحرص على توثيق هذه الجهود بالنشر والتسجيل لتكون مرجعاً للدارسين. وحسبما رشح من معلومات التقطتها الأذن من أحاديث الدورات السابقة هناك طموحات وخطط مستقبلية تتطلع إلى أن تصب في الوعاء التعليمي الممنهج، غير أن ذلك لن يتحقق إلا بعون أهل العزم وذوي القدرة وبتكاتف الجميع وأولهم أصحاب الوجعة، فهل نأمل في أن يصبح الحلم حقيقة؟ وفي خاتمة الحديث أود أن أسوق التهنئة للقائمين على أمر مهرجان البقعة وللذين يؤازرونهم ولكل الذين ظلوا يسهمون سنوياً في دفع هذا المهرجان بضخ دماء إبداعاتهم الغالية في شرايينه لكي يثري الساحة المسرحية بما يضفي عليها كثيراً من صنوف الألق والوعي والمتعة. وكل عام وانتم بخير. [email protected]