ومَرَّةً أُخْرَى , نَكْتُبُ نُحَدِّث الناس أنَّ القُرْآن المَكِّي يَحْمِلُ مُقَوِّمات المنافسة والنزال في المُعْتَرَك الحضاري. وعندما نقُولُ هذا ،فإنَّنا نَقُول تعاليم القُرْآن المَكِّي تعني, في الحساب النهائي , سيادة القِيَم على كُلِّ عَمَلٍ ومَسْعَى ،وتوجيه السيادة القِيَمِيَّة هذه إلى صياغة الإنسان بالتأثير على سُلُوكِه, وُصُولاً إلى , التوافق النمطي في السلوك مع المُثُل العُلْيا التي تُسَيْطِر على العقل والوجدان ،فتتوافق السريرة مع العلانية . قالَ النَبِيُّ مُحَمَّد ; { شَيَّبَتْنِي هُودٌ، وأَخَوَاتُها. }. فسألَهُ سائل ; ( ولماذا تُشَيِّبُك هُودٌ .). فأجاب ; { إنَّ فيها ; فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ. }. إنَّ هُود سُورة مَكِّية .وأَخَوَاتُ المَكِّية مَكِّيات. في رَأْيِنا.وفي رَأْيِنا أيضاً , أنَّ جَوْهَر القُرْآن المَكِّي , في المُبْتَدَأ والخَبَر, هُوَ الاِسْتِقامة. . سفيان بن عبد الله , صحابِيٌّ سَألَ النَبِيَّ مُحَمَّد ; ( قُلْ لي في الإسلامِ قَوْلاً لا أسْألُ عَنْهُ أحَداً بَعْدك .فقال ; { قُلْ آمَنْتُ باللهِ ، ثُمَّ اسْتَقِم. }. لكن القُرْآن المديني , في رَأْيِنا , لا يعدو كَوْنَه تفسيرات لظروف تاريخية مُحدَّدة يتَيَبَّس عند حدودها .والفاحِص لقرآن المدينة خارج واقعه التاريخي لا يَخْرُجُ منه إلا بِحَمْأَةٍ وقَلِيلِ ماء . إنَّ الجَلْد ، والصَلْب ، والرَجْم ،وتقطيع الأيدي والأرْجُل، والفَتْك بالأبرياء، وبَسْط الإرهاب،والأنفال والغنائم، والسلب والجواري ،واستعباد الناس وقد وَلَدْنَهُم أُمُّهاتُهُم أحراراً كانَ ذلك هُوَ واقع ذلك العصر .ودائِرتِه التاريخية.ولكن يستحيل ،مهما حاول المحاولون ،أنْ يُخْلَق مُرَبَّع من تلك الدائِرة لتطبيقها على غَانِ العصر الحديث أو فرغانِه. وبالنتيجة ،فإنَّ ما يبقى صالحاً من التُراث الإسلامي هُوَ هُودٌ وأَخَوَاتُها .وما خَلاهُنَّ يُطْرَح. روى البخاري عن ابن مسعود , أنَّ رجُلاً أصابَ من امرأةٍ قُبْلَة .فأتى النَبِيَّ فأخْبَرَه. فقرأ عليه النَبِيُّ ; { وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ، وَزُلَفَاً مِنْ الْلَّيْلِ،إنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ، ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِين. }. كانَ هذا بمكَّة. والآيَة في سورة هُود .رقمها 114 .ولو حدث هذا بالمدينة لرُبَّما استحَقَّ هذا الرجل الجَلْد والشَتْم واللعنة . دَعْكَ من القُبَلة اليسيرة التي أصابها هذا الرجُل .والتي يَعِدُّها القرآن المَكِّي لَمَماً. فإنَّ الزنا , بالمُسَمَّى الديني , كنهاية منطقية قُصْوى للقُبْلَة تُعَد اليوم لَمَماً .لأنّ حكمة مشروعية المنع والتحريم كانت منع اختلاط الأنساب .لكن اليوم , الأنساب لا تختلط بالزنا .فما هي الحكمة التشريعية في تحريم الزنا.? .في الوقت الذي يكون فيه التحلُّل من السرقة جائزاً ، والربا جائزة ،والقتل ،والكذب والنفاق ضروريَّاً جداً . "شُكْرِي" شكرى عبد القيوم [email protected]