تعتلي ناشطة سودانيّة سطح إحدى السيارات، وبخفّةٍ تتلو أبيات شعرٍ من قصيدة، فيُردّد وراءها المحتجّون: ثورة.. ثوبها الأبيض التقليدي، وقرطها الذهبي، ولغة جسدها، ووقفتها الباعثة على القوة، كلّها سماتٌ تجعل صورها المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، ومقاطع الفيديو، رسالة صمودٍ من السودانيين المحتجّين الذين لا يلتفت العالم إليهم، ورسالة قوّة من النساء السودانيات اللاتي يعانينَ تمييزاً غير محدود ضدّهنّ. تحكي تلك الصور قصة ال كنداكة، وهو تعبيرٌ سوداني يُطلق على الملكات النوبيّات، ويُستخدم خلال الاحتجاجات ضدّ نظام عمر البشير للدلالة على النساء المشاركات في التظاهرات. تركت الصورة التي التقطتها الناشطة لانا هارون ونشرتها على فيسبوك وتويتر أثراً عميقاً في نفوس الناشطين السودانيين والعرب. وبينما لم يُعرف اسم الناشطة السودانية في الصورة بعد، تداول الناشطون أيضاً مقاطع فيديو لها تتلو قصيدةً يُردّدها خلفها المحتجون. وعلّق مستخدمو مواقع التواصل على هذه اللقطات فكتب محمد زين الحاجي على (فيسبوك): (إيش هدا الجمال يا زوله! صوت المرأة … ثورة… #تسقط_بس). بينما قالت فجر (يا للعظمة… هذي صورة العام وكل الأعوام). وعلّقت بثينة العيسى (الثورة التي لا تؤنث لا يعوَّلُ عليها). أما وجد بو عبدالله فغرّدت (كان صوتها ثورة وما زال)، فيما كتبت هبة شوكري (الثورة أنثى). ماذا تقول هذه الكنداكة السودانية؟ تُفسّر ذلك المغرّدة منى حوا، التي تُشير إلى أنّها قصيدة من من كلمات الشاعر السوداني أزهري محمد علي، وفيها (الدين بقول تمرق (تخرج) تمرق تقيف في الضد… وتواجه الحكام، الدين بقول الزول إن شاف غلط منكر ما ينكتم يسكت ببقى الغلط ستين!). وتضيف (كوز السجم بيغرف في خيرنا ويتمتع نحن السقينا النيل من دمنا الفاير.. ما بننكتم نسكت في وش عميل جاير.. الخوف عديم الساس وأنا جدي #ترهاقا حبوبتي #كنداكة (ملوك نوبيين)). وتتابع (وأم درعروس النيل لابسة الرهط والحق مليان بخور ولبان ويزغردن نسوان للكل يوم عرسان وانا يمة دمي بفور مابنكتم وأسكت إلا العسس ده يغور إن كان سجن يمة سجناً يكوسو رجال). أما ثوبها، فله قصّته أيضاً. وتشير الناشطة هند مكي إلى أنّ المتظاهرة (ترتدي ثوباً أبيض تقليديا مع أقراط القمر الذهبي. ترتدي النساء العاملات الثوب الأبيض في المكاتب ويمكن ربطه بالقطن، وهو أكثر ما يصدّره السودان، لذا فإنّ ملابسها تمثّل النساء العاملات في المدن أو في القطاع الزراعي في المناطق الريفية. أقراطها هي الأقمار الذهبية لمجوهرات الزفاف التقليدية (السودانيون، مثل العديد من المتحدثين باللغة العربية، غالبًا ما يستخدمون استعارات من القمر لوصف الجمال الأنثوي)). وتضيف (زيها الكامل هو أيضًا استحضار للملابس التي ارتدتها الأمهات والجدات في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، من اللواتي ارتدين مثل هذا الثوب أثناء تظاهرهن في الشوارع احتجاجًا على الديكتاتوريات العسكرية السابقة). وتقول (يشير السودانيون في كل مكان إلى المتظاهرات بأنهن (كانداكة)، وهو اللقب الذي يُشار به للملكات النوبيات في السودان اللاتي أهدينَ أحفادهن إرثاً من النساء القويات المكافحات بقوة من أجل بلدهن وحقوقهن). ويواصل عشرات الآلاف من السودانيين الاعتصام في العاصمة السودانية الخرطوم بمحيط القيادة العامة للقوات المسلحة، منذ يوم السبت الماضي، من أجل الضغط على الرئيس عمر البشير للتنحي عن السلطة. واندلعت اشتباكات اندلعت، اليوم الثلاثاء، في محيط القيادة العامة للجيش السوداني بالخرطوم، بعد قيام قوات الأمن بمهاجمة اعتصام يطالب بتنحي البشير أمام مبنى قيادة الجيش، ما أدى إلى مقتل وإصابة متظاهرين.