كلنا يعلم أن قوى الحرية والتغيير أصبحت الممثل الرسمي للشعب بعد ثورته المجيدة في ديسمبر الماضي، فبعدما بدأها هو تجمعت حوله الكيانات، كان أولها تجمع المهنيين الذي تمكن من توجيه المظاهرات بكفاءة جعلت باقي المكونات تنضم إليها وتلتحم جميعها في مكون واحد اسمه قوى الحرية والتغيير أسقط نظام البشير، وأصبح له قادة يتحدثون باسم الجماهير، وكنا نتوقع إنهم مستعدون لقيادة مرحلة ما بعد البشيرة بنفس الكفاءة ولكن خاب ظننا. بعد سقوط البشير بدأت أمراض النظام المخلوع تظهر في مكونات قوى الحرية والتغيير، مثل الأنانية والدسائس والمؤامرات والخلافات والتهور وغيرها، ولهذا استطاع المجلس العسكري الذي هو جزء من النظام المخلوع أن يلف بهم في دوامة من المغالطات والمفاوضات انتهت بوثيقة أقل من طموح الشعب بكثير رهنت كل خطوات الحرية والتغيير للجناح العسكري بالمجلس السيادي، بل و يقال أن الوثيقة زورت في غفلة قادة قوى الحرية والتغيير. رغم كل الضعف الذي حملته الوثيقة رضي بها الشعب من أجل استعجال الانتقال للمرحلة التالية وهي اختيار المجلس السيادي، وهنا ظهرت الأمراض بصورة أوضح، فقد عانى قادة قوى الحرية والتغيير في اختيار خمسة أشخاص للمجلس السيادي وقضوا أياماً يبحثون عن خمسة فقط، كان يمكن اختيارهم في ساعة واحدة إن تحرُّوا الصدق والشفافية. مشكلة أخرى ظهرت قبل ذلك وهي رفض الجناح العسكري بالسيادي الأسماء التي اختارتها قوى الحرية والتغيير لرئيس القضاء والنائب العام، فهم يريدون الاحتفاظ بقضاء النظام المخلوع لأسباب يعرفها الجميع، ويبدو أن قادة قوى الحرية والتغيير تركوا في الوثيقة الكثير من الثغرات التي تجعل ممثلي المؤتمر الوطني بالمجلس السيادي يستخدمون ضدهم حق الفيتو كل مرة. تنفس الشعب الصعداء بعد تشكيل السيادي وهو يتمنى تنفيذ الخطوة التالية وهي اختيار الوزراء، وهنا تكررت نفس مأساة اختيار المجلس السيادي، فرغم وجود عدد كبير من الكفاءات السودانية المستقلة إلا أن قوى الحرية و التغيير قدمت لرئيس الوزراء كتيبة من الأسماء ليختار منها 19 فقط، ويبدو إنهم استخدموا معايير النظام المخلوع فلم يتمكن حمدوك من الاختيار، مع أنهم إن تحرُّوا الصدق والشفافية لاختاروا العدد المطلوب فقط من أول مرة وسهَّلوا على رئيس الوزراء المهمة وعلى أنفسهم وعلينا وقفلوا الطريق أمام ممثلي النظام المخلوع في السيادي. الخوف يظل يسيطر على الجميع إن استمر قادة قوى الحرية والتغيير يتعاملون بعدم شفافية مع المرحلة الثالثة والأكثر خطورة، وهي اختيار أعضاء المجلس التشريعي، فالشعب يريد ممثلين له وليس للأحزاب شريكة النظام المخلوع في الفشل، ونقول للجماهير كونوا مستعدين دائماً لمواصلة الثورة وإشعالها مرة أخرى فنظام البشير لم يسقط، وأمراضة تنتشر بين من يدعون أنهم قادة التغيير. عموماً يجب أن يعترف قادة قوى الحرية والتغيير بإخفاقاتهم السياسية فالاعتراف بالأخطاء فضيلة لم يقدر عليها النظام المخلوع، فهم حتى الآن لم ينجحوا في شيء بعد نجاحهم في قيادة الاحتجاجات، ولم يلبُّوا للشارع مطلباً غير تنصيب حمدوك رئيساً للوزراء، وعليه نقترح عليهم الآن ترك مهمة اختيار الوزراء لحمدوك وحده بمساعدة أعضاء المجلس السيادي من غير العسكريين طبعاً وينصرفوا هم لحماية الثورة واستنفار الجماهير ومراقبة الحكومة من الشارع.