الصبر هو نقيض الضجر بلا منازع .. تماماً مثل تنافر الأمل واليأس . والحلم عند المقدرة هو ذروة التحمّل..لكن قد يعقبه الإنفجار الداوي في وجه الظالم إذا ما سخرمن صبر الحليم على آذاه. ياترى ما مقدار الملل الذي أصاب شباب هذه الأمة وقد تربى في مناخات الظلم التي استطالت أزمنتها ولطالما عانى من تعمد الإهمال و التنكر لحقه المشروع في بناء وطنه والإستفادة من خيراته. فحينما تململ بعض الشباب من طول أغنية قديمة تنطلق من مذياع السيارة ..كان أبناء جيلنا لازالوا يذوبون وجداً مع كلماتها ويهيمون طربا في موسيقاها التي تتنقل في سلالم تعلو وتهبط وايقاعات تتنوع وفقا لنبضات الحب أو ألم الهجر وظروفه التي تتداخل مداً وجزراً في قلوب عذارى ذلك الزمان وفتيانه . ساعتها أدركت أن موجة الضجر حيال مدة ذلك اللحن سيكون لها ما بعدها في مصارعة ملل المظالم ..وقدكان أن تململ مارد الشباب القابع خلف سيستم البنطال المائل نحوملامسة أسفل الفخذين ..وأيقظ العقل المندس تحت تسريحة الشعرالمفلفل رغم سوء الظن فيه ..لتتحول سلبية تلك المظاهر الى إيجابية ٍ أرعبت نمر الورق الذي كان يخشى نفخة الغضب التي ستفضح خواء جسده من عظم البقاء ولحم الإستمرارية ..وكانت صرخة الميلاد من أرحام الكنداكات التي كذبت رهان الذين استسلموا لفرضية أن ملامحهن السودانية الأصيلة قدغابت خلف مساحيق الزيف وانطمست في الألسنة الوافدة مع دفق الهجرة العكسية وتأثيرات رومانسية المسلسلات التركية والمكسيكسة الطويلة الحلقات . إذن علينا أن نتنحى لهم نحن الكبار عن مقاعد الغد ونستكين لواقعنا على كراسي التقاعد ونصغي مسترخين لأم كلثوم وهي تشدو لساعتين أويزيد بأطلال ابراهيم ناجي ..أو نجتر مع محمد وردي ذكريات شبابنا الآفل ..مع الجميلة ومستحيلة . فالقادم هو زمانهم ولوتقافزوا مع خطوات حاضرهم العجلى إستباقا لمقدم الغد على إيقاعات موسيقى الراب ..فلا بأس طالما أن ذلك سيلازمه مشوار العطاء أو ذلك البذل الذي خط شهداؤهم معالمه بدمائهم الزاكية وذهبوا راضين مرضيين ليحيا من بعدهم الوطن على أرجوحة العدالة المشدودة على حبال السلام وتتحرك بكامل الحرية في هواء النقاء الخالي من دنس الكيزان الذي أفسد الأجواء .\ محمدعبدالله برقاوي