الشاعر عوض أحمد خليفة.. من مواليد أم درمان1931م بشارع الفيل حي الموردة. درس الخلوة والابتدائية والوسطى بأم درمان، ثم الأحفاد الثانوية، ثم اجتاز شهادة كامبردج والتحق بكلية غردون لمدة عام في كلية الآداب عام 1949م. وفي فبراير 1950م التحق بالكلية الحربية وفبراير 1952م تخرَّج فيها برتبة ملازم ثانٍ. خدم في القوات المسلحة الهجانة كردفان، سلاح الإشارة أم درمان، الجنوبية جوبا. تدرج إلى أن وصل رتبة يوزباشي «نقيب» ثم فُصِل من الجيش السوداني لأسباب سياسية،عمل لمدة عام بمشروع الجزيرة ثم عاد للحكومة في وزارة التجارة مفتش تعاون بمصلحة التعاون، وتدرج إلى أن وصل مساعد مدير مصلحة التعاون 1969م. وفي هذه الفترة التحق بجامعة القاهرة لينال درجة دبلوم الاقتصاد، ثم أعاده الرئيس الأسبق جعفر نميري للخدمة برتبة عميد في عام 1969 وتقاعد في رتبة اللواء معاش. زارته (اليوم التالي) بمنزله بأم درمان وقلَّبت معه ذكريات الماضي. *منذ متى بدأت كتابة الشعر؟ – بدأت كتابته منذ أولى ثانوي. وكان أساتذة اللغة العربية وقتها جيِّدين، وأغلب أبناء جيلي كانوا يقرضون الشعر من أولى ثانوي. ولكن كان شعراً حلمنتيشياً. فمنهم من اختار الأدب وذهب فيه بعيداً، وفيهم مثلي من (نسي الشغلانة دي) وعاش حياته في الثانوي حتى الجامعة كهاوٍ للشعر. * أول قصيدة كتبتها وقصتها؟ – أول قصيدة نظمتها لصديقي في العام 1956 زهيرعلي النور في وقتها كان طالب طب وأنا ذهبت لسلاح الإشارة المصري، وهو من أبناء منطقتي درسنا الابتدائي سوياً. وهناك قصائد نظمتها أثناء دراستي بالجامعة لكن لا استحضرها. وحتى لو استحضرتها غير قابلة للنشر. وأنا أقرض الشعر عندما يأتي برأسي ولا أكتبه في ورق، وأحفظه في رأسي. يعني لا أصنع الشعر. وعبد الله الطيب يصنع الشعر وشعره (مسيخ) لكنه جيَّد ويمكنني صناعة الشعر لكن لا. وكنت أتغنى لنفسي ولم أقصد أن يُنتشر شعري ليعرفه الناس. وقلت لإسماعيل حسن رحمه الله وكان شاعراً ممتازاً (يا إسماعيل انت حبيبك ده ياتو، ده الطلعتو القمر وقلت له لو حلفت برب البيت، ده حبيب شنو)؟ فقام بنظم قصيدة لي بنادي السجانة وأسماني ومن معي (سمُّار كيس)! وقال لي (إنت جيت من وين والله تاني أنا ما أشتم في الغناء). وسألني عن غناي الذي وصفه بالطيب المسالم، وفعلاً أعطيت الكابلي أغنية (أغلى من عينيَ) وعندما كنت في إنجلترا أعطيت عثمان حسين عُشرة الأيام التي لاقت رواجاً وقتها، وأنا ليس شاعراً ولا يمكن أن يكون المتنبي شاعراً وأنا شاعر. والشاعر في نظري صلاح محمد إبراهيم، محمد المهدي المجذوب، جماع. وأقول ذلك حسب مواصفتي للشاعر (فأنا هاوي ساي وغنيت لروحي وغناي طلع للناس). *بما أنك لم تقل الشعر من أجل أن يسمعه الناس، فما سبب ظهور أعمالك؟ أنا قصتي تختلف عن الناس. حيث أحببت بنت بنت خالي ومن الصعب أنك تغازل أختك. وفي زمنا بنت جيرانك لا تستطيع أن تغازلها (تلقاني دايماً في رجاك وغنايا في حبك رسول). من أجل أن يصلها أن عوض يحبها وده السبب. والأغاني التي كتبتها كرسائل لزوجتي الموجودة الآن. * لماذا توقفت عن كتابة الشعر؟ – بعد الزواج لم أكتب شعراً إلا عند ولادة ابني أحمد الذي رحَّبت به بقصيدة يقول مطلعها: يا أحمدو كلبيب مقدمك السعيد يوردُ ويكبِّر المولى كثيراً يا بني ويحمدُ قد كنت في صدر الشباب مع الخيال أعربدُ وأسامر النجمات في عليائها تتوقَّد أذكر لها صبر المحب وقلبه يتوجدُ عَشِقَ الجمال فهام في آفاقه يترددُ وحب المرأة هو الذي يلهمنا لقول الشعر. *ماهي أنسب الأوقات التي نظمت فيها أشاعرك ولِم لَم توثِّق لنفسك؟ – أقول الشعر يا مساهر يا مسافر. وأغلب أغنياتي نظمتها في الخلاء. والكلمات التي قلتها في أوقات السفر لا تُحصى ولا تُعد، ولم أوثِّق لنفسي لأني كنت مغروراً واعتقدت أن مَلَكة الحفظ لم تنعدم، وجاء وقت نسيتها وسألت نفسي لماذا لم أعمل مذكرات وأي أغنية تمَّ التغني بها محفوظة برأسي حتى الآن، لكن التي لم يُتغن بها نسيتها. *هل يمكن صناعة الشعر؟ نعم.. وأي شاعر يحضِّر ورقة وقلم أثناء تأليفه للقصيدة، هذا يعني الصناعة، ومعنى الشاعر في اللغة العربية هو الذي يصنع الشعر. وهناك من يصنع الشعر (بشاكوش وفارة) والكلام المصنوع ما جميل، والذي يأتي (سليقة) جميل وتجد لفظه جيد وليس نشازاً. والشعر يأتي في حالات معينة في حالة البوح والإنسان يكون صادقاً مع نفسه ليقول أشياء جيدة. *لمن تغنيت من الفنانين في فترة شبابك؟ في أيام شبابي الأولى كنت أحب عثمان حسين جداً وأغني أغنياته. وعندما ظهر إبراهيم عوض كان عمري 23عاماً كنت أغني له أيضاً. وبعد أن كبرت تغنيت لعبد العزيز محمد داؤود وكابلي ولكرومة وكنت أحفظ غناء الحقيبة. *لماذا لم تصدر ديواناً حتى الآن؟ -ابنتي هدى قامت بكتابة كل أشعاري المسموعة وغير المسموعة. وهي موثَّقة لديها الآن، ولا أريد إصدار ديوان تقليدي، بل إصدار ديوان يشمل قصة كل أغنية وعملية الخواطر التي صاحبتها. وإذا أراد الله فديواني الأول سيكون باسم (ابتسامات الحزين). * بما أنك كنت ضابطاً بالجيش، أين نصيب الوطن من أشاعرك؟ – نظمت قصيدة في عهد عبود بعنوان (الثورة البيضاء) وأخذت الجائزة الأولى عنها، وكانت وقتها 100 جنيه. يقول مطلعها (وطني وهبتك كل ما توحي المحبة من معانٍ.. وطني عشقتك خاشعاً وغرام وردك قد حواني). وغيرها. ولا يمكن للشاعر أن يقول الشعر الوطني دون أن يقاتل، وهناك من يقولون الشعر من أبناء الجيش ينسيك الموت أثناء الحرب. *رسالة لمبدعي هذا الجيل؟ نصيحتي للفنانين الشباب أوصيهم بألا ينسوا تراثهم ولا ينسوا الوضعية الحالية بالنسبة لهم، وأهم شيء ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) طالما في أخلاق حميدة المجتمع بخير.