(1) span data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" كتبنا في الحلقة الأولى من هذه المقالات، التي تنشر مُنجَّمة ، عن تمييزنا بين الشعب المصري – الذي نتمنى له كل الخير – وبين نُخَبِهِ التي ننتوي أخذها بالشِدَّة في نقدنا لعوارها ولعقيدتها الفاسدة ب"إمتلاك" النيل ونزعتها الدائمة لحل معضلة الشح المائي على حساب حقوق ومصالح شركائها من دول الحوض.. قلنا ان على المصريين ان يتهيأوا لنهاية وضعية " إِستِحواذِهِم " علي مياه النيل، ببساطة لأن هنالك أجيالٌ جديدة من السودانيين ذات وَعْيٍ مختلف وليس لديها، أعْنِي هذه الأجيال، أيُّ إِستِعدَادٍ للتضحية بالمصالح العليا للسودان من أجل المصريين – كما تعودوا من نُخَبِنا الخائبة في الماضي.. (والحديثُ عن الوعيِ هنا بالمناسبة، ينطبق على الأشقاء الاثيوبيين أيضاً).. span data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" span data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" أما الحلقة الثانية فقد إستعرضنا فيها تحليلاً مقتضباً للطلب على المياه وموقعها من إعراب شؤون الأمن القومي المصري وإرتباطِها بهِ.. كتبنا عن زراعة الأرز و إستهلاكها الشره للمياه وعوار اسلوب الزراعة بالغمر، ثم دلفنا إلى مشكلة الهدر الفظيع لمياه الري والشرب بسبب القنوات والشبكات المتهالكة، كما إستفضنا في الكتابة عن "ترعة السلام" وخطط مصر السرية لتصدير مياه النيل إلى إسرائيل، وأشِرنا إلى إنَّنا لا نُعيرُ إكليشيهيات "العدو الصهيوني" و"الصراع العربي الإسرائيلي" وغيرِها من أحاديثِ الخُرافة كبيرَ إهتمامٍ إلّا بمقدارِ ما تفضحُهُ هذهِ "الأريحيَّةُ" المصريَّة من إستهانةٍ بالشُركاء… span data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" span data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" في هذه الحلقة الثالثة والأخيرة سنناقش الخيارات في نزاع المياه بين مصر وشركائها، ثم نستعرض سَفَهَ حكامها في تخصيص الموارد وترتيب الأولويات ونختَتمُ ببعض ما نراه من مقترحاتٍ قد تساعد – أن تقبلها النادي السياسي المصري بعقلٍ مفتوح – في تلطيف مشكلة العطش التي ربَّما تُؤدِّي إلى ما لا تُحمَدُ تداعِياتِهِ من إنفراطٍ للدولة وتشريدٍ للملايين من السكان.. span data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" span data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" (2) span data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" span data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" إتفاقية 1959 لمياه النيل المبرمة بين السودان ومصر، أعطت الأخيرة نصيباً سنوياً يبلغ 55.5 كلم3 من المياه مقابل 18.5 كلم3 للسودان الذي لم تتجاوز إستخداماته الفعلية حتى الآن حاجز ال 10 كلم3 في السنة.. نصَّت الإتفاقية على تلقي مصر لسلفةٍ مائية من السودان مقدارها 1.5 كلم3 سنويا ينتهي أمدها في 1977 (سكتت الإتفاقية عن كيفية إستردادِها).. span data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" span data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" إذن فهنالك حوالي 8,5 مليار م3 تستولي عليها مصر من نصيب السودان الذي سيتمكن قريباً من تخزينها وإستخدامها حال إكتمال إنشاءات سد النهضة الأثيوبي، فالسد سينظم تدفقات النيل الازرق الذي تفيض 75% من مياهه بين شهري يونيو وسبتمبر.. تنظيم إنسياب المياه سيمكِّن السودان من تخزين الفائض من مِياهِهِ ومن الزراعة على مدار ثلاثة مواسمٍ في السنة، بدلاً من موسمٍ واحد كما هو الحال الآن.. وما إعتراض مصر – في وجهٍ من وجوهِهِ – على تشييد سد النهضة إلا فزعها من الفطام من هذه المياه المجانية التي تستولي عليها من نصيب السودان، رغم إنها تتجنب الإشارة لهذه النقطة بالذات، بل ولا تتورع عن الكذب حين تدَّعِي أن السودان يستخدم نصيبه من المياه "بالكامل"!!.. span data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" span data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" تعاني مصر من عجزٍ مائيٍّ سنوي يقدر بعشرين مليار م3.. إزاء هذا العجزْ والمطالبات المشروعة من دول حوض النيل بحصصٍ معقولة، تستجيب الصفوةُ الحاكمة في مصر بالخطاب الشوفيني، إِفتِعالِ المعارك الكلامية والإعلاميّة، والتهديد بإستخدام القوة!!..span data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" span data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" الخيار العسكري لا يبدو واقعياً ، فهو يصلُحُ فقط لأغراضِ التسويق الداخلي بتعبئة الرأي العام وتأجيج مشاعرِ الدهماء لحشد التأييد للصفوة الحاكمة.. فالجيش المصري المُنشغِل – كما يحدِّثُنا الإعلام – بزراعةِ الخُضار والمقاولات وتصنيعِ ِ الملاعِق وطناجر الطَبخْ، والمُتورِّط في حروبٍ ضروسةٍ في ليبيا وسيناء، لن يكونَ بمقدورِهِ أن يفتحَ جبهة قتالٍ جديدة مع إثيوبيا مثلاً ليفرِض عليها التخلِّي عن مشروع سد النهضة… فلا الدولة المصرية تمتلك القُدرة على إجتِراحِ الحل العسكري ولا السودان سيسمحُ بأن تُهاجم هذه الجارةُ إنطلاقاً من أراضيه، كما ان المجتمع الدولي لن يسمح بشن مصر لإعتداءٍ من هذا النوع ، سِيَّما وانه عدوانٌ تنقصه المشروعيَّة والبعد الأخلاقي خُصوصاً بعد توقيعِ الدول الثلاثة لإعلانِ المبادئ في 2015.. span data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" span data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" منطقيا، لا يتبقى امام مصر سوى خيار التفاهم والتعاون مع شركائها في حوض النيل وبناء الثقة معهم.. إن كان لنا أن نُسدِيَ نُصْحاً لمصر، فإننا ننصحها بأن تبني إستراتيجية دبلوماسيتها على الواقعية والتحليل الواعي التي نراهما غائبين تماماً في الوقتِ الراهِن، كما إن عليها تجنُّب الوقوع في الأخطاء الساذجة..span data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}"
فالديبلوماسية المصرية تضرِبُ في غير هدىً من إستراتجيةٍ ذكية في إِقبالِها على ملف المياه، من أوضح الأمثلة على ذلك ضغط المفاوض المصري (في 1999) على الشركاء – إبان المشاورات الخاصة بإطلاق مبادرة دول حوض النيل – ضغطه بإلحاحٍ شديد لتضمين كينيا وإثيوبيا في المبادرة!!.. كانت تلك واحدةٌ من أكبر الخيبات للدبلوماسية المصرية: فبدلاً من أفضلية التفاوض الثنائي صارت مصر تصارع كتلةً متماسكةً من تسع دولٍ مجتمعة (إذا إستثنينا السودان المتحفظ وقتَذاك على إتفاقية عنتيبي الإطارية).. ضِفْ إلى ذلك ما يسود من إِعتِقادٍ بين المُراقِبين بإِنَّ النشاط المصري المحموم، بالتحديد فيما يتعلق بملف سد النهضة، قد أصبح وظيفِياً وهدفاً في حد ذاته: إذ يبدو أن الغرض من التحركات الديبلوماسية المصرية هو إقناع الشعب بأن حكومته تبذل قُصارى جهدها لصون وتأمين "موارده الحيوية".. span data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" (3) span data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" كتبنا سابقاً مقالاً بعنوان "وستُبعثُ مصرَ وليس في وجهها مزعةُ لحمٍ" أردنا فيه أن نقول إنَّ الصفوة الحاكمة هناك تُبدِّدُ الموارد المالية الشحيحة لدولتها في شؤونٍ أبعد ما تكون عن الرشاد، وقلنا أن مصر تُنفِقُ إنفاقَ من لا يخشى الفقر على صفقاتِ السلاح، فهي تحتلُ المرتبة الأولى على مستوى دول العالم الثالث – حسبما ذكر تقريرٌ للكونغرس الأمريكي - كأكبر مشترٍ للسلاح بما يبلُغُ 5.3 مليار دولار في 2015، ضِفْ إلى ذلك حوالي 5,25 مليار دولار أخرى تُمثِّل الميزانية السنوية المُعلنة للجيش ليصبح إجمالي إنفاقها العسكري حوالي 10.55 ملياراً في السنة على أقلِّ تقدير.. span data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" أما أحدث تقارير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (الصادر في مارس 2019) فيفاجؤنا بإن مصر تحتل المركز الثالث الآن، كأكبر مستوردٍ للأسلحة على مستوى العالم (بعد السعودية والهند) وإن وارداتها من الأسلحة قد تضاعفت ثلاث مراتٍ في السنوات الخمس الماضية.. span data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" كتبنا ايضا ان مصر تبني عاصمة إدارية تُكلِّفُ – في مرحلتها الأولى فقط – 45 ملياراً من الدولارات!!.. ناهيكَ عن العشرات من قصور السيسي المُترفة التي كشف النقاب عن تشييدِها رجل الأعمال المُعارِض محمد علي والتي يُبدِّدُ فيها الجيش مليارات الجنيهات!!.. كل هذا في ظل إقتصادٍ على شفا الإنهيار لولا المنح والمساعدات والقروض التي تتلقاها من الخارج!!.. span data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" (4) span data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" span data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" إن كان لنا أن نمحَضَ إخوتنا المصريين النصح فإننا نقول إنّ ترشيد إستخداماتهم للمياه واجِبٌ عاجِلٌ ومهم.. لا مهربَ لصُنَّاعِ القرار في القاهرة من إتِّخاذ تدابيرَ صارِمة من شاكلة:span data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" 1/ استيراد الأرز بدلا عن زراعتة لانه يستهلك كميات مهولة من المياه، التي هي أصلاً شحيحة، وإستبدالِه بزراعة محاصيل أُخرى أقلَّ شرهاً لمياه الري.span data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" 2/ تحديث شبكات التوزيع المتهالكة لمياه الري والشرب للحدِّ من الهدر..span data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" 3/ صرف النظر عن مشروع ترعة السلام وتصدير المياه الى إسرائيل الذي سيحرج مصر دبلوماسياً ويقضي على ما تبقى من ثقة شركائها، فدول حوض النيل ستقابله قطعاً بالرفض والاستهجان.span data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" 4/ التخلص من أسلوب الري بالغمر و إِستِبدالِهِ بأساليب أخرى أكثر إقتصاداً في إستهلاك المياه (كالري المحوري مثلاً).span data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" 5/ الشروع فى تحلية مياه البحر كمصدر جديد للمياه .. desalinationspan data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" وقبل كل ذلك ترتيب الأولويَّات و الحد من الإنفجار السكانيspan data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" (5) span data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" span data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" ما ذكرناه من تدابير لا يحتاج سوى لتوظيف أقلَّ من 10 مليار دولار يمكن توفيرها اذا أحسنت صفوة مصر الحاكمة ترتيب أولوياتها وتخلت – حتى ولو مؤقتا – عن شغَفِها بشراء السلاح أو الإنفاق فيما لا ينفع مواطنيها من غابات أسمنت العاصمة الإدارية.. span data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" نقولها بكل صراحة: مضى زمانُ "الفهلوة" و الإبتِزاز، لن نتنازل عن حقوقنا في أراضينا المُحتلة ولا المياه و سنسعى لإستغلال كامل حصتنا إلى حينِ إعادة تقسيم موارد مياه النيل بينَ الشُركاء بشكلٍ مُنصفٍ ومعقول.. span data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" إجلسوا بِجِدٍ لحل "واجبكم المنزلي" وإن عَطِشْتُم بعدها، فلتشربوا من البحر الأحمر أو المتوسط… لتحلية مياههما، بإمكانكم "التضحية" بالقليلِ من إعتماداتكم لشراء السلاح.. span data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" span data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" هوامش: span data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" (1) رابط مقال … و تُبعَثُ مِصْرَ و ليس في وَجْهِهَا مُزْعَةُ لَحْمٍspan data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" https://www.alrakoba.net/articles-action-show-id-81674.htmspan data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" (2) تقارير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام: https://www.sipri.org/media/press-release/2019/global-arms-trade-usa-increases-dominance-arms-flows-middle-east-surge-says-siprispan data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" روابط الحلقات السابقة:span data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" http://www.sudanile.com/index.php/منبر-الرأي/34-0-6-8-3-1-6-8/118957-على-المصريينَ-أن-يشربوا-من-البحر-1-من-3-بقلم-خالد-الطاهرspan data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}" http://www.sudanile.com/index.php/منبر-الرأي/34-0-6-8-3-1-6-8/119096-على-المصريين-أن-يشربوا-من-البحر-2-3-بقلم-خالد-الطاهرspan data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559737":540,"335559739":150,"335559740":240}" خالد الطاهر [email protected] span data-ccp-props="{"201341983":0,"335551550":3,"335551620":3,"335559739":160,"335559740":259}"