السيادي تغوَّل على المفاوضات ونرحب بمحاكمتنا بالانقلاب (قحت) قدمت تنازلات لا يقبلها منطق والثورة مستمرة نرفض اتباع روشتات البنك الدولي وصندوق النقد لا ندري إن كانت قحت تعلم بفض الاعتصام أم لا ** انتقادات لاذعة وجهها الكثيرون لمواقف الحزب الشيوعي المتذبذبة في الآونة الأخيرة، من حكومة الفترة الانتقالية وتحالف قوى إعلان الحرية والتغيير الذي يشارك فيه وينتقد توجهاته في آن واحد، كل ذلك وقضايا أخرى طرحتها على ممثل الحزب الشيوعي في تجمع المهنيين السودانيين نادر صديق فاروق، وخرجنا منه بالمضابط التالية: حوار: عيسى جديد * هنالك رفض وانتقاد لمواقف الحزب الأخيرة، حتى تساءل البعض: هل أنتم مع أم ضد الحكومة؟ – الحزب كان واضحاً أنه سيؤيد كل ما تقوم به الحكومة، ومن شأنه تحقيق مطالب الشعب السوداني وشعارات الثورة السودانية، ويفتح الطريق أمام الانتقال الديمقراطي، وسيعمل على طرح مسودات القوانين مثل طرحنا على الحكومة: مسودة مشروع قانون نقابات العمل وحق التنظيم النقابي لسنة 2019م، وسنرفد ساحة العمل بالمقترحات ونعمل كدأبنا في مساعدة الجماهير في تنظيم صفوفها لتحقيق مصالحها، والمساهمة في إعادة بناء المجتمع المدني الذي أفسدته سلطة الجبهة الإسلامية واسترداد العمل النقابي المهني والحرفي، وتعضيد بناء تحالفات المزارعين والرعاة بما يخدم نماء صغار المنتجين، وسيطالب الحزب الحكومة ووزراءها في كل قطاع باسترداد المنهوب من ثروات شعبنا، ومحاسبة القتلة و كنس المفسدين، وتحويل ماتم نهبه إلى ملكية الدولة ليعود في شكل خدمات ورصيد تنموي للمجتمع، وسيعارض الحزب الشيوعي كل السياسات والمسوغات التي تحاول إعادة إحكام سيطرة الرأسمالية الطفيلية على الدولة، وكل ما يقطع الطريق أمام استرداد المنهوب من مواردها أو محاولات توظيفها ودمجها لتحقيق مصالح للشركات الأجنبية، وسيعلن رفضه ومعارضته بوضوح لاتباع روشتات البنك الدولي وصندوق النقد، وسياسات التحرير الاقتصادي الحر، متى ما اتجهت الحكومة في هذه الاتجاهات. * هنالك تسربيات عن ترشيح والي للخرطوم من الحزب الشيوعي؟ – هذا الحديث إشاعة . * محاكمة إنقلابيي الإنقاذ فتحت الأبواب للحديث عن محاكمة الحزب الشيوعي لما سبق له من انقلابات ماهو تعليقكم؟ – نحن نرحب بمحاكمة كل الانقلابيين وكل من يثبت تورطه في هدم الديمقراطية في بلادنا، وفي حين احتضن الإسلاميون السفاح نميري وقدموا له الملاذ بل والتكريم، ظللنا ننادي بضرورة القصاص والعدالة. * كيف تنظرون إلى حل حزب المؤتمر الوطني ومحاكمة رموزه؟ – نؤيد محاكمة كل رموز الإسلاميين التي أجرموا في حق شعبنا من سلبه لحرياته وموارده وتبديدها، إبتداءً من رئيسهم المخلوع وحتي جنود الكجر الذين نكلوا بالمتظاهرين السلميين في ثورة ديسمبر المجيدة، وبالنسبة لحل الأحزاب السياسية موقفنا مبدئي نحن ضد قيام الأحزاب على أسس دينية وعرقية، ونحترم حق التنظيم لكل سوداني، نحن مع المحاكمات وتفكيك التمكين وليس إعطاء رموزهم ملاذاً آمناً بقرارات عشوائية، نريد استرداد وكشف كل المنهوب، ونريد التقاضي في كل الجرائم الجنائية والمدنية، الشعب السوداني كان واضحاً في ردة فعله تجاه دور المؤتمر الوطني، الجماهير الغاضبة أحرقتها في العديد من المدن، على الرغم من مناشداتنا ومناداتنا بضرورة التمسك والحفاظ على سلمية الثورة. * ما هي رؤيتكم لمفاوضات السلام بجوبا مع الحركات المسلحة ؟ – المدخل السليم استيعاب عدالة ومشروعية المطالب وحساسية الظروف الإنسانية في المناطق المتأثرة بالحوجات الإنسانية العاجلة، إن قومية المطالب والتطلعات في ظل مناطقية الكفاح المسلح لابد أن ينظر لها بالعين الإيجابية أثناء التفاوض، والتحدي يكمن في قبول تفكيك المليشيات والجيوش المتعددة وإعادة هيكلة القوات النظامية لتصبح قومية ومهنية، وليس بأن يتغول مجلس السيادة على العملية السلمية مثلما حدث في الجولة السابقة، السلام يتحقق بالنظر إلى جذور أزمة الدولة السودانية منذ الاستقلال وتمظهرات الاستغلال والتهميش وانعدام الأمن والعدالة فيها، كما يستدام بالبعد عن مشاريع اقتسام السلطة والمحاصصات وتقنين توازنات القوى المرحلية. * ماهي طبيعة الصراع داخل مكونات نداء السودان وقوى الحرية والتغيير؟ – اللجنة المركزية للحزب الشيوعي سبق أن أعلنت عن الصراع بين قوى الهبوط الناعم والقوى التي تتطلع للتغيير الجذري، واستمرار التناقضات والصراع بين المصالح الطبقية، والتي كانت واضحة منذ تكويننا للجبهة الواسعة لإسقاط النظام البائد في ديسمبر 2018، وتأسيس تنسيقية قحت، لقد ظلت دعوات الحوار تأتي عبر بوابتها المعروفة وكانت مقولات "دخان المرقة" ، وهذا ليس وجع ولادة، و"لن نركب قطر لا نعرف مين سواقو" إلى آخر محاولات تثبيط مشروع التغيير في السودان، لينتهي بإعادة إنتاج النظام والإبقاء على مصالحه الطبقية، والإبقاء على ارتباطاته الإقليمية والدولية، لكن ظلت جماهير شعبنا بتنظيم نفسها تنتزع مساحات التحرر والانعتاق وتفرض خطوات التغيير فرضاً على اللجنة الأمنية وحلفائها ، في مايو 2019 أكدت اللجنة المركزية في دورتها وجود مسارين داخل قوى إعلان الحرية والتغيير: مسار الهبوط الناعم الذي يعمل على الحفاظ على التركيبة الطبقية، والمصالح الأجنبية والتحالفات والبرتوكولات العسكرية ويهدف ليرث كل هذا من النظام ويطرح نفسه بديلاً له، مع الإبقاء عليه في عملية تغيير وجوه فيما يتعلق بالمصالح الاقتصادية والارتباطات العسكرية. * ماذا عن موقفكم الآن من الشراكة بين المدنيين والعسكر؟ – ظل حزبنا بوضوح يبتعد عن الشراكة مع العسكريين، لاسيما المتهمين بإرتكاب جرائم بشعة في حق شعبنا، وفي نفس الوقت يتموضع الحزب في قلب الحركة الجماهيرية لنسهم في تنظيمها وتمليكها المعلومات، لتعبر عن مصلحتها الطبقية، وحيال لجان المقاومة والمهنيين فإننا نعمل على دعم كل ما يحفظ استقلاليتها وعدم جعلها تابعة للنخب السياسية، وتنفيذ سياسات النيوليبرالية في بلادنا.. لذلك لا نشارك في الحكومة والسيادة والتشريعي أي كل ما يقنن للشراكة المعيبة بين العسكر وحلفائنا في الحرية والتغيير وفق الاتفاق السياسي والتسوية الدستورية التي سبق أن أعلنا رفضنا المسبب لها، وفي نفس الوقت نشجع الزملاء والديمقراطيين علي الترشح لكل ماهو قاعدي سواءً في نطاق الحكم المحلي أو على مستوى الولايات والمفوضيات. * مقاطعا .. لكن هذا الموقف (المع والضد) جلب الانتقادات للحزب؟ – طبعاً هذا ليس وضعاً مفضلاً بالنسبة لنا كثوريين ننشد التغيير لنقبل بتوازن القوى المختل، وبطبيعة تركيبتنا الثورية سنظل نعمل مع الجماهير في إطار التوعية وتمليك المعلومات وبناء مقدرات تنظيم الجماهير لتحقيق تطلعاتها، فقد قدمت قحت تنازلات واسعة لا يقبلها أي منطق ثوري وسمع الجميع عن الاجتماعات واللقاءات والصفقات السرية ورجال المخابرات الأجنبية باسمائهم…الخ، لكن ظلت الجماهير تنتزع بصمودها وعمق انتفاضتها كل يوم مكتسبات وخطوات في عملية التغيير، وتكتشف زيف مشاريع الهبوط الناعم والتي ينادي عرابوها بإستمرار تبني سياسات البنك الدولي وصندوق النقد، وتسويق تسوية ومساومة تاريخية مع الإسلاميين. * كيف ترون المشهد السياسي الآن ؟ – حين هبط الضالون، حملتنا الجماهير على الأعناق، ليس تمجيداً لاشخاصنا بل لما مثلناه من رمزية الصمود في وجه المغتصبين القتلة، ومؤخراً تم الإعلان عن التركيبة والطبيعة الطبقية لمحتكري العنف في الدولة من قبل شركاء جنرالات الارتزاق، وبدأت بالظهور مساوماتهم مع اللجنة الأمنية للنظام المطاح التي وطنت نفسها كجزء من العملية الانتقالية لتقل أو تزيد هيمنتها أو تأثيرها في عرقلة التغيير السلمي والديمقراطي، وفقاً لميزان القوى والقدرة علي إدارة المرحلة الانتقالية.. لقد أعلن هؤلاء الضالون أن الشريك يشكل الحاضنة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لفلول النظام السابق، والمنتفعين المحليين والإقليميين ومن خلفهم الدوليين. وبالطبع تشكل هذه الحاضنة الرصيد الفكري والأيدولوجي لكل دوائر التخلف التي تسربلت زمناً بديننا الحنيف، وتظل مهيمنةً دون الانعتاق من ثوابت النظام السابق قانوناً وممارسة. * هذا حديث فيه رمزية ماذا تقصد بالواضح؟ – من الواضح أن هؤلاء تبين لهم ضعفهم نتيجة زيادة الهوة وتناقض مصالحهم وعزلتها عن مصالح شعبهم، لقد أوضح الضالون خطهم الحقيقي ومهمتهم المتمثلة في التسويق لسياسات النيوليبرالية في السودان، عبر توسيع القاعدة الاجتماعية للنظام البائد، بضم ومشاركة أطياف من معارضتة في الحكم والعملية التي أسماها الأمريكان الهبوط الناعم، وتتسمى اليوم بمشروع المصالحة مع الإسلاميين ووتطالب بالتماهي معهم تحت شعار المساومة التاريخية، وهو بالضرورة حرف لمسار الثورة السودانية وجرها لإفراغها من محتواها الطبقي والاجتماعي للصراع – لكن هيهات- في حين تتغلف تحت مزاعم الواقعية السياسية، وإقرار توازن القوى، والدعوات للحفاظ على المصالح الأجنبية، والبرتوكولات والاتفاقات العسكرية والاستخباراتية، إنما هي دعوات جوهرها الحفاظ على التركيبة الطبقية للنظام البائد، واستمرار مصالح الطفيلية والمصالح الدولية واستمرار سيطرة خدمهم وعلائهم المحليين، واستمرار حكم مجموعات السوق التي تتماهى مع المسيطر والأقوي نظير استمرارها في التكسب والانتفاع من ريع الأرض وثرواتها وفائض القيمة المحلي، لتزداد الجماهير فقراً ويتم سحق الهامش أكثر فأكثر، ويظل المطروح من قبلهم اتباع ذات النمط الاقتصادي المفقر للشعوب، والاستمرار في انتهاج سياسات النظام البائد في تنفيذ روشتات الصندوق والبنك الدوليين.. أولم يستمع هؤلاء لوردي حين تغنى (شعبك أقوى وأكبر مما كان العدو يتصور سننتصر !) هكذا أخبرتنا جماهير شعبنا حين غرست شفرة عزة، سنار، علوة، مروي، والمقرة في جيناتنا لنعود منها وإليها نعلمها ونتعلم منها. * هنالك حديث عن ثورة أخرى لتصحيح مسار الثورة الآن.. ماذا تقول؟ نعم قد ينحسر المد الثوري مؤقتاً لتلتقط الجماهير أنفاسها ولتنظيم نفسها ولتبرز قيادة ثورية لا تساوم في تحقيق مشروع التغيير. لكن كلي يقين أن المقاومة ستتمدد من جديد بثبات وببطئها المعتاد نحو السيطرة.. فهذه الانتفاضة عميقة الجذور بعمق أزمتنا كسودانيين منذ الاستقلال، وهي ليست عشوائية أو متخبطة لذا ينظمها شعبنا بدقة كما في مواقيته الثورية، وهي وعد جميل بدولة اعتصام القيادة وروعة إدارته ونقاء شعبنا الصوفي الذي تبلور فيها بقدرته على الانسجام والتعايش، وصرامة تنظيمه التي تجلت بوضوح في عظمة ودقة تنفيذ إضراب 28-29 مايو 2019، وهي ليست محدودة بمحيط الاعتصام وحده، بل واسعة لتتمدد ساحة الاعتصام عقب جريمة فضه في كل المدن بتوقيت موحد لتتحول لعيدٍ مُر الطعم في فطر شعبنا، ومن ثم عصيان مدني شامل في كل البلاد استمر في 9-11 يونيو 2019، وهي لا تقهر أو تتراجع بل هي شاملة وعريضة كما المشاركة الشعبية في مواكب 30 يونيو 2019، فهذه الإنتفاضة لم تتمظهر في الخرطوم وحدها لتحدد مساراتها الاجتماعات المغلقة للنخب السياسية مع العسكر وأصحاب المصلحة من السفراء في منازل الرأسماليين، كما حدث في اجتماع بيت حجار قبل يومين من زحف شعبنا بكامله في 30 يونيو 2019. بل هي مرعبة للقتلة والمستغليين جميعاً كما في إشارات 21 اكتوبر 2019 ليتقافزوا حولها مغبشين ومدعين أنها احتفالات، واقع الأمر أن الثورة السودانية متقدة ومستمرة وأصبحت عملاً يومياً كما اتضح من الموقف الجماعي في قاعة الصداقة أول الأمس وسيتجلى بوضوح أكثر في مقبل الأيام. * كيف ترى مجريات التحقيق حول جريمة فض الاعتصام؟ – عموماً خلاصة تحقيق شعبنا الأولي أن جريمة فض الاعتصام ارتكبت من أجل قهر الحركة الجماهيرية وتزيين نكوص اللجنة الأمنية عن الاستسلام لمشروع التغيير، كما أعلن العسكر وحاولوا جاهدين وإزاء تيقنهم من صمود شعبنا تنازلوا لتمرير مشروع الهبوط الناعم لتغبيش البصيرة.. أنا لا أعلم هل تم فض الاعتصام بعلم بعض حلفائنا في قحت كما قال الجنرالات أم لا، لكنني على يقين من أن شعبنا قادر على أن يكشف كافة أشكال الالتفاف على هذه الجريمة وعلى كل مصالِحه، وتحقيق شعاراته في الانعتاق والعدالة. (الدم قصاد الدم لو حتى مدنية) .