(أن الدارس لا يسعه سوى ضم صوته إلى الأستاذ طه،لتنظر السلطة،أيا كانت،فى نزاهة وتجرد،ووطنية صادقة،فى حالة قوانين السودان الراهنة،كى تشرع فى حسم وثبات لمراجعتها على أوسع نطاق فنى وشعبى،والخلوص إلى التطبيق السليم لقوانين مبرأة من الظلم والإستبداد،مكللة بسلامة النص،وصدق المحتوى،وقابلة للتطبيق والإيفاء.مقدمة لهذه الخطوات العملية،ينطلق نداء النشطاء عاليا ليطالب بإلغاء الفاسد وبطلان السائد من تلك الدمى السلطوية،التى جاء بها شبق السلطة وشهوة الصولجان،فأوغلت فى تشويه الأصول وعبثت بالمأثور،مخربة تراث القضاء المستقل،ووقار الحكم والقرار.ثم تعدت كل حد محدود فى شأن الأخذ بالشرع الحنيف والحرص على القيم والروحانيات،فى سبيل تمتع إنقلابييها وشرائح مواليها بالملذات الحرام.صادرت قوانين الإنقاذ التى خرجتها الجبهة القومية الإسلامية أهم وأخطر الحقوق الدستورية،خالفت شريعة الإسلام،إنتهكت القانون الدولى لحقوق الإنسان،إزدرت بالقضاء المستقل،وحصنت موظفى التنفيذ من رقابة القانون وسيادة الأحكام.أن الشارع السودانى الحكيم سيلغى عن تراثه القانونى والقضائى،وسيزيل عن كاهله الحضارى ما تمخض عن ديكتاتورية الجبهة القومية الإسلامية من قوانين وممارسات،فقد ظل مكتويا بجحيمها ومقاوما لها على مر السنين والأيام.أن شارع السودان سوف يستعيد حتما نضارة قضائه وهيئاته التنفيذية والتشريعية بإلغاء أدوات الحكم الإستبدادى بلا هوادة أو رحمة)*. مساء يوم الخميس الماضى…، أصدرت السلطة الإنتقالية، بعد جلسة طويلة لمجلسى السيادة والوزراء،قانونا يقضى ب(تفكيك نظام الإنقاذ)،ووفقا لنصوص ذلك القانون،يجرى حل حزب المؤتمر الوطنى ومصادرة أمواله وكل عقاراته وشركاته وأذرعه السياسية والعسكرية وكل المنظمات التى تتبع له بما فى ذلك التى تندرج تحت مسميات مضلله فى منظمات المجتمع المدنى والإتحادات والجمعيات، وكل نشاط يرتبط،بصورة مباشرة أو غير مباشرة،بحزب المؤتمر الوطنى. وتعليق النشاط السياسى لرموزه. نقول بذلك،وننوه بأن أصل القانون لم ينشر فى الغازيتة( الجريدة الرسمية للدولة) بعد،ولم ينشر نصه بصورة رسمية أيضا، لهذا انحصر علم الشعب السودانى وقوى الثورة على النسخة التى يجرى تداولها فى الوسائط عبر النت،وهى التى بيدنا الآن ونعتمد عليها عند تناولنا لها، واضعين فى اعتبارنا التصريح الذى أدلى به محمد الفكى عضو السيادى، وإبراهيم الشيخ عضو قوى الحرية والتغيير الأمين السابق لحزب المؤتمر السودانى، الذى قال فى حوار معه بصحيفة(السودانى)يوم 30/11/2019م:( قال إنهم ليسوا مع حظر المؤتمر الوطني ل(10) سنوات، وإنما عزله في الفترة الانتقالية). وشدد الشيخ في حديثه لبرنامج "حوار مفتوح"، بفضائية النيل الأزرق، على أنهم لن يصادروا حق المواطنين في التصويت للإسلاميين خلال الانتخابات، وأضاف: (صناديق الانتخابات تحكم). ولربما،يبدو أن هذا الرأى،مقبولا ومعقولا، من مدخل الحريات العامة والأسس العادلة للديمقراطية.هكذا،والحال كذلك،قد انحصر الحظر السياسى لرموز الإنقاذ على الفترة الإنتقالية. وكانت الوثيقة الدستورية قد جوزت الأحقية للإجتماع المشترك بينهما تولى أصدار القوانين فى غياب الجمعية التشريعية(البرلمان). قانونيا،بإجازة وصدور ذلك القانون، يصبح سارى المفعول ويعمل بموجبه من تاريخ إصداره. وتقع المسئولية فى تنفيده على أرض الواقع، على الجهات الرسمية المعنية وعلى الثوار/ت فى قوى الحرية والتغيير وعلى لجان المقاومة فى المدن والقرى والحلال، وهذا واجب مقدم على ما عداه وضرورى أن يكون فى مقدمة أعمال قوى الثورة والتغيير. ونزف التهانى للشعب السودانى قاطبة، على إلغاء قانون(النظام العام)،ذلك القانون سئ السمعة الذي أهان الشعب السودانى وأذله، حيث كان المرأة تجلد فى الملأ وتحبس وتغرم غرامات باهظة تذهب لجيوب الفاسدين العاملين على هذا القانون المسخ،وكم من شباب الثوار قد أوقفوا فى الطريق العام وتحلق شعورهم بالخناجرونصال السونكى، علاوة على مهزلة الزى للشابات والشبان ليل نهار،وغيرها من تروهات وهلوسات الكيزان. هذا نصر كبير لشعبنا يجب على حراس الثورة حراسته وصيانته بقانون وقوة الثورة. فما هو قانون "تفكيك نظام الإنقاذ" وما أبرز بنوده وآثاره المتوقعة في المشهد السياسي السوداني؟ يستهدف القانون تفكيك مجمل البنية السياسية وشبكة علاقات القوى التي بناها ما يعرف بنظام الإنقاذ في السودان، وهو النظام الذي جاء في أعقاب الانقلاب الذي قاده البشير على السلطة الشرعية المنتخبة في السودان في 30 يونيو/حزيران عام 1989 واستمر في الحكم لثلاثة عقود. وينص القانون على حل حزب المؤتمر الوطني الحاكم في عهد البشير، وحذفه من سجل التنظيمات والأحزاب السياسية في السودان، فضلا عن حل مجمل الواجهات التي كان يستخدمها والمنظمات الأخرى التابعة له أو لأي شخص أو كيان مرتبط به. ويقر القانون،النسخة المتداولة)،العزل السياسي بحق من يسميهم "رموز نظام الإنقاذ أو الحزب" بمنعهم من ممارسة العمل السياسي لمدة لا تقل عن عشر سنوات. وتضمن القانون مصادرة ممتلكات وأصول الحزب لتصبح ملكيتها تابعة لحكومة السودان وفق ما تقرره لجنة خاصة في هذا الصدد. وأعطى القانون هذه اللجنة حق الملاحقة القانونية ومصادرة الممتلكات وتحديد طريقة التصرف بها.والجدير بالذكر هنا، أن قوى الثورة والتغيير ولجان المقاومة هى المعنية بمراقبة وتنفيذ هذا القانون فى مواقع تواجدها،فى المدن والأحياء وفى القرى والأرياف، وفى مواقع العمل جميعها. وحدد القانون من يقصدهم بتعبير "رموز المؤتمر الوطني" بأنهم "أي شخص شغل منصباً في ما يسمى "مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطني" أو أي شخص كان عضواً بمجلس شورى الحزب أو عضواً بالمجلس القيادي للحزب بمن فيهم من شغلوا منصب رئيس الجمهورية أو نائب رئيس الجمهورية أو رئيس المجلس التشريعي أو والٍ أو وزير اتحادي أو ولائي أو مدير لجهاز الأمن أو نائب عام أو نقيب للمحامين أو رئيس للقضاء أو للمحكمة الدستورية لجمهورية السودان إبان نظام الإنقاذ". وبهذا لا يقتصر القانون على استهداف هياكل الحزب السياسية بل يتعداها إلى ملاحقة نفوذ الحزب في الاتحادات المهنية والمؤسسات الحكومية والقضائية والمنظمات الثقافية وشركات القطاع العام أو المؤسسة بقانون خاص. ويسعى القانون هنا إلى إزالة ما يسميه "التمكين" خلال فترة حكم نظام الإنقاذ، الذي يعرفه بأنه "أي طريقة أو أسلوب أو عمل أو تخطيط أو اتفاق للحصول على الوظيفة العامة أو الخاصة إنفاذاً لسياسات نظام الإنقاذ سواء بالفصل من الخدمة تحت مظلة الصالح العام أو بتعيين منسوبي نظام الإنقاذ أو إحلالهم ليتولوا بأي وسيلة أو يسيطروا على الوظائف أو المصالح أو المؤسسات القائمة". كما يقع تحت التعريف كل ما نجم عن "الحصول على أي ميزة أو إعفاء أو امتياز أو إتاحة فرص للعمل بسبب الولاء التنظيمي أو الانتماء السياسى أو القرابة بأحد رموز نظام الانقاذ أو قيادات الحزب أو الأفراد الذين نفذوا أو ساعدوا في الاستيلاء على السلطة" عام 1989. ونصت المادة التاسعة في الفصل الرابع للقانون على إلغاء وحل النقابات والاتحادات المهنية واتحاد أصحاب العمل. وأعطى القانون لمسجل تنظيمات العمل حق إلغاء تسجيل نقابة المحامين السودانيين ومجلسها ولجنة قبولها. ودعاه إلى العمل على إلغاء "تسجيل اللجان التنفيذية واللجان المركزية للنقابات ومجالس الاتحادات المهنية وكافة النقابات المركزية والفرعية". وأعطى القانون للمسجل حق تسمية وتعيين نقيب للمحامين يكون رئيسا للجنة قبول المحامين وثلاثة محامين لعضوية هذه اللجنة فضلا عن 14 عضوا ليتولوا الاضطلاع بأعمال مجلس النقابة. وتهدف هذه الإجراءات إلى الحد من نفوذ أعضاء حزب المؤتمر الوطني ومواليه في الاتحادات والنقابات المهنية. من يتولى تنفيذ القانون؟ يُنشئ القانون لجنة خاصة يسميها "لجنة تفكيك نظام الإنقاذ" يكون رئيسها من أعضاء مجلس السيادة ويكون له رئيس مناوب يختاره مجلس الوزراء من أعضائه. وتضم اللجنة في عضويتها وزير العدل ووزير الداخلية ووزير الصحة وممثلين عن جهاز المخابرات وبنك السودان، فضلا عن خمسة أعضاء يختارهم رئيس الوزراء. وأعطى القانون لهذه اللجنة شخصية اعتبارية في التقاضي، وصلاحيات إلغاء أي وظيفة في الأجهزة الحكومية والهيئات والمؤسسات وشركات القطاع العام، وحل "أي منظمة ربحية أو غير ربحية أو مؤسسة أو هيئة أو مفوضية أنشئت قبل 11 ابريل". ومنح القانون هذه اللجنة الاحقية فى حجز حسابات الأشخاص والمؤسسات والشركات المصرفية لأغراض تفكيك نظام الإنقاذ واتخاذ "أي إجراءات جنائية أو قانونية ضد أي شخص ومطالبته بالتعويض عن أي كسب غير مشروع بسبب الوظيفة أو طريقة الحصول عليها". هكذا، يمكننا أن نرى خطورة وأهمية هذا القانون، الذى نأمل أن تجرى ندوات توعية مكثفة ومستمرة لضمان تنفيذه على أكمل وجه لمصلحة الثورة وتحقيق أهدافها. هامش: * من مقدمةد.محجوب التجانى لكتاب(قوانين غير دستورية/لادستورية قوانين الإنقاذ وضرورة إلغائها)للراحل الأستاذ طه إبراهيم المحامى،صادر عن المنظمة السودانية لحقوق الإنسان بالقاهرة2006م،لكن نسخ الكتاب وصلت السودان قبل أسبوع. جابر حسين