حالة من السخط والصدمة آثارها قرار الحكومة بتحرير سعر الجازولين والبنزين وسط مخاوف من أوضاع كارثية تشهدها الفترة المقبلة على الأوضاع المعيشية للمواطنين وتنقلهم وانعكاس تلك الخطوة على مختلف القطاعات وحدوث تصاعد غير مسبوق في معدلات التضخم إلى جانب ارتفاع أسعار كافة السلع الضرورية بزيادة سعر الصرف للدولار فهل يستطيع الشارع السوداني تفادي تلك الآثار وكيف له أن يقوم بالتدبير اليومي فى مختلف الجوانب الحياتية؟ الحكومة الانتقالية أقرت رسميا أسعاراً تحريرية للوقود بزيادة فاقت ال 400 %وأعلن وزير الطاقة والتعدين المكلف خيري عبدالرحمن خيري في مؤتمر صحفي بدء تحرير أسعار الوقود (البنزين والجازولين) اعتبارا من مساء الثلاثاء وقال إن سعر لتر البنزين المستورد تحدد بقيمة 120 جنيها بينما كان السعر القديم 28 جنيها للتر،بينما ارتفع لتر الجازولين المستورد من 23 جنيهاً إلى 106 جنيهات كما تحدث الوزير عن وجود سعرين للوقود أحدهما للمستورد حيث تم تحديد 13 شركة للتعامل به وفق الأسعار الجديدة والثاني الوقود المحلي الذي سيوزع عبر 20 شركة مشيرا إلى أن أسعار الوقود المنتج محليا ارتفعت إلى 56 جنيها للتر البنزين و46 جنيها للتر الجازولين. تخليص بواخر ويؤكد الوزير على أهمية تطبيق قرار رفع الدعم عن المحروقات لتخليص بواخر وقود موجودة بالميناء وتجنباً لارتفاع قيمة غرامات التأخير وأضاف أن وجود تلك البواخر بالميناء أدى لتأخير تطبيق قرار رفع الدعم ووصول الغرامة إلى 4 ملايين دولار منوها لاستيراد تلك البواخر عبر شركات القطاع الخاص من خلال عطاء طرحته محفظة السلع الاستراتيجية خلال الفترة الماضية. ويقول عدد من المواطنين ل "السوداني" أن القرار مثل صدمة كبيرة لهم خاصة مع الظروف الصعبة التى يعيشها كافة المواطنين حاليا بارتفاع السلع الضرورية. المواطن صديق النور لفت إلى أن تحرير الوقود سيحيل حياتهم إلى جحيم مع ارتفاع الصرف اليومي لمقابلة تكلفة المعيشه والنقل عبر المواصلات العامة وأضاف كنت على أمل أن تتراجع الحكومة عن تحرير الوقود نظرا لآثار الكارثية على مختلف الشرائح متسائلا كيف لنا أن نتدبر صرفنا اليومي فى ظل نقص الدخل وتدني قيمة الجنيه يوميا. تضليل واضح : الموظف تاج الدين علي وصف تحرير الوقود بالطامة الكبرى التى تزيد الأوضاع الحالية سوءاً على تدهورها الحالي وأضاف لايمكن أن نعيش بيسر حتى في بلادنا داعيا الحكومة إلى التراجع الفوري عن القرار خاصة أنه سيسحق كافة المواطنين بشكل كبير. رئيس قطاع النقل بولاية الخرطوم الشاذلي الضواها قال في حديثه ل السوداني ان الحكومة مارست تضليلا واضحا فى اتخاذ قرار تحرير الوقود وأضاف أن المسألة احتوت على ضبابية إذ حددت الوزارة 13شركة لتوفير الوقود المدعوم مقابل 20 شركة للوقود الحر واصفا انعكاس التحرير على قطاع المواصلات بشكل كارثي حال حصولها على الوقود المدعوم متوقعا أن تتضاعف تكلفة المواصلات 11مرة مردفا الكارثة ستكون أكبر فى حال الحصول على الوقود الحر. ويضيف أن قطاع النقل أصبح مهددا بالتوقف جراء قرار التحرير غير المدروس وتابع أن وزارة الطاقة تجاهلت اتحاد غرف النقل وإدارة النقل والبترول بولاية الخرطوم إضافة إلى إدارة البنى التحتية والمواصلات وكافة الجهات ذات الصلة فى المشاورات قبل صدور قرار التحرير مشيرا إلى أنهم في الغرفة حاولوا كثيرا التواصل مع الوزارة لكنها لم تستجب مردفا حتى أن هواتف المسؤولين مغلقة أمامنا لافتا إلى أن الوزارة عمدت على تضليل الرأي العام في مسألة تحرير الوقود منوها إلى أن لديهم 13ألف مركبة في ولاية الخرطوم تمتلك بطاقات مدفوعة مسبقا ولكن لم تخطرهم الوزارة بمصيرها وتابع كان عليها أن تحدد سقفا زمنيا معينا حتى نستفيد من أموالنا التي دفعت مسبقا للوقود بسعر 18جنيها للجازولين واصفا الوزارة بالتخبط وعدم دراسة القرارات. فراغ إداري : ويمضي الضواها إن إدارة النقل والمواصلات فى الولاية تعاني من حالة فراغ إداري إذ لم يتم تعيين مدير جديد لها حتى الآن بعد إقالة المدير السابق والذي تم تكليفه لحوالي 72فقط متسائلا عن كيفية اتخاذ قرار التحرير فى ظل عدم المشاورات والفراغ الإداري وتابع المواطن هو من يدفع الثمن بارتفاع تكلفة المعيشة والنقل جراء كل التخبط الحكومي منوها إلى أنهم فى اتحاد غرف النقل سيدخلون فى اجتماعات مكثفة لكيفية التعامل مع قرار تحرير الوقود ومخاطبة اتحاد اصحاب العمل بكافة الخطوات التى سيتم اتخاذها. غير معقول: ويرى الخبير الاقتصادي برفيسور عز الدين ابراهيم فى حديثه ل "السوداني" ان رفع الدعم فى ظل الاوضاع الحالية غير معقول وتابع ماهو معقول اقتصاديا غير مناسب سياسيا واجتماعيا وقال إن اتخاذ القرار الاقتصادي يجب أن تصحبه نظرة للوضع السياسي وأضاف كان من الأفضل البحث عن بدائل أخرى خلاف رفع الدعم لافتا إلى أنه حتى طريقة الإعلان كانت غريبة إذ تحدث وزير الطاقة نيابة عن وزيرة المالية مؤكدا أن القرار سينعكس بصورة كارثية على ارتفاع معدلات التضخم خلال الفترة المقبلة بنسبة كبيرة جدا خاصة أن متوسط معدل التضخم خلال الشهر الماضي للبلاد وصل 2012 ٪ باعتبار أن المتوسط في الولايات أكثر من تلك النسبة. ويمضي ابراهيم أن الدعم يمثل أحد مصروفات الدولة وبعد الإعلان عن رفعه يقلل من عجز الموازنة وبالتالي تقليل حجم الاستدانة من النظام المصرفي مما ينعكس على تراجع معدل التضخم فى أوقات لاحقة وأضاف أن الدعم يمثل 30٪من مصروفات الحكومة وان رفع الدعم من شأنه أن يخفض تلك النسبة لتوظف الأموال فى ذات القطاعات التي تدعمها الحكومة اصلا مثل قطاع التعليم والصحة مشيرا إلى أن خفض الدعم يرتبط بسعر الصرف وكلما زاد الدولار في السوق تنامت تكلفة الدعم وتابع بالرغم من رفع الدعم لن يتوفر الوقود لارتباطة بتوفير الدولار كما أن شركات القطاع الخاص لاستيراد الوقود ستلجأ للسوق الموازي مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار العملات الأجنبية بتنامي الطلب على الدولار داعيا الحكومة إلى الاعتراف رسميا بالسوق الموازي وإنشاء بورصة للعملات الاجنبية مادام الحكومة تشتري من السوق الموازي مضيفا أن مهمة الحكومة تنظيم الاسوق وليس محاربتها. أزمة الوفرة: ويشير إبراهيم إلى أن وجود سعرين للوقود مدعوم وحر لن يسهم في تحقيق الوفرة بالرغم من الارتفاع متوقعا أن يختفي الوقود المدعوم خاصة ان الحكومة لاتستطيع توفيرة وأنه يتسرب أيضا للسوق السوداء ونشاط عمليات التهريب. ارتفاع تكلفة : المدير الإداري لمصنع اوميقا للحديد الطيب الجميعابي قال ل "السوداني" ان رفع الدعم ينعكس على كافة القطاعات كما أنه يضاعف من التكلفة للمصانع بزيادة سعر الاستيراد الحر للوقود إضافة إلى زيادة تكلفة الاجور للعمالة والترحيل مشيرا إلى أنه بالرغم من زيادة اجور العاملين خلال الفترة الماضية الا انهم سيطالبون أيضا بزيادات جديده لمقابلة ارتفاع أسعار كافة السلع الضروريةوالخدمات بعد تطبيق رفع الدعم عن الوقود. السوداني