المدنيون هم من يبنون الدولة المدنية، فهم من ظلوا يقاومون، طيلة (30) عاماً، نظام الانقاذ. ويقع عليهم عبء حماية مكتسبات الثورة وفى مقدمتها حرية التعبير والتنظيم، هذا الحق هو منصة القوى المدنية لتعزز الحريات وتواصل مقاومة أي شكل من أشكال الدكتاتورية والقمع، وأي ضعف أو إحباط أو انسحاب سيشكل فرصة لأعداء المدنية وما أكثرهم خاصة ممن تمكنوا وورثوا (تمكين الكيزان) من العسكر والمليشيات التي تغير في جلدها وخطابها (لتواكب) المرحلة! القوى المدنية أن لم تعمل لبناء التحالفات لن تقوم لها قائمة في هذا البلد ،وبعيداً عن أي أوهام لا بد من القول أن هذه القوى نفسها ذات مصالح اجتماعية مختلفة، إلا أن ما يجمعها هو أن هذه المصالح لن تتحقق إلا في وطن متماسك وفى ظل دولة المواطنة والقانون والمؤسسات، وهنا لا بد من الإقرار بأن أداء القوى المدنية في العام الأول من الفترة الانتقالية لم يكن بالمستوى المطلوب ومؤشرات ذلك وافرة، إلا أنه يمكن الإشارة للاتي: أولاً: تم هجوم ضاري على الوثيقة الدستورية (في ذلك تجاهل لحقيقة الترحيب الشعبي الواسع بها في موكب 17 أغسطس 2019 يوم التوقيع عليها) وترتب على ذلك ضعف العمل في توظيف ما تضمنته من وثيقة الحقوق خاصة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وما كفلته للمواطنين (كأفراد) من حقوق، ونجم عن ذلك عدم الوعي الكافي بهذه الوثيقة لدى شرائح واسعة من الجماهير. ومن ثم لم يتم الامساك بالقضايا محل أهتمام المواطنين (مثلاً) حق التعليم المجاني في مرحلة الأساس، وتلقي العلاج المجاني على مستوى الحالات الطارئة، كيلا يتم الالتفاف عليها بأي شكل. ثانياً: المجلس التشريعي واحد من أهم مطالب الثورة، حسب علمي لم يتم طرح مشاريع قوانين بديلة ديمقراطية (لقائمة 60 قانون قمعي) بينما شرع المجلسان (الوزراء والسيادي) في القيام بمهمة التشريع، وبالمقابل عملت القوى المدنية على نقد التعديلات على القوانين وابداء الملاحظات، أي وقفت في (منصة الفعل السلبي) في حين أن الخبرات القانونية الوافرة لديها تتيح إمكانية تقديم مشاريع قوانين ديمقراطية بمشاركة الجماهير، لتكون قضية رأي عام ووسيلة ضغط على السلطة الانتقالية. أي أن المجلس التشريعي يصنعه الشعب فهو ليس مبنى يحمل لافتة البرلمان. ______ *الميدان 3714،، الأحد 1 نوفمبر 2020م.*