قبل عام تقريبا، أشاد العالم برئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد باعتباره صانع سلام، حيث حصل الزعيم الإفريقي الشاب على جائزة نوبل للسلام بعد 18 شهرا فقط في السلطة، لإدخاله إصلاحات ديمقراطية بعد عقود من القمع، ولتوقيعه اتفاق سلام مع إريتريا المجاورة. لكن لم يكن السجل المحلي لآبي هو السبب في حصوله على جائزة نوبل المرموقة العام الماضي. وبحسب ما نقلته (سي إن إن) عن لجنة نوبل، فقد تم اختياره "لمبادرته الحاسمة لحل النزاع الحدودي مع إريتريا المجاورة"، مما أسفر عن اتفاق سلام يأملون "أن يساعد على إحداث تغيير إيجابي لجميع سكان إثيوبيا وإريتريا". وتقول صحيفة "نيويورك تايمز"، إن آبي بعد أن صنع السلام في الخارج، يخوض حربا داخل وطنه. فقد قالت مصادر دبلوماسية إن قتالا عنيفا اندلع في إقليم تيغراي بشمال إثيوبيا، الأربعاء، بعد أن أطلق رئيس الوزراء عمليات عسكرية ردا على ما قال إنه هجوم على قوات الحكومة الاتحادية. وذكر مصدران دبلوماسيان في أديس أبابا أن قتالا عنيفا، شمل قصفا مدفعيا، اندلع في الإقليم الشمالي الواقع على الحدود مع إريتريا. وقال مكتب رئيس الوزراء، في بيان، في ساعة مبكرة من صباح الأربعاء، إن الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي حاولت سرقة قطع مدفعية وغيرها من العتاد من القوات الاتحادية المتمركزة هناك. وأضاف البيان "لقد تم تجاوز الخط الأحمر الأخير بهجمات هذا الصباح، وبالتالي اضطرت الحكومة الاتحادية إلى الدخول في مواجهة عسكرية". وتابع أن الهدف هو الحيلولة دون زعزعة استقرار البلاد والمنطقة. دافعت الحكومة الإثيوبية، الأربعاء، عن قرارها بشن عمل عسكري ضد جبهة تحرير تغراي التي شنت مؤخرا هجوما مباغتا على معسكر للقوات الفدرالية شمالي البلاد ما تسبب في مقتل عدد من الجنود. وأعلنت الحكومة الاتحادية حالة الطوارئ في الإقليم لمدة ستة أشهر، على أن تخضع لإشراف رئيس أركان القوات المسلحة. وفي وقت لاحق، قالت المتحدثة باسم أبي، بيلين سيوم، لرويترز، إن عمليات عسكرية بدأت في الإقليم، دون الخوض في التفاصيل. ويتصاعد التوتر منذ سبتمبر، عندما أجرى الإقليم انتخابات في تحد للحكومة الاتحادية، التي وصفت التصويت بأنه "غير قانوني". وتبادل الجانبان مؤخرا الاتهامات بالتخطيط لإشعال صراع عسكري. وأثار بيان مكتب آبي، والهجوم الليلي الذي شنته جبهة تحرير شعب تيغراي المسلحة تسليحا جيدا، على الفور مخاوف من أن واحدة من أكثر الدول الإفريقية تعدادا للسكان وقوة قد تنزلق مرة أخرى إلى الحرب. وحذر المحللون والدبلوماسيون من أن محاولة آبي لتوطيد سلطته تشكل مقامرة عالية المخاطر. فإذا سارت الأمور على نحو خاطئ، ستغرق إثيوبيا في فترة من الاضطرابات العنيفة ذات النتائج الكارثية المحتملة، حسبما تقول نيويورك تايمز. وقال المحلل الإفريقي رشيد عبدي، على تويتر: "لقد كنت أقول منذ أكثر من عام أن آبي ليس صانع سلام، إنه داعي حرب وطاغية وسوف يغرق بلاده في الفوضى في نهاية المطاف". وأضاف "لقد ارتكب آبي للتو أسوأ خطأ استراتيجي في حياته المهنية". وأكد أن الحرب في تيغراي يمكن أن يكون لها "عواقب وخيمة في جميع أنحاء المنطقة". وحذر العديد من المحللين الآخرين من أن إثيوبيا قد تتعرض لخطر الانهيار مثل يوغوسلافيا في التسعينيات، حسبما تقول "نيويورك تايمز" وانتشر القلق إلى الأممالمتحدة التي دعت إلى وقف فوري للتصعيد، وهو الأمر الذي فعلته السفارة الأميركية في إثيوبيا أيضا. يذكر أن آبي أعلن عن العملية العسكرية في تيغراي على فيسبوك، في وقت مبكر من الأربعاء، وبعد ساعة من انقطاع روابط الإنترنت والهاتف في المنطقة، وفقا لنت بلوكس، وهي منظمة تتعقب خدمات الإنترنت.