علي يس الآن .. أيقنتُ تماماً أنّ ما ظلَّ يردِّدُه السيد رئيس الوزراء – حمدوك – من أن التوافق و التناغم بينهم ، كمكوِّن مدني في الحكومة ، و بين المكوِّن العسكري ، توافُق و تناغُم تامٌّ .. أيقنت أنّ الرجُل يعني ما يقول .. فالمجهول (س) في معادلة العسكر و المدنيِّين أصبح معلوماً لنا تماماً من خلال الأداء الكسيح لحكومة السيد حمدوك، و من خلال الفشل الذريع في أداء مؤسسات الحكومة الاقتصاديّة و العدليَّة و الأمنيّة .. كنَّا نظنُّ أن العسكر يقفون وراء فشل حمدوك و حكومته ، غير أن السيد حمدوك أكَّد لنا أنّ الأمر ليس كذلك على الإطلاق ، و أن المسؤول الوحيد عن الفشل هو الملعون (إبليس).. فالسيد حمدوك ، و وزراؤه المدنيُّون ، و حاضنتهم الحربائيَّة ، بدأُوا عهدهم بأعظم كذبة على الشعب الثائر و لجان مقاومته الشابّة ، حين أفهمونا أنَّهم إنَّما جاءُوا لأجل إنصاف الشعب ، القصاص للشهداء ، استرداد ما نهبه لصوص الإنقاذ من ثروات الشعب و أراضيه و مقدراته ، و تأهيل ما دمَّروه من بنىً اقتصاديّة و تنمويّة ، تخفيف أعباء المعيشة ، رفع المذلّة و توفير الكرامة للشعب الذي سيم الخسف أيَّام البشير .. و لمّا كان معلوماً بالضرورة أنّ المكوِّن العسكري "أعلن" انحيازه للثورة بعد سقوط البشير و ليس قبل ذلك ، بل و أعلن بأكثر من لسان تعاطفه مع البشير، بل أكّد قائده مرَّة على الملأ أنّهم لا ينوون تسليم البشير إلى محكمة الجنايات الدولية ، و لما كان معلوماً بالضرورة و الواقع أيضاً أنّ المكوِّن العسكري ليس حريصاً على القصاص للشهداء ، خصوصاً شهداء مذبحة القيادة العامة التي يصعبُ جدَّاً اتهام أحد غير المكوِّن العسكري نفسه بارتكابها .. يتبيَّن تماماً ، و من واقع التوافق و التناغم بين حمدوك و بين العسكر ، أنّ السيد حمدوك و حكومته ليسوا حريصين على دماء الشهداء الذين لولاهم لما تمكّن حمدوك من دخول البلاد رئيساً لوزرائها ، و لما حلم وزراؤه ، الذين لم نسمع لمعظمهم صوتاً على عهد البشير ، مع قليلين منهم عرفنا لهم بعض "المجاهدات" عبر الفيس بوك و الواتساب لا أكثر ، و بعضهم كان نظام البشير نفسه يتولَّى إعدادهم لهذه المرحلة ببعض "الاضطهاد المزيَّف" ، لولا الشهداء الذين قدَّمُوا حياتهم فداءً لهذا الشعب لما وجد هؤلاء مكاناً في مقاعد الحكومة .. لقد انخدع الثوَّار بتلك التمثيليّة التي أُريد بها تصوير السيد حمدوك كمناضل ثائر حريص على دماء الشهداء ، و انخدع شرفاء الإعلام ، حين استحضروا أجواء "التشجيع الكروي" في مباريات (هلال /مريخ) فراحوا يردِّدُون ببراءة : (شكراً حمدوك) .. بل راح الكثيرون منَّا يحاولون تبرير بُرود السيد رئيس الوزراء تجاه القضايا الملحّة بأنّ الرجل (لابِد فوق راي) .. حتى راح بعضُنا يتوهّم لنفسه براعةً في التحليل السياسي ، حين زعموا ، بقلبٍ جامد أنّ السيد حمدوك يؤجِّل انتفاضته على العسكر بانتظار وصول البعثة الأمميّة ، التي يظُنُّ السَّذّج أنها بعثة عسكريّة مدجَّجة بالسلاح !!.. هل كان صُدفةً أن بدأ حمدوك برنامجه الاقتصادي من حيث وقف البشير (الركوع لشروط صندوق النقد الدولي)؟؟.. و هل كان مصادفةً أن استمدَّ حمدوك فلسفته (العدليَّة/القانونيّة) من نظام البشير ذاته ، الذي كان يُجرَّمُ فيه الثُّوار و الشرفاء و يُبرَّأ فيه القتلة واللصوص؟؟.. تهنئة خالصة للفريق صلاح عبدالله قوش ، و شهادة منّا ببراعته في إخراج مسرحيّة "الانقاذ 2" باسم حكومة الثورة ..!! [email protected] (المواكب)