يبدو أن الأوضاع في الجارة إثيوبيا تسير نحو الانزلاق في الحرب الأهلية الشاملة في أعقاب تصاعد الأحداث بشكل متسارع بين الحكومة الفيدرالية وجبهة إقليم التقراي وإعلان حكومة إثيوبيا، عن فرض حالة الطوارئ وإطلاق عملية عسكرية في الإقليم المعارض الذي يقع عند الحدود مع إريتريا والسودان.وسبق ذلك الأمر تبادل الاتهامات والتصعيد الإعلامي والحشود العسكرية ومانقلته حكومة التقراي عن انشقاقات وسط الجيش الإثيوبي لصالح الإقليم. قبل أن يتهم رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد حكومة التقراي بمهاجمتها لقاعدة عسكرية فدرالية"، وأعلن عن رد على الهجوم. وأشار إلى أن قوات الدفاع الوطني الإثيوبية صدرت لها أوامر بتنفيذ "مهمتها لإنقاذ البلاد والمنطقة من الانزلاق إلى حالة من عدم الاستقرار". الضرر الأكبر وتأتي تطورات الأحداث هناك بحسب مراقبين إلى تداعيات خطيرة على منطقة القرن الإفريقي والشرق وأن دخول الطرفان في مواجهات عسكرية وهو أمر محتمل من شأنه أن يلقي بظلال سالبة قد تمتد آثارها الأمنية والسياسية لكافة دول الجوار بما فيها السودان الذي قد يكون المتضرر الأكبر خاصة وأن المراقبين يرون بأن النزاع والمواجهات العسكرية قد يطول أمد احتوائها لأسابيع أو شهور. وأن الأمر لابد من احتوائه بشكل عاجل وسريع. الأثر المباشر ويقول الصحفي عبد المنعم أبو إدريس الخبير في شؤون القرن الإفريقي إن مسألة حدوث المواجهة العسكرية في إقليم التقراي سيكون له تأثيرات أمنية كبيرة بشكل شامل لكل من السودان وإريتريا ويشير إلى أن الأثر المباشر سيقع على دولة إريتريا لجهة أن التقراي يعتقدون أن أسمرا هي من يقف وراء التصعيد العسكري للحكومة الإثيوبية وبالتالي أنها جزء من النزاع وقد تنشأ معارك مباشرة بين الطرفين. ويشير أبو إدريس إلى أن حالة السودان جراء القتال في الإقليم ستكون آثارها خطيرة للغاية لجهة أن المعركة ستكون قريبة جدا من الحدود وبالتالي ستنشط عمليات تهريب البشر والسلاح في ظل تنامي نشاطات عصابات الشفتة الإثيوبية. تسلل المقاتلين وتوقع أبو إدريس حدوث انفلاتات أمنية وعمليات للنهب والسلب وانتشار السلاح ويضيف أن استمرار النزاع هناك سيؤدي إلى حالات من النزوح نسبة لتداخل الحدود مع إمكانية انتقال التوترات الأمنية لداخل الحدود السودانية من خلال تسلل المقاتلين خاصة وأن اقليم التقراي يحادد ولايتي كسلا والقضارف اللتان تشهدان توترات أمنية خلال الفترة الماضية وأن اندلاع أي حالة حرب في إثيوبيا من شأنه أن يعيد حالة انعدام الأمن في المناطق الحدودية وكذلك حالة النزوح ويعطل حركة التجارة بين الدول الثلاث وتنشط فيه السلاح وعمليات التهريب . المشهد الآن بينما يقول الصحفي المهتم بالشأن الإثيوبي محمد حامد جمعة لليوم التالي إن الحرب في الجارة إثيوبيا باتت واقعا لامفر منه بكافة المعطيات الماثلة على المشهد الآن وأشار جمع إلى ضرورة التعاطي معه بكل جدية وواقعية ويشير جمعة إلى أن البيانات والتصعيد الإعلامي وعمليات الحشود كانت بداية لحرب قد يطول أمدها ويستدل جمعة هنا بما قاله رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في بيان على تويتر، بأنه قد تم تجاوز التقراي لآخر نقطة من الخط الأحمر"، وفي المقابل رد حكومة إقليم التيقراي، بأنه حظر عبور الطائرات مجاله الجوي بعد قرار آبي وأن القيادة الشمالية للجيش الاتحادي انشقت عنه وانضمت لقوات تيجراي. تمدد الآثار ويؤكد جمعة بأن السودان سيتأثر حتماً بالأوضاع في اثيوبيا خاصة وأن الحرب تدور في حدوده ويتوقع أن تتمدد تأثيراتها إلى داخل الخرطوم بين المكونات المختلفة للإثيوبيين في البلاد دون إهمال الإرتريين أيضاً وهو ما يقرء أيضاً في سياق عملية استقطاب منتظر أن يحدث لهذه المكونات. ويشير جمعة إلى أنه في ظل الوضع الجديد فإن على السودان أن يضع حسابات دقيقة للتعامل مع الملف فحرب تقراي هذه وكيفما انتهت اليوم أو لاحقا فهي ستحدث تحولات كبيرة في إثيوبيا وإرتريا ولن يكون السودان بمعزل عنها وعلى الحكومة التحرك الآن من أجل محاولة المساهمة في نزع الفتيل قبل تطور الأحداث انطلاقاً من المقبولية التي تجدها لدى الأطراف في إقليم التقراي وفي المركز بأديس أبابا . معادلة النزاع ويضيف جمعة بأن السودان الآن هو الأكثر ملائمة للقيام بهذا الدور خصوصاً في ظل إمكانية تورط إرتريا في معادلة النزاع الحالي ويرى أن التحرك يجب أن يكون في مسارين مسار إطلاق مبادرة سياسية بالتنسيق مع المكونات الإفريقية هدفها التوسط بين الجانبين ومبادرة أخرى تتعلق بالعمل على الأرض خصوصاً وأن الحرب ستشتعل على مقربة من الحدود وهو ما يجعل أي خطوة في الجغرافية الإقليمية مبررة مثل خطوة اغلاق الحدود وزيادة الاستعداد والتأهب العسكري أو تحديد معسكرات نزوح وأنه في كل الأحوال فإنه مطلوب من الحكومة أن تتعامل وفقاً لحسابات دقيقة دون إهمال عامل الزمن وتأثيراته. اليوم التالي