الزميل الصحفي خالد أبو أحمد في حوار مع صحيفة (أخبار اليوم) السودانية: *نعم الثورة سُرقت لكن القابلية كبيرة جدا في ارجاعها للشعب *الحُكم العسكري دائما يكتاتوري، مهما تظاهر بالتواضع والانحياز للشعب *لن نتقدم للأمام ما لم نُحدث ثورة في أنفسنا ونُغيّر نمط حياتنا إذا كانت الحكومة الانتقالية تعمل فهناك من يضع أمامها العراقيل *رأينا صناعة الأزمات في اختفاء الدقيق والمواد البترولية..!! الزميل الصحفي خالد عبدالله الشهير ب(خالد ابواحمد) المقيم بمملكة البحرين منذ 20 عاما، نعتبره من سفراء بلادي في الخارج لما قدمه من اسهامات كبيرة في مجال الصحافة والاعلام، وهو كاتب معروف من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وعبر صفحته في (الفيس بوك) ومقالاته في الزميلة (الديمقراطي) والصحف المحلية والخليجية، كان ضيفا عزيزا على (أخبار اليوم)..أهلا ومرحبا به.. بطاقة شخصية. خالد عبدالله حسين اللقب الصحفي (خالد ابواحمد) صحفي وكاتب سيناريو ومؤلف ومدرب في مجال الأخبار، من مواليد عطبرة 27 ديسمبر 1963م، لكن النشأة والسكن امدرمان حي ودنوباوي جنوب (حي الشيخ الجعلي) متزوج ولي 3 أولاد وبنت، أحمد خريج صناعي ويعمل معي في أعمالي الخاصة المتعلقة بإصدار الكتب والمطبوعات، وأواب خريج حقوق في الاكاديمية الملكية للشرطة بمملكة البحرين، وماجد في السنة الثالثة كلية الحقوق جامعة البحرين، وصفية السنة الثانية إعلام جامعة البحرين. عملت بعدد من الصحف في السودان و معد برامج في إحدى المؤسسات الاعلامية، وكنت مسؤول الاعلام والعلاقات العامة في آخر محطة لي بالسودان، ثم سافرت للخارج حيث استقر بي المقام ببلدي الثاني مملكة البحرين 20 عاما متواصلة، وآخر وظيفة لي كانت رئيس تحرير بوكالة انباء البحرين (بنا) لمدة ستة سنوات، والآن أعمل مستشارا اعلاميا لإحدى المؤسسات الاعلامية، ولدى عملي الخاص أيضا. رحلة إعلامية إمتدت لأكثر من 33 عاما واستقر بك المقام بمملكة البحرين.. في رايك هل إعلامنا السوداني يمكن أن ينافس عالميا من ناحية التطور والمواكبة والإمكانات؟؟. نعم بكل تأكيد إعلامنا يمكن أن ينافس عالميا إذا تركنا المحسوبية والشللية واعتمدنا تعيين الكفاءات وركزنا على التدريب أثناء العمل، والدورات الخارجية، السودان فيه خامات اعلامية متميزة للحد البعيد لكن الفساد الإداري يمنع وصولهم للأقنية إذا كانت فضائية أو وكالة أنباء أو إذاعة، مع العلم أن الاعلام لم يعُد مجرد ناقل للاخبار، الاعلام بالمفاهيم الحديثة أضحى يقوم بدور وزارة الدفاع، ووزارة الخارجية، وفي رواية وزارة المالية إذا ضم الكفاءات الحقيقية من المبدعين والموهوبين. وماذا عن تلفزيون السودان..؟. تلفزيون السودان لمدة 30 عاما كان عبارة عن (وزارة) رعاية اجتماعية تعتاش منه جماعات تابعة للحزب الذي كان يحكم البلاد وكانت مجموعة معينة تسيطر على هذا الجهاز المهم دون أن تحقق الأهداف المنشودة ومن أهمها ترسيخ قيم الوحدة الوطنية في بلد متعدد الثقافات والعرقيات، غالبية السودانيين اتخذوا موقف مقاطع لهذه الفضائية، نسبة لما كان يقدم فيها، وأنا شخصيا وللآن في حالة مقاطعة، أعتقد ان هذه الفضائية إذا استمرت بهذا الشكل لا بد من التفكير الجاد في ايقافها لفترة من الزمن، ثم إعادة صياغتها وفق مفاهيم وطنية ومهنية حديثة وبكوادر جديدة، فإن الذين ظهروا مؤخرا بشكل جديد في شكلهم دون تغيير نهجهم وضعفهم المهني والمعرفي، ينبغي ان لا يكون لهم موقع في القناة مستقبلا. للأسف إن القائمين على القناة طوال السنين الماضية قد رسخوا للعنصر النسائي فيه على أن العمل في التلفزيون هو للتمظهر واستعراض الثياب والوجوه المصبوغة بالألوان الفاقعة، ولم يرسخوا لديهن ضرورة التزود بالمعرفة والتعلّم من القنوات الفضائية الأخرى في الحضور والتأثير واللباقة واللغة الجميلة والسلسة، وألا يطغى المظهر على المضمون بأي حال من الأحوال، فجميعنا رأينا وعشنا طغيان المظهر على المضامين، حتى الموضوعات المطروحة نفسها كانت بعيدة عن واقع المواطن السوداني. ماذا ينقص الإعلامي السوداني في تقديرك؟. أعتقد أن هناك مجموعة عناصر إذا اتبعها أي إعلامي سيتطور ويرتقي بنفسه، أهمها التزود بالمعرفة بشكل مستمر، والانفتاح على الخارج، ومع التطور الكبير في وسائل الاعلام يمكن الاستفادة من الانترنيت في بناء جسور التعاون وتلقي دورات التدريبية أو بالسفر لممارسة الاحتكاك الفعلي والتعرف على انماط ومناهج المدارس الاعلامية والصحفية المختلفة، مثلا دول الخليج العربي أكثر مكان يتيح الاحتكاك والتعرف على المدارس الصحفية والاعلامية الأخرى لأن وجود زملاء من كل بلاد العرب وآسيا والعالم من شأنه أن يحدث الاحتكاك والتعرف عن كثب على الأنماط الأخرى، شخصيا استفدت جدا من المدارس الصحفية المختلفة في التحرير الاخباري بشكل عام وفي كتابة الخبر الصحفي بشكل خاص. ما أهمية الاحتكاك بالنسبة للصحفي..؟. الاحتكاك مع الأخرين يكسب الصحفي الكثير من المعارف وانا في البحرين بكل أمانة تعلمت فنون كتابة الخبر الصحفي، والعمل مع عدد كبير من الزملاء من دول مختلفة، أتذكر وفي أول صحيفة بحرينية عملت فيها عام 2002م ومن أول يوم سلموني (كتاب الأسلوب) والمعروف عالميا ب(Style Sheet)، وهو ما يميز كل مؤسسة صحفية عن غيرها، وكتاب الاسلوب هو دليل كتابة الخبر في كل مؤسسة صحيفة، لذلك أدعوا الصحفيين والاعلاميين للأخذ بتجارب المدارس الاخرى لأنها غنية بالمعارف والتجارب، كما أدعو القائمين على المؤسسات الاعلامية الرسمية والمؤسسات الصحفية أن يبتعثوا الاعلاميين والصحفيين في دورات تدريبية للخارج و لحضور فعاليات اعلامية كبيرة حتى تتم الاستفادة من خبرات الآخرين، وبالتالي يتم نقل الخبرات إلى الداخل. كل الأنظمة عندنا ظلمت الإعلاميين….ما رأيك؟. لان الاعلامي هو (الحيطة) القصيرة لا يملك من أمره شيئا ومغلوب على أمره، لذلك هو عرضه للاعتقال والمحاكمة، بل والأبعاد والتصفية أحيانا، كما حدث للزميل الشهيد محمد عبده محي الدين..!. أليس من حق الصحفي قانون يحميه؟…وهل يجد حصانه في دولة مثل السودان ؟. واقعنا هو واقع كل دول العالم الثالث القوانين موجودة لكن ليس هناك إرادة للاحتكام بها، خاصة في ظل غياب المؤسسات التشريعية الحقيقية واضمحلال مؤسسات انفاذ القانون. الاقتصاد السوداني المعضلة ومكان الداء والحلول بعيون خبير إعلامي في إقامتك؟. قبل أن نتحدث عن ضرورة زيادة الانتاج وإعادة مؤسساته المتوقفة إلى العمل والاهتمام بالزراعة..إلخ، لا يمكن أن نصل لحلول جذرية بالنسبة لاقتصادنا الوطني ما لم نُحدث ثورة في أنفسنا وفي مجتمعنا ونُغيّر نمط حياتنا، مثلا ..المُعلم الذي يؤسس للنهضة والازدهار والتقدم مُهان وفي أسوأ أوضاعه، بينما المُغنين والمُغنيات يعيشوا حياة الرغد والبذح والترف، هذه المعادلة لا بد أن تتغير إذا أردنا ان نصلح اقتصادنا..!. في نظرك ما هي أكثر المعوقات التي تمنع السودان من التقدم للأمام..؟. القبلية والجهوية والأنانية والصراع على السُلطة، ومؤامرات الذين فقدوا مناصبهم في النظام البائد، أكثر المعوقات التي تقف حجر عثرة أمام الاستقرار، لأنهم فقدوا مستوى الحياة الرغيدة التي كانوا يعيشون فيها، ولأنهم لم يتعودوا على حياة البساطة مثل كل الشعب السوداني لذلك هم الآن يجتهدون في وضع العراقيل، وأكرر ما قلته اننا بحاجة إلى تغير في أنفسنا وفي الطريقة التي نمارس بها حياتنا. يروج البعض إلى ان الشعب السوداني لايحكمه اي شخص مدني….ويحتاج لعسكري صارم… ما رايك؟؟. اختلف تماما مع هذا الرأي، لأن الله سبحانه وتعالى خلق الانسان حرا وأراد له أن يكون عزيزا مكرما، فكيف نريد أن يكون على رأسه حاكم عسكري يرى بأنه المفوض من العناية الإلهية لحُكم البلاد والعباد شعاره (ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد)، الحُكم العسكري دائما يكتاتوري، مهما تظاهر بالتواضع والانحياز للشعب، وقد عشنا في كل سنوات حُكم العساكر رأينا كيف أن الكفاءات الوطنية التي يعتمد عليها (تطفش) وتترك البلاد بغير رجعة. الثورة السودانية….سرقت.. ما رايك ؟. نعم الثورة سرقت ما في ذلك كلام، لكن الحمدلله أن القابلية كبيرة جدا جدا في ارجاعها للشعب، والشعب السوداني لديه القابلية والقدرة على صناعة ثورة ثانية وثالثة ورابعة أنا مطمئن جدا لذلك، الشعب يملك زمام أمره. كيف تقيم الفترة الانتقالية الحالية….وكيف تقرا الفترة القادمة ؟. بمعايير الموضوعية والأمانة، بالنظر إلى حداثة التجربة وحداثة القائمين عليها، والتركة الثقيلة، ومقدار العراقيل التي وضعت للفترة الانتقالية، طبيعي يكون هناك اخفاقات خاصة وأن عددا من الجهات الرسمية لا تزال في يد انصار النظام السابق، لذا أر أن ما تم من جهد يتناسب تماما مع ما يحدث في الواقع من عراقيل، فإذا كانت الحكومة الانتقالية تعمل في نفس الوقت هناك من يضع لها المعوقات أكيد سيظهر ذلك في المعاناة التي يعاني منها الشعب، ورأينا بأعيننا صناعة الأزمات في اختفاء الدقيق والمواد البترولية..إلخ. أما بالنسبة للفترة المقبلة لا أحد يستطيع التكهن بما يحدث فيها لأن المعطيات الموجودة لدينا الآن لا يظهر فيها ما يستقرى منه ونستشفت منه صورة المستقبل، لكن أعتقد أن بإمكان الاعلام أن يلعب الدور الكبير جدا في تعبئة السودانيين لما فيه وحدتهم ونقلهم من حالة الاصطراع والتشاكس إلى حالة من الاستقرار ومن ثم الاتفاق على الطريقة التي تدار بها البلاد بحيث نتشارك جميعا العصف الذهني في حلحلة الأمور المعقدة، وإن لم ينصلح حال الاعلام فإننا لا محالة سوف نحرث في البحر، والاخ الزميل وزير الاعلام فيصل محمد صالح مطالب بإحداث تغيير كبير في الجهاز الاعلامي برمته وليس القناة الفضائية فحسب. سلام السودان الأخير واتفاق الحركات المسلحة.. وأحزاب المعارضه، كيف تقيم هذا الاتفاق؟. في قناعاتي الشخصية من الصعب جدا في بلد مترامي كالسودان بتنوعه الجغرافي والعرقي والثقافي يتفق فيه الجميع على شي واحد، لذلك أرى أن اتفاق السلام فيه الكثير من الأشياء الايجابية، وكذلك السلبية، لكن المهم جدا أن يعمل كل أهل السودان على ترسيخ قيم الوحدة الوطنية ومن ثم حلحلة القضايا العالقة بالمزيد من الحوار ولا شي غير الحوار. في تصورك هل الانتخابات المقبلة ستعيدنا لمربع ( كبر كومك ) من جديد؟. بالنسبة للانتخابات اعتقد أن الوقت لم يحن بعد للحديث عنها لعدم وضوح الرؤية، وخاصة وأن الاتفاقية التي وقعت في جوبا مؤخرا قد جددت فترة المرحلة الانتقالية. أعتقد ان الأمور إذا سارت على ما هي عليه الآن سنخسر كثيرا، خاصة وان الحكومة الانتقالية للأسف وهي حكومة الثورة لم تنتصر للشهداء حتى الآن، بدليل أنها وضعت محكمة مدبري انقلاب (الانقاذ) كأولوية، وشغلت بها الناس، وفي نظري هي ليست اولوية وذات أهمية في الوقت الحالي، من المفترض أن تكون الأولوية هي قضية فض اعتصام القيادة العامة في معرفة من الجهة التي ارتكبت هذه الجريمة التأريخية، ومن ثم الانتصار للشهداء وأسرهم. قرار واحد لو كنت :- ** رئيس مجلس السيادة لو كنت رئيس مجلس السيادة لاعترفت بالمسوؤلية الكاملة عن عملية فض الاعتصام وتحملت ما يترتب على ذلك، واعتذرت للشعب السوداني اعتذارا شديدا وأمرت جميع الجهات الأمنية والعسكرية التي شاركت في هذه العملية المجرمة الاعتراف بالذنب والاعتذار للشعب، ووضعت نفسي ومن معي تحت أمرة الجهاز العدلي في البلاد. ** رئيس الوزراء لو كنت رئيس الوزراء لأقمت مجلسا استشاريا يضم عددا من المستشارين السودانيين في دول الخليج، الذين نعرفهم جيدا ونعرف وطنيتهم و كفاءتهم، واسهاماتهم الكبيرة، على أن ألتقي بهم اسبوعيا عبر (منصة زووم) كُل من مقر إقامته، وأنا كلي ثقة وتأكيد بأن السودان سيستفيد من خبراتهم الطويلة التي اسهمت في تطور وازدهار دول الخليج. ** وزير المالية لو كنت وزيرا المالية لزرت مملكة البحرين بأعجل ما يكون، وجلست مع ولي عهدها الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، و مع وزير المالية الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة، ومع محافظ مصرف البحرين المركزي الاخ رشيد محمد المعراج، وتعرفت على تجربة البحرين في إدارة المصارف، ونقلت تجربة البحرين في تنظيم سوق العمل، وفي تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، خاصة وأن منظمة الأممالمتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو) قد صنفت البحرين الأولى عالميا في هذا المجال، من خلال النموذج البحريني الذي يطبق الآن في حوالي 100 دولة حول العالم، علما أن الشخص الذي يدير (اليونيدو) في البحرين على مستوى العالم هو الخبير السوداني الدكتور هاشم سليمان. رسالة للشعب السوداني.. أجمل رسالة ممكن أن أرسلها للشعب السوداني العظيم هي تلك الكلمات التي تغنى بها الراحل المقيم محمد وري عليه رحمة الله. يا شعباً لهبك ثوريتك..تلقى مرادك والفى نيتك وعمق احساسك بى حريتك..يبقى ملامح فى ذريتك على أجنحة الفجر ترفرف..فوق أعلامك ومن بينات اكمامك..تطلع شمس أعراسك ماكَ هوين سهل قيادك..سّيد نفسك..مين أسيادك. قبل الختام لك عاطر شكري اخي الكريم ياسر هواري على الفرصة التي اتحتها لي للاطلالة على الشعب السوداني العزيز، وكل الشكر لكل الزملاء في الصحيفة.