مجلس الأمن يعبر عن قلقله إزاء هجوم وشيك في شمال دارفور    أهلي القرون مالوش حل    مالك عقار – نائب رئيس مجلس السيادة الإنتقالي يلتقي السيدة هزار عبدالرسول وزير الشباب والرياض المكلف    وفاة وزير الدفاع السوداني الأسبق    بعد رسالة أبوظبي.. السودان يتوجه إلى مجلس الأمن بسبب "عدوان الإمارات"    السودان..البرهان يصدر قراراً    محمد صلاح تشاجر مع كلوب .. ليفربول يتعادل مع وست هام    أزمة لبنان.. و«فائض» ميزان المدفوعات    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا "أدروب" يوجه رسالة للسودانيين "الجنقو" الذين دخلوا مصر عن طريق التهريب (يا جماعة ما تعملوا العمائل البطالة دي وان شاء الله ترجعوا السودان)    شاهد بالفيديو.. خلال إحتفالية بمناسبة زواجها.. الفنانة مروة الدولية تغني وسط صديقاتها وتتفاعل بشكل هستيري رداً على تعليقات الجمهور بأن زوجها يصغرها سناً (ناس الفيس مالهم ديل حرقهم)    اجتماع بين وزير الصحة الاتحادي وممثل اليونسيف بالسودان    شاهد بالفيديو.. قائد الدعم السريع بولاية الجزيرة أبو عاقلة كيكل يكشف تفاصيل مقتل شقيقه على يد صديقه المقرب ويؤكد: (نعلن عفونا عن القاتل لوجه الله تعالى)    محمد الطيب كبور يكتب: السيد المريخ سلام !!    حملات شعبية لمقاطعة السلع الغذائية في مصر.. هل تنجح في خفض الأسعار؟    استهداف مطار مروي والفرقة19 توضح    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    ب 4 نقاط.. ريال مدريد يلامس اللقب 36    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أحمد السقا ينفي انفصاله عن زوجته مها الصغير: حياتنا مستقرة ولا يمكن ننفصل    بايدن يؤكد استعداده لمناظرة ترامب    الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أهم التحديات، والحلول العملية لاسترجاع الأرصدة والاصول السودانية المنهوبة من الخارج؟
نشر في الراكوبة يوم 05 - 12 - 2020


صحفي إستقصائي
(الخرطوم قاعة الصداقة ورقة الجلسة الأولي لسمنار الفساد الذي أعدته المجموعة السودانية للديموقراطية أولا SDFG الاحد والاثنين 22-23 نوفمبر 2020)
إفرازات الفساد : لماذا ننشغل بموضوع استرداد الاموال ؟
مدخل :
مما لا شك فيه فان المطالبة باسترداد الاصول المنهوبة في الخارج تطور وتوسع حتي غدا احد شعارات ثورة ديسمبر 2018 الشعبية الظافرة. ولازلنا نذكر كيف ان المطالبة باستحقاقات العدالة والحرية والسلام تناغمت مع القصاص والمطالبة برفع المظالم " سلمية ، سلمية ضد الحرامية " والشعار المقابل " مرقنا مرقنا ضد الاكلو عرقنا " أو الشعار التحشيدي " ياخرطوم ثوري ثوري ، لن يحكمنا لص كافوري ) وغيرها مما لا يزال يئز في أذن الوطن .
هذه الشعارات ، علي بساطتها ، بينت عمق الوعي الشعبي بقضية الارصدة والاموال المنهوبة الذي اصبح العنوان الاعرض والابرز لثورتنا الشعبية التي أطاحت بطغيان وظلم وسنوات بطش حكم الكيزان .
2- حاجة البلاد " فوق " الملحة لتلك الاموال التي استولى عليها لصوص الانقاذ.
3- تقديم نموذج اخلاقي نحتاجه بشدة لتصحيح الاختلال المفهومي للسرقة بعد أن افرغوها من منظور انها جريمة كبري يجب ان ينال الوالغين فيها ما يستحقونه من عقاب . فضلا علي أن الاحكام الجزائية للمفسدين ، في وجهها الاخر ، تبين ان ردع المجرمين والفاسدين ، وبالقانون ، يجب ان يستمر ويتصاعد كظاهرة لتنظيف المجتمع من اهم المخلفات السلوكية المدمرة التي وجدت لها في سنوات الانقاذ ألسنة وشفاه ومنظومة من التابعين واتباع التابعين ! وعليه ، فإن تفعيل نصوص قوانين الفساد واجب وطني فقد حان الوقت ان نري المجرمين في اقفاص الاتهام ، غض النظر عن أسمائهم ووظائفهم السابقة ، ففي هذا القصاص حياة لشعبنا الذي تم إفقاره وتجريده من موارده الزاخرة . أيضا في هذا القصاص دروس تطبيقية لمعاني ردع السرقة العامة ونبذ مفاهيم التسامح الاجتماعي الذي درجت عليه الانقاذ وابتداعها لفرية " فقه التحلل " الذي لم يكن سوي مطا للسان واستخفافا بالعدالة وتقنينا لستر الفاسدين وتهريبهم من المحاكمات . وبالنتيجة ، ضاع خط هيثرو ، واللصوص بيننا ، وتحطم مشروع الجزيرة وإنهار هيكل إقتصادنا الزراعي والحيواني بتصدير إناث الضأن ، وتم تشليع اطقم ناقلاتنا الوطنية ، في البحر والجو والنهر ، فتبخرت سودان لاين ، وختموا بالشمع الاحمر علي النقل النهري وورشه ومواعينه النهرية ، وافلت شمسنا التي كانت مشرقة في سودان اير وويز وتسربت من خزائننا المليارات وذهبت لشركات النقل الاجنبية فإئتمناها علي نقل خرافنا ووارداتنا وصادراتنا و 7 ملايين من المهاجرين السودانيين بل وحتي حقائبنا الدبلوماسية وأوراقها واسرارنا نقلها لنا الاجانب!!
هذه الجلسة ليست للحديث التفصيلي عن قائمة المنهوبات ، ففي الخلاصة المعروفة لنا جميعا انه قد تم نهب مقدرات وطن بكامله وسُرقت موارده في الضحي الاعلي فجاع شعبه ونال الفقر من كبرياء وعزة أهلنا علي إمتداد الوطن . نحن هنا اليوم ، والشكر كله للقائمين علي هذا الملتقي ، لنتحدث عما يجب أن نفعله ، وقد تأخرنا كثيرا ، لكننا أخيرا أتينا ! حان أن نوقف فورا جريمة تصالح المجتمع المنهوب وشعبنا المغلوب مع من سرقوه ، وحان الوقت لأن نقول لا وألف لا للتطبيع مع الفساد والمفسدين وضرورة نبذ هذا السلوك الهدام .
3- الشرعة الدولية تسند ذلك التوجه عبر العديد من إصدارتها القانونية وإتفاقياتها واهمها اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد لعام 2003 التي تعطي البلدان المتضررة ( أي الضحايا ) كامل الحقوق القانونية وتؤطر النصوص الملزمة لإسترداد الاموال التي سرقها زبانية النظام المباد.
لحسن الحظ ، أن لصوص الانقاذ أنفسهم وفروا لنا الحبال ومانحتاجه من معينات القصاص فللمفارقة ان الموقعين علي أهم ثلاثة إتفاقيات لمحاربة الفساد هم ذات السارقين الذين ادرجوا مصادقة السودان علي تلك الاتفاقية الأممية في سبتمبر 2014 جنبا الي جنب مع اكثر من 180 دولة.
وفي يوم 23 اكتوبر 2012 صادق السودان على الإتفاقية العربية لمكافحة الفساد لسنة 2010 ، وفي يوم 26 سبتمبر 2018 وقع السودان مؤيدا على إتفاقية الإتحاد الافريقي لمنع ومكافحة الفساد . المهم ، كما سيفصل كثير من الاساتذة القانونيون ، فإن نصوص وروح تلك الإتفاقيات الثلاثة تتطابق في تعريفها للافعال الاجرامية والسطو علي المال العام وفي وصفها للوسائل التي تحتاجها الدول المتضررة لاسترداد أموالها وأصولها المنهوبة والمهربة الى دول أخرى . تتميز إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003 بالشمول فضلا عن انها تعتبر ام الاتفاقيات نظرا لوزنها الدولي الكبير ولانها تضم كل الدول المنضوية تحت الإتفاقيتين الاخريين ، وهما المجموعة العربية والأفريقية .
البيئة القانونية : وفرة في التشريعات المناهضةللفساد
بينت المادة الأولى من إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003 أن أغراض الإتفاقية تتلخص في (أ) ترويج وتدعيم التدابير الرامية الى مكافحة الفساد بصورةٍ أكفأ وأنجع ؛ (ب) ترويج وتيسير ودعم التعاون الدولي والمساعدة التقنية في مجال مكافحة الفساد بما في ذلك مجال استرداد الموجودات.
وفي الفصل الثالث ذهبت الاتفاقية لتجريم الافعال التي تعد إفسادا شاكلة إختلاس الممتلكات العامة ، تبديدها أو تسريبها والمتاجرة بالنفوذ والرشوة وإساءة إستغلال الوظيفة أو الموقع والإثراء بلا سبب.
أيضا ، بحثت المادة 31 موضوعات التجميد والحجز والمصادرة ونصت بوضوح علي ان (تتخذ كل دولة طرف إلى أقصى مدى ممكن ضمن نظامها القانوني الداخلي ما قد يلزم من تدابير للتمكن من مصادرة: (أ) العائدات الإجرامية المتأتِّية من أفعال مجرَّمة وفقا لهذه الإتفاقية أو ممتلكات تعادل قيمة تلك العائدات.)
تناول الفصل الرابع مسألة تسليم المجرمين وآليات استرداد الممتلكات وكل مايتصل بآليات التعاون الدولي في نطاقات المساعدات المتبادلة بين الدول في التحقيقات وترتيبات التعاون في الإجراءات الخاصة بالمسائل المدنية والإدارية فشددت المادة 54 على ضرورة ان تقوم كل دولة طرف فيها بتقديم المساعدات القانونية للاخرين وذهبت المادة 55 للتفصيل فأوردت مانصه (إتخاذ ما قد يلزم من تدابير للسماح لسلطاتها بإنفاذ أمر مصادرة صادر من محكمة في دولة طرف أخرى) . ولتجفيف الملاذات الامنة علي حركة اللصوص والمفسدين جاءت الاتفاقية بنصوص واضحة فيما يتصل بالحجز والتجميد والمصادرة وارجاع المسروقات للبلدان المتضررة. تقول 55 نصا (على الدولة الطرف التي تتلقى طلبا من دولة طرف أخرى لها ولاية قضائية على فعل مجرم وفقا لهذه الإتفاقية من أجل مصادرة ما يوجد في إقليمها من عائدات إجرامية او ممتلكات او معدات او أدوات أخرى مشار اليها في الفقرة 1 من المادة 31 من هذه الإتفاقية أن تقوم إلى اقصى مدى ممكن في إطار نظامها القانوني الداخلي بما يلي : (أ) أن تحيل الطلب إلى سلطاتها المختصة لتستصدر منها أمر مصادرة وأن تضع ذلك الأمر موضع النفاذ حال صدوره).
فالفقرة 1 من المادة 31 تهيب بالدول إتخاذ التدابير اللازمة لمصادرة عائدات الفساد او مصادرة ما يعادل قيمتها ، وتبعت المادة 57 تفصيلا للمهام المناطة بالدولة متلقية الطلب ودورها الحيوي في المساعدة في إسترداد الممتلكات المنهوبة فتقول نصا (ما تصادره دولة طرف من ممتلكات عملا بالمادة 31 او المادة 55 من هذه الإتفاقية يتصرف فيه بطرائق منها إرجاع تلك المنهوبات .
النقطة المحورية في هذا النص هي الاقرار الصريح بانه مسموح قبول طلبات إسترداد دولية من دون صدور احكام قضائية نهائية .
تطالب هذه الإتفاقية الدول بتطبيق اي تدابير لازمة لمكافحة الفساد وإلى اقصى مدى ممكن ، فنقرأ في نصوصها عبارات الحزم وفتح الباب للدول بإتخاذ أي تدابير والتي من بينها سن التشريعات وتشكيل اللجان وتشديد العقوبات القاسية لمحاربة الفساد وإستئصاله كونه اهم الأسباب لتخلف الدول وأقوى دواعي الإحتراب والإقتتال حتى بين أبناء الوطن الواحد ،
ولأن النصوص تفسر ضمن السياق الخاص بالغرض من الإتفاقية وموضوعها الإتفاقية ، نجد أن دول العالم المحترمة ترفض الفساد وتَسُن القوانين وتشكِّل اللجان وتعقد الإتفافيات لردعه ومحاربة مرتكبيه .
التعاون مع بلدان تهمنا :
بعض الدول لديها قوانين وأدلة استرشادية تنص على الشروط المتعلقة باسترداد الأموال المتأتية من اعمال فاسدة والمهربة اليها ، فماليزيا مثلا لديها قانون يسمى قانون التنفيذ التبادلي للأحكام لسنة 1959 مشتملا كافة تعديلاته حتى 01 يناير 2006 (RECIPROCAL ENFORCEMENT OF JUDGEMENT ACT 1959) ، وقد نص هذا القانون في الجزء الثاني في المواد 3 و4 و5 على شروط موضوعية وشكلية لتنفيذ الحكم الأجنبي في ماليزيا منها ان يكون الحكم نهائيا قطعيا متعلقا باموال وصادرا عن محكمة مختصة في دولة تبادلية وأن لايكون مخالفا للنظام العام لدولة ماليزيا، ( السودان ليس ضمن هذه الدول التبادلية علما بأن ماليزيا على إتفاقية الإمم المتحدة لمكافحة الفساد منذ سبتمبر 2008 ) وهنا نتوقع أن تسرع وزارة الخارجية في بحث توقيع تلك الاتفاقية التبادلية مع ماليزيا ، أول حاضنة لفساد الانقاذيين . أما قانون المرافعات المدنية والتجارية القطري فينص في 5 مواد متلاحقة ( من 379 حتى 383 ) مشترطا إتفاقية تبادلية لتنفيذ الأحكام الأجنبية في قطر وأن تكون الأحكام صادرة من محكمة مختصة وحائزة على الحجية ولا تخالف النظام القطري العام.
على الرغم من أن إتفاقية فينا لقانون المعاهدات لسنة 1969 تنص في المادة 27 منها على أن : (لا يجوز لطرف في معاهدة ان يحتج بنصوص قانونه الداخلي كمبرر لإخفاقه في تنفيذ المعاهدة) إلا أنه عمليا يصعب جدا إقتناع قضاة كثير من الدول الامتثال لنصوص إتفاقية دولية لمكافحة الفساد تلغي قوانينهم المحلية النافذة.
دولتا ماليزيا وقطر يشترطان المعاملة التبادلية كأساس لاسترداد الاموال المنهوبة ولتبادل المجرمين ، مثل هذه الطلبات تحتاج لقرارات سريعة لقفل الطريق امام الهاربين . وهناك مجموعة كبيرة من الدول مثل سويسرا وفرنسا والمانيا والولايات المتحدة وروسيا والهند لها دليل استرشادي يتضمن الشروط والإجراءت التي يتوجب على الدول الأخرى استيفائها لاسترداد اموالها المنهوبة أو مجرميها الهاربين وهو مانحتاج لدراسته والوقوف علي منصوصاته . فبريطاينا ، مثلا ، لها دليل هو :
(Obtaining Assistance from the UK in Asset Recovery: A Guide for International Partners)
أما المملكة العربية السعودية فلها دليل إجراءات المساعدة القانونية واسترداد الموجودات التي في المملكة
اما في تركيا ايضا يوجد دليل إجراءات استرداد الأصول (STEP -BY -STEP RECOVERY GUIDE FOR ASSET TRECOVERY)
الاستخبارات ، المعلومات و التعاون الدولي
يرتبط التعاون الدولي إرتباطا وثيقا بمكافحة الفساد فقد تطور الفساد ليصبح جريمة دولية معقدة، تتجاوز الحدود الوطنية.
من تلك الجرائم جرائم التهرب الضريبي والقرصنة والاتجار بالبشر والصيد غير المشروع والتزوير والاتجار في المواد المحظورة على نطاق دولي. يتم الآن غسل عائدات الأنشطة غير القانونية عبر الولايات القضائية للدول ذات السيادة . هذه الجوانب الدولية تجعل من الصعب للغاية على البلدان أن تكون قادرة على التعامل مع هذا الخطر بمفردها، بل ولا تتوفر علي التقنيات الاستخبارية لحيازة الأدلة القانونية مما يفسح المجال أمامنا لطلب ذلك النوع من المساعدة ، وهو ما سوف نفصله .
اهمية التعاون الدولي تعززها حقيقة انه أداة لا غنى عنها لمكافحة الفساد والتدفقات المالية غير المشروعة بشكل فعال . فالبحث لادانة متهم يتطلب في المقام الأول توفر الادلة الثبوتية لارتكابه عمل غير قانوني مما يستلزم ويتطلب التعاون بين مختلف السلطات القضائية. هذا التعاون مهم في مجالات مثل تحديد الأصول في الخارج والمساعدة القانونية المتبادلة وتسليم المجرمين. وقد يشمل أيضًا خدمة وإنفاذ أوامر المصادرة في ولاية قضائية أجنبية ، وتحديد مكان الشهود وتسجيل الإفادات لاستخدامها في محاكمة بتهمة الفساد.
ومن المشجع أن نشهد وجود الكثير من آليات التعاون بين الدول على الصعيدين الإقليمي والدولي. فهناك ترتيبات تعاون ثنائية ومتعددة الأطراف تفاوضت عليها الدول وصادقت عليها ؛ وهي تعمل بشكل جيد في تعميم جهود مكافحة الفساد على المستوى الإقليمي.
أن التعاون الدولي لمكافحة الفساد يعمل على رفع القدرات المحلية للدول الفردية. فكثير من الدول الاقل نموا تواجه تحديات في مكافحة الفساد بسبب عدم توفر الإرادة السياسية أو عدم كفاية القدرات المحلية علي بضعة صُعُد .
هذه القدرات تشمل وجود استراتيجيات وهياكل مناسبة (بما في ذلك هياكل الحوافز) التي من شأنها أن تضمن مشاركة المجتمع ككل في التصدي للفساد على نحو فعال .
التعاون والتنسيق والتعاون بين الوكالات
من المعتاد في كل بلد وجود عدد من الوكالات التي لها صلاحيات متزامنة وتكميلية في عملية مكافحة الفساد. تشمل الوكالات البارزة هيئات مكافحة الفساد ، ووحدات الاستخبارات المالية ، ووحدات استرداد الأصول وإدارتها ، والشرطة ، ووكالات تحصيل الإيرادات ، والنيابة العامة ، وكذلك القضاء الذي يفصل في نهاية المطاف في القضايا وإصدار الأحكام على المخالفين. من المفترض أن تكمل الأجهزة بعضها البعض ، بهدف نهائي هو دعم سيادة القانون في نظام العدالة الجنائية. ومع ذلك ، إذا كانت كل وكالة تعمل في صمت وتسعى لحماية أرضها ، فإن إنجازها العام يتضاءل ويستغل المجرمون الموقف بسهولة. عندما ينشئون آليات للتعاون فيما بينهم ، تتحقق فوائد مختلفة. وتشمل هذه المواءمة بين الاستراتيجيات ، واستغلال نقاط القوة الأساسية من قبل كل وكالة ، والاستخدام الرشيد للموارد وتجنب الازدواجية.
فكرة عامة عن حجم الاموال المنهوبة:
في دراسة للبنك الدولي في عام 2007 عنوانها
Stolen Asset Recovery (StAR ) Initiative plan : Challenges Opportunities & Action Plan ، تبين أن الاموال المنهوبة من البلدان النامية تتراوح سنويا مابين 20-40 مليار دولار ، وعندما نقول مليار Milliard نقصد البليون Billion بالتعريف الامريكي لعام 1974 وهو الف مليون ، تسعة أصفار متراصة !! . هذا المبلغ المنهوب يشكل مابين 20-40 % من حجم الاموال المخصصة للمساعدات المقدمة للتنمية في تلك البلدان.
البيئة القانونية :
من أجل ذلك ، قامت الاجسام الدولية المختلفة بصياغة قوانين لمحاربة الفساد وعلي رأس هذه التنظيمات كانت الامم المتحدة التي صاغت إتفاقية كاملة بهدف مكافحة الفساد وتخصص الفصل الخامس منها في تحديد الاطار القانوني الذي يحكم كيفية ملاحقة تلك الاصول المنهوبة . الاستثمارات الفاسدة ، كيفية الحجز عليها ومصادرتها باستخدام أليات قانونية مختلفة تشمال ، فيما تشمل ، (أ) الانفاذ المباشر لأوامر التجميد أو المصادرة إمتثالا لأحكام إدانة صادرة من محاكم البلدان ذات الصلة بتلك القضية (ب) المصادرة دون الاستناد الي إحكام إدانة في حالات محددة مثل موت أو فرار الجاني أو لأعتبارات سياسية ودبلوماسية خارج النطاق القانوني (ج) دعاوي ادارية ترفعها البلدان الاعضاء في الاتفاقية والمتضررة من جريمة الفساد لاستعادة أموالها بإعتبارها الجهة المُدعية (د) مصادرة أصول وممتلكات أجنبية المنشأ بموجب حكم قضائي في جريمة غسل أموال (ه) أوامر قضائية للتعويض أو جبر الضرر بين أعضاء الاتفاقية ، أو إعتراف المحاكم بحق ومطالبات الدولة المدعية بإعتبارها المالك الشرعي للأصول (ع) الافصاح التلقائي عن المعلومات لدولة أخري بدون تقديم أوراق طلب رسمية ( ج) التعاون الدولي
ففي الفصل الخامس تورد اتلاتفاقية نصوصا قانونية تغطي الكيفيات الاجرائية للبدء في إجراءات التقاضي لأسترداد الاموال والاصول المنهوبة من دولة ما الي دولة أخري والتدابير الواجب إتخاذها لتقييد عائدات
الخطوات العملية لإسترداد الاصول المنهوبة
مِنْ مًن يتكون فريق التحقيق ؟
التشكيل النموذجي لفريق التحقيق عن الفساد المالي Kleptocracy يضم باحثين إستخباراتيين متمرسون في بحوث مايعرف ب OSINET للغوص في أعماق المصادر المفتوحة OPEN SOURCE ، قضاة تحقيق ذوي دراية بسوابق التقاضي في الجرائم المالية ، الفساد المصرفي وغسيل الاموال . وكلاء نيابة ودبلوماسيون واكاديميون في ضروب المعرفة المختلفة وبالذات في موضوعات الحصانات والاتفاقات الدولية بالاضافة الي محاسبين ذوي خبرات في علوم المحاسبة المالية وإستباط الادلة Forensic Accounting مراجعة القوائم المالية وحركة الحسابات المصرفية . (لا بأس من الاسترشاد والاقتباس من التجربة الكينية وهي تجربة الفريق الواحد المتعدد الوكالات (MAT) والتي تم إعتمادها بنجاح باهر منذ 2016)
عناصر إستراتيجية بناء القضية The Strategy of Building a case
1- تجميع الوقائع : مصادر المعلومات
2- تشكيل فريق العمل وعناصر التحقيقات المشتركة مع البلدان الخارجية
3- إدارة الاتصال بالجهات الخارجية وطرق إستقطاب التعاون الدولي
4- تحشيد الموارد اللازمة
5- تقييم التشريعات والاطر القانونية
6- معالجة المسائل القانونية الشائكة
7- حصر الاطراف المسؤولة
8- عرض الاعتبارات الجنائية
كيفية تأمين الادلة المطلوبة لملاحقة الاصول
1- رسم الخطة ، الكيفية
2- تحديد العناصر المطلوب إستهدافها
3- كيفية الحصول علي البيانات المالية والادلة الفرونزية
4- تنظيم عناصر الملف المالي
5- تحليل البيانات المالية ، ربط التدفقات المالية بالأدلة التجريمية
6- إستقطاب الدعم الدولي
7-فهم تام لموضوعات الولاية القضائية Legal Jurisdiction
الدورة الاستخبارية Intelligence Cycle
تبدأ مراحل الدورة الاستخباراتية بطلب من متخذي القرار (وهم في هذه الحالة الجهة التنفيذية ) والطلب بتوفير ملف معلوماتي إستخباري عن قضية معينة ويسمي Dossier. فيعكف الجهاز الأمني في البحث بعمق ( deep dive ) لجمع المعلومات وتنقيتها من الشوائب vetting .
مساقات تجميع المعلومات الاستخبارية Intelligence Collection Discipline
أكثر المساقات الاستخبارية كلفة ، وأعلاها مصداقية ، وأقلها مشاركة في المنتج النهائي Dossier هو الاستخبارات البشرية والتي يطلق عليها اختصارا HUMINT بدلا من Human Intelligence .
فالمعلومات هنا إما يتم جمعها علانية overt ، كما هو الحال عندما تستجوب الاجهزة الامنية شهودا أو مشتبه بهم ، أو قد يتم تجميعها من خلال وسائل عملياتية سرية covert أو clandestine (التجسس ).
هناك بروتوكولات عديدة بين الاجهزة الاستخبارية المختلفة للتعاون أما بالمعلومات او بالمساعدة في مراحل التحقيق أو مضاهاة المعلومات وغيرها .
تقول كثير من الدراسات الاستخبارية ان ما تسهم به المخابرات البشرية في المنتج النهائي يتراوح مابين 7-10 % فقط لكن كما قلنا فان مصداقية هذه الاسهامات عالية جدا لأن العنصر البشري يتواجد في مظان المعلومة نفسها .
المساق الثاني الاكثر فائدة والارخص تكلفة كمصدر للتجميع المعلوماتي هو إستخبارات المصادر المفتوحة Open Source Intelligence ويتم اختصارها في OSINT .
الاستخبارات مفتوحة المصدر (OSINT) لا تنتمي لمصدر واحد او يهيمن عليها مساقا بعينه فهي ، كما يشير اسمها ، تعتبر مخزنا ضخما لمجموعة واسعة من المعلومات غير المبوبة والمتاحة للباحثين . فتتنوع المصادر التي تغذي هذا المساق لتشمل كل ماتبثه منصات الإعلام التقليدي والرقمي ، حول العالم ، من صحف ومحطات راديو وتلفزة ومنصات تواصل اجتماعي فضلا عن السجلات المهنية والأكاديمية (الأوراق والمؤتمرات والجمعيات المهنية ، إلخ) والبيانات العامة (التقارير الحكومية ، والتركيبة السكانية ، وجلسات الاستماع ، والخطب ، وما إلى ذلك).
على عكس المساقات الأخرى ، فإن المعلومات الاستخباراتية مفتوحة المصدر ليست مسؤولية أي وكالة واحدة ، فبدلاً من ذلك يتم جمعها من قبل الاسرة الاستخباراتية بأكملها . تتمثل إحدى ميزات OSINT في إمكانية الحصول علي أكثر من المعلومات المطلوبة نظرا للوفرة ولغزارة الكم المعلوماتي الهائل جدا الذي يحتاج البحث والتنقيب فيه لوقت وبراعة بحثية لا يتوفر عليها إلا من تدرب علي هذا النمط من البحوث . المشكلة الكبري في هذا المساق تتخلص في كيفية فرز الغث من السمين وهو ما يستلزم وقتا طويلا من البحث والمضاهاة . يقول المختصون ان 70 % من المعلومات المستخدمة في التقارير الاستخبارية (Dossier) يكون مصدرها الاساسي هو OSINT. لذلك لا تزال بيانات OSINT تتطلب مراجعة وتحليل لتكون مفيدة لواضعي السياسات.
يعج السوق الاستخباري بكثير من المنتجات والادوات التي تساعد الباحثين في استخبارات OSINT من سرعة استكشاف المساحات الشاسعة للشبكة المفتوحة والعميقة والمظلمة . فهناك الكثير من البرامج الحديثة والادوات الجاهزة للاستخدام في تطبيقات الأمن السايبري وهي في متناول يد المتخصصين والباحثين الاستقصائيين .
* فمثلا ، يمكن إجراء تحقيقات مالية وتحليلات في الاحتيال المالي عن طريق الكشف عن الأنشطة المشبوهة المخفية وتعقبها وتصويرها دون الحاجة للتحدث من موظف من داخل إدارة معينة في مصرف مشبوه .
* تسريع استخبارات إنفاذ القانون من خلال تحليل الروابط والطبقات الجغرافية المكانية التي تم إنشاؤها باستخدام الأدلة ، مثل وسائل التواصل الاجتماعي وبيانات الويب المظلمة.
* تحسين البحث عن التهديداتThreat Intelligence باستخدام الأدوات التي توفر التجميع الاوتوماتيكي والتحليل الاحصائي للإحتمالات .
* تعزيز منتجات OSINT من خلال الكشف عن الاتصالات والقدرة علي الوصول إلى مصادر البيانات المفتوحة والمظلمة الجديدة والمخفية.
الاستخبارات الاليكترونية Signal Intelligenceواختصارها هو
SIGINT
هذا المساق يتصل باستخبارات الإشارات وتقنيات الإرسال الإلكتروني للرسائل والشفرات والمحادثات التي يمكن رصدها وجمعها بواسطة السفن أو الطائرات أو المواقع الأرضية أو الأقمار الصناعية. هذا الفرع المتطور من التجسس تحتكره اكبر الوكالات الاستخبارية في امريكا واكثرها سرية وهي وكالة الامن القومي National Security Agency المتخصصة في تقنيات الاستخبارات الاتصالية Communication Intelligence ، ومختصرها COMINT وهي التي تشرف علي مكتب الاستطلاع الوطني المشرف علي أقمار التجسس الصناعية الامريكية .
MASINT Measurement and Signatures Intelligence هذا المساق التجسسي هو نظام جمع ويتعلق بقدرات الأسلحة والأنشطة الصناعية. يتضمن MASINT المعالجة والاستخدام المتقدمين للبيانات المجمعة من أنظمة IMINT و SIGINT المحمولة جواً.
مساق إستخبارات الصور Image Intelligenceويسمي اختصارا IMINT والفرع المتناسل عنه والخاص بالصور الجوية والمسمي اختصارا
PHOTINT وهو أقدم أشكال IMINT وكان يستخدم خلال الحرب الأهلية عندما تم إرسال الجنود بالبالونات لجمع المعلومات الاستخبارية من حول محيطهم. ازدهر استخدام مساق IMINT خلال الحربين العالميتين الأولى وتحديد مواقع الاهداف من الصورة الملتقطة من الطائرات المحلقة علي إرتفاعات شاهقة مثل U2
اليوم ، يقوم مكتب الاستطلاع الوطني National Reconnaissance Office بتصميم وبناء وتشغيل أقمار صناعية للصور ، في حين أن وكالة الاستخبارات الجغرافية المكانية الوطنية مسؤولة إلى حد كبير عن معالجة الصور واستخدامها.
مساق الاستخبارات الجغرافية والمكانيةوالبشريةHuman Geospatial Intelligence واختصارها (GEOINT) تنصرف مهام هذا المساق لتحليل التمثيل المرئي للأنشطة المتعلقة بالأمن على الأرض ويتم تطوير المنتجات الاستخبارية في هذا المساق عبر رصد وتحليل تكامل الصور وما يرشح منها من معلومات جغرافية ومكانية.
استخبارات القياس والتوقيع geospatial information.
Measurement and Signatures Intelligence والتي يشار لها اختصارا (MASINT) هو نظام جمع غير معروف نسبيًا ويتعلق بقدرات الأسلحة والأنشطة الصناعية. يتضمن MASINT المعالجة والاستخدام المتقدمين للبيانات المجمعة من أنظمة جمع IMINT و SIGINT المحمولة جواً. تُستخدم استخبارات القياس عن بُعد (TELINT) أحيانًا للإشارة إلى البيانات المنقولة بواسطة الأسلحة أثناء الاختبارات ، في حين أن الاستخبارات الإلكترونية(ELINT) تقوم بتحليل الانبعاثات الإلكترونية الملتقطة من الأسلحة الحديثة وأنظمة التتبع. يمكن أن يكون كل من إستخبارات القياسات الحسابية المترية Telemetry Intelligence (TELINT) TELINT و الاستخبارات الاليكترونية electronic intelligence – ELINT من أنواع SIGINT ويساهمان في MASINT.
يعد مكتب MASINT المركزي (CMO) التابع لوكالة الاستخبارات الخاصة بوزارة الدفاع ( البانتغون ) المستخدم الرئيسي لبيانات MASINT.
أصبحت استخبارات القياس والتوقيعات ذات أهمية متزايدة بسبب القلق المتزايد بشأن وجود أسلحة الدمار الشامل وانتشارها. يمكن استخدام MASINT ، على سبيل المثال ، للمساعدة في تحديد الأسلحة الكيميائية أو تحديد السمات المحددة لأنظمة الأسلحة غير المعروفة. يعتمد الطب الشرعي التابع لمعامل مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI علي تقنيات MASINT. فمثلا ، تقوم وحدة Chem-Bio Sciences التابعة لمختبر FBI باعداد تحليل كامل لاي مواد منبعثة من النشاطات والتفاعلات الكيميائية أو البيولوجية أو النووية لدعم منع الأنشطة الإرهابية والتحقيق فيها ومقاضاة مرتكبيها.
الفساد والتنمية المستدامة :
يتم تعريف التنمية المستدامة بشكل عام على أنها التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر ، دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتهم الخاصة.
. للتنمية المستدامة ثلاث ركائز رئيسية ،
1-اقتصادية ، 2 اجتماعية ، 3 بيئية وتستلزم كل ركيزة استراتيجيات مختلفة عند التطبيق .فمثلا تتضمن الركيزة الاجتماعية أفكارًا ومرئيات ذات صلة بالعدالة الاجتماعية ، حق العيش الآدمي الكريم ، حقوق الافراد والجماعات في الخدمات الصحية العادلة ، تنمية المجتمع ، رأس المال الاجتماعي تأمين شبكة للدعم الاجتماعي ، حقوق الإنسان ،حقوق العمل والعمال ، المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات ، العدالة الاجتماعية ، تميز الخصائص الثقافية ، والتكيف البشري. cultural core competency and human adaption.
يؤثر الفساد سلباً على جميع الركائز الأساسية الثلاثة للتنمية المستدامة ، ونفصل قليلا .
كيف يعيق الفساد تحقيق التنمية المستدامة؟
تشير التقديرات إلى أن الفساد والرشوة والسرقة والتهرب الضريبي يتسبب سنويا في تسرب ما يقرب 1.25 تريليون دولار من الخزينة العامة للدول النامية. لكن ماهي الافرازات الاخطر للفساد ؟
إضعاف بنية مؤسسات وأجهزة الحكم
بامكان الفساد ان يتسلل الي الاجهزة في النظم الحاكمة علي اختلاف مشاربها وبنياتها الفلسفية والفكرية فينخرها من الداخل . فالفساد يمكن ان يضرب عمليات الانتخاب والتعيين ، والتي يتم من خلالها اختيار القادة لقيادة الدول والمؤسسات ، مما يؤدي إلى ميلاد أنظمة حكم غير ديمقراطية وغير فعالة ذات ممارسات لا قانونية ومنحرفة فتتآكل المؤسسات من الداخل فيسود الفساد وتتناسل أنماطه .تداركا لهذا الواقع والعلاقة الوشيجة الرباط بين الفساد وانهيار المؤسسات ، صاغت الامم المتحدة 17 معيارا لتحقيق التنمية المستدامة كهدف استراتيجي لكل الاسرة الدولية بعد 10 سنوات ، اي بحلول عام 2030
تناشد الخطة في الهدف الاستراتيجي قبل الاخير ، أي البند 16 ، الدول الأعضاء الالتزام بتعزيز السلم في مجتمعاتها لتحقيق التنمية المستدامة بغية الوصول إلى مبدأ العدالة للجميع ، وبناء مؤسسات فعالة وشاملة وشفافة تخضع للمساءلة في جميع المستويات. إن وجود مؤسسات قوية تخضع للمساءلة أمر مهم للحفاظ على القانون والنظام ، وإنفاذ الحقوق والالتزامات ؛ وهي الشروط الأساسية لتحفيز التنمية الاقتصادية المستدامة. تشجع المؤسسات إنشاء وصيانة عملية منظمة يتم من خلالها اتخاذ القرارات وحل النزاعات ونقل السلطة وتبادلها وفق أسس راسخة لقواعد اللعبة التي يحترمها اللاعبون في كل المستويات وتلتزم المجموعات بهذا التداول للسلطة وانتقالها من مجموعة إلى أخرى.
انعدام الأمن
يُعرّف الفساد على نطاق واسع باعتباره تهديدًا عالميًا للسلام والأمن. فهو لا يقتصر على منطقة أو ثقافة أو حالة تنموية لبلد دون غيره. فانعدام الأمن وظهور جرائم عابرة للحدود الوطنية ، مثل الإرهاب غسيل الأموال والجرائم الإلكترونية يشكل قلقا كبيرا لكل بلدان العالم.
فقد اصبح الفساد ظاهرة مهددة للتعايش السلمي بين الدول . فقد اصبح من اليسير جدا ان
تتمكن الشبكات الفاسدة من إختراق الأجهزة الأمنية وتهددها من الداخل بالسيطرة علي أنظمة العدالة الجنائية المُخترقة والتي تصبح غير قادرة ( أو غير راغبة ) للكشف عن المجرمين ومقاضاتهم ، فيتصدع الكيان الاجتماعي مما يقود إلى انهيار المجتمع. فيمكن اختراق وكالات إنفاذ القانون بالرشاوي وبالتالي تسريب معلومات لوجستية وعملياتية مفترض المحافظة علي سريتها مثل المداهمات المخطط لها ، ومتى ستحدث الاعتقالات ، وكيف ستجري التحقيقات. قد يتم رشوة المدعين لايقاف الملاحقة القضائية ، والقضاة حتي لايدينوا متهما او يسجنوه ، ورجال الامن والشرطة لئلا يقبضون علي المجرمين . تعتمد الجماعات الإجرامية والإرهابية على التحركات عبر الحدود دون عوائق ، وبالتالي فإن حرس الحدود وموظفي الجمارك وموظفي الهجرة هم من الأهداف البارزة للإفساد. فساد رجال الجمارك يعني حرمان الدولة من ريع الموارد وسوء تخصيصها ، يضعف الفساد قدرة الدولة على تقديم الخدمات العامة الرئيسية مثل الأمن.
لا يشكل الفساد تهديدا بمفرده ، لكن له قدرات لزيادة الالتهاب وتعميق المشكلات إذا توافرت عناصر اخري مثل الانقسامات العرقية أو الدينية أو اللغوية أو التفاوتات الاقتصادية الشديدة بين السكان .
خنق النمو الاقتصادي
يفرز الفساد منافسة مشوهة تخنق النمو الاقتصادي وتطرد الاستثمارات الأجنبية المباشرة إذ تجعل ممارسة الأعمال التجارية ذات تكلفة عالية . وبالنتيجة ، تتدهور خدمات وكفاءة القطاع العام اذ لا يتورع المسؤولون العامون الفاسدون في محاباة الشركات والمقاولين الذين يدفعون رشاوٍ أعلي خصما علي منافسيهم وجدارتهم وتأهيلهم الاعلي .
. في ظل الفساد ، يسيئ ولا يتورع الموظفون العموميون الفاسدون من إستخدام سلطتهم التقديرية في تخصيص الموارد والحوافز المخولة لهم فيتسلطون في التحكم في الاستثمارات وتوجيهها نحو القطاعات التي يتوقعون تلقي مبالغ اكبر فيها من الرشاوى و العمولات. وفي كثير من الاحيان يؤخر المسؤولون العموميون إجراءاتهم عمدًا من أجل الحصول على رشاوى من اللاعبين في القطاع التابع لهم غض النظر عن الآثار الجانبية الخطيرة لمثل هذا التعطيل كتمديد شبكات المياة للمواطنين او اقامة المستشفيات أو توصيل خطوط الكهرباء او بناء المدارس او أي خدمة حيوية هامة . يدفع الفساد الأعمال التجارية إلى القطاعات غير الرسمية ، حيث تكون المعاملات أكثر تكلفة وغير مؤكدة.
تدهور الخدمات الاساسية
الفساد أكبر عائق لتوفير الخدمات الأساسية ، كالرعاية الصحية ، التعليم ، المياه ، الصرف الصحي والإسكان. فالأموال المخصصة لهذه الخدمات ينتهي امرها بسرقتها وتوظيفها من قبل الأفراد الفاسدين. تعيق صفقات الغرف الخلفية تقديم الخدمات العامة ، فيُحرم المواطنون من الوصول إلى الخدمات الأساسية .
يؤدي الفساد دائمًا تأجيج التضخم و ارتفاع الأسعار للمستهلكين .وفي ذات الغضون نشهد خسائر ضخمة في ايرادات الدولة من الضرائب إذ يعزز الفساد ويشجع علي التهرب الضريبي فيقل الصرف علي صيانة البنية التحتية العامة فتزداد تدهورا فتضمر حركة الاعمال ويتوقف النمو بسبب قيود الحركة علي السلع والخدمات والمستهلكين هذا عدا رداءة الصيانة ، إن تمت ، فتستخدم مواد رديئة ورخيصة مقابل الحصول علي عقود تنفيذية باهظة التكاليف . فيبتلع المقاولون فلوس ومخصصات التنمية ويدفعون بعض الفتات كرشاوٍ للموظفين .
الفساد يخنق الديمقراطية
نتيجة للفساد ، تتآكل ديمقراطية الدولة فينتهي تقليد انتخاب القادة وفقا لمواقفهم وسيرتهم الماضية ووفق برامجهم الانتخابية وما يعدون بتقديمه للناخبين .
على العكس من ذلك ، فالفساد ينتعش خلال فترة الانتخابات ويزدهر سوقه !
إنه موسم تسوق الفاسدين من طالبي المناصب الذين يبذلون المال والحوافز لشراء الأصوات وضمان الفوز وليذهب البرنامج والرادع الاخلاقي للجحيم . في بعض الحالات ، تنتشر ممارسات فاسده الهدف منها سرقة الانتخابات مثل الطعن في آهلية الخصوم من مرشحين وناخبين أو سرقة السجلات والهويات او تزويرها !!
إذن يمكننا القول بكل ثقة ان الفساد هو اكبر مهدد للديموقراطية ويمكن ان يغتالها . فمثلا ، تشير مؤشرات قياس الفساد
التي تنشرها منظمة الشفافية الدولية سنويًا ، أن الدول ذات الديمقراطية العالية تتدني فيها مستويات الفساد. وعلى العكس من ذلك ، فإن البلدان التي يتم فيها تقليص الفضاء الديمقراطي أو تقييده ترتفع تلك النسبة ارتفاعا كبيرا .
الحرمان من حقوق الإنسان
الفساد يساهم بفعالية في انتهاك الحقوق من خلال تسهيل أو خدمة أو خلق بيئة يحدث فيها الانتهاك. أثارت العلاقة بين الفساد وحقوق الإنسان في السنوات الأخيرة إهتماما لدي الباحثين فتزايدت الدراسات البحثية الجادة . فإتضح ان البلدان الفاسدة لا تعبأ او تهتم ابدا
بالوفاء بالتزاماتها باحترام وحماية حقوق الإنسان لمواطنيها. في الواقع يتسبب الفساد في انتهاك جسيم لحقوق الإنسان.
البطالة
يسبب الفساد تدهوراً خطيراً في المؤسسات الضرورية للتشغيل السليم للاقتصاد ، ويشكل عقبة كبري أمام خلق فرص العمل وتعزيز المساواة الاجتماعية. وبالنتيجة يؤثر كظاهرة ، سلبًا في معدلات النمو ، الاقتصادي بعرقلته تطوير الصناعات وتقليص فرص التوظيف فيضيف جيوشا من الخريجين الجدد الي المتبطلين الباحثين عن فرص للتوظيف .
كذلك فان دفع الرشاوى للحصول علي وظيفة يساهم في تقليل كفاءة القوى العاملة لان الاختيار للوظائف لا يتم وفق معايير الكفاءة والتأهيل والقدرة علي تأدية واجبات الوظيفة . فالترشيح والاختيار يخضع لمزاج المدير الفاسد وما حصل عليه رشوة .
تدهور البيئة
يتجلى الفساد في نواح كثيرة في الأمور المتعلقة بالبيئة. تتصارع العديد من الدول ، وخاصة النامية التي تنعم بموارد بيئية طبيعية ، مع الآثار الضارة والسلوكيات المدمرة للبيئة كالقطع غير القانوني للأشجار المحمية بموجب القانون او حرقها لبيع الفحم أو تجاوز المسموح به من الاخشاب ، مما يُسرِّع بإزالة الغابات الطبيعية فيزيد الاحتباس الحراري وتتفاقم ظواهر الانهيار البيئي مما يؤدي إلى الفيضانات والانهيارات الأرضية وحرائق الغابات. كما يتم تسهيل الصيد الجائر للحيوانات البرية النادرة او التي في طريقها للإنقراض . للحصول على جوائزها ، والصيد الجائر وحصاد النباتات المحظورة من خلال الفساد.
إنحلال القيم الأخلاقية
أثبتت الابحاث وجود علاقة متلازمة بين الفساد وتآكل القيم الأخلاقية / المجتمعية. بل أن مستوى الفساد بعد ترسخه ، يصير مؤسسة معترف بها وتتمدد لتنهش من منظومة الأخلاق الوطنية ، والسياسة ، والمجتمع المدني ، والقطاعين العام والخاص ،.فتنهار المُثل الاجتماعية المشتركة.
الاستراتيجيات الموصى بها لمكافحة الفساد منأجل تحقيق التنمية المستدامة
1- من واجب كل أمة أن تظل ملتزمة وتعمل من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر. فقد تبني هذه الأهداف قادة العالم في سبتمبر 2015 خلال قمة الأمم المتحدة ، كطباعة زرقاء عالمية نحو عالم مستدام. لدمج مكافحة الفساد في هدف التنمية المستدامة ، تعتبر الاستراتيجيات التالية ذات أهمية قصوى ؛ –
2-تنفيذ مبادئ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد من قبل جميع الدول الأعضاء في اتفاقية الأمم المتحدة وتطبيق مقررات مؤتمر الامم المتحدة المناهض للفساد
3-مكافحة الفساد هي الأداة الدولية الأكثر شمولية لمكافحة الفساد. وهو ينص على استراتيجية شاملة تغطي جميع جوانب مكافحة الفساد بما في ذلك المنع والإنفاذ واسترداد الأصول والتعاون الدولي. لقد كادت الاتفاقية أن تحقق تطبيقًا شبه عالمي في العالم. تم اختبار المبادئ المنصوص عليها في الاتفاقية وتجربتها بمرور الوقت. أنها تدمج أفضل الممارسات الدولية في مكافحة الفساد.
من المهم أن تنفذ الدول الأعضاء في الاتفاقية بشكل شامل المتطلبات الواردة فيها وأن تمتثل امتثالاً كاملاً لها. من المفهوم أن الأعضاء قد لا يكونون على نفس المستوى من حيث التنفيذ. ومع ذلك ، فإن المراجعة المستمرة للتنفيذ من قبل الدول الأعضاء الفردية تعزز بشكل كبير مستويات الامتثال. في نهاية المطاف ، تحدد الاتفاقية معيارًا عالميًا مهمًا لتقييم فعالية وكفاءة استراتيجيات مكافحة الفساد. يؤسس تنفيذه تماسكًا عالميًا للاستراتيجيات الوطنية ، مما يوفر التنفيذ السلس على المستوى الوطني والإقليمي والدولي.
المراجعة المستمرة لقوانين وسياسات مكافحة الفساد
الفساد هو رذيلة تتطور مع مرور الوقت. على عكس الجرائم الأخرى ، فإن معظم مرتكبي الفساد هم من رفاه المجتمع والمال. لذلك ستسعى كارتلات الفساد إلى أن تكون متقدمة على إنفاذ القانون. إنهم يستغلون أحدث التقنيات في أعمالهم ، ويخفون نهبهم عبر شبكات معقدة يصعب اختراقها. عند القبض عليهم ، يوظفون أفضل العقول القانونية للدفاع عنهم. قبل كل شيء ، سوف يسعون إلى حل وسط من أجل الهروب من مواجهة العدالة. من أجل إلحاق الهزيمة بهم يجب على منفذي القانون أن يكونوا في صدارة اللعبة دائمًا. قد يتطلب ذلك مراجعة شاملة ومتسقة ودورية وتحسين الأطر القانونية والسياساتية لمكافحة الفساد ، مما يمكّن البلدان من سد الثغرات ونقاط الضعف التي تستغلها هذه الكارتلات وسدّها.
تعميم دور أصحاب المصلحة الرئيسيين في مكافحةالفساد
لكي تنجح استراتيجيات مكافحة الفساد في أي بلد ، من المهم إشراك الناس في تشخيص الأنظمة الفاسدة. المواطنون هم مصادر خصبة للمعلومات حول مكان حدوث الفساد. يمكن استشارتهم من خلال آليات مختلفة مثل
1-استطلاعات العملاء المنهجية ،
2-إشراك المنظمات المهنية.
3- المناصرة الإعلامية.
4-حي المراقبة ،
5- البرامج التعليمية وغيرها من الوسائل.
الشركاء المعنيون
1-أصحاب المصلحة الرئيسيون هم عامة الناس ،
2-المجتمع المدني.
3-الوسائط ،
4-المنظمات المهنية ،
5-المجموعات الخاصة.
5- رجال الدين
6- شركاء التنمية.
يتم السيطرة على الفساد فقط عندما لا يكون المواطنون مستعدين لتحمله. كما قد يلعبون دورًا مهمًا كحراس لنزاهة القطاع العام. يميل تقوية القطاعات المختلفة داخل الحكومة وخارجها في وقت واحد إلى إطلاق نظام ديناميكي من الضوابط والتوازنات. وهذا مبني على افتراض أن الخدمات المدنية ومؤسسات الدولة الأخرى نادراً ما تجدد نفسها من الداخل. ولذلك ، فإن تسهيل "نقاط الضغط" البناءة خارج الخدمة المدنية أو الحكومة ، هو المفتاح لإجبار القطاع العام على أن يكون أكثر استجابة. تحديد وتحقيق الأهداف قصيرة المدى المعروفة للجمهور ، ثم يساعد على توليد زخم للتغيير.
مراجعات النظراء وتنفيذ معايير مكافحة الفساد
تعد المراجعات التي يقوم بها النظراء في الاجهزة المتماثلة من أكثر الطرق شيوعًا لتقييم كيفية قيام البلدان المختلفة بوضع استراتيجيات مكافحة الفساد الخاصة بها. مراجعة الأقران هي نظام من التقييمات الحكومية المتبادلة المتبادلة حيث يتم تقييم أداء الدولة بشكل دوري من قبل خبراء من دولة أخرى ؛ لتحديد أوجه القصور مقابل معيار معياري محدد وتقديم التوصيات. تحتوي اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد على آلية مراجعة من نظير إلى نظير ، والتي من خلالها تستعرض الدول بعضها البعض في عملية متبادلة ، كما تم إنشاء مراجعات الأقران على المستويات الإقليمية ، حيث تلتقي مجموعة من البلدان التي تشترك في موقع جغرافي معًا مراقبة امتثالها للمتطلبات والمعايير الإقليمية ذات
الصلة.
الخاتمة
نختم بكلمة عن العالم الخارجي والتنمية المستدامة ثم ندلف لنناقش توصياتي في هذه الورقة .
لا يزال الهدف العالمي والمتمثل في بلوغ أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030 هو أحد أقوى الرؤى المقبولة على نطاق واسع لتغيير المجموعات السكانية في العالم. بالطبع ، هذا هدف طموح جدا وإذا تم تنفيذه فانه حتما سيغير الطريقة التي تتفاعل بها البشرية مع بيئتها وتستمد قوتها منها.
فالإدراك الواعي بأن العالم الذي نعيش فيه اليوم ليس ملكا لنا لوحدنا بل هو بقعة جغرافية نتقاسم ملكيتها نحن الاجيال الراهنة مع الاجيال القادمة ، وترسخ القناعة ان تلك الاجيال القادمة سوف تظل تعيش علي ذات الارض ومنها يكتسبون قوتهم ، هذه الرؤية الناضحة ، هذا الفهم الكلي للمشكلة يمكن أن ينقلنا من مربعات الفشل والافقار التنموي الي غد أفضل .
توصيات الورقة :
بالرغم من توفر الادلة الجنائية والتجريمية الموثقة بشكل ممتاز والتي تفصح الممارسات الفاسدة والواسعة النطاق لاركان للعصابة الاسلامية داخل السودان ، إلا أننا لا نعلم إلا الشئ اليسير جدا من منهوباتنا المستوطنة في البلدان الاخري ، وبالذات الحسابات المصرفية . فنحن نتحرك اليوم بدون قاعدة معلومات بيانية لحجم الاموال المنهوبة ، مكانها ، أصحابها والاجزاء التي تم تذويبها في عمليات غسيل في البلدان المضيفة كشراء العقارات أو وضعها تحت تصرف أو بأسماء الأبناء والبنين والزوجات . نعلم يقينا أن حجم تلك الأموال كبير جدا من منظور مديونيتنا الخارجية التي قفزت من 13 بليون دولار في 1989 لتصل اليوم 60 بليون دولار ( أصول ديون +فوائد مصرفية متراكمة) ، أيضا نعلم أن سرقات البترول وحجب أرقام الانتاج الحقيقية ظل ديدن الوزير عوض الجاز وغيره ، بيد أن السؤال هو : كيف يمكن أن أن نقنع البلدان التي أصبحت ملاذات أمنة لهذه المنهوبات للتعاون معنا علما بأن الظرف الاقتصادي لكثير منها تصدع بسبب إنهيار إسعار البترول منذ 2014 فضلا عن تكبدها خسائر كبيرة جراء تكلفة تمويل حرب اليمن للخليجيين العالية جدا المستمرة منذ مارس 2015. ومايقال عن أوضاع ملاذات أموالنا المنهوبة في الخليج يمكن أن يقال عن أسواق العقار في تركيا ومصر وقبرص وبعض المدن الاوروبية التي ظلت تجتذب الرساميل المهربة الي تلك الاصقاع من قبل اللصوص . لابد وأن نعترف بأننا أضعنا وقتا ثمينا وتعاملنا بسلحفائية مضرة مع الكثير من التقارير والملفات .فالفساد ظاهرة سرطانية معقدة تستفيد من عنصر الوقت لتفتك بالمريض بالتخفي والانتشار بعيدا عن أصابع الجراح المتوثب للإستئصال المبكر . بالرغم من ظهور مجموعة من المرئيات الناضجة وكتابات الباحثين إلا أن الحقيقة التي لابد وأن نقر بوجودها تقول أننا ، وللأسف ، لا نتوفر علي أي إستراتيجية وطنية هدفها الأساسي كيفية تعقب واسترداد تلك الأصول والأموال المسروقة والتي وجدت ملاذات أمنة في الدول الأجنبية بنجاح تام .
التفكير خارج الصندوق : مقترحات لاسترداد الاموال المنهوبة :
نظرًا لأن هذا المسعى يتطلب تحشيدا لموارد هائلة ، فإن الطرق التقليدية لتجهيز مثل تلك الموارد بكفاءة وذلك بتخصيص الميزانيات والاموال والكوادر البشرية والمعينات اللوجستية التي نحتاجها فان النتيجة ستكون سالبة لعدم توفر تلك الأموال . فعموما لا يخفي عن اي متابع أن الحكومة الانتقالية تعاني من ضائقة مالية مستعصية .
فيما يلي بعض الأفكار العملية للتغلب علي هذه العوائق او إستقطاب الدعم المطلوب .
1- تنظيم واطلاق حملة علاقات عامة واسعة النطاق تتناغم مكوناتها ومراحلها برسالة مركزية واحدة لتحقيق ما يلي:
(أ) – تصعيد مشكلة الأموال المسروقة وجهود استرجاعها وتحويلها من مهمة حكومية رسمية محضة إلى أولوية وطنية تحتاج إلى جهد شعبي جماعي .
(ب) – التأسيس الفوري لشركة تطرح اسهمها علي العموم وتخضع لإشراف رئيس مجلس الوزراء (لحين استكمال هياكل إنشاء مفوضية مكافحة الفساد). الغرض من هذا المشروع الاستثماري الوطني هو تشجيع المواطنين (خاصة في الخارج) على استثمار جزء من مدخراتهم في محفظة استثمارية متوسطة الاجل يتم تخصيصها بشكل صارم لتمويل عمليات وجهود استرداد الأصول المنهوبة للسودان. مفهوم الاستثمار بسيط: هذه الودائع النقدية والتحويلات الوطنية سيتم تحفيز مودعيها من المستثمرين الوطنيين بمنحهم نسبة مئوية من الأصول المعاد استردادها .
جزء من المنصرفات سيذهب في تمويل الشركات الاستخباراتية المتخصصة لتنطلق في مساعي الاسترداد تلك الاصول ، من تلك الشركات الباهظة التكاليف اسماء لامعة مثل :
Kroll & Associates و GFI
(ج) – المعلومات والاستخبارات هي شريان التغذية الرئيس لهذا المسعى ولا امل يرتجي لمباشرة تحقيق مالي إستقصائي لا يستند الي قاعدة شاملة من المعلومات الاستخبارية الصحيحة . لذا ، فإن تشجيع الجمهور على المشاركة بما يعرفونه من معلومات حيوية عن الفساد والمفسدين هو مفتاح النجاح. في هذا المسعي يمكننا استعارة وتعديل حملة التوعية العامة لمكافحة الإرهاب في مدينة نيويورك "إذا رأيت شيئًا ، قل شيئًا" لتصبح "إذا كنت تعرف شيئًا ، قل شيئًا" شاركنا بمعلومات عن حرامية الانقاذ وأربح حافزا ماليا "
(شارك سرا معلوماتك عن إنقاذي حرامي تكسب رضا الوطن وحافز مالي)
في هذا الشأن تعتبر مبادرة الأمم المتحدة والبنك الدولي لاسترداد الاموال المسروقة (ستار) (The Stolen Asset Recovery Initiative) هي الرائدة والفاعلة . فعبر التعاون الدولي وعبر الاستفادة من التقنيات المتاحة التي تقدمها كثير من المؤسسات والمبادرات الدولية ( اكثر من 15 جهة ) يمكننا مباشرة التحقيق في العديد من القضايا . بسبب هذا التعاون الدولي تمكنت بعض الدول من استرداد مبالغ كبيرة نهبها رؤساؤها السابقون وهربوها خارجها مثل نيجيريا ومصر والفلبين وكينيا وغيرها من الدول التي كابدت حقبا فاسدة وحكاما سارقين.
ايضا هناك جهات خارجية يمكن الاتصال بها لانها متخصصة في بذل تدريب استخباري للباحثين والمحققين فيتكون لنا فريق كفؤ من الباحثين الاستقصائيين . وكما قلت فان موضوع محاربة الفساد تحتاج لبيئات حاضنة متعددة اهمها بيئة التعاون الدولي ، البيئة القانونية ، الاعلامية ، التوعوية فضلا عن بيئة توفير المعلومات الاستخبارية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.