أعلنت الحكومة الانتقالية في عدة مناسبات عن مساعٍ لاسترداد اموال السودان المنهوبة داخل البلاد وخارجها، وكشف النائب العام عن إجراءات لاستردادها، لكن المشهد مازال يكتنفه الكثير من الغموض. منذ تقلد د. عبد الله حمدوك منصب رئاسة الوزراء أكد التزامه بمكافحة الفساد وإعمال مبدأ الشفافية والمحاسبة وأن إرجاع الأموال المنهوبة يمثل أولوية للحكومة الانتقالية، ولكن ظل السؤال قائماً: كيف ستُعاد تلك الأموال خاصة بعد نفي وجودها بتصريح رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان بأنه لا توجد أموال في الداخل قبض عليها أو في الخارج لرموز النظام السابق، ليأتي رد القيادي بقوى الحرية والتغيير خالد سلك تعقيبا على قوله: "مافي زول عاقل بيقول النظام البائد ما عندو أموال". إجراءت الاسترداد كشف النائب العام تاج السر علي الحبر عن إجراءات لاسترداد وإرجاع الأموال المنهوبة داخل وخارج البلاد، وطالب الأطراف الموقعة على اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد الوفاء بإلتزاماتها وفقاً لمقتضيات الإتفاقية ومساعدة السودان في إعادة الأموال المنهوبة إلى موطنها الأصلي. وأكد الحبر في بيان السودان أمام مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد المنعقد بالإمارات يوم "الثلاثاء" الماضي أن البلاد تعمل على مراجعة عدد من القوانين المتعلقة بإدارة وحماية المال العام أبرزها مراجعة نصوص القانون الجنائي وقانون المفوضية القومية لمكافحة الفساد واسترداد الأموال ومراجعة قانون الثراء الحرام والمشبوه لسنة 1989م. وأوضح أن المراجعة تشمل كافة القوانين لتتواءم مع اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد واتخاذ الإجراءات الاحترازية ومراجعة اللوائح المتعلقة بالمشتروات والإجراءات المالية والمحاسبية وضبط الرقابة على المال العام ووضع الخطط والاستراتيجيات لمكافحة الفساد وتدريب الكوادر ورفع القدرات. خطوات جادة القيادي بقوى الحرية والتغيير محمد عصمت اكد ل(السوداني)، أن الحكومة الانتقالية شرعت في اجراءات الاسترداد ممثلة في رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك ووزير المالية والنائب العام، مشيرا الى أن الحكومة اتخذت خطوات جادة ملموسة لاسترداد اموال السودان المنهوبة بالخارج، منوهاً إلى أن هنالك عدة دلائل تثبت نهب النظام البائد لثروات السودان طيلة الثلاثين عاما المنصرمة وكان يسخرها لما يخدم مصالح قياداته ومحسوبيه. واوضح عصمت أن الأموال المنهوبة تم ايداعها في عدة دول ابرزها ماليزيا التي لجأ اليها النظام منذ توليه السلطة مستثمرا ومهربا، منوها إلى أن النظام البائد لجأ لخيار تعدد دول الايداع بغرض الحماية من اجراءات تقوم بها الدولة موضع الايداع . وقال عصمت إن استرداد الأموال كاملة يعود للتعاون بين الدولة الخارجية مع السودان وليست هنالك ضمانات لاستراداه كاملا كما حدث لبعض الدول العربية لان السياسة لا يوجد بها اي ضمانات. بالتوقيع أو التعاون خبير القانون الدولي د. العادل عاجب يذهب في حديثه ل(السوداني) بالتأكيد أن استرداد الأموال المنهوبة من الخارج يتطلب توقيع السودان على اتفاقية الاممالمتحدة لمكافحة الفساد، مشيرا إلى انها اتفاقية دولية تتيح استرجاع الأموال التي تأتي بطريقة غير شرعية وتم ايداعها بالخارج. وقال العادل: إن الاتفاقية تقف عقبة للاسترداد من الجهات الخارجية التي اودعت فيها إن لم تكن موقعة بدورها على الاتفاقية، وبالضرورة ينبغي أن يكون السودان موقعا أو مصادقا عليها ليتيح له التعاون المطلوب لجهة أن الاتفاقية تلزم قانونيا بالاسترداد. واوضح العادل انه في حال عدم توفر المصادقة على الاتفاقية يمكن أن يكون هنالك تعاون بين السودان والدولة المعنية بأي تعاون دولي ثنائي، منوها إلى أن التعاون يتوقف على ارادة الدولتين للاسترداد والآليات المتبعة له. وقطع العادل بضرورة أن تكون هنالك احكام قانونية سابقة ضد المتهمين محليا بنهب اموال سواء بشخص أو عدة اشخاص بأموال عامة للدولة، مشددا على وجوب الاسراع داخليا بالاجراءات القانونية لقضايا الفساد والاختلاس بالاضافة لضروة صدور قانون الادانة، لافتا إلى أن الحكم على المخلوع وادانته بقضايا الفساد هو قضية داخلية مستقلة ولا علاقة لها بإجراءات الخارج. خلفية الأموال في سبتمبر الماضي قال القيادي بقوى الحرية والتغيير محمد عصمت في منبر نظمته منظمة زيرو فساد، إن جملة الأموال المنهوبة للنظام السابق بماليزيا تقدر بمبلغ (64) مليار دولار، ويمكنها أن تغطي مديونية السودان وتوفر 9 مليارات دولار تمثل احتياطيا نقديا مثاليا للبنك المركزي، منوها إلى وجود اتجاه عالمي لمعاملة أموال الشعوب المنهوبة كمعاملة الأموال القذرة. وأكد عصمت إمكانية إصدار قرارات لاستردادها للدول، وأضاف: ديوان المراجعة كان يغطي 25% بينما 75% من المؤسسة الإيرادية خارج المراجعة. في ذات الشهر، قال وزير المالية والتخطيط الاقتصادي د.إبراهيم البدوي، إن وزارته شكلت فريقا مختصا لاستعادة الأموال المنهوبة بالخارج، مشيراً إلى تلقيهم وعوداً من الأممالمتحدة وجهات دولية أخرى للمساعدة في هذا الشأن واتخاذ الخطوات القانونية اللازمة لاسترداد تلك الأموال المنهوبة. وأضاف: سيقوم الفريق بحصر الأموال المنهوبة والتأكد القاطع من كمها وأماكن وجودها في مختلف الدول والبنوك.