حكى لي أحد التجار السودانيين الكبار أنه يعمل في تجارة الحبوب و السمسم واللحوم مع مصر ، وقال الرجل أنه كان يبيع منتجاته و في نفس اليوم تورد قيمتها في حسابه بالبنك الأهلي المصري وفي نفس الساعة يستلمها في حسابه بالبنك الأهلي السوداني بالعملة الحرة . وقال إن نائب محافظ بنك السودان طالبه في ذلك الوقت بأن يأتي بحصائل الصادر في شكل علكة و شكولاتة ومنتجات مصرية ، مبرراً ذلك بأن إتفاقية التعاون التجاري تلزمهم بإعادة حصائل الصادر في شكل منتجات وليس عملة صعبة . لم استبعد الرواية ، لأن مربط الفرس في معاناة هذا الوطن بعض أبنائه ...!! ثم حكى لي الرجل عن المعاملة الكريمة التي يجدها تجار الذهب في (أم المصائب) حيث تشتري منهم المخابرات المصرية الذهب و بأية كميات ثم تخيرهم أي مكان يرغبون في استلام أموالهم فيه..! هل يريدونها في القاهرة أو دبي أو الخرطوم أو طرابلس أو .. أو ...!! و بأية عملة يرغبون ...!! كل التسهيلات متاحة لهم..المهم أن تهرب الذهب...!! و كل حمولة الذهب التي تعبر الحدود تفتح لها المعابر ذراعيها ، يستقبلون من الخرطوم الذهب و اللحوم و الحبوب و يصدرون ألينا من أسوان المخدرات و العملة السودانية المزيفة و المرتزقة . قبل أيام قليلة استطاعت شرطة الجمارك بوادي حلفا القبض على مجموعة من المصريين قاموا بشراء لحمة (أفخاذ) و تهريب ذهب بداخلها...!! الشاهد أن العملية تكشف يقظة رجال الجمارك ولكنها تكشف أيضاً الأساليب المبتكرة لأولئك اللصوص والمهربين ، و قديماً قيل (ديل الكلب عمره مايتعدل) ، لذلك فهؤلاء لم يكتفوا بنعمة أن يتناولوا لحوم سودانية نظيفة سليمة طيبة المذاق ويربحوا جراء بيعها، ولكنهم تمادوا إلى تهريب معادننا أيضاً بداخلها . أذكر أنه و في إحدى زياراتي لدولة عربية وجدت شرطة المطار تخضع مواطني أحد الدول الآسيوية لفحص أشعة للمعدة ، فعلمت لاحقاً أنهم يهربون المخدرات في أحشائهم. لذلك يجب على مباحث مكافحة التهريب و السلطات الأمنية في المعابر إخضاع المصريين المغادرين السودان عبر الحدود إلى فحص بالأشعة للمعدة ، وفحص للأسنان ، وفحص للأظافر و فحص للنظارات و فحص للهواتف و فحص للأقلام و سماعات الهاتف . الأهم من كل ذلك فحص الأموال السودانية التي يدخلون بها إلى الخرطوم ، وحين تتأكدون من أنها مزورة و حين تتأكدون أنهم يحملون الذهب في كل مايخرجون به حينها بلغوا سلامي للعلاقات الثنائية بين البلدين . خارج السور : لماذا لا تغلقون المعابر مع مصر و نرتاح نهائياً من وجع الرأس هذا …!!؟ سهير عبدالرحيم [email protected] نقلاً عن الانتباهة