كانت المرة الأولى التي ألتقيه فيها في صيف 1976 وأنا لازلت طفلاً صغيراً في دعوة عشاء نظمها بمنزله العامر احتفاء بقدوم الأسرة إلى البحرين. بغرض الاستقرار مع الوالد مولانا عمر خلف الله الذي سبقنا ببضع أشهر للاستقرار كقاضي منتدب من جمهورية السودان إلى البحرين، كان بيته فيما بعد على بُعد خطوات من أول مدرسة ابتدائية التحقت بها في البحرين هي مدرسة عبدالرحمن الداخل الابتدائية. مازلت أذكر ذلك المنزل الكبير الجميل في وسط القضيبية، مقابل الدفاع المدني سابقا كان تشغله أسرة بشارة بشقيها العم المرحوم كمال بشارة في الطابق العلوي والعم الفقيد عبده بشارة بالطابق الأرضي وزوجته العزيزة كانت صديقة للوالدة . كان أبو سامي كما يحلو له أن يُكنى شعلة من الحيوية والعلاقات الواسعة وقبلة زوار البحرين من السودانيين في الخليج العربي الذين يمرون ترانزيت أو زيارة عمل، كان عدد السودانيين في البحرين وقتها لا يتعدى أصابع اليد الواحدة، الفقيد أبو سامي كان مقربا جدا من الدوائر العليا في البحرين، رجل أعمال يملك فندقاً وعددا من الشركات، و صديقا شخصيا لعدد من الوزراء في البحرين، فاصبح أول قنصل فخري للسودان في المنامة يرعى مصالحه لمدة من الزمن. أذكر عندما زار الرئيس نميري البحرين في 3-4-1978 في رحلة التضامن العربي كان هو ممثل الحكومة السودانية لاستقبال الرئيس نميري مع امير دولة البحرين وقتها الراحل صاحب السمو الشيخ عيسي بن سلمان آل خليفة. هذه الزيارة لن انساها لأنها صادفت يوم عيد ميلادي وكان والدي حينها قدرفض ذهابي للمطار وتحت إصراري الشديد أخذني والدي إلى العم عبده بشارة في بيته و قال له " الولد ده من طلائع مايو اخدوا معاك لاستقبال نميري". أذكر تحرك بنا سائق سيارة العم عبده بشارة المرسيدس و أوصلنا الى داخل أرض المطار، و كانت أول مرة التقي بالزعماء وجها لوجه في استقبال رسمي، و مازلت أذكر عناق نميري و الأمير الشيخ عيسى ونحن مع وزراء البحرين على بعد خطوات ومنهم انتقلنا لقصر القضيبية واستقبال آخر أُختتم بحفل عشاء على شرف الرئيس نميري في مائدة ضمت أقل من 12 شخص وكنّت الطفل الوحيد بينهم، هذه كانت أول تجاربي مع السياسة. وبعد ذلك اختار أبوسامي الابتعاد عن الأضواء و التجارة والسياسة من زمن بعيد، ولم أره في زياراتي المتعددة للبحرين، وكان الوالد دائما يحدثني عنه وعن علاقتهم التي استمرت اكثر من أربعة عقود، وآخر مرة رأيته في عزاء والدي بالبحرين أول يوليو 2017 كان يجلس على كرسي متحرك و قابلني بالأحضان و الدموع ، وكنت تلقيت دعوة كريمة خاصة وعبر الواتساب من ابنه الصديق سامي لحضور عيد ميلاده ال80 كمفاجأة لوالده في 29 ديسمبر 2017 و للأسف لم أتمكن من الحضور لوجودي خارج البحرين حينها. عزيزي أبوسامي نسأل الله أن يتقبلك أحسن القبول ويسكنك فسيح جناته، لقد حققت نجاحات كبيرة في دنياك وتركت ذكرى عطرة في الكثير من المجالات، لقد خدمت البحرين والسودان والكثير من أهل البلدين وستظل ذكرى في عقول و قلوب الكثيرين . سأتبني اقتراحاً لتكريم اسمك من قبل وزارة الخارجية في البحرين وأتمني من جمهورية السودان ان تطلق إسمك وفاءً وعرفاناً على إحدى قاعات مبنى السفارة الجديد باسمك كأول ممثل رسمي للسودان في البحرين وسأتكفل شخصيا بتأثيث تلك القاعة عنواناً لك وحفظاً لاسمك في مكان قدمت الكثير لأهله وكنت نعم السفير الدائم في قلوب الناس والباذل وقتك ومالك في سبيل معاونة الآخرين