حيوية الشارع السوداني الثائر، تجلت في مسيرات ذكرى الثورة في أبهر صورها المتاحة . ورحم الله الفيتوري ووردي . فالثورة لا زالت تعيش.لا يستطيع كائن من كان إخفاء القلق من دعوات التظاهر ليوم أمس.فالأنشط في الدعوة كان الراديكاليون المعارضون لمجمل الأوضاع والداعون إلى إزاحة جميع مكونات الفترة الانتقالية. لكن الأوضاع في بلادنا الحبيبة شئنا أم أبينا ، متأثرة بعوامل خارجية إقليمية ودولية.لعبت دورها بالأمس. ويحق طرح السؤال : من الرابح ومن الخاسر.الرابح الأكبر هو المدنية. وقد ساعدت قرارات الحكومة في تثبيتها . فقرار النائب العام بعدم استخدام الرصاص والغاز المسيل للدموع ، لم يحسم أمر سحب ذريعة استخدام العنف بحجة وجود مندسين ومخربين التي اعتدنا عليها في النظام البائد فقط ، بل صوب عمل الجهات الأمنية بالتغلغل وسط المتظاهرين لإلقاء القبض على هؤلاء إن وجدوا. وهو لعمري تطور مذهل في اتجاه المدنية.أما حمدوك ، فقد كان رمانة الميزان عندما طالب المتظاهرين بالسلمية واتخاذ التحوطات الصحية ، دون أن يبدي قلقاً من الدعوات التي كانت بعضها تطالب بإزاحته مع بقية مكونات الفترة الانتقالية.فقد كان مسنوداً بعاملين أحدهما ذاتي وهو إيمانه العميق بالديمقراطية والآخر موضوعي جاء من خلال تنفيذ قرار رفع السودان من الدول الراعية للإرهاب وهو أكبر منجز للثورة ويغذي آمال الشعب بالخروج من ظلام جب عميق ، علاوة على قوانين دعم التحول الديمقراطي ودعم ولاية المالية على استثمارات العسكر. والأخير قد وضع سؤالاً مهما هو : إذا كانت ولاية المالية على الشركات العسكرية ستأتي عبر دعم من قرار الكنغرس ، فما الداعي لخوض المعارك من أجلها بما تعنيه من احتمال صراع عسكري ومدني ؟ الطرف الآخر الذي كان معنياً بدعوات التظاهر أمس ، تمثل في قحت والحركات الموقعة. فقد استشعر مناوي وهدد بمسيرات مضادة وكتب سلك والنعايشي عن دعوات لجان المقاومة بالتغيير الجذري وإلغاء الوثيقة الدستورية وما ترتب عليها من مكونات. فدعوات الحراك ، أظهرت أن الإحساس بتملك زمام الأمور من هذه المكونات ، شعور قاصر وكاذب.لذلك عليها أن تكون حصيفة في مقبل الخطوات .لذا يمكن وصف وضعها بأنها الجانب السالب من الوضع . أما لجان المقاومة والتيارات التي تسندها وأهمها الحزب الشيوعي ، فقد أثبتت أن لها قدرة في التأثير على الأوضاع لا يستهان بها.وكان يمكن لتأثيرها أن يكون أكبر لولا امتلاء أشرعة حمدوك بالمواقف الدولية في حين أنها كانت تنادي بذهابه وترميه بأبشع الأوصاف عكس الشعور الغالب ما دعا لنشاط هاشتاق تفويض حمدوك. لكنها أظهرت تطوراً في الوقف بظهور الميثاق الثوري ودعوات الاعتصام أمام البرلمان. وهو عنصر ضغط مستمر على مجلس شركات السلام.وقابل للتطور. أما الخاسر الأكبر في حراك الأمس ، فهم العسكر والفلول الذين يراهنون عليهم . بقايا النظام السابق ، يخسرون لأنهم عبثاً يعملون إلى إعادة عقارب الساعة للوراء ،والذي لفظه حتى أبناء قيادات الإسلاميين الذين رصد عدد مائتين منهم كملحدين ، أما البقية فقد شاركوا لإزاحة نظامهم نفسه أياً كان اثرها.أما العسكر ، فلا بواكي لهم. الملاحظة المهمة والتي تثبت حيوية الشارع الثائر ، تتمثل في إحياء ذكرى الثورى بلا احتفال تدفع فيه الحكومة اموالاً وبلا اصطناع لحشود. ملاحظة أخيرة جديرة بالتسجيل . وهي تناقص نسبة الكنداكات في التظاهرات قياساً بأيام الثورة . وهو امر جدير بالدراسة. معمر حسن محمد نور