انسان السودان اخوتي تحاصره الأزمات . فكل يوم ينفطر قلبه حد الانشقاق. ويلف الحزن دياره حد الكآبه ، ويستوطن الشقاء حياته حد الاختناق. ويملأ الأسى عيونه حد العمي. وتذبل من الجوى جفونه حد الحزن. . فلا فرحة بادية في افقه القريب. ولا حلول لازماته على المدى البعيد. وحين تشريح وقائع الحال وجدنا أن لوبيات الفساد السوداء و المتجذرة في كل دواليب السلطة هي المتسبب. والسؤال كيف نجعل من كل فرد في هذا السودان فاعلا وأساسيا في تنمية بلده. فكل حقوق الوطن اصبحت مسروقة من بعض بنييه. وكل أوراق الوطن مبعثرة. فلقد قتلت الإنتهازية والنفعية كل مبادرات الروح الجماعية . كما تفشى الغش بكل أشكاله وألوانه. واصبح تقديم الخدمات مقرونا بالرشوة والمحسوبيه. وحقا فمن أراد أن يبني وطنا شامخا عليه أن يبني انسانا شامخا. وبدون تغييب للمعادلة التعليمية والأخلاقية الصحيحة في حياته . فحالة البناء تستلزم جهودا جبارة لتجهز مواطنا سليما معافى يستمد اتقاده الذهني من لياقته البدنية القائمة على توفير عناية صحية فائقة الجودة. فأولى أولويات البناء هو توفير الصحة والتي بدورها تحتاج إلى الغذاء المتكامل مقرونة بالعلم. لأن العقل السليم في الجسم السليم. وشكرا للشاعر الروماني "جوفينال" الذي قالها منذ أكثر من ألفي عام. فاتخذها الناس شعاراً حقيقياً وفكرة لا تقبل النقض. وقد أعجبتني قصة الروائي البرازيلي باولو كويلو وهو يحكي عن صبي مع والده فقد كان الأب يقرأ الجريدة. ولم يكف ابنه الصغير عن مضايقته.. وحين تعب الأب من ابنه قام بقطع ورقة في الصحيفة كانت تحوي على خريطة العالم ومزقها إلى قطع صغيرة وقدمها لابنه وطلب منه إعادة تجميع الخريطة ثم عاد لقراءة صحيفته ظنا منه أن الطفل سيبقى مشغولا بقية اليوم.. إلا أنه لم تمر خمسة عشر دقيقة حتى عاد الإبن إليه وقد أعاد ترتيب الخريطة! فتساءل الأب مذهولا: هل كانت أمك تعلمك الجغرافيا؟! رد الطفل قائلا: لا.. لكن كانت هناك صورة لإنسان على الوجه الآخر من الورقة، وعندما أعدت بناء الإنسان أعدت بناء العالم. فيا من ذرفت عيناه الدموع حزنا وألما على وطن يئن. ويا من تنفس قلبه حب السودان ليخرج زفيره غضبا على انسان يئن. ويا من ناح وصاح ليرتاح اهله. ويا من إصابته نوبات حزن لأزمة خبز. لكل هؤلاء نصرخ أملا في الخلاص. لا تتركوا جرح الوطن ينزف. لا تتقززوا منه . اصرخوا في كل الوجوه الكالحه لتكف عنه. اصرخوا في وجه الخونة والمنافقين و المتخاذلين والمهربين وتجار الدين. يقول فاروق جويده في رثاء وطنه: قد عشت أسأل أين وجه بلادي؟؟ أين النخيل ؟ وأين دفء الوادي؟ لاشيء يبدو في السماء أمامنا غير الظلام وصورة الجلاد وحكايةٍ عن قلبِ شيخ عاجز قد مات مصلوبًا على المحرابِ قد كان يصرخ: «لى إلهٌ واحدٌ هو خالق الدنيا.. وأعلمُ ما بى» ياربِّ سطرت الخلائقَ كلهَّا وبكل سطر ٍ أمة ٌ بكتابِ الجالسونَ على العروش توحَّشُوا ولكل طاغيةٍ قطيعُ ذئابِ قد قلتُ:إن الله ربٌّ واحدٌ صاحوا:»ونحن» كفرتَ بالأرْبَابِ؟ قد مزَّقوا جسدى.. وداسُوا أعظمى ورأيتُ أشلائى على الأبوابِ ■□■□■□■□■□■□■□■□□■□■□■ محمد حسن شوربجي