أكد باحثون اقتصاديون أن السياحة في السودان يمكن أن تشكل واحداً من أهم الموارد الاقتصادية فى ظل شح الموارد؛ وتراجع الاقتصاد السودانى، وقالوا في حديثهم ل"المواكب" إن هناك مطلوبات يجب توافرها لتنشيط قطاع السياحة في السودان، موضحين بأنها تكمن في وقف الحرب وإحلال السلام والاستقرار السياسي والأمنى، مضيفين بضرورة تحسين الصورة الذهنية للبلاد، إلى جانب توفير البيئة السياحية الجاذبة، مشيرين إلى أن السياحة في السودان مختصرة وقاصرة على زيارة السودانيين المقيمين في الخارج، واصفين إياها بالمحدودة جداً في مجموعة من النخبة. وتجدر الإشارة إلى أن السودان يزخر بالكثير من المقومات السياحية، وعلى مختلف أنواعها بتنوع بيئاته الجغرافية والتاريخية والثقافية، حيث توجد في الشمال آثار الممالك النوبية القديمة التي تعتبر مهد حضارة بشرية من الأهرامات والمعابد الفرعونية، وفي الشرق حيث تتلاطم أمواج مياه البحر الأحمر بالبر السوداني توجد الجزر المرجانية الفريدة التي تشكل موطناً للأسماك الملونة وجنة لهواة الغطس في مياه البحار، وفي الغرب تمتد الصحاري الرملية بلا نهاية، وتسمق القمم البركانية في جو شبيه بأجواء البحر الأبيض المتوسط، وفضلاً عن ذلك توجد السياحة الثقافية المتمثلة في فعاليات القبائل والإثنيات المتعددة، وما تقدمه من نماذج موسيقية وأزياء تقليدية. مجموعة نخبة الباحث بمركز الراصد للدراسات السياسية والاستراتيجية د. فاتح عثمان؛ اعتبر أن السياحة هي مستقبل السودان الحقيقي، موضحاً أنها الرافعة الحقيقية التي يمكن أن ترفع اقتصاد السودان، وقال في حديثه ل"المواكب" إن السياحة في السودان مختصرة جداً وقاصرة على زيارة السودانيين المقيمين في الخارج، واصفاً إياها بالمحدودة جداً في مجموعة من النخبة ، وأشار إلى أن فائدة السودان من هذه السياحة محدودة، مبيناً أن السياحة الفعلية في السودان في منطقتين أساسيتين قادرتين على أن تحول أوضاع السودان إلى وضع اقتصادي أفضل ، قائلاً إنها منطقة البحر الأحمر والدندر.
صناعة متطورة ولفت إلى أن السياحة في العالم أصبحت صناعة متطورة، وقاصرة على عمل شركات عالمية، والتي ترتب كل شيء، وقال إنها عملية صناعة متكاملة، ويرى أن السودان خارج نطاق صناعة السياحة العالمية، ويحتاج إلى جهد كبير، يتمثل في إنهاء مشكلة العملة، وبرر ذلك لجهة أن السودان له مجموعة من الأسعار، وطالب بضرورة توحيد السعر، قاطعاً بأنها نقطة أساسية لصناعة السياحة، وقال إن الأسعار اذا لم تتوحد فلا يستطيع السائح التحصل على السعر الحقيقي عبر المصارف؛ ولا يستطيع تحويل أمواله من وإلى السودان أو الصرف عبر بطاقة التحويل المالي العالمية، كما أنه لا يستطيع إنفاقها أو صرفها او تحويل لجنيهات سودانية، مؤكدا أن الأسعار إذا لم تتوحد فلن يكون هنالك مستقبل للسياحة ولا فائدة مرجوة، وبدون إصلاح البنية التحتية في منطقة السياحة بالتنسيق مع شركات السياحة العالمية التي لها استثمارات فلا فائدة، وزاد بأن هذه الشركات هي من تأتي بالأفواج بالتنسيق مع فروع الشركات السياحية العالمية. أساس الاقتصاد ويؤكد د. فاتح أن سياحة السفاري صناعة عالمية وليست محلية، منوهاً أن السودان لا يستطيع تنفيذ أي شيئّ فيها، وقطع بأن السودان يحتاج إلى بنية تحتية متطورة تتناسب مع احتياجات السياحة العالمية؛ سواء كان من بريطانيا أو فرنسا أو الاتحاد الأوروبي عموماً ، ولفت إلى أن هؤلاء يحتاجون إلى بنية تحتية متطورة ومعقولة وإشراف من شركات سياحة عالمية تستطيع تقديم كل شيء وفق البرنامج المتعارف عليه الذي تم الاتفاق عليه قبل مغادرتهم بلدانهم، وأشار إلى أن السودان بعيد جداً بأن يكون جزءًا من حركة السياحة العالمية، قائلاًَ: إن السياحة تتجه بأن تكون 20 إلى 25% من الاقتصاد العالمي، وهي في حالة نمو يومياً، وأبان بأن السودان يحتاج إلى كيفية التوجه نحو جعل السياحة أساس الاقتصاد، ونوه إلى أنه يتطلب تغيرات كثيرة جداً على مستوى القوانين والاقتصاد والبنية التحتية، وقال: لا معنى لأن تنشئ منشآت لا تتفق مع معايير واحتياجات السياحة العالمية. مخرج السودان ويرى فاتح؛ أن كل ما تم في السودان سابقاً في ما يختص بالسياحة في معظمه بعيد من جذب حركة منظمة، لكنه عاد وقال: فقط يستطيع أن يستجلب بعض النخبة، وطالب بضرورة أن السودان مشكلة اقتصاد توحيد سعر الصرف وتجهيز البنية التحتية، وطالب بضرورة أن يسعى لتطوير السياحة الدخلية وقال إنها إذا تطورت يمكن للمغتربين المهاجرين أن يكونوا جزءًا كبيرًا من حركة السياحة الداخلية وهو مفقود حالياً، ويوضح بأن المهاجرين الآن يضطرون إلى الذهاب إلى إثيوبيا أو مصر؛ لأن مناطقنا السياحية في السودان غير مهيأة أو جاهزة، ولفت إلى أن هنالك جهداً كبيراً قام به محمد طاهر ايلا في البحر الأحمر سابقا، ولكن لم تتم متابعته بالشكل الجيد، وزاد كان يمكن أن يثمر على الأقل لنهضة السياحة الداخلية، واعتبر فاتح أن السياحة هي مخرج السودان الحقيقي وهي الأقدر من دون بقية القطاعات على انتشال السودان من حالة الأزمة الاقتصادية والفقر الحالي لكنه يحتاج إلى تخطيط جيد وإرادة سياسية لتوفير جهود كل البلاد، لجعل السودان قبلة سياحية، وهذا الأمر ليس بالبساطة. إبراز السياحة وقال الباحث الاقتصادي د. هيثم محمد فتحي إن السياحة يمكن أن تشكل واحداً من أهم الموارد الاقتصادية فى السودان فى ظل شح الموارد وتراجع الاقتصاد السودانى، مضيفاً أن هناك مطلوبات يجب توافرها لتنشيط قطاع السياحة في السودان، والتي تتمثل في وقف الحرب وإحلال السلام والاستقرار السياسي والأمنى، إضافة إلى تحسين الصورة الذهنية للبلاد، مع توفير البيئة السياحية الجاذبة، منوهاً أن السودان يعتبر السابع في العالم، من حيث السياحة الآن إلا أنه عاد وقال: لكنه يحتاج للكثير من الجهود لإبراز السياحة كقطاع مهم وضروري، وطالب بضرورة إعداد خارطة تحدد الفرص الاستثمارية والموسم الذى يرغب فيه السائح لزيارة البلاد من كل الدول، مع تسجيل المواقع الأكثرية فى البلاد، وقال في حديثه ل"المواكب" أمس إن عائدات السياحة خلال العام 2015 بلغت 930 مليون دولار أمريكى، موضحًا أن عدد السياح للعام الماضى قفز الى 700 الف سائح وفقاً لآخر إحصاء معتمد. حضارة السودان ويلفت د.هيثم النظر إلى السياحة كصناعة يمكن أن تكون رأس القاطرة للاقتصاد السوداني، بتشجيعها للتجارة وتوفيرها للعملة وإسهامها في حل مشكلة البطالة، إضافة إلى تطويرها لقطاعات أخرى بتوفيرها للأسواق، إلى جانب تحسينها لصورة السودان في العالم من خلال تعزيز التواصل الإنساني والتعريف الأمثل لحضارة السودان والتنوع الإثني والثقافي الضخم، ويوضح بأن لكل هذه الأسباب لابد من الوقوف على المشكلات وتكامل الأدوار وتعزيز فرص التعاون لتطوير القوانين المشجعة للاستثمار في السياحة بالسودان، إلى جانب تأهيل وتدريب الكادر العامل والإرشاد السياحي في القطاع العام والخاص داخليًا وخارجياً وإزالة التقاطعات الإدارية، إضافة إلى تخصيص الأراضي المميزة لقيام المشروعات السياحية، وبرر ذلك لجهة أن السودان يفتقد إلى النزل السياحية من منتجعات وفنادق، ويفتقر إلى سياسات واضحة بشأن النقد الأجنبي.