الاخفاقات التي صاحبت الحكومة الانتقالية خلال العامين السابقين كانت مصدر احباط لمعظم مكونات الشعب السوداني ، واعترفت قوى الحرية والتغيير الحاضنة السياسية للحكومة بهذا الإخفاق في عدة مناسبات، مسببات الإخفاق الحكومي جرى تحميلها للدولة العميقة بإعتبارها تمثل معيقاً رئيسيا لعمل الوزارات، من المسببات أيضا تأخر تشكيل المجلس التشريعي بإعتباره يمثل حائط الصد لأي تشريع او قانون لا يلبي تطلعات الشعب، غير أن آمالاً عراض بدأت تعلق على هياكل السلطة الإنتقالية التشريعية والتنفيذيه والتي سيكون الإعلان عنها وشيكاً على خلفية أمرين هما توقيع اتفاق السلام بجوبا مع حركات الكفاح المسلح ورفع اسم السودان من قائمة الإرهاب ومنحه الحصانة السيادية مما يعزز فرص نجاح السلطة الإنتقالية المقبلة والمتمثل في الإنفراج الإقتصادي المتوقع والذي سينعكس بدوره على استقرار الفترة الإنتقالية، غير أن السؤال الذي سيبرز هو هل سيتم اختيار عناصر صلبة للحكومة الجديدة لمجابهة التحديات التي ستواجهها وبالتالي أم ستمضي الحاضنة السياسية في ذات طريق اختيار عناصر لا تتناسب مع المرحلة وبالتالي تسديد ضربة جديدة للثورة. ذكرى الخرطوم في ظل التخوفات من تكرار فشل الحكومة السابقة كشف القيادي ب"قوى الحرية والتغيير" إبراهيم الشيخ عن إعلان تشكيل الحكومة الجديدة مطلع العام المقبل، مشيرا إلى أن الإعلان عن تشكيل المجلس التشريعي سيكون بعد غداً السبت وهو يصادف ذكرى فتح الخرطوم، وشدد في حديثه لفضائية "النيل الأزرق" على ضرورة أن يكون هنالك تعديل وزاري شامل وتعديل في مجلس السيادة وتشكيل المجلس التشريعي، وأضاف: "كان يفترض إعلانها في 19 ديسمبر إلا أنه حدث تأخير وتمت اعادة النظر في الهيكل الكامل لمجلس الوزراء الذي كان 20 وزارة وتم تفكيكه الى 25 وزارة وتم تحديد 6 وزارات لأطراف السلام ووزارتي الداخلية والدفاع للمكون العسكري، وان الحرية والتغيير شرعت في تسمية الوزارات المختلفة عبر الكتل المكونة منها، وان اتفاقية السلام لا يمكن أن تمضي الى الامام ما لم يتم تشكيل هياكل السلطة المختلفة" . برلمان متخصص التخوف من المحاصصة والوقوع في ذات الأخطاء السابقة جعل الكثيرين يرون انه من الافضل التأني في تشكيل الحكومة الجديدة حتى يتم التوافق على شخصيات متخصصة وقوية ووطنية تستطيع العمل من اجل الوطن غض النظر عن الانتماءات الحزبية ، خاصة وانهم يرون ان اتفاق سلام جوبا قد كرس لهذه المحاصصة منذ البداية ، وهذا ما شدد عليه المحلل السياسي محمد علي فزاري في حديثه ل"المواكب"، وقال إن الاتفاقية منذ البداية كرست للمحاصصة كما الغت الاتفاقية الوثيقة الدستورية في كثير من المراحل فأصبحت بها ثقوب كثيرة. وأضاف: "وغياب المجلس التشريعي خلال الفترة الماضية كان له تأثير سلبي، لذلك لابد من إجراء مراجعة لأداء الحكومة السابقة ومعرفة الأخطاء والعمل على معالجتها قبل التشكيل الجديد، واذا تكونت الحكومة الجديدة وفق محاصصات فسنقع في ذات الاخطاء السابقة". وفيما يخص المجلس التشريعي شدد فزاري على ضرورة أن لا تخضع الاختيارات لدراسة متأنية ومتخصصة ويتم الاختيار وفق التخصصات (إعلاميون، اقتصاديون، سياسيين…) لانه سيعالج كثيرا من القضايا اذا تم الاختيار بشكل صحيح، وأردف: "وحتى لا يتكرر برلمان (البصمة والصفقة) بل تكون الشخصيات الممثلة للشعب نواب مصادمين يستدعون رئيس الوزراء والوزراء اذا اخفقوا حتى يحدث تغيير فعلي على مستوى البلاد وتتم معالجة كل المشاكل والاخفاقات السابقة". محاصصة إيجابية البعض يرى أنه لا مشكلة في المحاصصة اذا كانت تؤدي الى التوافق والتراضي ومن ثم العمل على تحقيق متطلبات الشعب ومعالجة القضايا المصيرية، وقال الامين العام للحزب الوطني الاتحادي الموحد محمد الهادي في حديثه ل"المواكب" إن لكل شخص انتماء سياسي لكن في حالة العمل العام يجب ان يتجرد الجميع لصالح الوطن من اجل تحقيق المشروع الوطني، وأضاف:" وبهذا يمكن معالجة كل المشاكل فلابد من التوافق" ، ويضيف قائلاً: " وبالنسبة للمحاصصة فهي تخلق نوع من التراضي وتشمل التوجهات السياسية المختلفة ، وفي الحكومة السابقة كانت الحرية والتغيير وحدها لكن الان معها الموقعين على اتفاق السلام، والتشكيل الجديد اذا تم بالتراضي والكفاءة والتخصص لا مشكلة فيه". ومضى للقول: "والآن توجد إيجابيات على رأسها رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب". وشدد على ضرورة عدم إضاعة الفرص على الشعب بكثرة الجدال والاختلاف ، وفيما يتعلق بالمجلس التشريعي قال: "التوزيع بعدالة أفضل (العدالة في الظلم عدالة) أن يتم تقسيمه على كل قوى الثورة ليكون له دور فاعل ، وهناك الكثير من الإشكاليات في الخرطوم وفي الولايات يجب ان نعمل على معالجتها ولا يصح الا الصحيح ، والثقة الان متوفرة ونتمنى الافضل للبلاد". المواكب