مقتل 18 شخصا واختطاف 14 آخرين بينهم 3 فتيات من الفاشر    فبريكة التعليم وإنتاج الجهالة..!    تأملات جيل سوداني أكمل الستين    مقتل كبار قادة حركة العدل والمساواة بالفاشر    مناوي: صمود الفاشر رسالة تاريخية لعبدالرحيم دقلو    السودان يدعو المجتمع الدولي لدعم إعادة الإعمار    ريال مدريد يواجه مرسيليا في بداية مشواره بدوري أبطال أوروبا    مصلحة الشعب مع الحقيقة دائما حتى لو كانت قاسية    أونانا يحقق بداية رائعة في تركيا    بيراميدز يسحق أوكلاند ويضرب موعدا مع الأهلي السعودي    دبابيس ودالشريف    رئيس مجلس السيادة يلتقي أمير دولة قطر و يعقدان اجتماعاً ثنائياً    السودان يشارك في مؤتمر ومعرض المجلس الدولي للمطارات لإقليم أفريقيا    ما ترتيب محمد صلاح في قائمة هدافي دوري أبطال أوروبا عبر التاريخ؟    دراسة تكشف تأثير "تيك توك" وتطبيقات الفيديو على سلوك الأطفال    "خطوط حمراء" رسمها السيسي لإسرائيل أمام قمة الدوحة    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    لقد غيّر الهجوم على قطر قواعد اللعبة الدبلوماسية    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    شاهد بالصور.. زواج فتاة "سودانية" من شاب "بنغالي" يشعل مواقع التواصل وإحدى المتابعات تكشف تفاصيل هامة عن العريس: (اخصائي مهن طبية ويملك جنسية إحدى الدول الأوروبية والعروس سليلة أعرق الأسر)    أمير قطر: بلادي تعرضت لهجوم غادر.. وعازمون على مواجهة عدوان إسرائيل    شاب سوداني يستشير: (والدي يريد الزواج من والدة زوجتي صاحبة ال 40 عام وأنا ما عاوز لخبطة في النسب يعني إبنه يكون أخوي وأخ زوجتي ماذا أفعل؟)    هالاند مهاجم سيتي يتخطى دروغبا وروني بعد التهام مانشستر يونايتد    الهلال السوداني يتطلّع لتحقيق كأس سيكافا أمام سينغيدا    شاهد بالصورة والفيديو.. بضحكة مثيرة جداً وعبارة "أبشرك اللوري مافي زول سائقه مركون ليهو زمن".. سيدة سودانية تثير ضجة واسعة بردها على متابع تغزل في جسدها: (التحية لسائق اللوري حظو والله)    شاهد بالفيديو.. الفنان شريف الفحيل يفتح النار على المطربة إيمان الشريف: (المجهود البتعملي عشان تطبلي لطرف تاني قدميه لزوجك لأنك مقصرة معه ولا تعطيه إهتمام)    شاهد.. "جدية" الإعلام السوداني تنشر صورة لها مع زوجها الشاعر وتستعين بأبيات من الغزل نظمها في حقها: (لا شمسين قدر نورك ولا الاقمار معاها كمان)    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    مصر تسجل مستوى دخل قياسيا في الدولار    وزير الداخلية يترأس إجتماع لجنة ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة ولاية الخرطوم    وزير الداخلية يترأس إجتماع لجنة ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة ولاية الخرطوم    عودة السياحة النيلية بالخرطوم    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    انتقادات عربية وأممية.. مجلس الأمن يدين الضربات في قطر    وزارة الزراعة والثروة الحيوانية والري بالخرطوم تبحث إعادة إعمار وتطوير قطاع الألبان    شاهد بالصورة والفيديو.. عروس سودانية ترفض "رش" عريسها بالحليب رغم إقدامه على الخطوة وتعاتبه والجمهور يعلق: (يرشونا بالنووي نحنا)    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    أعلنت إحياء حفل لها بالمجان.. الفنانة ميادة قمر الدين ترد الجميل والوفاء لصديقتها بالمدرسة كانت تقسم معها "سندوتش الفطور" عندما كانت الحياة غير ميسرة لها    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    حادث مأسوي بالإسكندرية.. غرق 6 فتيات وانقاذ 24 أخريات في شاطئ أبو تلات    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رواية عيسى الحلو الجديدة نسيان مالم يحدث.. التنقيب من منطلق التجريب
صديق الحلو
نشر في الراكوبة يوم 09 - 01 - 2021

رواية عيسى الحلو الجديدة نسيان مالم يحدث. رواية فارقة كأنها عصارة ماتوصل إليه في الكتابة الإبداعية. تجريب منقطع النظير. كما عند كونديرا وبورخيس. تكنيك متقدم. مدهش ومذهل. وولوج سراديب سرديه غير مطروقة كأنما هي شاشة كبيرة تعرض ملايين الصور في ذاكرة صلبة لاتنسى وقرص مرن تتوالى الأحداث منذ بدء الخليقة. والكشف عن أزمنة موغلة في القدم منذ بعانخي والكنداكات والسلطنة الزرقاء. المهدية والعهود الحديثة. كتابة منسابه سلسة تلج لب الواقع وتنفض الغبار من الممكن واللاممكن وذاك المحتمل الذي يخاطب الراهن في جرأة غير معهوده. تناول الحلو المسكوت عنه في رؤية جديدة. بذاك البهاء الذي يمتاز به عيسى الحلو والنضارة. وهذا العمق والتميز الذي نحسه في نسيان مالم يحدث. إذا كانت نيسان مالم يحدث خرجت في بلاد العالم الأول لاقيمت لها الاحتفالات والليالي النقدية. ورفعت لها القبعات لما تمتاز به من كشوف في عالم الرواية الحديثة ومابعد الحداثة وعالم اللارواية ومابعد الرواية. غامر عيسى الحلو ففاز. وانتصر بنجاح باهر أسس لمدرسة جديدة. قريبة صعبة المنال في آن. عرك الحياة وعرف خباياها. غاص كثيرا وأخرج نسيان مالم يحدث درة تتوج عالم السرد الروائي في السودان. وجوهرة عصية التناول في عالم الحكي المحلي. الإقليمي والكوني. بوعي كامل أحدث التغيير وتوج تجربته في الكتابة إلى رواية مدهشة ناجحة رغم اختلافها عن السائد والمألوف. جازف عيسى الحلو فنال مااراد. رواية جعلته في القمة بما امتاز به من جرأة وتجريب. وهو قامة لاتخفي على احد.
وبوعي يضع وشائج لا تمنع الذاكرة من ملامسة الأزمنة البعيدة. هذا التيه الأصفر الممتد. لا وقائع يمكن رصدها بدقة ووضوح. نسيان مالم يحدث تنتفي فيها قواعد وأصول السرد الحكائي. الأب والابن يحبان الحلبية روجينا رزق. لا أحد يستطيع أن يثبت أو ينفي وكأننا واقعين في سحر تسير الحكاية من خيال إلى واقع إلى توهم. هي أرواح تحلق في سماء الذاكرة التي بلا حدود. من حصار الخرطوم وكرري حتى الراهن.. وتحتضنها الصالة المستديرة في قصر المرايا بإحدى الضواحي الجنوبية لريف ام درمان.
رواية نسيان مالم يحدث البطل فيها المكان بجدارة. الفيلا التي بالمنطقة الجنوبية لريف امدرمان الغربي. قصر المرايا حيث تدور الأحداث إذا أن كل جوانبها مغطاة بالمرايا والزجاج المصقول.
وللزمان دور فاعل. وبها صراع الارادات. في كل العهود الوطنية. كأنما هي سيناريو جاهز لفلم كبير كالملحمة.
وهنا يطل ميلان كونديرا وعوالمه ويوسف زيدان في عمارة يعقوبيان. لابد للمتلقي أن يكون ملما بالأحداث ومكمل لها ومشاركا فيها عارفا بديار الشنخاب. قلي والفشاشوية والحمراية.وعلي ودحلو. كرري ومايو. والإنقاذ وكل ذلك الرفش وزبد البحر والقمم.. وبذلك يكون مشارك في الأحداث وعارف بأدق الحيثيات ولو بعضها.
الرواية فانتازيا من الخيال الدسم والحلم الجميل.
كأنها أحاديث خرافة تبدو مثل سحابة ضخمة تلتمع فوق المكان وتنشر ظلها الذي يتسلل للوعي الجمعي والفردي على حد سواء. وكأنما هي حلم قابل للتصديق. رواية حاذقة تربك المتلقي الذكي حتى يبدو الزيف اصلا والاصل زيفا. وهنا الروائيين الكبار كلهم حاضرين من كافكا وفيرجل. هوميروس. همنجواي وبورخيس. والفيلا معلقة على خيط الذاكرات التي لاتنضب وتنسى مالم يحدث. رواية مجنونة تتعرض لكل الهم الإنساني من داعش وحتى كوفيد 19.
والسودان يتحول من براءة الريف إلى التجربة والخبرة والمحتمل. والذي لم يحدث بعد.
النوراني يتربص بروجينا وكذلك ابنه آمين. حقق ذاته فيها لما يمتاز به من الأنا العميقة. جاءت روجينا من بلاد الصقيع إلى هنا حيث الدماء تغلى بالعنف والشهوه. الرواية تعمل في المسافة بين ماحدث ومالم يحدث. وصوت الراوي السارد يأتي من الصحو والمنام. حب الحياة من جانب وتدميرها من الجانب الآخر. والرواية تعمل منذ بدء الخليقة في الانفجار العظيم الذي تشكلت بعده السموات والأرض. وكان النوراني وابنه صورتان متغيرتان لا زمنة سحيقة ماضية ولازمنة أكثر حداثة لم تأت بعد. اخترق امين ظلمات البنت روجينا الحلبية وولج اغانيم اللذة التي لاتنطفيء مثل نيران ابدية.
رواية نسيان مالم يحدث تجمع كل الزمان السوداني. الزمان القومي. الوطني.و العمومي. في سماء الصالة المستديرة. سيدي المهيب ود تورشين هاجر إلى غرب البلاد. ولم يكن طعم الهزيمة يسمح لمذاقات الحياة بالمرور..
لقد امتلأت الأفواه والصور بالحزن والأسف واليأس وهو نفس الشعور الذي خرب عقل ووجدان الضمير السوداني كله واصبح سيمة لازمة له جيلا بعد جيل…
كانت الهزيمة جارحة تنغرس في جلودهم حتى العظم. حزن عميق متسامي بارد وكئيب توغل في الجينات واصبح لعنة لافكاك منها…
الرواية لاتستطيع التفسير لأصل الأقدار التي تظهر نفسها… ويطل السؤال هل التاريخ يعيد نفسه. الرواية تدور من الفتيحاب مرورا بابي روف حتى القماير.
تداخل الأزمنة بسبب الوهم أو الخيال المفرط. ويوالي آمين النوراني سرد الحكاية عبر الأزمنة المشربة بالغبار والنسيان وتلف الذاكرة التي تحاول أن لاتنسى. دون النوراني ماحدث اصلا ثم نسي فيما بعد. اقترن الحزن والكآبة معا واصبحا حالة واحدة تلازم الناس أجمعين.
ورغم ذلك الناس لاينفكون من التساؤل "من نكون؟ وكيف نكون؟ ولماذا نحن مانكون عليه الآن؟"
ماتقوم عليه نواة الحكاية هل هي امدرمان المهدي؟ ام امدرمان الأربعينات. والخمسينات. والستينات. أم هي امدرمان الراهن الان في السابعة عشر من الألفية الثالثة؟
أين هو الراوي الحقيقي… إنها ذاكرات متعددة.
وهنا تراجيديا السرد الكبرى حيث يتصادم التاريخ والأدب والجغرافيا. لقد قتلت شفاهية الرؤى والسرد حقيقة الحكايات في البلاد الكبيرة. تفادي عيسى الحلو الشفاهه. في رواية تأسر اللب والفؤاد والخاطر
9يناير 2021م

صديق الحلو [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.