إثيوبيا تناور بشأن ترسيم الحدود مع السودان وهو ما سينعكس على جهود إطلاق مفاوضات جدية لتحقيق تسوية للأزمة التي شكلت أحد المنغصات للعلاقات بين الجانبين. أعلن السودان، الأحد، امتلاكه مستندات وخرائط ووثائق تؤكد اعتراف إثيوبيا بأراضيه المتنازع عليها. وأوضح المستشار الإعلامي لرئيس مجلس السيادة الطاهر أبوهاجة، في بيان، أن "اتفاقية 1902 نافذة وتؤكد حق السودان في المناطق الحدودية". وشدد على أن السودان يملك مستندات وخرائط ووثائق تثبت حقه، وتوضح كيف أن السودان سمح للمزارعين الإثيوبيين بالاستفادة والانتفاع من أراضيه. وتأتي تصريحات الجانب السوداني في الوقت الذي يعكف فيه البلدان للتحضير لعقد جولة ثانية من مفاوضات ترسيم الحدود، بعد جولة أولى عقدت منذ سنوات. واعتبر أبوهاجة أن "البيان الصادر عن لجنة الحدود المشتركة التابعة للخارجية الإثيوبية جانب الحقيقة والصواب، وحاول إخفاء بعض المعلومات المهمة". والجمعة، أصدرت لجنة الحدود الإثيوبية بيانًا ذكرت فيه أن "الحدود الإثيوبية – السودانية كانت محل نزاعات بين البلدين منذ أكثر من قرن، وتم التوقيع على اتفاقية ترسيم الحدود لأول مرة في عام 1902، لكن الجانبين لم يحدداها". ويرى مراقبون أن تمسك كل طرف بروايته سينعكس بلا شك على جهود إطلاق مفاوضات جدية لتحقيق تسوية للأزمة الحدودية التي شكلت أحد المنغصات للعلاقات بين الجانبين، وكادت أن تتسبب مؤخرا في تصعيد عسكري بينهما. وقال أستاذ العلوم السياسية بمركز الدراسات الدولية بالخرطوم، الرشيد محمد إبراهيم، إن سلوك إثيوبيا تجاه السودان له طبيعة توسعية في ظل إصرارها على غض الطرف عن كافة الخرائط القديمة، بما فيها التي رسمت حدودها وأفضت إلى انفصال إريتريا عنها. وأضاف محمد ابراهيم ل"العرب"، أن أديس أبابا ستجد نفسها مضطرة للتوقف عن هذا السلوك لأن عدم اعترافها وإقرارها بتعيين حدود عام 1902، سيدفع السودان للتفكير في استعادة إقليمي "بني شنقول" و"جامبيلا" اللذين كانا تحت سيادته قبل عملية ترسيم الحدود التي أقرها الاستعمار البريطاني في ذلك الوقت. وأوضح، أن ما تذهب إليه إثيوبيا في الوقت الحالي يتعارض مع مبادئ الاتحاد الأفريقي الذي يقوم نظامه الأساسي على عدم تغيير الحدود التي تركها الاستعمار، وستواجه خطواتها الراهنة برفض قوي من دول كثيرة في القارة وليس السودان فحسب، ما يجعل موقفها يأخذ طابعا إعلاميا أكثر منه قانوني، ويتعلق بشكل أكبر بالأزمة الداخلية في ظل سعي آبي أحمد لتقوية جبهته والحفاظ على تحالفه مع الأمهرة. وأكد الباحث السوداني أن إثيوبيا تناور بشأن وضع العلامات على الأرض لأن الحدود جرى تعيينها بالأساس ومتفق عليها رسميا، وأن التكتيكات التي تتبعها حالياً بشأن أزمة الحدود تتطابق مع موقفها من مفاوضات سد النهضة. وشهدت الفترة الأخيرة توترات عسكرية على الحدود السودانية – الإثيوبية على خلفية مهاجمة مجموعة من القوات الإثيوبية جنودا سودانيين ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى. واستغل الجيش السوداني هذا الاستفزاز ليتقدم ويبسط سيطرته على المناطق التي يعتبرها أراض سودانية. وفي 31 ديسمبر الماضي، أعلن وزير الخارجية السوداني عمر قمرالدين، في مؤتمر صحافي، سيطرة جيش بلاده على كامل الأراضي الحدودية مع إثيوبيا. ومنذ نحو 26 عاما، تستولي عصابات إثيوبية على أراضي مزارعين سودانيين في منطقة "الفشقة" (شرق)، بعد طردهم منها بقوة السلاح. وتتهم الخرطوم الجيش الإثيوبي بدعم هذه العصابات، لكن أديس أبابا تنفي ذلك.