سبعة اشهر مرت على اختفاء عمر محمد محمد ادريس، ابن منطقة العزوزاب بالعاصمة الخرطوم، والاسرة تنتظر سماع خبر العثور على ابنها، الذي يبلغ من العمر 21 عاما، حياً أو ميتاً، حتى ظهرت جثت في الصحراء الليبية وبجوارها متعلقات وحقائب، واعلنت السلطات الليبية ان عمر من ضمن المتوفين، طبقا لبطاقته الشخصية التي وجدت في جيبه، الا ان الاسرة اتهمت السلطات الليبية بالتسرع في دفن الجثمان، واعلنت عن مطالبتها بفحص الحمض النووي للتأكد. وانتقدت غياب دور الحكومة السودانية في الحقاظ على ارواح مواطنيها ومتابعة اوضاعهم بل وتركهم فريسة للمهددات والمخاطر. وكان نحو 21 سودانياً تاهو في الصحراء على بعد 400 كلم من مدينة الكفرة الليبية، وعثر على عدد منهم متوفين بعضهم بجوار السيارة التي كانت تقلهم، وآخرين على مسافة منها، وقد تبقى 5 أشخاص لم يتم العثور عليهم بعد حسب نيابة الكفرة الليبية. وكشفت بسمة بكاي "والدة عمر"، عن معلومات غامضة حول ملابسات سفر ابنها التي شككت في نبأ وفاته بعد تضارب الاقوال، وقالت إن ابنة سيدة كانت ترافق ابنها وهي مقيمة في ليبيا؛ أفادت بفتح بلاغات لدى السلطات الليبية بعد 20 يوماً من انقطاع اخبار المسافرين، وأوضحت أنه تم استئجار مروحية للبحث عنهم، وتم طمأنتهم بعدم وجود تائهين في الصحراء، وتقول بسمة إن ما زاد من مخاوف بسمة اختلاف الروايات حول أي الطرق عبرت سيارتهم الصحراء. وقالت بسمة ل(مداميك) والحزن يخيم على ملامحها: (ما كنت موافقة على سفر ولدي بس اصراره وتشبثه دفعني للموافقة مرغمة، وما حبيت اكسر خاطرو لأنو عمر عندو طموح، وما قدرت اقيف في طريقوا واديتو خاطري). واضافت: "عمر قبل سفره عرفني على سيدة سودانية تدعى فاطمة صالح وابنتها مزنة سيف الدين، من مدينة ود مدني ومغتربين، وهي ام لطبيبتان وطبيب، وابن اخر يعمل محاسب باحدى الشركات الليبية، تعرفوا على عمر بمطار الخرطوم عند عودتهم من ليبيا لقضاء اجازة بالسودان، قبل شهور من الرحلة المشؤومة). واشارت إلى أنه منذ تلك الفترة اصبح عمر ملازما لاسرة فاطمة بحكم عمله في قيادة السيارات وصيانتها، ومع اقتراب انتهاء العطلة عرضت عليه فاطمة صالح فكرة السفر معهم الى بنغازي، ووعدته بايجاد عمل مجز هناك، وافق عمر، وتابعت: (ابلغني برغبته في السفر لكن رفضت بحكم صغر سنه، وحاولت تعجيزه بعدم منحه تكاليف السفر خاصة ان عمر لم تكن له اوراق ثبوتية سوى بطاقته الشخصية، وعند سؤالي له كيف سندبر امرك، قال ان السيدة فاطمة قامت باستخراج جواز سفر وتكفلت بكل الاجراءات وحتى اقامته هناك، وسالته (حتسافروا بشنو، وذكر بالحرف الواحد عن طريق مصر، ودعني واتصل علي من امام البوابة الالكترونية بمصر وكانت اخر مكالمة واتمنى الا تكون الاخيرة). وتابعت بسمة أنه بعد انقضاء شهرين علموا من ابنة فاطمة بليبيا وتدعى منى انهم سكلو طريق الفاشر، وبصحبة وقيادة شخص يسمى (سمير) ومعهم (11) شخصاً آخرين منهم (فائز وضرار ورويدة وشقيقها وعمر)، وتلاحظ ان الرابط الوحيد الذي يجمعهم انهم من فئة عمرية واحدة (شباب) وان السيدة فاطمة اقنعت معظمهم بفكرة الاغتراب الى حيث تقيم. واضافت: (هنا بدأت المغالطات والشكوك ذهبنا لجمعية الهلال الاحمر طلبا للمساعدة والبحث عن عمر، لكن حتى اللحظة لم تتم افادتنا بشئ، الى ان علمنا بالخبر الفاجع من الفيسبوك يوم الاحد الماضي، عبر البطاقة الشخصية)، وتسائلت اين جواز السفر الجديد، ولماذا السلطات الليبية استعجلت الدفن على الرغم من مطالبتنا لها بارفاق صورة للجثمان او أي شي يؤكد حقيقة الادعاء، -وانفجرت باكية- لا ندري هل عمر مخطوف ولا مقتول ولا الحاصل عليهو شنو). وجدان شقيقة عمر الكبرى- قالت ل(مداميك) إنها أجرت مكالمات تلفونية مع زوجة سائق السيارة وهو من الضحايا ايضا، وافادت الاخيرة بأن منى اكدت وصول والدتها (فاطمة) منطقة جبل عوينات وبالحجر الليبي، وشككت في حديث منى الخاص بتمشيط الصحراء عبر طائرة مروحية وفتح بلاغ بعد 20 يوماً من سفرهم لدى الشرطة الليبية، واوضحت وجدان ان الشرطة الليبية اكدت عدم استلامها اية بلاغات في تلك الفترة. وأضافت: (ما ازعجني حقا وجود قسائم زواج ضمن المقتنيات التي وجدت مع الجثامين خالية من البيانات وعليها اختام، فضلا عن عدم استجابة منى للمكالمات واغلاق هاتفها). واستنكرت اسرة عمر دفن السلطات الليبية الجثامين دون حضور ذوي المتوفين، وعدته تجاوزاً وانتهاكاً لحقها في التأكد من حقيقة الامر، خاصة انها اكتفت بشهادة شخص ليس من الاسرة في التعرف على عمر، واضافت: (اصبحنا بين الشك واليقين)، وشككت الاسرة في نبأ الوفاة واشارت الى ان سائق العربة لم تكن تلك رحلته الاولى الى ليبيا وهو ممن يخبرون الدروب. وتمسكت بفحص الحمض النووي للتأكد من حقيقة ما اذا كان الجثمان لابنها عمر، واستنكرت استعجال دفن الجثامين بواسطة الشرطة الليبية وسط غياب السفارة السودانية في طرابلس، وطالبت الاسرة تلك الجهات بالتحرك العاجل لاستجلاء الحقائق، واشارت الى ان نيابة الكفرة نشرت مقتنيات ومستندات وصور تم العثور عليها بالمركبة الالية نوع تويوتا اسكيوا، والتي تعطلت على بعد 400 كيلو متر جنوب شرق مدينة الكفرة، وكان على متنها عدد (21) شخصاً، وتسائلت الاسرة إن كانت العربة تتسع لهذا العدد من الركاب. وفي الكفرة أعلن فريق إسعاف وطوارئ الكفرة المكلف يوم الاربعاء العثور على جثث لعائلتين مكونتين من 4 نساء و4 أطفال على بعد مسافة من السيارة المتعطلة، ولا زال هناك عدد 5 حالات اخرى مفقودة. ومن جهتها حملت الناشطة في حملة الحق في الحياة ويني عمر، الدولة مسؤولية ما حدث لعمر وما سيحدث لغيره حال استمرار اهمال واجباتها تجاه مواطنيها ومواطناتها، وقالت ان الازمات المتلاحقة والنزاعات وغيرها دفعت الكثيرين للإتجاه للبحر هروبا الى جنة متخيلة في شمال المتوسط، او عبر الصحارى بحثا عن حياة كريمة وامنة، فدفعوا بأنفسهم لمجهول غير مأمون العواقب. ونبهت الى ان هذه الحادثة التي فقد بسببها اطفال ورجال ونساء حياتهم هي رسالة ايضا ان الوضع لم يتغير وأن الناس بدأو يفقدون الأمل ويبحثون عن حلول بعيدا عن بلدهم، واضافت: (هذا هو حال السودانيين لزمن، حيث يشكلون قطاعا مقدرا من اللاجئين والمهاجرين الاقتصاديين في مناطق كثيرة حول العالم). واكدت ان إهدار الحق في الحياة، واستمرار العنف الهيكلي، والتدهور الاقتصادي المستمر، واصرار الحكومة على تجريب المُجرب؛ سيؤدي لهدر حياة المزيد من الناس، ولإستمرار المظالم والفوارق الطبقية مما سيدفع بالمزيد من الناس نحو الخيارات المُميتة بحثا عن الحياة الكريمة التي حرمتهم منها بلدهم وخيارات حكوماتهم.