ندرك تحديات الفترة الإنتقالية ومؤامرة الدولة العميقة وسعي قوى الردة وضعاف النفوس في تدمير اقتصاد البلاد، والحكومة المدنية ولجان المقاومة يتصدون لهذه المؤامرات والعسكر يرفضون التعاون والتنسيق مع مؤسسات الدولة المدنية ودولة مجلس الوزراء، وتشهد العاصمة والولايات هشاشة أمنية لم تشهد لها مثيل في تاريخ البلاد، حيث يسرح ويمرح المجرمون في كل مكان ومخربي الاقتصاد يسعون ليل ونهار فإذا بلغت الشرطة أو الجهات المعنية لم تسمع سوى رد "دي المدنية الدايرنها" وكأنهم مغضوبين عليها ويتحسرون على نظامهم الساقط الذي قبره شعبنا في الحضيض ولم تقوم لها قائم في وطننا الطاهر. ومايستفزك أكثر ويجعلك تشعر بالاشمئزاز تجاه الوضع الراهن أن ترى أجانب مقيمون في بلدك بطرق غير شرعية ويتضاربون بعملتك الوطنية ويصبحوا وسطاء "سماسرة" في التجارة، العقارات والترحيلات وحتى لا تسلم منها إكمال المستندات الرسمية للدولة. وفي نفس الوقت الدولة تعيش حالة من الفقر حتى تتخذ تدابير تحرير سعر صرف عملتها المحلية ويرتفع التضخم ليتخطى حاجز المئتان في المئة، ويرتفع معدل البطالة وينخفض الحد الأدنى للأجور إلى ما دون ال 8.40 دولار " 3000 جنيه" وأن يعتمد تدفقات السلع الإستراتيجية من الخارج بشكل كامل، وغير دليل إنتظام صفوف غاز الطهي هذه الأيام الذي أعلن الحكومة عن وصول 40 تانكر غاز إلى ميناء بوتسودان، ناهيك عن أزمة الخبز الذي لم تفارق الصفوف بوابات المخابز منذ أكثر من عام ونيف. والحكومة لاتستطيع أن تضع للأزمة حد وترمي اللوم على شركات الأمن التي لا تتبع ولايتها لوزارة المالية مع صرف مرتبات العاملين فيها من خزينة الدولة ومن عرق جبين المواطن المغلوب على أمره، ويخرج لجان منبثقة من الحكومة المدنية بإتهامات وحقائق تؤكد ضلوع هذه الشركات في تدمير اقتصاد البلاد عن طريق إجادتها في تهريب السلع، الهروب من الضرائب، الإعفاءات الجمركية والمضاربة بالعملات في ظل حوجة البلاد إلى غذاء ودواء ومأوى. فحقًا أتباع النظام البائد لايحاسبوا ضمائرهم ولا يرون لتعذيب المواطن بالجوع والمرض، ويتلذذون بتعذيب المواطن ويبتزونها ويستفزونها بعبارة "شكرًا حمدوك" و"ماقلتوا دايرين مدنية" وكأنهم لم يتحرروا بعد ثورتنا العظيمة وهم لايزالون يلعقون أحذية العسكر ويتحكم في تحركات أفراد كقطيع الأغنام في وادي محيطة بزرع، فهم يحرضون العسكر على تقويض النظام الدستوري في البلاد ولا يدركون بأن الثورة محروسة ببناتها وأبناءها المخلصين، ويسعون إلى خلق خلافات لشق الصف بين شرفاء القوات النظامية والمواطنين من أجل إحداث إنقسام وإثارة حروبات داخلية لتشتيت لكبح جماح أبناء الوطن الواحد الذين كاتفوا بيدٍ واحد حتى أسقطوا عرشهم الدنس. ولم يكتفوا فقط بالتحريض بل حتى من كان فيهم مجند في صفوف المليشيات يسعى لإشعال نار الفتنة بين القبائل في مناطق الهشاشة الأمنية. مليشات العسكر وشركاءهم من الدولة العميقة يقومون بتهريب الوقود إلى دول الجوار ليحدثون بذلك ندرة وإنهاك السلطة المدنية في إستيرادها بعد تعطيل آبار النفط المحلية والمصفاة بطرقة ممنهجة ومرت دون أي محاسبة؛ لأنهم يتحمون بالحصانة القانونية اللازمة لتنفيذ هذه الأجندة دون حسيب ولا رقيب. والمتابع للشأن القانوني أن بعض من مليشيات العسكر متهمون بجرائم جنائة ولكن بسبب حصانتهم القانونية منعت التحقيق معهم حتى اللحظة، فإذا الدولة أراد إصلاح اقتصادها عليها أن يصلح وزارة الداخلية ويراجع كافة فوانينها، وأن يجري مراجعة شاملة لوزارة الدفاع وإصلاح الأخطاء وإزالة التشوهات التي أحدثتها النظام البائد في هذه المنظومات الحساسة التي بإمكانها أن تضبط عمليات التخريب التي طال ربوع البلاد. فإذا القوات النظامية هي من تقوم بتسهيل تهريب السلع من الدولة وبالمقابل تقوم بتسهيل تهريب الأجانب إلى داخل البلاد مقابل حفنة من الجنيهات التي بات بفعلهم لا تسوى شيء، وفي نفس الوقت الذين يساعدونهم ويدخلونهم البلاد يدخلون معهم كميات كبيرة من المخدرات التي تسبب في تدهور اقتصاد البلاد وتدمير عقول الشباب. أضف لكل هذا وذاك تفشي الرشاوي وسطهم، فبرشوة رمزية بإمكان الواحد أن يطلق سراح مجرم يصل عقوبة جرمها حد الإعدام أو يفرج عن بضاعة مهربة تصل درجة تدميرها للأخضر واليابس في البلاد، فلماذ لايتعاون هذه المؤسسة مع المؤسسات المدنية ويضعون قرارات صارمة للوجود الأجنبي غير المقنن وأن يحافظون على حدود البلاد من تهريب الموارد منها وإدخال المخدرات عليها. وكثير مانسمع من حكومتنا المدينة "نعمل في تناغم وإنسجام بروح الفريق الواحد" ولكن بكل أسف الواقع عكس ذلك تمامًا، وأن المدنيين يبنون والعسكر ودولتهم العميقة يهدمون "يشلعون" في آنٍ واحد. ولكن رئيس وزراءنا لا يحدثنا عن الحقيقة والتعامل بين مؤسساته المدنية والعسكرية كتعامل الكديس "القط" والفار. ومن يظن بأن اقتصاد بلادنا ستنصلح بتوفر منح أو قروض من النقد الأجنبي بعد أو قبل تحرير سعر الصرف كذاب؛ لأن دولتنا مقدودة "حدودها مفتوحة للأجانب والمهربين" لذا حالنا أشبه بحال من "ينفخ له في قربة مقدودة أو بها غرم" فأنها لا تمتلئ، وتحرير سعر الصرف أو حتى تعويم الجنيه لا تجدي نفعًا بسبب وجود أكثر من 20 مليون مجهول الهوية لا يستطيعون التعامل مع البنوك بصورة رسمية ومعظم هؤلاء المجهولون من ذوات الدخل المرتفع وأصحاب الأعمال الإجرامية من تجار العملات ومروجي المخدرات، كما أسلفت في مقال سابق عن الدولة التي تزرع مساحات وأسعة من أرضها محصول مخدر الشاشمندي ولديه من المسوقين والمروجين تقدر بالآلاف وسط الشباب. وأيضًا سنتحدث في مقال ستنشر لاحقًا إذا أمد الله في العمر عن من يقومون بزراعة مخدر البنقو ويحصدونها بالمئات القناطير. وفي النهاية نود أن نذكر رئيس الوزراء وكل طاقم وزراءه بأن يحسموا الفوضى التي يحدثها أذرع الدولة العميقة وأن يترجلوا ويواجهوا هؤلاء بيد من حديد ولدينا من يقف خلفهم كما أتوا بهم من قبل. والثورة كالموج تهدأ عندما لاتصتدم بالرح وتثور عند عكس ذلك، والثوار يتابعون الوضع عن كثب ويرصدون من يترصد عليهم ويتريثون في إتخاذ القرار حسب الظروف المحيطة بالثورة ومن يتولون أمرهم. وأننا ماضون ومصممون في إكمال أهداف ثورة ديسمبر المجيدة ولا رجعة فيها وإن تخاذل المرجفون في المدينة