تأثرت شرائح كبيرة من المواطنين جراء السياسات الاقتصادية التي اتخذتها الدولة منذ العام الماضي، الأمر الذي تسبب في تزايد معدلات الفقر. وكانت وزارة المالية وصندوق النقد الدولي قد اتفقا على برنامج لإكمال الإصلاحات الهيكلية، ليتمكن السودان من الاستفادة من مبادرة إعفاء ديونه الخارجية، ومن الاندماج مع المجتمع الدولي، بعد قرار رفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب. وللتخفيف من أثر الإصلاحات الاقتصادية، تم إطلاق برنامج دعم الأسر الفقيرة في السودان، للتخفيف من الأثر الاجتماعي والاقتصادي للإصلاحات الاقتصادية على المواطنين. ومعلوم أن السودان وقع في شهر مايو من العام الماضي مذكرة تفاهم مع برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة لتمويل برنامج دعم الأسرة الذي سيوفر للأسر السودانية تحويلات نقدية مباشرة. ووقع الاتحاد الأوروبي وعدد من الدول والبنك الدولي، سبتمبر من العام الماضي، اتفاقية ب (188) مليون دولار (أي نحو 161 مليون يورو) لتمويل مساعدة مباشرة للعائلات المحتاجة في السودان. ويقدم برنامج دعم الأسر (ثمرات) مساعدات مالية ل (80%) من سكان السودان، أي (32) مليون شخص، ويقول البنك الدولي إن القيمة الإجمالية للبرنامج (1.9) مليار دولار. ووقع الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي اتفاقية لتوفير (110) ملايين دولار لبرنامج دعم الأسر (ثمرات)، إضافة إلى (78.2) مليون دولار من: فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، هولندا، إسبانيا، والسويد، لتمويل البرنامج، ليصل إجمالي مساهمة الشركاء الأوروبيين في برنامج دعم الأسرة إلى ما يقارب (190) مليون دولار أمريكي. ويؤكد وزير التنمية الاجتماعية، أحمد آدم بخيت، أنه سيتم تحويل ما يعادل (5) دولارات شهرياً، بالجنيه السوداني، لكل فرد في أسرة لرب الأسرة. وهذا البرنامج يقع في إطار برامج التحاويل النقدية المباشر والتي حظيت بمزيد من الاهتمام في السنين السابقة، كوسيلة فعالة لتقديم دعم مباشر للأسر، تشير للتجارب الناجحة للدول التي اعتمدت برامج التحويلات النقدية، وأثبتت فعالية وكفاءة التحويلات المباشرة في التأثير الإيجابي على معيشة الناس، والتخفيف من حدة الفقر، وتحسين الأمن الغذائي والصحة، وبناء السلام الاجتماعي. وبحسب خبراء، فإن البرنامج يهدف إلى تخفيف تداعيات الرفع التدريجي للدعم عن المحروقات بسبب عجز الميزانية والاقتصاد عن معالجة الوضع في ظل التحديات التي يمر بها الاقتصاد، ويرون أن المبالغ المخصصة لدعم الأسر ضعيفة جداً في ظل استمرار تصاعد أسعار جميع السلع، ولا تفي تلك المبالغ بأبسط مقومات المعيشة. ودشن رئيس مجلس الوزراء، الدكتور عبد الله حمدوك، منتصف الأسبوع الجاري، برنامج ثمرات لمعالجة معاش الناس والضائقة المعيشية، مؤكداً أن البرنامج سيعمم على جميع ولايات السودان. وثمن حمدوك الشركاء الإقليميين والدوليين والمنظمات الدولية والمواطنين لدعمهم هذا البرنامج، مؤكداً أن البرنامج يحتاج لتكاتف كل الجهود حتى ينعم المواطن بالأمن والهناء والرخاء. بدوره، أكد وزير المالية والتخطيط الاقتصادي، د. جبريل إبراهيم، أن برنامج دعم الأسر واحد من برامج الحكومة الانتقالية للإصلاح الاقتصادي، والذي بدأ بعد هيكلة دعم المحروقات، وتحرير سعر الصرف، والتي تعد من المعالجات الصعبة، والجراحات العميقة التي تأثر بها المواطن السوداني، لافتاً إلى أن برنامج ثمرات جزء من البرامج الاقتصادية للحكومة الانتقالية بالسودان، والتي تهدف لمساعدة الأسر وبناء قدرات المرأة والأسرة، عبر شبكة الأمان والحماية المستدامة الذي تنفذه وزارة التنمية الاجتماعية، بالإضافة إلى الدعم المالي الشهري لامتصاص الآثار السالبة على المواطنين. ويرى سفير الاتحاد الأوروبي، روبرت، أن إطلاق برنامج دعم الأسرة، سيساعد الأسر السودانية الفقيرة في الحصول على الدعم المالي، مما يخفف من تأثير الإصلاحات الاقتصادية؛ وتوقع أن يتطور البرنامج الأيام والأسابيع القادمة، ويمتد إلى ولايات جنوب كردفان والبحر الأحمر وكسلا، وسيستمر إلى الولايات الأخرى ليشمل السودان كله. ويشير إلى أن الاتحاد الأوروبي سيساهم في البرنامج بمبلغ (160) مليون يورو، وهو ما يعادل (72) مليار جنيه سوداني، وتبلغ مساهمة فريق أوروبا (الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء معاً) في هذا البرنامج (305) ملايين يورو، وهو ما يعادل (114) مليار جنيه سوداني. وبحسب تقرير لبرنامج الغذاء العالمي، فإن أسعار السلع الأساسية استمرت في الارتفاع منذ ديسمبر 2020، ويعزى ذلك لتدهور قيمة العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، الأمر الذي أدى لزيادة كبيرة في تكلفة سلة الغذاء بشكل مطرد منذ بداية العام، وأدى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وانخفاض القوة الشرائية. وتوقع تقرير برنامج الغذاء العالمي أن يحتاج ما مجموعه (13.4) مليون شخص (أكثر من ربع السكان) في السودان إلى مساعدات إنسانية في عام 2021. ويمثل هذا زيادة بنسبة (44%) عن عام 2020، وأعلى مستوى خلال عقد من الزمن. إذ يحتاج حوالي (7.3) مليون شخص لمساعدات طارئة لتلبية الاحتياجات التي تهدد الحياة، بينما يحتاج (13) مليون شخص إلى الخدمات الإنسانية، لأن مستويات المعيشة منخفضة للغاية.