ولاية الخرطوم توقف منظومة فرز للنفايات رغم أخذها الدعم… مسؤولون يشكون من ضعف نظام فرز "النفايات" تسببت عمليات نبش النفايات "البركتة" التي تتعرض لها المرادم والمحطات الوسيطة، في فقدان النفايات أية قابلية لإعادة التدوير، الأمر الذي اضطر سلطات ولاية الخرطوم إلى إيقاف تشييد "منظومة فرز النفايات" التي دعمتها وكالة التعاون اليابانية "جايكا" بالشراكة مع ولاية الخرطوم في عهد النظام البائد وشركة "F K H" الهندسية. وتخسر ولاية الخرطوم، بسبب ضعف نظام فرز النفايات أو عدم تفعيله، فرصة الاستفادة من 49% من المواد العضوية بالنفايات، التي يمكن الاستفادة منها كأسمدة. تحقيق: إمتنان الرضي وكشفت جولة ل(الحراك) بالمحطات الوسيطة ومرادم النفايات بالخرطوم عن تدخل ولاية الخرطوم في إيقاف تشييد "منظومة فرز النفايات" التي دعمتها وكالة التعاون اليابانية "جايكا"، بالشراكة مع ولاية الخرطوم في عهد النظام البائد وشركة "f k h" الهندسية. وأثبتت دراسة أجريت في معمل جامعة الخرطوم آنذاك عن وجود 49% من المواد العضوية من النفايات المفروزة يمكن الاستفادة منها في تصنيع الأسمدة وغيرها من المخصبات..وعلى ذلك أنشئ مصنع تدوير إلا أن ولاية الخرطوم الآن أيضاً أنهت الشراكة بحجة أن النفايات التي تصل للمصنع غير غنية ولا يمكن الاستفادة منها. وقال مدير هيئة نظافة الخرطوم الصادق الزين إن شركة "fkh" تعمل على التشييد الداخلي فقط بعد أن فازت بعطاء طرحته ولاية الخرطوم في عهد النظام البائد ونفذت العمل المدني لمنظومة فرز تسمى"منظومة السيور" في المحطة الوسيطة أم بدة، ولكن لعدم وجود نفايات كافية توقف تشييدها. وأضاف ولكن ما زالت العقودات سارية بيننا وبينها. وفيما علمت "الحراك السياسي" أن شركة خاصة تنوي احتكار عمل النظافة بولاية الخرطوم قال الزين، إن شركتي "دال وسي تي سي" دعمتا الهيئة عبر وزارة المالية بالآليات عبر عطاء ووفقاً لقانون الشراء .. من جهته، يقول دينق وهو أحد عمال هيئة نظافة ولاية الخرطوم إن مهمتهم جمع النفايات من الأسواق والأحياء داخل ولاية الخرطوم، وليست له علاقة بمن يطلق عليهم "البركاتة" لأن هؤلاء يبيعون لأصحاب الموازين والمصانع. واستكمل حديثه ل(الحراك السياسي) قائلاً: طالبنا بزيادة المرتبات خاصة في ظل ارتفاع تعرفة المواصلات. والبركاتة هم مجموعة من الناس يعملون على فرز النفايات يدوياً في الأحياء والأسواق والمحطات الوسيطة والمرادم ومن ثم بيع المواد التي يمكن أن يُعاد تدويرها مثل "البلاستيك والزجاج والكرتون والحديد"، بعد وزنها بالكيلو بالقرب من المحطات الوسطية لجهات غير معلومة لهيئة نظافة الخرطوم. وقال أحد البركاته الذي يعمل منذ ثلاث سنوات في "البركتة بالمحطة الوسيطة لمحلية الخرطوم ل(الحراك) إنهم يفرزون "الكرتون والبلاستيك والزجاج والكريستالات والحديد"، وبعد الفرز تُوزن المواد التي فرزوها بالقرب من المحطة ثم يأتي شخص يُدعى حسين من "البرج الماليزي بالسجانة"، يشتري من البركاتي الطن ب8000 جنيه للكرتون، وأضاف أن عملية الفرز للطن قد تستمر لثلاثة أو أربعة أيام. وطبقاً لمدير عام المحطة الوسيطة بمحلية الخرطوم محمد ود الزبير الذي تحدث ل(الحراك): فإن نقل النفايات يمر بثلاث مراحل: تبدأ بمرحلة الجمع من الأحياء ونقلها إلى المحطات الوسيطة ومن ثم مرحلة التخلص النهائية بنقلها ودفنها في المرادم. يمضي ود الزبير قائلا ً: وتوجد ثلاث محطات بالعاصمة الخرطوم "قرب السوق الشعبي بأم درمان, وفي المحطة الوسطى ببحري, وقريباً من مقابر الرميلة بالخرطوم" وتضم المحطة الوسيطة بمحلية الخرطوم مايقارب 50 من عمال وفنيين وموظفين، بينما يقول ود الزبير:تأتي النفايات لهم من الخرطوم شرق والخرطوم غرب والخرطوم شمال، وذكر وجود مركز إحصاء لمعرفة الجهة التي تأتي منها عربات النفايات وحجم حمولتها ومن ختمها، مستكملاً فإن الجرار الواحد يحمل حوالي75 طناً أي قرابة 7 إلى 8 عربات. نقص الآليات والنثريات وبالرغم من أن الزبير قال "نظام فرز النفايات" يُستفاد منه في إعادة تدوير النفايات، ويقلل عدد الرحلات للمردم لكن أرجع عدم وجوده في المحطة الوسيطة لأسباب مالية. وتحدث عن مشاكل في صيانة الجرارات "من نقص في الوقود والإسبيرات"، مشيراً إلى أن الجرارات التي توضع فيها النفايات تحتاج لإطارات وأن النثريات التي كانت تأتي للمحطة أُوقفت لأكثر من شهرين. وأجاب أن وجود البركاتة في المحطات الوسيطة من أجل فرز النفايات وبيعها لأصحاب الموازين يمثل عائقاً لعملهم وتخوف أن تؤدي محاربتهم إلى ردود أفعال سلبية، خصوصاً أنه دونت عدداً من البلاغات في مواجهتهم بعد أن فقدت بعض المتعلقات التي تخص المحطة، واستبعد وجود مستفيدين من عمليات الفرز اليدوي التقليدية التي يقوم بها البركاتة. منظومة الفرز: في السياق يقول مدير شركة "FKH" فتح الرحمن الخرساني: بدأ اليابنيون بدعم هيئة نظافة الخرطوم بآليات لإنشاء "منظومة فرز للنفايات" من أجل التقليل من مخاطر البيئة، ومن ثم الاستفادة مما يفُرز في عملية إعادة التدوير وشاركت في المشروع ثلاث جهات "ولاية الخرطوم وجايكا وشركة"F K H". يضيف الخرساني وكُونت لجنة من ولاية الخرطوم ومنظمة جايكا وهيئة نظافة ولاية الخرطوم، واتفقت على العمل لتطوير المحطات الوسيطة إلى مرحلة الفرز ثم كُونت لجنة فنية لتحسين إدارة النفايات الصلبة لولاية الخرطوم، ضمت المجلس الأعلى للبيئة ولفت كان ذلك في عهد النظام البائد والوالي حينها عبد الحليم إسماعيل المتعافي. وتابع قائلاً قدمت اللجنة دراسة رأت فيها أن تزداد عدد المحطات وسعتها ووافقت "جايكا" على الدراسة ودعمتها " فأنشأت محطة في الأندلس وأبو سعد، وود دفيعة، بالقرب من الحاج يوسف وفي صالحة بأم درمان فزادت المحطات من "3" إلى"7″ محطات وزادت سعة المحطة إلى "400" طن. الدراسة والفرز: يقول الخرساني: وأجرت الدراسة بواسطة جايكا وأثبتت "بأن ما يُفرز من النفايات يمكن الاستفادة منه في شؤون أخرى، وذكرت الدراسة بعد فحص وفُرز النفايات بمعامل جامعة الخرطوم، أن المواد العضوية تمثل نسبة 49% ورأوا أنه يمكن الاستفادة منها في الأسمدة، 11% بلاستيك، 9% كرتون،6% تراب، 10% قماش جلود،5% حديد، 10% مواد أخرى"، ولذلك أنشئ مصنع لتدوير النفايات في أب وليدات للفرز للاستفادة من النفايات التي تم فرزها. أجازت وكالة جايكا الدراسة ودعمت المشروع ب"100″ عربة كبيرة و"6″ آليات من " لودر وبلدوزر وروافع"، واتفقت ولاية الخرطوم حينها مع شركة "إنتاج" المصرية للتنفيذ. ولعدم وجود مخازن أجّرت الولاية مخازن ب"75″ مليون وضعت فيها "نظام الفرز" وطرحت عطاءات لتنفيذ العمل المدني" داخل المحطات، وكان من نصيب شركة "f k h" الهندسية حيث بدأت بربط النظام في غرفة التحكم والعمل الهندسي في ود دفيعة في بحري. ولكن ما الذي جرى بعد ثورة ديسمبر؟ يقول الخرساني أفادنا مديرعام هيئة نظافة الخرطوم بأن نظام الفرز المتفق عليه ضعيف وليس ذا كفاءة في الفرز، وتابع تناقشت الشركة مع هيئة نظافة ولاية الخرطوم وأوضحت لها أن النظام ذو جودة عالية ويعمل بها عالمياً, ويضيف بالرغم من ذلك إلا أن ولاية الخرطوم أبرمت عقداً مع شركة دال للسيطرة على نظام الفرز، وأن الشركة لا علاقة لنا بضعف النظام إنما تعاقدت مع ولاية الخرطوم لتنفيذ العمل المدني بعد العطاء الذي كان من نصيبها. التزمت شركة ب "F K H" بكل الخدمات في المرحلة الأولى والتزم اليابنيون من "جايكا" بدعم المرحلة الثانية ب 250 عربية، يقول الخرساني ولكن يبدو أن شركتي "دال وسي اي سي" لديهما مصلحة ما في نظام الفرز حسب حديث الخرساني الذي وصف معاملة مستشار والي ولاية الخرطوم الحالي محمد خالد، بمحاولة تعطيل عمل مدير هيئة نظافة الخرطوم حتى وبعد ثورة ديسمبر، مستدركاً بالرغم من أن النفايا ت أصبحت تؤرق كثيراً من المواطنين وتمثل خطراً في بحري وقلب البلد وتؤثر على المياه الجوفية والبيئة . وتابع أن نظام الفرز الذي وافقت عليه جايكا تُستغل فيه المساحات بطريقة علمية وتقلل من الصرف على جمع ونقل النفايات التي تتابعها المحطات الوسيطة وتتحرك في سبع ولايات بالخرطوم، والعربات تتجول حوالي 6-7 ألف متر.. مستدركاً لكن يبدو أن هناك جهات تستفيد من الفرز اليدوي وتعطيل النظام الموجود وذكر أن من 5 – 6 مليارات بالبركاتة أي العمل اليدوي. من جهته تحدث مدير هيئة نظافة الخرطوم الصادق الزين للحراك عن جملة تعقيدات وأوضاع شائهة تواجههم في الهيئة منها وجود الأخطاء الإدارية في عهد النظام البائد التي خلفت وضعاً مزرياً يتمثل في عدم الاهتمام بالعاملين وعدم التدريب، بالإضافة للوضع المهين الذي يعيشه عمال هيئة نظافة ولاية الخرطوم ناهيك إلى أن بعضهم يعملون بشكل مؤقت في الخدمة. ولفت الزين إلى أنهم شكلوا لجنة على رأسها والي ولاية الخرطوم لتعيينهم رسمياً وفقاً لشروط تضعها الهيئة..وذكر عدم تأهيل الورش الهندسية وانعدام الوقود.. أوضاع شائهة: ليس لهيئة نظافة ولاية الخرطوم صلاحية لمساءلة فروع الهيئات بالمحليات فنجد أن المدير التنفيذي بالمحلية مسؤول عن توفير الميزانية من ما يتحصل عليه من خدمة جمع النفايات، وعن توفير القوى العاملة لجمع النفايات وفقاً لقانون الحكم المحلي، بينما الهيئة تشرف على الجانب الفني فقط من شراء آليات ووضع المواصفات والمعايير والسياسات وهو ما اعتبره الزين وضعاً شائهاً يجب معالجته. وبالرغم من أن مدير عام هيئة نظافة ولاية الخرطوم أكد أن مهمة المحطات الوسيطة التي تتبع لهم، جمع النفايات من الأسواق والأحياء ثم نقلها إلى المرادم لدفنها مع مراعاة معالجتها بطريقة هندسية محددة تفادياً للمشاكل البيئية..إلا أنه قال وجود ما يسموا "البركاتة" في الأسواق والأحياء من أجل فرز النفايات يتسبب في إعاقة عمل عمال الهيئة، إذ أنهم يفرزون النفايات قبل وصولها للمحطات الوسيطة والمرادم، يضيف ويسوقوا النفايات المفروزة لجهات غير معروفة وأضاف وجودهم مهدد أمني لكننا لا نستطيع محاربتهم أو إيقافهم . أصحاب الموازين: والآن نحن كهيئة نسعى وبالتنسيق مع وزارة الصناعة والتجارة لإدخالهم الخدمة المستديمة ليفرزوا لمصلحة الحكومة وبكميات محددة وبتقنيات معينة، واستدرك بالرغم من أننا أحياناً نستفيد من عملهم. وأشار إلى أن البركاتة في ذات مرة وجدوا أجسام متفجرات مؤسسات عسكرية. ويمضي الزين أن تراكم النفايات سببه الظروف الاقتصادية خاصة بعد التحول الديمقراطي الذي انعكس على الصحة والتعليم والبيئة أضف للتركة الثقيلة التي ورثتها الفترة الانتقالية. وما الذي يضير هيئة نظافة ولاية الخرطوم من وجود نظام فرز تستفيد منه الدولة في تطوير مشاريع إعادة التدوير؟ هنا ذكر الزين (للحراك) دعم من دولتي ألمانياواليابان وفي العام 2016 لهيئة نظافة الخرطوم عبر وكالة التعاون الياباني "جايكا"، وأضاف وستدعمنا اليابان مرة أخرى لكن هناك ضعف في الكوادر والتدريب والتخصصية وعدم تأهيل الورش الهندسية وعدم وجود مخازن. إيقاف مصنع التدوير: وعن مصنع التدوير الذي أنشئ في مردم أب وليدات قال: إن الشراكة فُضت وآل المصنع للهيئة لأن الشريك وجد أنه يحتاج إلى نسب كبيرة من النفايات، ويتابع وبما أن "البركاتة" يعملون في عملية الفرز فإننا لا نستطيع توفير نفايات غنية لعملية إعادة التدوير، مضيفاً أن جايكا دعمتنا بالآليات فقط ولم تدعمنا بنظام تدوير، بينما ولاية الخرطوم الآن تطرح للشركات الخاصة عبر الصحف لشراء الآليات. "شركة F K H" وفيما يخص شركة"FKH" تعمل على التشييد الداخلي بعد أن فازت بعطاء طرحته ولاية الخرطوم في عهد النظام البائد، ولا زالت العقودات سارية بيننا وبينها مضيفاً ونفذت العمل المدني لمنظومة فرز تسمى"منظومة السيور" في المحطة الوسيطة أم بدة، ولكن أوقفنا التشييد لعدم وجود نفايات غنية ووجود مشاكل في المنظومة. ومن الحلول التي طرحتها الهيئة إما أن ندخل في شراكة مع القطاع الخاص عبر عطاءات وإما أن تشتري الهيئة الآليات وأيضاً عبر القطاع الخاص وهو ما بدأنا فيه. ولفت إلى أن شركتي "دال ،وسي تي سي" وردتا آليات لهيئة ولاية الخرطوم عبر وزارة المالية ولكن وفقاً لقانون الشراء والتعاقد، ويقول الزين "إن إدارة النفايات تعتمد على الدعم الحكومي بشكل رئيسي ومتحصل الخدمة من القطاعات المختلفة. وكشف عن أن متوسط إنتاج الفرد من النفايات حوالي "كيلو" في اليوم حسب الدراسات، يضيف ناهيك عن ما تنتجه الأسواق بسبب الزيادة السكانية بالعاصمة وتغيير نمط الإنتاج والاستهلاك، بالإضافة إلى ضعف الميزانية وإحجام المواطن من دفع الرسوم. المخاطر والحلول: وأفاد مهندس الكيمياء مصطفى حسان عبد الله أن ردم النفايات بطريقة عشوائية يسبب تلو ث الهواء خاصة النفايات العضوية الموجودة من بقايا الخضروات واللحوم، موضحاً فعندما تتحلل تؤدي إلى إطلاق غاز الميثان الذي يؤدي إلى الاحتباس الحراري مما يزيد من درجة الحرارة في الكرة الأرضية، يضيف ويؤدي إلى تكاثر الجرذان ممايحدث خللاً بيئياً وتلوث المياه الجوفية بسبب التسريب خصوصاً في فصل الخريف والفيضانات. وتحدث إسحق عن المخاطر التي تنتج من حرق البلاستيك، خصوصاً أنه مركب من مواد مسرطنة تتمثل في " البي في سي ومادة الكولاريد الذي قال إنها أخطر أنواع البلاستيك والديكوكيستان". وبالعودة لمدير هيئة نظافة الخرطوم الصادق الزين ل(الحراك)، فإن الرؤية المستقبلية تتمثل في التخطيط لتسوير المرادم وتنظيم الخلايا التي تضع فيها النفايات وتفعيل إجراءات الأمن والبيئة والسلامة والمختبرات البيئية ، وقياس حجم التلوث في المياه الجوفية، وزيادة الميزانية، وتجديد الآليات، وتوفير احتياجات القوى العاملة وزيادة مرتباتهم مضيفاً خصوصاً أن خدمة جمع النفايات تختلف عن الخدمات الأخرى بكل ما فيها من مخاطر واستمرارية، بينما طرح عبد الله حلولاً بديلة تكمن في تطوير مشاريع إعادة التدوير في السودان، ومشاريع "الهضم اللاهوائي"، بحيث تُهضم بقايا اللحوم والخضروات في مكان ما لتتحلل من أجل توليد غاز طبيعي. وأشار إلى "غاز الميثان" الذي يمكن أن يُستفاد منه في غاز الطهي وتشغيل المحركات وتصنيع الأسمدة، ويستكمل أيضاً من المهم تدوير النفايات البلاستيكية والاستفادة منها مرة أخرى.