ظلت حملات التشكيك في قانونية ودستورية تكوين وعمل لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد واسترداد الأموال تتصاعد بوتيرة متسارعة، معارضون كثر يرون أن قانون لجنة ازالة التمكين يتعارض مع الوثيقة الدستورية التي نصت على أنه لا يجوز مصادرة الأموال الخاصة إلا بحكم قضائي، ويقولون انها لجنة سياسية (انتقامية) عقيمة ولا تعمل بقانون وادخلت البلاد في أزمات، وطالما كانت لجنة ازالة التمكين عرضة لانتقادات قاسية من أحزاب فاعلة في الثورة على رأسها حزب الأمة القومي والحزب الشيوعي، ويرون أن بعض بنود قانون اللجنة به ثغرة يستغلها معارضون لعملها من أجل تصعيد الضغوط على السلطة الانتقالية كي يتم حلها، إلا أن اللجنة أكدت حفظ حقوق الآخرين باللجوء إلى الاستئناف. وبدت نذر أزمة بين بنك السودان المركزي ولجنة ازالة التمكين بعد أن ألغى محافظ البنك المركزي قرارات أصدرتها اللجنة بإنهاء خدمة عشرات العاملين بالبنك ومسارعة اللجنة لرفض الخطوة وتمسكها بقرارات الفصل، وأعاد البنك المركزي بقرار من المحافظ خدمة العاملين الموقوفين بقرار لجنة إزالة التمكين التي قررت الاستغناء عن خدماتهم الأسبوع الماضي. وأصدر المحافظ قراراً الأحد الماضي بإعادة جميع المفصولين من العمل الذين وُضعت اسماؤهم في قائمة غير معتمدة تفيد بإنهاء خدماتهم وحرمانهم من الدخول لمباني البنك. وبحسب القرار فإنه ستتم إعادة المفصولين ابتداءً من أمس. وبالمقابل أكدت لجنة التفكيك أن القرارات الصادرة منها غير قابلة لإيقاف التنفيذ وفقاً لنص المادة (3/8) من قانون تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989 وإزالة التمكين لسنة 2019 تعديل سنة 2020. وأكدت أن التوجيه الصادر من محافظ بنك السودان وما ترتب عليه من تعميم صادر عن الإدارة العامة للموارد البشرية للبنك مخالف للقانون ولا يجد ما يسنده. في ديسمبر من العام الماضي شكل رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان لجنة استئنافات مختصة بالقرارات الصادرة عن لجنة إزالة التمكين، وأسند رئاسة اللجنة لعضو مجلس السيادة الفريق إبراهيم جابر ورجاء نيكولا نائبة للرئيس، ومنذ تشكيلها لم تباشر لجنة الاستئنافات عملها وتجتمع بسبب عدم اكتمال عضويتها عقب انسحاب أعضاء قوى الحرية والتغيير من اللجنة، وارتفعت طلبات الاستئناف من كل العاملين المفصولين بقرارات من لجنة إزالة التمكين في مؤسسات الدولة والوزارات إلى أكثر من ألفي طلب من دون أن ينظر القضاء في تلك الطلبات، ويرى كثيرون أن غياب لجنة الاستئنافات فيه انتقاص من حقوق الإنسان والحريات العامة ويحرم كل من يطاله قرار بالفصل او مصادرة امواله وممتلكاته من حق التقاضي العادل . وسابقاً ذكرت نائبة رئيس لجنة الاستئناف بلجنة إزالة التمكين رجاء نيكولا أن قوى الحرية والتغيير لم تسمِ مناديبها باللجنة، وكشفت عن تلقيهم أكثر من 1,615 مذكرة استئناف، وقالت إنها رفعت أمر عدم اكتمال اللجنة لرئيسي مجلس السيادة والوزراء بغرض إكمال عضوية اللجنة لمباشرة مهامها . وكان الفريق ياسر العطا قد اشار إلى أن احد الاسباب التي دفعته إلى تقديم استقالته من رئاسة اللجنة هو الانتقاد المستمر للجنة من كافة مستويات الحكم ومعظم مكونات الحاضنة السياسية لقانون ونهج عمل اللجنة، فضلاً عن عدم مباشرة لجنة الاستئنافات عملها، ما عطّل عمل اللجنة وأعاق دورة العدالة، وأيضاً من الأسباب التهاتر المستمر بين اعضاء اللجنة وبقية أجهزة ومؤسسات الدولة وفي وسائل الإعلام. ويؤكد رئيس القطاع القانوني بالمؤتمر السوداني كمال الأمين أن عدم النظر في الاستئنافات المقدمة ضد قرارات لجنة إزالة التمكين يعطل العدالة وانكار للعدالة نفسها، ووصفه بالخلل الكبير، وقال في حديثه ل(الانتباهة) ان عدم الفصل في الاستئنافات المقدمة يؤثر في الصورة العامة للعدالة في البلاد، وأضاف قائلاً لا يمكن أن تصدر قرارات فصل بالالاف وتنتزع ممتلكات وليس لديك لجنة استئنافات كي تنظر في هذه القرارات، وتابع قد يكون هذا القرار غير صحيح وتكون اصبت من صدر في حقه القرار بالضرر . وقال كمال طالما هناك لجنة تصدر قرارات يجب أن تكون هناك جهة استئناف لهذه القرارات، لجهة ان القرار يؤثر في المركز القانوني للافراد، واكد أن الاستئناف حق دستوري لاي شخص، وقال كل الاشخاص المتضررين يحتاجون إلى العدالة ويجب أن يجدوها لانها احد شعارات الثورة، وشدد على ضرورة إكمال لجنة الاستئنافات وادخال محامين فيها كي تنظر في الطلبات التي تقدم لها، واكد كمال ان تأخر اكتمال اللجنة واجتماعها للنظر في الاستئنافات التي تقدمت لها شأنها شأن مؤسسات الحكم التي لم تكتمل بعد، وجزم بأن عدم وجود المحكمة الدستورية امر مضر بالصورة العامة للعدالة. ويرى الخبير القانوني هشام محمد صلاح عدم وجود اي مبرر لتأخير لجنة الاستئنافات بلجنة إزالة التمكين للفصل في الاستئنافات التي قدمت للجنة، وقال في حديثه ل(الانتباهة) يجب ان تكون العدالة ناجزة كي يأخذ كل شخص حقه القانوني في مراحل التقاضي، وأضاف قائلاً بمجرد صدور قرار من لجنة ازالة التمكين بمصادرة اموال او عقارات او فصل اشخاص من الخدمة، تجتمع اللجنة وتنظر في الاستئنافات المقدمة امامها من المتضررين من القرارات، وتابع قائلاً "طالما هناك نزع بعدالة ووفقاً للقانون يجب ان تتوفر العدالة للمتضرين" . وشدد هشام على ضرورة أن تنظر لجنة الاستئنافات في القرارات بنفس السرعة التي تصدرها فيها لجنة ازالة التمكين حتى يتمكن المتضرر من استيفاء كافة شروط الاستئنافات والوصول لاخر مرحلة فيها، ولحين يثبت أن الممتلكات التي استردت منه لم يحصل عليها بطرق ملتوية او تسهيلات وان قرار فصله من الخدمة ليس صحيحاً، وقال طالما يوجد نزع وفصل وصدرت قرارات يجب ان يتمتع المتضررون بحقوقهم في التقاضي مباشرة دون اي تأخير، واضاف على اللجنة أن تبدأ عملها فوراً في النظر في الاستئنافات التي امامها .