ألمانيا تدعو لتحرك عاجل: السودان يعيش أسوأ أزمة إنسانية    ميليشيا الدعم السريع ترتكب جريمة جديدة    بعثة الرابطة تودع ابوحمد في طريقها الى السليم    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    الفوارق الفنية وراء الخسارة بثلاثية جزائرية    نادي القوز ابوحمد يعلن الانسحاب ويُشكّل لجنة قانونية لاسترداد الحقوق    كامل ادريس يلتقي نائب الأمين العام للأمم المتحدة بنيويورك    شاهد بالفيديو.. شباب سودانيون ينقلون معهم عاداتهم في الأعراس إلى مصر.. عريس سوداني يقوم بجلد أصدقائه على أنغام أغنيات فنانة الحفل ميادة قمر الدين    السعودية..فتح مركز لامتحانات الشهادة السودانية للعام 2025م    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    شاهد بالفيديو.. الطالب صاحب المقطع الضجة يقدم اعتذاره للشعب السوداني: (ما قمت به يحدث في الكثير من المدارس.. تجمعني علاقة صداقة بأستاذي ولم أقصد إهانته وإدارة المدرسة اتخذت القرار الصحيح بفصلي)    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    تقارير: الميليشيا تحشد مقاتلين في تخوم بلدتين    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة تسابيح خاطر تستعرض جمالها بالفستان الأحمر والجمهور يتغزل ويسخر: (أجمل جنجويدية)    شاهد بالصورة.. الناشط محمد "تروس" يعود لإثارة الجدل ويستعرض "لباسه" الذي ظهر به في الحفل الضجة    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة تسابيح خاطر تستعرض جمالها بالفستان الأحمر والجمهور يتغزل ويسخر: (أجمل جنجويدية)    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    مكافحة التهريب بكسلا تضبط 13 ألف حبة مخدرات وذخيرة وسلاح كلاشنكوف    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    ريال مدريد يزيد الضغط على برشلونة.. ومبابي يعادل رقم رونالدو    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    تونس.. سعيد يصدر عفوا رئاسيا عن 2014 سجينا    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العفو عن "موسى هلال" واختبار لمرسوم العفو العام الصادر من "الفريق البرهان"
نشر في الراكوبة يوم 16 - 03 - 2021

بتاريخ الخميس 11 مارس 2021 أطلقت السلطات السودانية سراح رئيس مجلس الصحوة الثوري الحالي، موسى هلال، بعفو رئاسي أسقط عنه تهما كان يحاكم بموجبها، وهو ما إعتبرته دوائر سياسية مصالحة تدعم العدالة الإنتقالية. وفقا لصحيفة الراكوبة الالكترونية إستندت المحكمة العسكرية في إسقاط التهم المنسوبة لموسى هلال إلى تنازل "أولياء الدم" عن حقهم في القصاص، وجرت تسوية شاملة قضت بدفع الديّات، وحفظت الإجراءات الجنائية.
موسى هلال الذي وصفته هيومن رايتس ووتش بأنه "مرادف دوليًا للجنجويد" الميليشيا المدعومة من الحكومة التي إرتكبت جرائم دولية خطيرة في دارفور، إعتُقل في عام 2017 بعد الإصدار السابق للمرسوم الرئاسي رقم 419/2017 الرئيس الأسبق عمر البشير، تم القبض على موسى هلال مع عدة مئات من الضباط من قوات حرس الحدود، وهي مجموعة شبه عسكرية مكونة من قوات الجنجويد السابقة التي تم دمجها في القوات المسلحة السودانية في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
كان القرار الجمهوري رقم 419/2017، الذي كان يهدف إلى إجبار المواطنين على تسليم أسلحة وذخائر ومركبات غير مرخصة لقوات الأمن السودانية، جهدًا ذا دوافع سياسية للحد من نفوذ موسى هلال (والميليشيات القبلية الأخرى) يمثل تهديدا لعمرالبشير أنذاك قاد تنفيذه محمد حمدان دقلو("حميدتي")، قائد قوات الدعم السريع – والنائب الحالي لرئيس مجلس السيادة الانتقالي.
منذ إعتقاله لرفضه تسليم أسلحة بحوزة قوات حرس الحدود، لم يُحتجز موسى هلال في مراكز إحتجاز رسمية تابعة للدولة أو يمثل أمام محكمة عادية ، إتهم هلال والمتهمون الآخرون بإرتكاب جرائم بموجب المادة (50 –تقويض النظام الدستوري) والمادة (130– القتل العمد مع سبق الإصرار) من قانون الجنائي لعام 1991ولم توجه إتهامات للشيخ موسى هلال بإرتكاب أي جرائم ضد المدنيين في دارفور.
في الماضي دعى المدافعون عن حقوق الإنسان إلى إنهاء احتجاز موسى هلال خارج نطاق القضاء، مشيرين إلى أن إستخدام السلطات السودانية لسلطات "حالة الطوارئ" للإحتجاز يفتقر إلى الضمانات اللازمة ضد الإعتقالات التعسفية والإحتجاز المطول دون ضمانات الإجراءات القانونية الواجبة. في حين أن إطلاق سراح موسى هلال من الإعتقال يمكن إعتباره خطوة إيجابية لتلك الأسباب المذكورة ، فإن الآفاق المستقبلية للمحاسبة على أي جرائم يرتكبها هلال وقواته غير مؤكدة الآن.
يحاول هذا المقال أن ينظر بمنظور ضحايا السيد موسي هلال في هذا البلاغ الذي أسقطت عنه التهم، وضحاياه في البلاغات الأخرى لكي يجيب على سؤال هل ما حدث عدالة انتقالية أم إفلات من العقاب.
على وجه الخصوص، يناقش هذا المقال أوجه القصور الإجرائية فيما يتعلق بعفو مجلس السيادة عن موسى هلال والعقبات التي تلوح في الأفق أمام المساءلة ، بما في ذلك قرار العفو الصادر في نوفمبر 2020 والحصانات القانونية الأخرى.
1. مارس 2021 العفو
يشار إلى أن العفو الخاص الصادر عن مجلس السيادة في حق الشيخ موسي هلال مخالف للقانون السوداني ، القانون السوداني ينص في المادة 211 من قانون الإجراءات الجنائية 1991 علي أن الطريقة التي يصدر بها أن العفو هو أن يصدر بقرار من رئيس الجمهورية بعد التشاور مع وزير العدل، وهو الذي عادة يتقدم بالتوصية بإعتبار أن النيابة صاحبة الحق الأصيل في الإشراف علي الدعوي الجنائية ومن بينها البلاغات موضوع العفو .
لكن كانت الطريقة التي صدر بها عفو الشيخ موسي هلال وفقا علي أقوال رئيس هيئة الدفاع عن السيد موسى هلال في صحيفة الراكوبة الالكترونية " تم حل هذه القضية بمبادرة من قائد ثاني قوات الدعم السريع الفريق عبدالرحيم دقلو، وذلك بمباركة ورعاية الفريق أول محمد حمدان دقلو نائب رئيس مجلس السيادة، ووافق عليها الفريق أول البرهان رئيس مجلس السيادة ، ولاحقاً إعتمدتها القوات المسلحة ممثلة في السيد رئيس هيئة الأركان لذلك تعتبر هذه الإجراءات باطلة لمخالفتها للمادة المشار إليها أنفآ من قانون الإجراءات الجنائية .
بالنظر إلى الحساسية السياسية للقضية المطروحة، وطبيعة الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني التي إرتكبها موسى هلال وقواته في دارفور، يجب التدقيق بعناية في مخالفة العفو الصادر في مارس آذار 2021، مع مزيد من التوضيح من الحكومة الإنتقالية.
2. مشاركة الضحايا في عمليات العدالة الإنتقالية
علاوة على ذلك كما لوحظ أن العفو الممنوح للشيخ موسى هلال إستند جزئيًا إلى تسوية تم التوصل إليها من خلال آليات العدالة التقليدية ، ومن بين أوجه القصور الأخرى، أن هذه الآليات، التي تعتمد على مؤتمرات المصالحة القبلية ودفع "الدية" لا توفر بشكل كافٍ مشاركة الضحايا. في إطار العدالة الإنتقالية المتكامل، ينبغي تركيز الضحايا وإدماجهم في جميع عمليات العدالة الإنتقالية.
ومع ذلك، حتى في المحاكم السودانية العادية ليس للضحايا سبل مفيدة للمشاركة في الإجراءات القانونية؛ هذه المشكلة أكثر حدة في المحاكم العسكرية في السودان، والتي قد تطبق السرية، ولا توفر للضحايا فرصًا لعرض قضيتهم، وغالبًا ما تصل إلى قرارات غير متاحة للتدقيق العام أو المراجعة القانونية.
في هذه الحالة، على الرغم من إتهام الشيخ موسى هلال بجرائم لا يمكن عرضها على محكمة وتسويتها دون موافقة الشخص المصاب (الأشخاص) أو الوصي (الأوصياء) عليه، لم يتم تضمين الضحايا في أي إجراءات تسوية. ورد في الراكوبة في 12 مارس أن "قيادات الإدارات المدنية والمجتمعية" ممثلة برئيس قبيلة الرزيقات (التي ينتمي إليها حميدتي وموسى هلال ) وغيرهم من زعماء العشائر شاركوا في تسوية المصالحة ، ليس هناك ما يشير إلى أن الضحايا أنفسهم قد تم إشراكهم في أي مناقشات بشأن هذه التسوية ،إنما شارك زعماء قبائل الضحايا وليس الضحايا بصفة شخصية ، أن المحكمة العسكرية استندت في إسقاط التهم المنسوبة لهلال إلى تنازلات مكتوبة من "أولياء الدم" عن حقهم في القصاص، مقابل الديّات ، هل قيمة الدية بغض النظر عن إنخفاض قيمتها الأن نتيجة للتضخم الاقتصادي (337 ألف جنيه سوداني أي اقل من ألف دولار امريكي) تشفي غليل الأم الثكلى والزوجة الأرملة والأطفال الأيتام؟
لا خلاف حول المزايا الكبيرة للعدالة التصالحية القائمة على الأعراف والتقاليد القبلية والدور الذي يمكن أن تلعبه في سياق العدالة الإنتقالية في دارفور أو في باقي أجزاء السودان ، فمن وجهة نظرنا أن نظام الدية بهذا الشكل لا يحقق الردع العام للأشخاص الأخرين من إرتكاب جريمة القتل ، أو حتي الردع الخاص للقاتل نفسه من تكراره لإرتكاب جريمة القتل مرة أخري؛ نتيجة لإنتشار السلاح ونتيجة للموارد المالية من عائدات الذهب ونتيجة للإجراءات التي تدفع بها الدية التي لا تهتم بالإعتراف وتحمل مسئولية الخطأ بشكل فردي والوعد بعدم التكرار بالإضافة الي النسبة المئوية التي يحصل عليها المسهلون لإجراءات الصلح في الإدارات الاهلية التي تتعارض فيها مصالحهم مع مصلحة الضحية في حال رفضه للدية ، ولذلك المئات من الديات التي دفعت في دارفور في كثير من مبادرات الصلح تلك لكنها لم توقف العنف.
لكل ما تقدم من الصعوبة بمكان أن نصف بما حدث يمكن أن يرقي لمنهج عدالة إنتقالية ما لم نثبت أن كل ضحايا البلاغات المتهم فيها الشيخ موسي هلال قد عفوا عنه حقيقة وليس مجازا بعد أن يعرفوا لماذا فعل فيهم الشيخ موسي هلال ذلك؟ وكيف فعل ذلك؟ وبأمر من فعل ذلك؟ هذه الأسئلة التي يبحث الضحايا عن إجابات لها … ومن غير أن يتعرضوا لمثقال ذرة من إغراء او إكراه. لم يشر الخبر الي ان الشيخ موسي هلال عبر عن ندمه على ما فعله و إعتذر للضحايا وطلبه العفو والسماح منهم. ووعد بعدم التكرار وقبول الضحايا لذلك الإعتذار.
العدالة الإنتقالية تستلزم الشجاعة، لذلك نأمل أن يقوم شيخ كالشيخ موسى هلال بذلك فهو مازال زعيم لمجلس الصحوة الثوري، وهي خصال تؤهله للإعتراف بالذنب وبذلك يمكن يساهم في تحقيق العدالة الإنتقالية في دارفور.
لكن ما يدعو الي التفكير في نهج العدالة الإنتقالية هو النظر في الملف الآخر الخاص بأحداث التعدي على قوات الدعم السريع بمنطقة مستريحة والتي قتل فيها (15)فرد من قوات الدعم السريع على رأسهم العميد عبدالرحيم جمعه عبدالرحيم قائد القوات. حيث جاء في صحيفة الراكوبة في نفس التاريخ ان أولياء الدم قد قاموا بتقديم طلب لحفظ الدعوة الجنائية وإطلاق سراح المتهمين بالضمانة العادية و بالرغم من أن الجريمة عقوبتها الإعدام و لا يجوز الإفراج بالضمان إلا أن هناك استثناء وفقاً لنص المادة (106) يجوز الإفراج بالضمان العادي إذا وافق أولياء الدم في الجرائم التي عقوبتها الإعدام وبما أن أولياء الدم قد وافقوا على إطلاق سراح المتهمين، فقد وافقت المحكمة على الطلب المقدم من أولياء الدم بحفظ الإجراءات وإطلاق سراح المتهمين بعد أن تقدم المتهمين بضامن كفء و هو ناظر قبيلة الرزيقات محمود موسى مادبو الذي وقع على محضر المحاكمة بأن يكون ضامناً و متعهدا عن جميع المتهمين.
السؤال: لماذا لم تطلب قوات الدعم السريع التنازل عن البلاغ وشطبه ، بدلاً من حفظه الذي يعني في القانون السوداني إنه يمكن لقوات الدعم السريع أن تعيد فتح البلاغ وتواصل السير فيه في أي وقت … ماذا لو قام الضامن أو الكفيل بإلغاء الضمانة او الكفالة في أي وقت ، وهو أمر لا يتوقع من ناظر كالناظر موسي مادبو. لكن لا قدر الله إذا حدث ذلك فعمليا سيقوم القاضي بالقبض عليهم ومواصلة الإجراءات … العدالة الإنتقالية تختلف عن العدالة الجنائية في أنها لا تجعل الباب موارباً لذلك إن أرادت قوات الدعم السريع أن تنتهج نهج العدالة الإنتقالية عليها أن تتنازل عن البلاغ وتصفح عن المتهمين وتفتح صفحة جديدة. لأن حفظ البلاغ يعني أن سيف الاتهام سوف يظل مسلطا في وجه المتهمين ترفعه قوات الدعم السريع متي ما أرادت وفي ذلك بعد عن العدالة الإنتقالية التي تعني الصفح ونسيان الخطأ والعفو عند المقدرة؛ وقفل صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة للحاضر والمستقبل.
3. إختبار مرسوم العفو لعام نوفمبر2020
وقبل هذا العفو الخاص ببلاغات أحداث منطقة مستريحة في سنة 2017 التي قتل وجرح فيها عشرات من الأشخاص بينهم أطفال، تقدم قضية الشيخ موسي هلال إختبار وتطبيق عملي للعفو العام الصادر من الفريق أول عبد الفتاح البرهان (قرار مجلس السيادة بتاريخ 12 نوفمبر 2020) حيث تم العفو عن جميع من حمل السلاح وشارك في أي من العمليات العسكرية والحربية أو ساهم باي فعل او قول يتصل بالعمليات القتالية ، ويشمل ذلك العفو العام الأحكام الصادرة والبلاغات المقدمة ضد القيادات السياسية، وأعضاء الحركات المسلحة بسبب عضويتهم ، كما يشمل الأحكام الصادرة والبلاغات المقدمة ضد القوات النظامية التي وقعت أو صدرت في سياق المواجهات العسكرية والحربية بين الحكومة والحركات المسلحة .
يشمل العفو أولئك الذين سبق لهم حمل أسلحة أو شاركوا في عمليات عسكرية في السودان، وكذلك أي قادة سياسيين وأعضاء في حركات مسلحة معرضين لخطر الملاحقة القضائية على وجه التحديد لإنتمائهم لهذه الجماعات. إستبعد القرار من العفو أولئك الذين :
(1) وجهت إليهم المحكمة الجنائية الدولية لائحة تهام .
(2) متهمون بإرتكاب جرائم دولية خطيرة أو إنتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان تقع ضمن ولاية المحكمة الجنائية الخاصة بدارفور .
(3) مواجهة أحكام القانون المدني أو القصاص.
لذلك يزداد حظ الشيخ السيد موسى هلال بالرغم من أن منظمات حقوقية عالمية حملته مسئولية قتل مئات من المدنيين في دارفور، وفرضت عليه الأمم المتحدة عقوبات منذ 2007 تشمل تجميدا لأصوله وحظر سفره بسبب مشاركته في الجرائم ضد المدنيين التي وقعت بدارفور في الفترة من 2002 الي 2010، وذلك ببساطة لأنه غير مطلوب من جانب المحكمة الجنائية الدولية ، وبالتالي سيستفيد من العفو الرئاسي الصادر من الفريق برهان في نوفمبر 2020.
الإستثناء الثاني من قرار العفو أنه لا يشمل الأشخاص الذين يواجهون إتهاما أو دعاوي جنائية بجريمة الإبادة الجماعية أو الجرائم ضد الإنسانية أو جرائم الحرب أو الإنتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان أو القانون الدولي الإنساني ، منذ 2002 والتي تدخل إختصاص المحكمة الخاصة بجرائم دارفور، وحيث أن السيد موسى هلال حسب علمنا لا يواجه مثل ذلك الإتهام لأن عبارة مواجهة إتهام بناء علي تفسير قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991 لا تتم إلا بعد فتح الدعوي الجنائية أي بناء علي علم شرطة الجنايات أو وكيل النيابة أو بناء علي ما يرفع الي أيهما من بلاغ أو شكوي لا توجد دعوي جنائية واحدة من هذه الجرائم ضد الشيخ موسي هلال في أي قسم شرطة أو نيابة في درافور او حتي أمام محكمة دارفور الخاصة ، وبذلك سوف يسدل الستار عن كل تلك الجرائم في حق الشخ هلال.
الاستثناء الثالث والأخير للفئات التي لا تستفيد من قرار العفو؛ هم الذين يواجهون بلاغات وأحكام متعلقة بالحق الخاص وأحكام القصاص إلا بعد إستيفاء الحق الخاص. سوف يستفيد أيضا الشيخ موسى هلال من ذلك لأنه لا يواجه بلاغ مقيد ضده ، صحيح أن هناك عشرات من التقارير الصادرة من المنظمات الدولية لحقوق الانسان والأمم المتحدة أهما تقرير لجنة التحقيق الدولية في دارفور، برئاسة القاضي أنطونيو كاسيزي تتهم فيه موسى هلال بإرتكاب جرائم بالحق الخاص وأحكام القصاص ، أكثر من ذلك حتي علي المستوي الوطني خلصت لجنة التحقيق الوطنية السودانية، برئاسة مولانا دفع الله الحاج يوسف أن القوات الحكومية قد ارتكبت جرائم ضد الإنسانية تتمثل في القتل وجرائم الحرب المتمثلة في القتل العمد في كل ولاية من ولايات دارفور، لكن وعلى الرغم من إنشاء محاكم خاصة في دارفور، فإنها لم تجر أية إجراءات قضائية فيما يتعلق بتلك الجرائم ، بكلمات أخري لم تقيد تلك الجرائم كبلاغات لاسباب كانت معروفة من بينها تعنت وتلكؤ ورفض الشرطة والنيابة القيام بذلك ، وبسبب تخويف وإرهاب الضحايا والشهود ومحاميهم ، الأمر الذي يجعل من تقارير تلك اللجان مجرد حبر علي ورق لا قيمة لها أمام القانون، لذلك سوف يستفيد السيد موسي أيضا من هذا الاستثناء.
أي تمديد لعفو الشيخ موسى هلال بموجب قرار نوفمبر 2020 سيكون إنتهاكًا واضحًا للقانون الدولي ، على الرغم من أن قرارات العفو يمكن أن تلعب دورًا في تسويات السلام، فإن قرارات العفو التي تمنع تمامًا تدابير المساءلة عن الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني لا تتوافق مع إلتزامات الدول في مجال حقوق الإنسان . مطلوب من الدول التحقيق بشكل فعال في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك التعذيب، ومقاضاة مرتكبيها ، لهذا السبب ، في حين أن العفو المحدود في السودان يمكن أن يحقق بعض الأهداف المهمة، مثل تسهيل مشاركة قادة الحركات المسلحة في مفاوضات السلام ، فإن العفو عن الشيخ موسى هلال أو غيره من مرتكبي إنتهاكات حقوق الإنسان في السودان سيكون إنتهاكًا للقانون الدولي .
4. الحصانات
وعلى نفس المنوال يجب التأكيد على أنه لا ينبغي السماح للشيخ موسى هلال بالإفلات من المساءلة الجنائية على أساس أحكام الحصانات القائمة بموجب القانون السوداني. حاليًا، بموجب القانون السوداني ، يُمنح ضباط الشرطة وأفراد قوات الأمن والمتعاونون وأفراد القوات المسلحة حصانات موضوعية وإجرائية – والتي تتعارض مع الحق في الإنتصاف الفعال لأنها تمنع فعليًا ضحايا التعذيب وإنتهاكات حقوق الإنسان الأخرى من المطالبة بالتعويض أو غيره من أشكال الجبر.
بموجب المادة (34) من قانون القوات المسلحة لعام (2006)، يُمنح الجنود والضباط الذين يقومون بأي عمل "بحسن نية" أثناء أداء واجباتهم حصانة واسعة ، بإستثناء الحالات التي يتم فيها التنازل عن هذه الحصانات. كما تمت مناقشته سابقًا، تم دمج قوات حرس الحدود (التي كانت تحت قيادة موسى هلال) في القوات المسلحة السودانية ومنحت وضعًا عسكريًا. وبالتالي من المحتمل أن تنطبق تدابير الحماية المنصوص عليها في المادة 34 على موسى هلال، ما لم يتم التنازل عن هذه الحصانات .
كما هو الحال بالنسبة لقرار العفو الموضح أعلاه، فإن تمديد أي حصانة من الملاحقة القضائية للشيخ موسى هلال سوف يتعارض مع القانون الدولي . على السلطات السودانية إتخاذ إجراءات عاجلة للتحقيق مع الشيخ موسى هلال وغيره من المسؤولين عن أخطر الإنتهاكات في دارفور ومحاكمتهم .
5. استنتاج
ختاماً ان ما يحدث في ملفات العدالة بعد حكومة الثورة يجعل إيمان الضحايا بنظام العدالة الجنائية سواء كانت في الداخل والخارج يهتز إهتزازاً شديداً ، ومن أجل إستعادة الثقة في العدالة كقيمة ومنع الإفلات من العقاب، سيتطلب الأمر إحداث تغيير جذري وفرعي في التعامل مع هذه الملفات بدلا تجريب تكتيكات جربها حكام من قبل مثل الإنكار والتأخير والتضليل والتهوين ، لكن تلك التجارب كانت عبارة عن زراعة ريح لم يحصد منها هؤلاء الحكام سوي العاصفة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.