منذ بداية العصور الوسطى نشأت في منطقة غرب السودان "إقليم دارفور" ثلاثة مماليك عرفتها التاريخ وهي سلطة الداجو، سلطة التنجر وسلطنة الفور، وكانت سلطنة الداجو هي أولى أقدم هذه المماليك، حيث نشأت في هذه المنطقة منذ القرن التاسع إلى القرن الرابع عشر الميلادي، وكانت تمتد حدودها الجغرافية من الصحراء الكبرى جنوبًا، بحيرة تشاد غربًا، ونهر النيل شرقًا وبحر الغزال جنوبًا. وإتخذت مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور الحالية عاصمة لها، وإشتهرت هذه المملكة بالتجارة، الزراعة، تنقيب وتشكيل المعادن وتربية المواشي، وكانت أول سلاطيل السلطان عبدالله داجو وآخرها السلطان عمر كسيفورو الذي إشتهر بقصة تحويل جبل أم كردوس شمال شرق مدينة نيالا إلى منطقة جبال النوبة، وبذلك يؤكد أن رقعة سلطنه تشمل حتى جبال النوبة منطقة الجبال التسعة وتسعون الذي أمر بنقل الجبل المنفرد "جبل أم كردوس" لكي تكتمل جبال النوبة إلى مئة جبل بدلًا عن تسعة وتسعون جبلًا، وعندما إستفحلت الأمر فتدخلت سيدة مسنة شهيرة تتبع للأسرة الحاكمة لإنقاذ الذين شملتهم أمر تحويل الجبل، فإقترحت للسلطان فكرة الزفة بالتيتل الشهيرة والتي طوى بنهايته صفحة هذا السلطان الشهير. وهذه من الأسباب التي أدى إلى إنهيار هذه المملكة الغنية بالتاريخ البشري والحضاري في المنطقة، وبعدها نشأت مملكة التنجر وآخيرًا مملكة الفور. "ذكرت هذه القصة لزيادة التعريف بأهمية هذه الأثار التي يجري تدميرها الآن من قبل حكومة والي جنوب دارفور موسى مهدي الذي لم يحرك ساكنٍ والولاية تقع تحت سلطته المطلقة" وبالرغم من التاريخ الحافل لهذه المملكة "سلطة الداجو" وإرثها التاريخي الثري، إلا أن حكومة ثورة ديسمبر المجيدة بولاية جنوب دارفور حكومة الولي المدني "موسى مهدي"، قد باع آثار هذه السلطنة العريقة لبنك الخليج لتشييد فرعها بجنوب دارفور فوق قصر سلطان هذه المملكة التاريخية "سلطنة الداجو". ولقى هذه الأفعال الشائنة المتناقضة مع أهداف ثورة ديسمبر المجيدة، وأهداف منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، والأقدام والتماضي في بيع مثل هذه المناطق الأثرية متناقضة حتى مع الضمير الإنساني والإخلاقي ناهيك عن حكومة ثورة عظيمة مهر من أجل نجاحها دماء ثوار في ريعان شبابهم فداءًا لهذا الوطن الشامخ. وكانت رد هذا الفعل الشنيع تجاوب معه الأهالي ولقى إستنكارًا شديدة اللهجة من المهتمين بالآثار بهذه المملكة ومن توقظه ضميره الحي للحفاظ على الأرث التاريخي لهذا القصر، وبالرغم من ذلك أعتصم المهتمون بهذا الشأن لأكثر من مئة يوم ولم يتدخل السلطات الإتحادية والمنظمات الثقافية لكف عبث والي جنوب دارفور "موسى مهدي" بآثار المنطقة. واليوم تدخل إعتصام الأهالي يومه المئة لتنفيذ مطالبهم المشروعة التي تتمثل في وقف بيع حكومة ولاية جنوب دارفور المنطقة الأثرية لبنك الخليج لإفتتاح فرع جديد له في مدينة نيالا حاضرة جنوب دارفور، ومنطقة الإعتصام حتى هذه اللحظة لم تزورها الحكومة الإنتقالية ولا حتى الولي المدني الفاسد المدعو "موسى مهدي" الذي فشل في توفير الأمن لإنسان الولاية والذي صرح قبل أقل من أسبوع بأن ولايته تعاني من إنتشار السلاح بكافة أنواعه وتفتقد لمظهر هيبة الدولة وسيادة حكم القانون، وهو ذات الوالي المدعو "موسى مهدي" الذي صرح قبل أسبوع لقناة الجزيرة وقال "أطلقنا سراح منسوبي النظام السابق بعظ أن وقعوا على إقرارات بعدم الإخلال بأمن الولاية"، وهو ذات الوالي الذي إتهم في منسقية النازحين واللاجئين بولاية جنوب دارفور بالتقاعس مع مليشيات الجنجويد الذين هاجموا وقتلوا الأهالي في قريضة، الطويل، سعدون، وتلس ومناطق كثيرة بولايته، وطالبوا بإقالته بصورة فورية حتى لا تنفجر الأوضاع في كل أصقاع الولاية وتحدث ما لا تحمد عقباه، ولم تسلم منها الأخضر واليابس.