منذ توقيع اتفاق المبادئ بين رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ورئيس الحركة الشعبية شمال عبد العزيز الحلو اختلفت الآراء بين مؤيد ومعارض لهذا الاتفاق خاصة فيما يتعلق بفصل الدين عن الدولة، وقد كانت هي القضية الأساسية التي استندت عليها أحزاب اليمين بشكل خاص، وهو ما قد يشكل ضغطاً على الحكومة وبالتالي على مصير الاتفاق إذا لم يصل الطرفان إلى صيغة ترضي الجميع، هذا إلى جانب مخاوف الحركة نفسها من افشال إعلان المبادئ من جانب جهات متعددة تعتقد أنها تتربص بالحركة وتسعى لعرقلتها للحيلولة دون دخول الحركة إلى المشهد السياسي. مخاوف الحركة وقد أبدت الحركة الشعبية شمال مخاوفها من إجهاض اتفاق البرهان- الحلو حول إعلان المبادئ تمهيدا لبداية المفاوضات بين الطرفين واتهمت الحركة من اسمتهم بمن ظهروا مؤخراً على المسرح السياسي وعناصر النظام السابق بالسعي لإفشال التقارب بين الحركة والحكومة، وقال علي محمد عثمان كمنجة ل"المواكب" لا شك أن الحركة الشعبية بثقلها السياسي وجماهيرها ستكون مؤثرة في الواقع وسوف تسحب البساط من كثيرين ظهروا في المشهد لأسباب ليس من ضمنها السند والقبول الجماهيري وقوة المواقف والطرح السياسي وقال هؤلاء يمكن أن يقفوا مع إفشال الاتفاق للحيلولة دون دخول الحركة إلى المشهد السياسي بصورة أكبر وأقوى. هذه التخوفات يرى بعض المراقبين أنها قد تدخل في إطار المنافسة بين الحركة جناح الحلو وبين رفقائهم الذين سبقوهم إلى التوقيع مع الحكومة على خلفية القضايا التي أدت إلى انشقاق الحركة الشعبية سابقاً، إلا أن البعض الآخر يرى أن قضية العلمانية قد تشكل العقبة الأكبر في الوصول إلى اتفاق نهائي بين الطرفين، خاصةً وان الحركة تعتبر فصل الدين عن الدولة أمر أساسي بحسب ما صرح به المتحدث باسم وفد التفاوض كوكو محمد جقدول وأضاف: "سيظل الجيش الشعبي على حاله إلى أن يتم تضمين فصل الدين عن الدولة في الدستور". بيانات رافضة وكانت عدد من القوى السياسية قد أصدرت بيانات رفض لاتفاق الحلو والبرهان منها حركة "الإصلاح الآن" التي قالت: "إن البلاد استيقظت وقد غُلّت رقبتها باتفاق جديد وقع في غفلة منها بأسلوب المباغتة والمفاجأة المعلوم والمعتمد في فنون المعارك العسكرية". وتحالف "الشباب الثوري السوداني" الذي أكد على أنه لم يتم إشراك اي جهة في الاتفاق بل لم تخطر به مجرد إخطار، أي جهة رسمية أو أهلية مما تعج بها ساحة السياسة السودانية، وإنه يعتبر ما أقدمت عليه حكومة الفترة الانتقالية انتهاكا صارخا للمواثيق والأعراف الدولية والمحلية، وتغولا في شأن يخضع لإرادة الشعب السوداني ولا يحق لحكومة انتقالية وحركة مسلحة البت فيه أبدا، وإن ربط إعلان المبادئ مع الوثيقة الدستورية ووضعها كدستور دائم للسودان، تجاوزا للخطوط الحمراء، وفي ذات الاتجاه قال الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي المعارض في السودان عبد الوهاب سعد إن البرهان لا يملك تفويضا من الشعب السوداني لفصل الدين عن الدولة وإن على الجميع احترام المؤسسية والخيار الديمقراطي في اتخاذ مثل هذه القرارات مهما كانت نتائجه. مجتمع إسلامي وفي ذات الاتجاه يرى المحلل السياسي محمد علي فزاري ل"المواكب" أن العلمانية تمثل عقبة كبيرة خاصة وأن هنالك نخبة من مكونات إسلامية كبيرة في المجتمع السوداني، الذي حتى الأن غير قادر على استيعاب معنى علمانية أو فصل الدين عن الدولة، وأعتقد أنه سيكون هنالك جدل واسع حول هذا الأمر خاصة وأن التوقيع عندما تم بين حمدوك والحلو العام الماضي وجد رفضاً واسعاً، واتوقع ان يستمر هذا الرفض للاتفاق، لأن المجتمع السوداني معبأ تعبئه تامة بأن الدين الإسلامي هو الدين الرسمي للدولة، وهذا الاتفاق نص على أن تقف الدولة على مسافة متساوية مع الأديان، وأن لا تلتزم ديناً أو اثنية محددة في البلاد، وهذا الأمر بدأ رفضه منذ أمس الأول، حيث أعلنت هيئة شؤون الأنصار موقفها بأن العلمانية يجب أن تقر في المؤتمر الدستوري، ليس أن يحددها شخص أو أفراد في اشاره إلى البرهان والحلو، وقال فزاري ان الامر لا يزال مثار جدل وبحث ونقاش ويحتاج إلى مزيد من الآراء وتفنيدها، لكن بالتأكيد سيلقي الامر بظلاله السالبة على الاتفاق النهائي الذي سيتم التوقيع عليه بين الحلو والحكومة الانتقالية. فهم العلمانية فيما يرى آخرون أن مسألة العلمانية لن تشكل هاجساً أو عقبة تحول دون الوصول إلى اتفاق نهائي هذا ما ذهب إليه المحلل السياسي صلاح الدين الدومة ل"المواكب" أن قضية العلمانية أو فصل الدين عن الدولة لم تؤثر على سير عملية التفاوض أو الوصول إلى اتفاق نهائي بين الطرفين، خاصة وأن الشعب أصبح واعياً ويعلم أن العلمانية ليست هي معاداة الدين ويجب أن يفهم الجميع ذلك، هذا الي جانب أن الإنقاذ رفعت شعار الحكم الإسلامي طوال سنوات حكمها وكانت تظلم وتقتل وتبطش بالشعب باسم الدين، فالأمر فقط يحتاج إلى توعية لمن قد يختلط عليهم المعنى الحقيقي للعلمانية. الجدير بالذكر أن إعلان المبادئ نص على فصل الدين عن الدولة، وحيادية الدولة في الشؤون الدينية، وكفالة حرية المعتقدات، وألا تتبنى الدولة أي ديانة لتكون رسمية في البلاد. كما تضمن الاتفاق الحكم الذاتي للأقاليم السودانية في إطار نظام فيدرالي، وإنشاء جيش قومي موحد يعكس التنوع السوداني.