هذا بمثابة رثاء وإهداء الى أبي ومعلمي وصنو روحي فاروق ابوعيسى والذي رحل بكل زهو شامخاً يبكيه كل الوطن العربي والقارة الافريقية وحوجة الإنسانية له فقد كان نقيباً لإتحاد المحامين العرب بعد أن سجل رقماً قياسياً لم يسبقه إليه أحد نتيجةً لمواقفه الواضحة والداعمة والمساندة للحقوق، ومع ذلك ظل مهموماً ووفياً لقضايا القارة السمراء مهموماً بها . إمتشق سيف النضال منذ ميعة الصبا عندما كان طالباً في المدرسة وظل ممسكاً به حتى لحظات وفاته قائداً لتحالف قوى الاجماع . ونحت إسمه في صخر النضال السوداني الراسخ الممتد في تربة السماء الذي أحب . وكل هذه السنوات منذ النضال ضد المستعمر وحتى انتصار ثورة ديسمبر لم تزده سوى قناعةً راسخة وصموداً اسطورياً في الدفاع عن حقوق شعبه ووطنه بكل ما إمتلك من قوى ومعارف ووظف كل هذه الخبرات والعلاقات في سبيل السودان وشعبه الفاروق تجسدت فيه، كل القيم، النبيلة، تقدُم. الصفوف و حب الوطن، و نكران الذات، والتفاني بروح وثبات للنضال الذي لم تخفق رايته، او تقل، وتيرته، أو يتزحزح ثباته، جبلا ، اشم واقفا، بجسارة، لم تنطفيء جذوة النضال وظلت مشتعلة في دواخله ولم تنتهي او تتراجع المبادئ والقيم التي وهب نفسه في سبيلها كافح من اجلهاتحت اي ظرف كان، فقد رحل وهو علي متدثراً بالقيم والحقوق الانسانية ونصرة المستضعفين ، وضرورة سيادة الحكم الديمقراطي في ان تنال الشعوب حقوقها كاملةً غير منقوصة. وفي سبيل ذلك ساهم ودعم حركات التحرر الوطني مؤمناً بحق الشعوب في نيل أمنياتها في ظل أنظمة تحكم بسيادة القانون وترعى حقوق الانسان كاملةً غير منقوصة. عرفته المحاكم والمحافل الدولية سمعته بصوت عالي وهو يستميت في الدفاع عن الحقوق وهو الحقوقي الضليع وداعية حقوق الانسان المتمرس المتجرد. نحن نفتقدك يا أبي لكننا على قناعة ويقين الى أنك أنرت لنا طريق الحق والخير لنسلكه، ونحن على خطاك نتعثر هنا وننجح هناك لكننا على خطابك نسير مهما طال الدرب ومهما توعرت الدروب. ووعدنا يا أبانا الكريم الى أننا سوف نظل اوفياء لافكارك واراءك ومواقفك التي لم نجد فيها الا كلما هو نبيل وجميل من أجل تعزيز حقوق الانسان في السودان والوطن العربي. و سيظل البذل والعطاء الذي قدمته هو زادنا الذي سوف ننهل منه أنموذجاً يحتذى به على مر الأجيال. وسوف يظل نبراساً وضيئاً ووهجاً نسلك به دروب الأمل والرجاء والمستقبل ونحن يا ابوعيسي علي دربك سائرون. سنترك الحزن جانباً رغم مرارة فقدك ولن نستسلم، ونحن نفتقدك يوماً بعد يوم ناصحاً ومستمعاً برحابة صدر وإتساع أفق. الموت الذي أخذ جسدك لن يأخذ افكارك ومبادئك وقيمك ومثلك. لك كل محبتنا ومانملك في هذه الفانية. آمل فاروق ابوعيسي
