أكثر ما استوقفني في تداعيات الافطار الرمضاني لشباب الاسلاميين الذي فضته الشرطة باعتبار أنه نشاط لحزب محلول هو الحديث الذي صدر من أمين الحركة الاسلامية (المكلف) و(جناح الوطني) علي كرتي والذي أشار بوضوح بأنهم ماضون في تكوين تيار اسلامي جامع بلا تشدد أو تفريط. من الواضح أن كرتي يستهدف بتصريحاته هذه تيار اسلامي يستخدم كواجهة لتمرير أجندة حزب المؤتمر الوطني المحلول الذي لا يستطيع العمل في العلن وفقاً للقانون، وبالتالي لا بد من تحالف (حاشد) يضم المكونات التي كانت أقرب للوطني قبل سقوط البشير تحت لافتة إسلامية تعيد ذات الشعارات وتدار ب(الريموت كنترول) الذي يمسكه بيده بمخبئه تحت الأرض. ومن المؤكد أن التيار الاسلامي الجامع يعيد ذات الأفكار القديمة التي استخدمتها الحركة الاسلامية في مراحل تطورها وهو أشبه بما تم في جبهة الميثاق الاسلامي والجبهة الاسلامية أو المؤتمر الوطني نفسه عندما أطلق عليه (الكيان الجامع) وذلك في إطار التأسيس للموالاة، وبالتالي لا جديد في الدعوة للتيار الاسلامي الجامع. المستهدفون بالطبع أولهم حزب المؤتمر الشعبي الذي بدا منقسماً حول وحدة الاسلاميين ، وإن كان الغالبية فيه يرفضون الفكرة التي لم تروق حتى للأمانة العامة فأسقطت مقترحات بشأنها مرات ومرات، أما السلفيون فهم أيضاً منقسمون وأنصار السنة (الأمانة العامة) يعظون ويكتفون بمنابرهم ولكنهم لا يشاركون في مثل هذه التحالفات، والطرق الصوفية لم تعد (تتخم) فهي مدركة لما يدور وطائفة الختمية مثلاً والتي يتواجد أقطابها في الولاية التي انحدر منها كرتي انخرطت في العملية السياسية ويشارك الخلفاء مسؤول الحركة الشعبية قطاع الحلو الدكتور محمد يوسف محمد مصطفى في منتدى يؤصل للعلمانية وضرورتها. صحيح أن هناك من شارك من كل هذه المكونات في مناشط حركة كرتي الأيام الماضية بعضهم بالعواطف وآخرون بسبب قرارات لجنة التمكين بمصادرة املاك الشعب السوداني ، وبعضهم منظم بالحركة الاسلامية جناح المؤتمر الوطني ويظن أن الفرصة سانحة لاستغلالها للعودة للحكم مجدداً عبر ذات الآليات والهتافات دون أي مراجعات نقدية وجلد للذات ومحاسبة للضمير وإقرار بالأخطاء الجسيمة التي أرتكبت في حق الوطن (مزقته وقسمته ورفعت شأن القبلية فيه وعزلته من العالم فأصبح السودان رجل أفريقيا المريض بحق وحقيقة). يجب أن يدرك كرتي أن الأرضية التي بنت عليها الحركة الاسلامية في السابق تحالفاتها لم تعد موجودة ولن تتوفر في الوقت القريب ، لأن السودانيين وقفوا على التجربة وذاقوا ويلاتها وبالتالي من الصعب اعادة الثقة بينهم وبين الحركة الاسلامية من جديد ، والدليل على ذلك أن من أسقطها هم شباب ولدوا أثناء حكمها وفيهم أبناء قياداتها الذين هم شهود عدل على ما فعل آباؤهم بالوطن ، كذلك ليس من السهل أن تجلس ذات القيادات مرة أخرى على سدة التيار الاسلامي العريض وهي التي تتحمل وزر الاخطاء التي حطت بمنزلة الاسلاميين ، والسؤال الذي يطرح نفسه أين بقية قادة التيار العريض ولماذا تركوا الأمر لكرتي وحده؟ *********** الجريدة