مستقبل التجمع الوطني في ظل تشتت أحزابه الساعوري: دور التجمع انتقل من المعارضة إلي موالاة الحكومة بعد نيفاشا خبير استراتيجي: المعارضة تباينت رؤيتها المستقبلية ولا يوجد رابط بينها الحركة تسعي للتحالف مع المعارضة حتي تساعدها في تعطيل الانتخابات خدمة: (smc) انعقد نهاية الشهر الماضي مؤتمر جوبا بمشاركة أحزاب سياسية من بينها احزاب الأمة، الشيوعي والمؤتمر الشعبي، برعاية الحركة الشعبية. ومعلوم ان قوي سياسية من التي شاركت في مؤتمر جوبا ما زالت تعتبر نفسها جزءاً أصيلاً من التجمع الوطني الديمقراطي، رغم ان موقف احزاب اخري رئيسية في التجمع مثل الحزب الاتحادي الديمقراطي الذي يقوده مولانا محمد عثمان الميرغني كانت ضد المشاركة في المؤتمر. فقد يبدر سؤالاً في أذهان الكثيرين حول ما يجري في التجمع الوطني الديمقراطي، وهل مازال وجوده عملي في ظل ابتعاد الحركة عنه وتبنيها لاطروحات أحزاب مثل الامة بقيادة الصادق المهدي الذي كان اول الخارجين من جلباب التجمع، وحزب المؤتمر الشعبي الذي يرأسه حسن الترابي، ولا يخفي أن قيام التجمع اصلا لاسقاط النظام الذي يتحالف معه الترابي. ومع اقتراب موعد الانتخابات العامة والحديث عن خارطة التحالفات مستقبلاً واقتراب موعد تقرير المصير قد تجد الاحزاب المشاركة في التجمع الوطني نفسها امام خيارات جديدة فرضتها المرحلة، وخلال هذا الاستطلاع الذي اجراه المركز السوداني للخدمات الصحفية يحاول اصحاب الرأي ازالة الغموض حول تأثير انعقاد مؤتمر جوبا علي التجمع، واحتمالات استمرار تحالف مكوناته مع المتناقضات التي تعيشها بعض الاحزاب في الرؤي والافكار وحتي المواقف. روح جديدة القيادي بالحركة الشعبية أتيم قرنق بدأ حديثه بالقول إن مؤتمر جوبا أعطى روحاً جديدة للتجمع الوطني، وهي روح الحوار والنقاش وتدارس القضايا التي تحتاج لها البلاد، ويري قرنق ان المؤتمر يعد أسلوب حضاري للمشاركة حتى يتم وضع حلول لقضايا الوطن كونه تجمع لأحزاب تاريخية في جوبا، وان النقاش بروح التنافس يعتبر صفة سياسية وخطوة كبيرة من الاهتمام والتقدير، فاجتماع نقد والترابي والصادق وحسنين وغيرهم من القادة مع سلفاكير فهذا يعتبر تجمع فريد. وأضاف: نحن نبحث عن كيفية توحد السودان بأسلوب علمي وسياسي هادئ، و نحن نعتبر مؤتمر جوبا نوع فريد وسوف تظهر النتائج وستكون هذه الأحزاب جزء من الحكم بعد الانتخابات، وهذا يشكل جزءاً من البرامج الانتخابية وخطوة من الحركة لكي يتم ترويج الاتفاقية بدلاً من أن تكون بينها وبين المؤتمر الوطني، وهي كذلك روح جديدة لإحياء التجمع الوطني الديمقراطي. مساندة الحركة ويري رئيس الجمعية السودانية للعلوم السياسية البروفيسور حسن الساعوري أن التجمع الوطني الديمقراطي أسس من أجل معارضة الحكومة وبالتالي فقد انتهى دوره من المعارضة إلي الموالاة بمجرد توقيع اتفاقية السلام الشامل ودخول الحركة الشعبية في شراكة مع المؤتمر الوطني، أما الآن فإن الحركة الشعبية تريد أن تُحيي هذا التجمع لكي تتمكن من مواجهة المؤتمر الوطني في هذه الدورة. وقد نجحت الحركة الشعبية في استقطاب حزبي الامة والمؤتمر الشعبي، وهذه ليست إعادة لما حدث، لكنها محاولة من الحركة الشعبية لتجد سند قوي من القوى السياسية المعارضة لاسيما في قضية الاستفتاء، ومن المعلوم أن هذه القوى المعارضة خصوصاً حزب الأمة، المؤتمر الشعبي، وحزب البعث لم يكن تصورهم الانفصال لكنهم ساندوا الحركة الشعبية في أن تكون نسبة الاستفتاء 1+50% للانفصال، وهذا ما تسعى إليه الحركة الشعبية، وهي الآن تلتف حول القوى السياسية الأخرى، وكأنها تقول للمؤتمر الوطني: ماذا تمثل أنت حتي تحدد نسبة 75% لترجيح خيار الانفصال، وهذا مطلبها وسندها في القوانين المقدمة. دور التجمع الوطني اعتقد انه انتهى تماماً، والآن الأمانة العامة للتجمع تدعوا إلى اجتماعات ولا تحضرها الحركة الشعبية باعتبارها هي الأصل، فدور التجمع انتقل الآن من دور المعارضة إلى المولاة للحكومة. رؤية إستراتيجية أما الرؤية الإستراتيجية لدور التجمع الوطني الديمقراطي فقد أوضحها لنا د. عادل عبد العزيز الباحث بالمركز العالمي للدراسات الإفريقية، حيث ذكر أن التجمع الوطني تنظيم من مجموعة من الأحزاب لتحقيق أهداف مشتركة، والآن انتهت دورته تماماً بسبب تباين مواقف هذه الأحزاب ورؤيتها المستقبلية وعدم وجود أي جامع أو رابط فيما بينها، في ظل الحرية السياسية الموجودة بدأت تظهر الأوزان الحقيقية للأحزاب السياسية، وذلك من خلال تنظيمها لمؤتمراتها، على سبيل المثال فقد نظم المؤتمر الوطني مؤتمره العام بعد ان قام بتنظيم أكثر من أربعة ألف مؤتمر قاعدي، عليه فإن أوزان الأحزاب السياسية سوف تظهر وسيتم التنسيق بين أي حزب وآخر بناءً على هذه الأوزان، حيث ستقوم الأحزاب ذات الأوزان الكبيرة بالتنسيق مع الأحزاب التي تحمل أوزاناً صغيرة بغرض الحصول على أغلبية برلمانية تمكنها من تشكيل الحكومة، ويبدو أن مؤتمر جوبا كان يرمي إلى هذا النوع من التحالفات. أما الهدف الأساسي لما كان يُسمى بالتجمع الوطني الديمقراطي هو تغيير نظام الحكم في السودان عن طريق العصيان المدني والثورة الشعبية، والوقت قد تجاوز هذا الأمر تماماً، وبالتالي أصبح لا معنى لوجود التجمع من أساسه. تعطيل الانتخابات أما المحلل السياسي إبراهيم ميرغني فيري أن التجمع بصورة عامة لم ينته دوره لكنه ضعف بعد أن دخلت الحركة الشعبية في شراكة مع المؤتمر الوطني التي يبدو أنها متوترة الآن، ويظهر ذلك من خلال الاتهامات التي يلقى بها كل طرف على الآخر بعدم القيام بالدور الذي نصت عليه الاتفاقية، وبعد رجوع الحركة الشعبية للأحزاب لكي تقيم علاقة قوية بينها وبين تلك الأحزاب، بدأ المؤتمر الوطني يقوى علاقاتها بالأحزاب التي داخل حكومة الوحدة الوطنية، وبالمقابل لم تكف الحركة عن اتهام المؤتمر الوطني بأنه يغذي المليشيات والجماعات المسلحة المناوئة لكي تدحرها. وأضاف ميرغني ان الساحة السياسية في المرحلة القادمة ستشهد حراكاً حول قضايا مصيرية، أولها الانتخابات ومن ثم الاستفتاء، فالمؤتمر الوطني يرى أنه أكثر حزب مستعد أن يخوض الانتخابات، اما الحركة الشعبية فإنها ستلين إلى بعض الأحزاب لكي تتمكن من نيل أصوات الجنوبيين، في نفس الوقت ستسعي للتحالف مع الأحزاب الأخرى لكي تمكنها من إثارة القضايا التي تساعدهم في تعطيل الانتخابات، فتحالف الحركة الشعبية مع التجمع مستمر لأن بعض الأحزاب الآن متخوفة، باعتبار أن الحركة الشعبية لديها أهداف تسعى إلى تحقيقها مع المؤتمر الوطني، فإذا تمكنت من ذلك سوف تكون إلى جانب المؤتمر الوطني، وإلا فسوف تخوض اللعبة مع الأحزاب الأخرى. وفي حالة قيام الانتخابات تتجه الحركة إلى المؤتمر الوطني باعتباره مركز ثقل. واختتم حديثه بالقول إن الأحزاب التي توجد الآن داخل التجمع الوطني الديمقراطي غير مؤثرة بعد تحالف حزب الأمة مع الحركة في مؤتمر جوبا، وأن الأحزاب التي توجد داخل التجمع الآن لم تتضح مواقفها، وعلى كل حال فإن مؤتمر جوبا أضعف التجمع الوطني الديمقراطي إلى حد كبير. صراعات داخلية الخبير الإستراتيجي د. خالد حسين قال إن الحديث عن التجمع الوطني لا يمكن فصله عن مؤتمر جوبا، باعتبار أن كل المكونات في المؤتمر موجودة داخل التجمع ولا يوجد اختلاف في الأهداف بين التجمع ومؤتمر جوبا، أما الآن فإن الهدف هو استخدام الأحزاب الشمالية (حزب الأمة، الاتحادي والشيوعي) ضد الإنقاذ لإسقاطها بصورة واضحة، وفي السابق كانت هنالك عوامل ساعدت التجمع أن يكسب قوة من الترابط بين مكوناته، أما الآن فإن مكونات نجاح التجمع مشكوك فيها، وذلك لعدة عوامل أهمها الظرف الدولي على الأقل، الإدارة الأمريكية كان من أهدافها إسقاط النظام الحاكم في السودان مستخدمة التجمع والحركة، وهذا العامل يتغير بتغير الإدارة الجديدة التي ليس من أجندتها إسقاط حكومة الإنقاذ. وقد سبق أن صرح الرئيس الأمريكي أوباما بأن كل دولة لديها الحرية في شكل النظام الذي تريده، غير أن هذا لا ينفي وجود قوي في الولايات تسعى إلى إسقاط الحكومة. بعض مكونات التجمع تأخذ علي الحركة انها كانت معهم وبمجرد أن حانت لحظة اقتسام الكيكة تنصلت عن الاتفاق ووقعت مع المؤتمر الوطني اتفاقية نيفاشا، ومن العوامل أيضاً أن أحزاب التجمع فشلت في اسقاط الحكومة تماماً، وأيضاً التجمع سوف يتعامل مع المؤتمر الوطني بعد بقائه في السلطة خلال العشرين عاماً الماضية تربطه في ذلك مجموعة من المصالح ، والأحزاب نفسها سواءً كانت حزب الأمة والحركة كانت تتمتع بقدر من القيادة الموحدة وبقية أعضاء الحزب تقف مع رئيس الحزب، لكن الآن هنالك صراعات في داخل هذه الأحزاب نفسها، وغياب جون قرنق عن الحركة الشعبية والصراع بين الأجنحة جعل النجاح في تحقيق الاهداف المرسومة مشكوك فيه، كل هذه العوامل أدت إلى فشل مؤتمر جوبا فشلاً ذريعاً وبالتالي فشل التجمع الوطني الديمقراطي.