والجهلاء على مر التاريخ هم قوام جيوش العالم التي تُحيل الفرد إلى مجرد "أداة قتل" تتحرك بلا وعي، (اقتل فيقتل)! فمن يقتل من لا يعرف، لمصلحة من لا يعرف، إنما هو جاهل لا يعرف نفسه، والجاهل انسانٌ ميتٌ! لذلك مهما تحاول اقناعه للعدول عن قناعته، فلن يستمع لك كأن في أذنيه وقراً! (وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)! فلا تخدع نفسك فتزهق نفسك ونفسك غيرك رخيصة من أجل طموح "أباطرة الدنيا"، الذين يأكلون التراث اكلاً لما ويحبون المال حباً جماً! لقد خُلقت حراً، لتعيش حراً، متفرداً بوعيك (وَكُلُّهُمۡ ءَاتِيهِ يَوۡمَ 0لۡقِيَٰمَةِ فَرۡدًا)! لا يكون الجهاد إلا من أجل تزكية نفسك وترقيتها، من أجل تحقيق وجودها! ذلك الوجود الحق الذي لا يتعدى على حرية وجود الآخرين (قُلۡ يَجۡمَعُ بَيۡنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفۡتَحُ بَيۡنَنَا بِ0لۡحَقِّ وَهُوَ 0لۡفَتَّاحُ 0لۡعَلِيم)! الجهاد لم يتوقف يوماً عن حياة العارفين، فمن جاء بمهزلة "إزهاق النفوس" هو صاحب كتاب الفريضة الغائبة، الذي مثَّل الأساس الفكري والمبرر لدعوات الجهاد الباطلة التي دمرت العراق وسوريا وليبيا واليمن وفصلت جنوب السودان، ولم تحرر فلسطين ولم تنصر الايغور ولا الروهنجا. والكتاب من تأليف "محمد عبد السلام فرج" الذي أعدم في 1982 م في قضية اغتيال السادات! الرجل لم يفرق بين الجهاد وازهاق النفوس بغير الحق، فالجهاد هو أساس الدين، (فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا)، والجهاد يكون بالقرءان، لذلك الرسول عليه الصلاة والتسليم (كان قرءاناً يمشي بين الناس)! أما القتال وازهاق النفوس فلا يكون إلا دفاعاً عن النفس (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)! وتلك فطرة وغريزة تمارسها كل الجماعات الانسانية على مر التاريخ، فلا تكاد تجد دولة لا تقاتل دفاعاً عن نفسها! كل دعوة تخلو من السلام والمحبة والرحمة وحقوق الآخرين في الوجود، فهي دعوة للفساد في الارض! (وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي 0لۡأَرۡضِ لِيُفۡسِدَ فِيهَا وَيُهۡلِكَ 0لۡحَرۡثَ وَ0لنَّسۡلَۚ وَ0للَّهُ لَا يُحِبُّ 0لۡفَسَاد)! صديق النعمة الطيب