مديحة عبدالله كل يوم يمر تغرس الثورة أقدامها في التراب السوداني، مبشرة بعهد جديد، عنوانه كفالة وحماية الحق في الحياة، هذا الحق الذي ظل يشهد انتهاكًا مستمرًا على يد الطغاة بسبب الحروب الأهلية، أو المعارضة للدكتاتوريات، إن الإصرار على القصاص للشهداء يمثل منصة عمل ثوري يفتح الأبواب من أجل تحقيق العدالة الانتقالية كأحد أهم أضلاع الانتقال من عهد الظلم لرحاب الدولة المدنية.. الدم السوداني واحد، هذا ما قاله السيد رئيس الوزراء في بيان عقب استشهاد الشابين عثمان أحمد بدرالدين ومدثر مختار، وجاء الإسراع بالكشف عن المهتمين بقتل الشهداء بفعل الإصرار القوى للشارع السوداني، وردة الفعل القوي من القوى السياسية والمدنية والتغطية الإعلامية الواسعة لمطالب الشارع بسرعة القصاص، المطلوب الآن المضي قدمًا في هذا الفعل الثوري من أجل تحقيق العدالة لكل شهداء الثورة السودانية.. هذا المطالب لن تتحقق إلا بالمثابرة للكشف عن كل الجرائم التى حدثت إبَّان فترة الانقاذ وعقب الثورة، فمصادرة حق الحياة فعل شنيع يحدث يوميًا في دارفور وجنوب كردفان بشكل خاص على يد مليشيات وأفراد لا تطولهم يد العدالة، إضافة إلى جرائم أخرى مثل التي قامت بها عصابات المخدرات في مواجهة مع الشرطة وأدت إلى استشهاد اثنا عشر جنديًا في منطقة محمية الردوم (سنقو) جنوب دارفور منتصف مايو الجاري. لم يعد من الممكن تجزئة قضية الحق في الحياة وتحقيق العدالة، هذه تمثل لب عملية التغيير الثوري، ليس في إطارها القضائي فقط وإنما في إطارها القومي، فالسودان الآن يعيش حالة من السيولة في (لُحمة تماسكه)، بسبب التشرذم الحاصل، رغم أننا قمنا بأكبر فعل مناهض للانقسام إبٌَان فترة الاعتصام التى شهدت تكاتف وتضامن أهل السودان من أجل تحقيق هدف الدولة المدنية. إن الشهداء الذين دفعوا حياتهم من أجل تحقيق أهداف الثورة من المؤكد أن حقهم سيرجع عندما نستعيد التضامن والتماسك القومي، وعندما تصبح قضية العدالة شاملة لكل السودانيين تستند على مؤسسات قضائية مستقلة، وقوانين ديمقراطية، وقوات نظامية تعرف واجبها حيال الشعب وتحترمه بعيدًا عن الحصانات وإرث الإفلات من العقاب… الميدان