ما السر في حصر معنى الفروج في (الأعضاء التناسلية) فقط! وبالتالي ما ملكت أيمانكم في الجواري والعبيد، ليصبح المفهوم محصوراً في العلاقات الجنسية! كما لو أن هذا الدين نزل حصراً لطبقة الأسياد والأشراف! (أَفَلَمۡ يَنظُرُوۤا۟ إِلَى 0لسَّمَاۤءِ فَوۡقَهُمۡ كَيۡفَ بَنَيۡنَٰهَا وَزَيَّنَّٰهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجࣲ)! واضح جداً معنى الفروج! (قُل لِّلۡمُؤۡمِنِينَ يَغُضُّوا۟ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِمۡ وَيَحۡفَظُوا۟ فُرُوجَهُمۡۚ ذَ ٰلِكَ أَزۡكَىٰ لَهُمۡۚ إِنَّ 0للَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا يَصۡنَعُونَ) معلوم أن البصر ليس النظر! وبالتالي الفروج يتسع معناها لما هو أبعد بكثير من (الأعضاء التناسلية أو مظهر المرأة والرجل المثير للشهوة الجنسية)! (وَإِن تَدۡعُوهُمۡ إِلَى 0لۡهُدَىٰ لَا يَسۡمَعُوا۟ۖ وَتَرَىٰهُمۡ يَنظُرُونَ إِلَيۡكَ وَهُمۡ لَا يُبۡصِرُونَ)! واضح جداً أن النظر ليس البصر! (والذين هم لفروجهم حافظون، إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون)! دعونا نتدبر معنى الأزواج والفروج وما ملكت الايمان في هذه الآية! علماً بأن الخطاب الالهي يتسم بالعموم والشمول، وحظنا منه ما نفهم، لذلك لا يمكن أن تنحصر دلالات كلماته الواسعة والتي لا يحيط بمداها إلا هو لا إله إلا هو، وبالتالي يصبح كل تفسير إنما هو "تأويل" وليس مراد الله تعالى! مفهوم الأزواج لا ينحصر فقط في المعنى المتداول البسيط (رجل وامرأته)! وإنما يمتد ويتوسع ليشمل كل "زوجية" قد تنشأ في الحياة، فعلاقة الموظف مع رب عمله هي علاقة (أزواج) أي closed relationship، ولا يجوز الاخلال بخصوصيتها أو إفشاء الأسرار والمعلومات الخاصة بهذه الشراكة، فالموظف شريك رب العمل في أداء مهمة معينة بمواصفات خاصة جداً، ولا يحق له ان يسرب اي معلومة، والمعلومات هي سر نجاح أو فشل المعاملات التجارية، وهي بالتالي من الفروج التي يجب حفظها وعدم اظهارها للآخرين! ولا يجوز استخدامها لاغراض ومنافع شخصية خارج اطار "الزوجية" أي بدون موافقة الطرف الآخر، وبهذا الفهم تصبح العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة هي مجرد "مصداق" واحد فقط لمفهوم الأزواج! كذلك مفهوم (ما ملكت أيمانكم) يتسع ويشمل كل ما يقع تحت يميننا من مسؤوليات لا يتوفر فيها عقد وإنما فقط gentleman agreement! كأن تقوم على رعاية أيتام أو أرامل أو أداء مهام تجارية أو لمنظمات خيرية بدون عقد ملزم، فلا بد أن تحفظ أسرارهم التي يمكن أن تكون مصدر إيذاء لهم من قبل الآخرين، أو يترتب عنها خسائر، وبالتالي لا بد أن تحفظ فروجهم المتمثلة في أسرارهم وعدم اظهارها للاخرين! ويدخل في ذلك علاقات الصداقة بين الناس! كذلك يدخل في الاية كل مسؤولي الدولة الذين يبدون "فروجهم" أي أسرار عملهم للآخرين بهدف الإضرار بمصالح الدولة، أو الانتفاع بها أو بهدف توظيفها لمصلحة اقربائهم ورفقائهم في الحزب! تضييق مفاهيم الدين يضيق على الناس حياتهم! دعونا نفكر في هذا الدين باعتباره خاطب للحياة كلها وليس فقط مواضيع خاصة جداً! عفا عنها الدهر! افيقوا أيها الناس فالشباب يخرجون من هذا الدين زُرافات، ليس لعيبٍ فيه، فهو فوق ذلك، وإنما لجمود وجهل بعض المشايخ هدانا الله واياهم!، الذين يقصرون معنى الدين في "الشرف والعرض"، فالتدين الذي لا يخاطب تفاصيل الحياة اليومية بلغة الحاضر قد يخرج منها، وحينها سيخسر الناس كثيراً، لأن غاية الدين ووظيفته هي تهذيب النفوس وترقيتها وحفظها من الضلال، مما يسهل عملية انفاذ مبدأ سيادة القانون! ما نقوله هو تحصيل لقراءات متعددة وفهم لهذه القراءات، وهو محاولة لتحريك العقول، وليس بحثاً علمياً!