أثارت أخبار متداولة حول تعيين مبارك عباس محمود، كنائب عام، مؤقتاً، إلى حين تعيين نائب عام جديد، جدلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، فمعركة تعيين رئيس القضاء والنائب العام في المرة السابقة؛ دارت رحاها بين العسكريين والمدنيين من قوى الحرية والتغيير، في ظل غياب المؤسسات العدلية المنوط بها اختيارهما وفقاً للوثيقة الدستورية، وهما: مجلس القضاء الأعلى، ومجلس النيابة، واللذان ما زالت تدور حولهما الشكوك في عدم تعيينهما بعد مرور أكثر من عامين من اتفاق المرحلة الانتقالية. وتأتي معركة تعيين النائب العام ورئيس القضاء مختلفة هذه المرة، بوجود لاعبين جدد في السلطة، هم شركاء السلام من الحركات المسلحة الموقعة على اتفاقية جوبا للسلام. وجاء قبول استقالة النائب العام، تاج السر الحبر، بعد أن تقدم بها مراراً وتكراراً، على خلفية صراع بينه ولجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو، ففي الوقت الذي فصلت فيه لجنة التفكيك أكثر من ستين مستشاراً بالنيابة العامة؛ شكا الحبر من النقص الحاد في الكوادر والعناصر الفنية الأخرى، وقال الحبر في برنامج (حوار البناء الوطني) الذي يبثه تلفزيون السودان، إنه تقدم بخمس مذكرات لمجلس السيادة والوزراء، طرح من خلالها المشاكل التي تعوق أداء مهمته، وأنه لم يلق استجابة من جهات الاختصاص. فيما تمت إقالة رئيسة القضاء، نعمات محمد خير، من منصبها، وقال عضو مجلس السيادة، الناطق الرسمي باسم المجلس، محمد الفكي سليمان، في تصريح صحفي، إنه وفقاً لاختصاصات مجلس السيادة الواردة في الفصل الرابع من الوثيقة الدستورية؛ فإن المجلس يعتمد تعيين رئيس القضاء وقضاة المحكمة العليا، ورئيس وأعضاء المحكمة الدستورية بعد ترشيحهم من قبل مجلس القضاء العالي. وأبان الفكي أنه إلى حين تشكيل مجلس القضاء العالي، يعين مجلس السيادة الانتقالي رئيس القضاء، كما ينطبق هذا الأمر على النائب العام، وفقاً لما تضمنته الوثيقة في الفقرة التالية: "يعتمد المجلس تعيين النائب العام بعد ترشيحه من قبل المجلس الأعلى للنيابة العامة، وإلى حين تشكيل المجلس الأعلى للنيابة يعين مجلس السيادة النائب العام". وقال محللون سياسيون ل (مداميك)، إن أهم أسباب الاستقالة والإقالة؛ هو الاجتماع الطارئ الذي عقده حمدوك بحضور النائب العام ورئيسة القضاء ووزير الداخلية، ومدير عام الشرطة والأمن العام، على وقع أحداث 29 من رمضان المنصرم، حيث اتهم حمدوك العملية العدلية بالبطء الكبير. ومثلما كان تعيينهما، فقد أثار إبعادهما لغطاً كبيراً، مما اعتبره مراقبون صراع مكونات حكومة الانتقال في ساحة العدالة، ولعل أبرز وجوه هذه المعركة هو الاستقالة الأولى لصاحبي المنصبين، بعد عملية فض اعتصام القيادة العامة، فها هي المعركة تتجدد مرة ثالثة في أقل من عامين. واتفق قانونيون استطلعتهم (مداميك) حول أزمة تعيين المنصبين، بأنه لا يمكن المضي قدماً في ملفات العدالة الانتقالية، ما لم يتم تنفيذ البنود المختصة بها داخل الوثيقة الدستورية، ومن ضمنها الإسراع بتعيين مجلسي النيابة والقضاء الأعلى، وترك أمر تعيين رئيس للقضاء ورئيس للنيابة لهما، وأبانوا أن واحدة من أهم الأسباب التي أدت لتأخر إنجاز الملفات العدلية هي أزمة تسييس المنصبين، واختلاق صراع سياسي حولهما بين مكونات الفترة الانتقالية. مداميك