لست خبيرا في الشئون العسكرية…ولم أحمل في حياتي قطعة سلاح ناري إلا أيام الدراسة الثانوية في تدريبات ( الكديد) ولا حتي سكينا او ساطورا رغم أن والدي كان من كبار القصابين( الجزارين ) في المدينة..ولكني اشترك في تفكيري مع الرؤية الاستراتيجية للقوات المسلحة السودانية في ضرورة إدارة الصراع مع الميليشيات والحركات المسلحة بأسلوب علمي حديث تعجز عن مواجهته..فتلك المليشيات ستظل في حساباتنا والتعامل معها ، باعتبارها حركات مسلحة متمردة وخارجة عن القانون بعد أن أنتهي دورها ( الجهادي) بانتهاء ضروريات وجودها. وستظل قوات لا ضرورة لوجودها مهما جري تقنين وضعها …وستظل أيضا هشة في بنيتها وعقيدتها القتالية ولو تماهت مع ميليشيات أخري بالمنطقة كحزب الله اللبناني ، أو الحرس الثوري الإيراني، أو بوكوحرام النيجيري …او غيرها من الحركات المشابهة في سوريا وليبيا والعراق واليمن والصومال…لا فرق. وما يجب أخذه في الاعتبار ، عن عنوان هذا المقال، فإن كلمة ( التخلص ) لا تعني بالضرورة( الإبادة ) ، أو الدخول في حرب أهلية مع هذه المليشيات التي تملأ شوارع الخرطوم الآن لحد التخمة، بل تعني التجاوز والتهميش حتي يختفي أثرها . والنقطة الجوهرية التي تعتمد عليها هذه الكبسولة السحرية ترتكز علي متغيرين ، الأول له علاقة بتكوين وكفاءة هذه الميليشيات والحركات المسلحة، بينما يرتبط المتغير الآخر بإعادة تأهيل القوات المسلحة السودانية ( القومية) وليس إعادة هيكلتها كما تدعو بعض الأفكار. التركيبة البنائية للمليشيات المسلحة يعتمد علي العنصر البشري وعدديتهم بشكل أساسي، أو بما يسمي بالعساكر البيادة…وهم حتي الان لا يمتلكون منظومة او منصة صواريخ او تكنولوجيا متطورة لإدارة العمليات أو حتي رؤية مستقبلية لهذه الجموع البشرية ، وليس لأفرادها، وحتي قمة هرمها الوظيفي، حظ من التعليم الأساسي، بل تجهل بعض عناصرها أساسيات القراءة والكتابة وعمليات الضرب والقسمة البسيطة، رغم الرتب العسكرية الرفيعة التي يحملونها علي أكتافهم بشكل مجاني ان لم تكن مخالفة للقانون العسكري. هذا التوصيف لتلك الميليشيات والحركات المسلحة يعني بالضرورة تدني قدراتها العقلية وعدم استعدادها لاستيعاب الجديد من التطوير المهني والعسكري فقد توقف بهم الحال عند ركوب ( التاتشر ) والهروات والأسلحة الآلية الخفيفة مع شراسة وفظاعة في التعامل مع المدنيين العزل لاخافتهم وتعويض مركب النقص عندهم ، وهذا أقصي ما يمتلكونه من إمكانيات. المتغير الثاني، يخص القوات المسلحة السودانية، في إعادة تدريبها وتسليحها باستخدام أخر مستحدثات التكنولوجيا العسكرية في إدارة العمليات ، وذلك بمساعدة الدول الصديقة والشقيقة وتكثيف إلتدريبات القتالية وتحديث المنظومة الدفاعية والتفوق العلمي ويمكن لدول عديدة تقديم هذه المساعدات خدمة للأمن والسلام العالمي مثل حلف الناتو والولايات المتحدةالأمريكية والصين وفرنسا…وهذا ميدان علمي تكنلوجي متطور يصعب علي الحركات والميليشيات المسلحة مجاراته واستيعابه عند المحاولة..وبالتالي تقل فاعليتها ، طال الزمن أم قصر، في المشهد العسكري والأمني والسياسي الداخلي، ثم التخلص منها بحكم ضعفها أو أن تحل نفسها بنفسها والبحث عن مواقع جديدة قد تكون بعيدة جدا عن المشهد العسكري الرسمي…حيث لم يعد لها مكانًا بين القوات المسلحة السودانية ذات التوجه القومي. د.فراج الشيخ الفزاري