السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أربع دول افريقية مرشحة لمجازر أهلية مطلع العام2015م .. بقلم: محمد علي كلياني
نشر في سودانيل يوم 18 - 06 - 2014

اربع دول افريقية مرشحة لمجازر اهلية مطلع العام2015م وأن السودان تحيط به بعض الدول الفاشلة سياسياً وأمنياً!!،
تجري استعدادات عسكرية دولية لشن حرب واسعة النطاق بولاية (برنو) بشمال نيجيريا، ومن المتوقع ان تفرز نتائج عكسية على حدود الدول المجاورة.
صناعة صدام الحضارات في افريقيا الوسطى، ولا يمكن التكهن بحجم التحديات القادمة في المنطقة..
عكف مركز دراسات الانذار المبكر مدى عشرين عاماً على دراسة وتفسير مظاهر الصراعات المسلحة في العالم، وخلص الى نتائج عديدة ومثيرة، وأن أجزاءاً من تنبآته قد تحققت بالفعل حول المذابح في رواندا، والنزاع في يوغسلافيا، والحرب السودان، وقد أعد المركز هذه المرة دارسة متشائمة ومثيرة للجدل في آن واحد، وهي تتعلق بترشيح أربع دول افريقية سيُطالها نزاع مسلح تتعرض له وينتهي بمجازر أهلية واسعة بمطلع العام القادم(201 5م)، وللتأكيد من مزاعم هذا المركز، نحاول قدر الإمكان قراءة بعض أوجه التطورات والأحداث الجارية في المنطقة كي نتصور حجم المخاطر المحدقة بالمنطقة، ونرى بأن النزاع المسلح في دولة الصومال لازال قائماً منذ اكثر من عشرين عاما، وهو يحصد أرواح الصوماليين بهدوء وإستمرار، وأن ما يدعونا الى قراءة تنبآت مركز الإنذار المبكر هذا، هو إنذاره بالمجازر المتوقعة حسب رصده للاحداث والتطورات في عدد من الدول الافريقية مقتبل العام القادم، وقد ذكر المركزب الاسم تلك الدول كونها الاكثر حساسية وإحتمالاً للتعرض لأعمال العنف الطائفي والتي ستنتهي بمجازر فظيعة(quels pays sont les plus susceptibles de connaître des violences massives et ciblées à l'avenir http://www.defenseone.com/threats/2014/04/where-genocide-most-likely-happen-next/82606/ )،- أي، ماهي الدول الأكثر حساسية والتي ستعرف عنفاً جماعياً في المستقبل؟، وتتصدر أفريقيا الوسطى لائحة القائمة، وهي كذلك، وتأتي بعدها مباشرة جمهورية الكنغو الديمقراطية وتشاد والصومال، وتلك الدول لا تزال تواجه مخاطر كبرى سواءاً على الصعيد الداخلي، اومن عبر حدودها مع الدول المحيطة بها، فمن بين الاربعة دول، نجد ثلاثة منها ترتبط أزماتها السياسية والأمنية ببعضها البعض، وتتشابك قضاياها الى درجة التماثل، فأفريقيا الوسطى مازال الصراع المسلح فيها يحتدم ويشتد العنف بين الطوائف المسيحية والمسلمة- أنتي بلاكا والسليكا- وقد وصفت منظمة هيومن رايت ووتش في تقرير لها بان مسلمي افريقيا الوسطى يواجهون تطهيراً عرقيا هناك، وعلى الرغم من تدخل الجيش الفرنسي للفصل بين أطراف النزاع، إلا أن المناوشات لازالت تدور بين الخصم وتستعمل فيها كل أنواع الاسلحة النارية والبيضاء، وأن عدد الضحايا يرتفع بإضطراد مع مرور كل يوم، والمساعي العسكرية الفرنسية بإتجاه ضبط الاوضاع لم تثمر لإيقاف القتال رغم إستصدار باريس قراراً دولياً يقضي بموجبه تدخلها العسكري المباشر في مهمة (سنغاري) العسكرية، حيث قال الرئيس فرنسوا هولاند مدافعاً عن مهمة قواته (سنغاري): "انه لولا تدخل القوات الفرنسية في بانغي لتضاعفت المجازر وسط المدنيين الأبرياء"، ويبدو ان القوات الفرنسية ذاتها وجدت نفسها امام تحديات أمنية كبيرة في افريقيا الوسطى، وهوما دعاها الى الإستنجاد بقوات أروبية إضافية قوامها الف جندي، بجانب تواجد القوات الافريقية التي أقرها مجلس الأمن بالتعاون مع الاتحاد الافريقي، ويشير تقييم الخبراء للاوضاع هناك، بأن القوات الافريقية غير قادرة على إيقاف نزيف الدماء في تلك الجمهورية الصغيرة منذ بدء إنتشارها، ولذلك من المتوقع أن يضاف اليها قوات اممية سيتم نشرها في مطلع شهر سبتمبر القادم (12ألف جندي أممي) للمساعدة على ضبط الأوضاع المتدهورة وعودة الامورالى طبيعتها، وقبل أن يحدث ذلك، فنجد ان الجماعات المتناحرة- السليكا والأنتي بلاكا- قد قسمت البلاد عملياً الى إقليمين رئيسيين، الجنوب للمليشيات المسيحية والشمال للمليشيات المسلمة، وحتى هذه اللحظة ان الامور لم تستتب، ولم يعود الهدوء والطمآنينة الى سكان افريقيا الوسطى، هذا من ناحية، ومن الناحية الاخرى ان الامم المتحدة إتهمت جنود بعض القوات الافريقية هناك بالضلوع فيما أسمته ب(بالمشاركة في إرتكاب حرائم حرب)، وهذا الاتهام صدر الاسبوع الماضي ضد القوات التشادية التي كانت تعمل هناك وتم سحبها بسبب الجدل الدائر حول علاقة تشاد بالاحداث، ومن جانبها نفت الحكومة التشادية هذا الاتهام جملة وتفصيلاً، واعتبرت ان الامم المتحدة تصدر أحكاماً جزافية مزيفة، ولا تستند على حقائق ملموسة ودامغة، وعليه فإن تشاد قفلت حدودها مع افريقيا الوسطى خشية من إنتقال العدوى الى أراضيها، وهذا التصاعد الخطير في المنطقة قد يقود المرء الى الأخذ في الإعتبار هذه المعطيات وقراءة سيناريويات (ICEWS) بجدية، لأن هذا ببساطة يعتبر وضعاً بالغاً الخطورة (المجازر الاهلية لأربع دول)، وهناك أيضاً نجد جمهورية الكنغو التي عانت كثيراً من ويلات الحروب، وقد نجم عنها مجازر فظيعة إبان ازمة البحيرات العظمى، ولازالت آثارها باقية حتى اليوم، حيث قُتل ما لايقل عن مليونين من المدنيين في ذاك الصراع الدموي، وكذا نجد الصومال الغارقة أصلاً في نزاع دموي منذ عشرين سنة ولم يتوقف، فهناك تشاد التي تحيط بحدودها أحداث إقليمية جسام لم يسبق لها مثيلاً في تاريخ النزاعات المسلحة حول الحدود التشادية.
تجري استعدادات عسكرية دولية لشن حرب واسعة النطاق بولاية (برنو)بشمال نجيريا ومن المتوقع ان تفرزنتائج عكسية على حدود الدول المجاورة.
وبناءاً على سيناريو مركز الانذار المبكر وتنبآته المخيفة في افريقيا وعمليات المجازر المتوقعة في مطلع العام المقبل، يمكن قراءتها على ضوء مجريات الاحداث في المنطقة والتي تشمل رقعة جغرافية شاسعة ومتازمة، وهي تمتد من دارفور شرقاً الى شمال نيجيريا غرباً، ومن افريقيا الوسطى جنوباً الى ليبيا شمالاً، إضافة الى الصراع المحتدم بين الجماعات المتشددة وطوارق دولة مالي الذين يطالبون بالإنفصال، وإن هذه المتغيرات في المنطقة قد تجعل من سيناريو مركز الإنذارأمراً ممكناً جداً، لأن الخارطة المشؤمة التي حددها المركز، أن أجزاءاً كبيرة من دولها تقع تحت دائرة توقعات(the Integrated Crisis Early Warning System)، ويأتي ذلك ضمن آليات الصراع المسلح في الدول الافريقية والتي يمكن وصفها ب(آليات النزاعات العابرة للحدود بين الدول)مثلها في ذلك مثل انتقال عدوى الحرب بين الكنغو زائير ورواندا سابقاً، حيث عبرالحدود العديد من اللاجئين وان بعضهم يحمل السلاح الذي ساهم بدوره في عدم الاستقرارهناك، وبل ان ذاك السلاح قد أشعل حرباً ضروساً وشرسة أدت فيما بعد الى تغيير النظام السياسي للرئيس الراحل موبوتوسيسكو دا بانزا رجل زائيرالقوى،.. وفي ظل إستعراضنا للتحولات والمتغيرات الطارئة في المنطقة(ليبيا، مالي، افريقيا الوسطى ونيجيريا)يسود المهتمين والمراقبين إنطباعاً سلبياً وتفائلاً سيئاً للغاية، بان تلك المنطقة ستتعرض لمخاطر كبيرة وستظل قابلة للانفجار تحت أية لحظة، لأن إنتشارالسلاح الليبي وصلت آثاره الى أعماق القارة الافريقية، وساهم في إضطرابات أمنية كبيرة في مالي وقسمتها بين إقليمين رئيسيين في الشمال والجنوب(دولة الأزواد والجنوب)، وإن الجماعات المسلحة في المنطقة لاتجد صعوبة كبيرة في الحصول على السلاح والتزود به، وبما في ذلك السلاح المتطور، ولذا فقد أصبح أوجه النزاع المسلح وباشكاله المتعددة يتجسد بوضوح في المنطقة أكثرمن ذي قبل، وكما تتجسد أيضاً ملامحه في إنتشارالسلاح والإتجاربه في كثيرمن دول أفريقيا جنوب الصحراء، وأن بعض أمراء الحرب في هذه الدول أضحوا غير مسيطر عليهم بما فيه الكفاية، وإن المثال الحي واضح للعيان في مالي(حركة الانفصال المالية MNLA)، ونيجيريا(جماعة بوكوحرام) وفي افريقيا الوسطى(أنتي بالاكا والسليكا)وفي دارفور(الحركات المسلحة)، ويبدوأن الأمرأصبح صعباً جداعلى القوات الدولية المتواجدة في تلك البقاع من تجريد الجماعات المسلحة من سلاحها، وفي حالة نيجيريا أصبح الامرمهدداً رئيسياً لعدد من الدول(نيجيريا، تشاد والكمرون والنيجر)، ولذلك نجد ان الدولة النيجيرية أستعانت بقوى دولية كبيرة(أمريكا، بريطانيا وفرنسا)لمساعدتها للقضاء على جماعة(بوكوحرام)، وحاليا تجري استعدادات عسكرية دولية لشن حرب واسعة النطاق في ولاية(برنو)بشمال نيجيريا من اجل التطويق والقضاء على جماعة بوكوحرام النيجيرية، ويذكرأن القيادة النيجيرية قد ألقت القبض مؤخراًعلى عشرة من جنرالات وضباط جيش نيجيريا الإتحادية بتهمة التآمروإمداد جماعة بوكوحرام بالسلاح والمعلومات فميا يسمى ب(الخيانة العظمى)، وأن هذه الإتهامات قد تكشف للعالم وجهاً آخراً وخفياً يتعلق بإرتباط جماعة(بوكوحرام)بالمؤسسة العسكرية في نيجيريا، وإماطة اللثام عن صراع آخر ومستوريدورخلف كواليس مؤسسة الجيش النيجيري ذاته بين القيادات المسيحية والمسلمة يذكرنا الأمربأزمة بيافرا!، وفي ظل هذه التناقضات الأمنية في المنطقة، من المتوقع جداً ان تجتازنتائج هذه الحرب وتمتد الى عمق حدود دول أخرى مجاورة هشة امنياً وسياسياً، وقد تتحول الى كوارث أخرى بالمنطقة ويصعب السيطرة عليها إقليمياً ودولياً ك(أزمة دارفوروجنوب السودان)، ومن هنا يمكن الإشارة الى مؤتمرباريس الذي إنعقد الشهرالمنصرم والذي أعطى نيجيريا الضوء الأخضر والحق الموضوعي وتصديها للتحدي الأمني الذي فرضته جماعتها المتشددة في حدودها مع تشاد(بحيرة تشاد)والنيجر(دلتا النيجر)، وثم الكمرون التي نشرت ثلاثة آلاف من جنودها في الشمال، وأن مشاركة رؤساء أربعة دول افريقية(نيجيريا، الكمرون، بنين، تشاد والنيجر)في مؤتمرباريس المخصص لمحاربة بوكوحرام، يؤكد بجلاء أن المخاطرالأمنية في المنطقة أصبحت حقيقة وتطابق الأصل تماماً لسيناريوهات مركزالانذارالمبكرالمُعد في جامعة سدني الاسترالية، وفي تشاد يخشى الناس من إنعكاس وإمتداد آثارالحرب على بوكوحرام على الاراضي التشادية، خاصة في إقليم(كانم)الذي لايٌبعد من العاصمة أنجمينا سوى مئات الكيلومرات، دعك من ردة فعل الجماعة النيجيرية المتشددة تجاه تشاد والتي ستعتبرها قاعدة عسكرية دولية خلفية للإنطلاقة ضدها(هبوط جنود أمريكان في مطارأنجمينا العسكري)، وأن شكل تشاد الحالي لايتحمل كثيراًعبئاً إضافياً آخراً من اللاجئين والنازحين على أراضيها في حال حدوث حرب وإضطرارالمدنيين للهرب بإتجاه تشاد، وإن تشاد يكفيها لاجئي دارفوروالمهجرين التشاديين القادمين من ليبيا وافريقيا الوسطى، ولايعلم احد ما قد تخبئه الأقدارللبلاد جراء هذه الأحداث وإفرازاتها المحتملة، أوما قد سينتج عنها من تطورات قادمة في الشق الشمالي من دولة نيجيريا على التراب التشادي، جاءت هذه التطورات سريعة ومتلاحقة بعد إختطاف جماعة بوكوحرام ل(222)طالبة من مدرسة ثانوية بشمال البلاد، وفي الاثناء دعى قس نيجيري شهيرالجيش النيجيري شن حملة عسكرية ضد تشاد والدول المجاورة، واعتبرالقس ان تلك الدول ترعى الإرهاب ضد بلاده إنطلاقاً من أراضيها في الحدود، وهذه الدعوى تجسد نمط الحرب الدائرة بين المسيحيين والمسلمين في افريقيا الوسطى، وبإختطاف بنات المدرسة الثانوية بنيجيريا، فقد أُديرت حملة عالمية واسعة للتعاطف مع نيجيريا وطالباتها المختطفات، وبعدها بأسابيع أجرت المخابرات الامريكية مسحاً إستخباراتياً بالمنطقة لتحديد مكان إحتجازهن في الحدود بين تلك الدول المعنية، وتلاها بعد ذلك هبوط حاملات جنود أمريكية في تشاد وعلى متنها جنود مزودين بآليات عسكرية وطائرات بدون طيارلإجراء المسوحات اللازمة جواً، ومن المؤكد أن رؤية تقاطع المصالح الإقليمية والدولية في المنطقة بدأت تتضح دونما لبس، لأننا نرى بالمقابل، أن الصين قامت بإرسال ثلاثة بوارج حربية الى شواطئ الكمرون لتأمين منشآتها في الموانئ من إحداث أي تخريب محتمل. ولاندري إن كانت كل هذه التحركات الدولية من أروبا وأمريكا والصين تُعبرعن بدء حرب مصالح في أفريقيا، أو إن الأمرهومجرد إستعراض للقوة لأغراض أخرى بالمنطقة،
صناعة صدام الحضارات في افريقيا الوسطى، ولا أحد يستطيع تقييم حجم التطورات القادمة في المنطقة..
حينما أحس الرئيس المخلوع فرنسوا بوزيزيه بالخطرالداهم على حكمه في ديسمبر 2012م من قبل جماعات السليكا وتحالفاتها، بدء بالتفكيرملياً في إيجاد مخرج له، ولكن ليس مخرجاً سلمياً مناسباً، وتفيد التقاريرالدولية بشأن أزمة أفريقيا الوسطى، أن الرئيس بوزيزيه إعتمد سياسة خطيرة من شأنها تدميربلاده، وذلك من خلال حل الجيش الوطني وتوزيع السلاح على أنصاره من الأهالي المحليين، وعندما إنتصرت قوات السليكا وآل اليها زمام الامورفي بانغي، فلم تجد جيشاً ولاسلاحاً في المخازن، إذن، ان السليكا وجدت بلداً كأنه أُنشأ للتو من العدم، والسليكا تتكون من تحالفات سياسية وعسكرية، إلا أن الخبرة السياسية لاتسعفها في بناء وقيادة دولة معدومة الهياكل والمؤسسات، ولذلك عمت الفوضى كل أرجاء البلاد، خاصة في المناطق التي لاتسيطرعليها قوات السليكا، ولم تستطيع قوات الافارقة المرابطة هناك إيقاف الفوضى في البلاد، وبذلك دأب خبراء النزاعات على تسمية التطورات في افريقيا الوسطى بصناعة صدام الحضارات ذلك للإشارة الى تحول الصراع حول السلطة الى صراع طائفي بين المسيحيين والمسلمين، ومن المفيد أيضاً التطرق الى أصل الصراع في افريقيا الوسطى، وهوأن مجموعة السليكا وجدت نفسها في السلطة بفضل ضعف القوات الافريقية، أوغضها الطرف عن تقدم قوات السليكا نحوالعاصمة بانغي دون مقاومة كبيرة للاستيلاء على السلطة، وقبل ذلك بقليل، كانت التوقعات تشيربان ضعف القوات الافريقية كانت مؤشراً ينذربانقلاب عسكري محتمل، أونشوء تمرد مسلح يحدث إضطراباً أمنياً في ذاك البلد، وقد كانت السليكا منذ بداياتها تحالف سياسي/عسكري يضم خمس إئتلافاً، وهي مجموعات بسيطة وضعيفة وتفتقرالى قيادة حقيقية على مستوى التنظيم والإعداد السياسي، وكما ان السليكا بمجموعاتها المختلفة تنطلق من قاعدة اجتماعية في الشمال ضمن مجموعات حدودية، وهي تعيش في اقاليم مهمشة من قبل الدولة، وان الشعورالوطني ظل ضعيفا بين سكان الشمال، واضحت الشكوك متزايدة، على اعتباران البعض لم يولدوا في افريقيا الوسطى.. ولذلك جاء هجوم المتمردين قوياً وقاسيا في ديسمبر 2012م، وجمعت الاهداف مجموعات متفرفة في الحدود، المتمردين التشاديين، المقاتليين السودانيين، الصياديين غيرالشرعيين والشباب المجندين من المدن والقرى خاصة من المسلمين.. وهذا يدل على ان اغلب السليكا من شمال افريقيا الوسطى من الذين يحسون بالتهميش ويخشون على الدوام عدم تمثيلهم سياسيا من الوسط اوالجنوب ولا أحد يعبرعن تطلعاتهم ومطالبهم الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في البلاد.. وان تلك الافكارسيطرت مؤخراً على مجموعة السيلكا عندما استلمت السلطة وقامت باستخدام ممارسات وفقاً لأفكاروخلفيات مسبقة، هذا الامردفع في حقيقته الاطراف الاخرى المناوئة من المسيحيين الى انشاء مليشيات اخرى موازية هدفها الدفاع الذاتي تحت مسمى- الانتي بالاكا- كي تتصدى لهجمات قوات السيليكا.
هواجس عدم الاستقرارالإقليمي في المنطقة:
ان إستقالة الرئيس المسلم ميشيل جوتوديا من السلطة وانتخاب العمدة السابق لبانغي السيدة/كاتارين سامبا بانزا على رأس الحكومة الانتقالية الحالية يُعد نظرياً أمراً مرحب به شعبيا للخروج من الازمة، وبالمقابل، فقد تركت إستقالة الرئيس ميشيل من منصبه فراغاً أمنياً وسياسياً في البلاد، لان طريقة عزله كانت خطأً جسيماً أرتِكب بحق أمن وإستقرارافريقيا الوسطى، وأن الحكومة الانتقالية الحالية هي الاخرى عجزت عن ضبط الاوضاع المتفجرة باستمرار، لأن وجودها على سدة السلطة الإنتقالية لايعنى بالضرورة ان البلاد قد خرجت من مربع الفوضى ودخلت مرحلة الاستقرارالنهائي، بالاضافة الى ان الوحدات التشادية العسكرية في بانغي ظل ينظراليها كداعم لمجموعات السليكا إنسحبت هي الأخرى من المشهد جراء الضجة الاعلامية الدولية، والتي وصفها وزيرخارجية تشاد بالقول:(ان بلادنا تواجه حرباً إعلامية مجانية بسبب ازمة افريقيا الوسطى ونحن نقررسحب قواتنا من هناك)، وقد جاء قرارسحب القوات التشادية من هناك بعد يومين من إنعقاد القمة الاروبية/الافريقية بالعاصمة البلجيكية بروكسل، حيث شاركت تشاد في القمة بمستوى رئيس جمهوريتها، وكانت أزمة افريقيا الوسطى حاضرة في أروقة القمة وضمنت في جدول الأعمال، ونذكرأن حادثة مؤسفة حدثت في بانغي غيرت مجرى الامورفي القمة الأروبية/الافريقية، وهي أن مجموعة من السكان الغاضبين تظاهروا ضد القوات التشادية في بانغي، وقاموا بإلقاء قنبلة يدوية على الجنود التشاديين في عملية إستفزازية واضحة، وقد رد الجنود للدافاع عن أنفسهم مما تسبب في مقتل(29)مواطناً، وهذه الحادثة سُمعت أصدائها داخل قاعات القمة، وتسببت في حرج بالغ للوفد التشادي، ووُجهت له إنتقادات حادة، وأضطرت القيادة التشادية الى إصداربيان صحفي ببروكسل مقررة فيه سحب القوات التشادية من أفريقيا الوسطى.
تهديدات إيرانية سودانية في أفريقيا الوسطى:
أن تداعيات الأوضاع الأمنية في أفريقيا الوسطى أخذت أبعاد وسمات مختلفة، وتركت بصماتها القوية إقليمياً ودولياً، وحازت في مجملها على اهتمام كبيرمن قبل المنظمات الإنسانية ووسائل الاعلام الدولية، وذلك نظراً الى تشعبها وتداخلها مع العديد من القضايا في المنطقة، فنجد أن تشاد تُتهم من قبل الامم المتحدة بضلوع جنودها في الاحداث، وجاء هذا الاتهام بناءاً على مشاركة عناصرتشادية في القتال الدائرهناك، بينما تتهم دائردولية وإقليمية السودان وايران بوقوفهما خلف الأحداث هناك لأسباب عقائدية(دعم الرئيس المسلم مشيل جوتوديا)، وهذا الأمرأحدث خلطاً كبيرا في الساحة الاعلامية في اروبا، خاصة من قبل المعارضة السودانية، فقد أورد كاتب بصحيفة(Mediapart)الفرنسية مقالاً بعنوان:-(التهديدات الإيرانية السودانية في أفريقيا الوسطى)، ومن الواضح في أزمة أفريقيا الوسطى، إن المزاعم التي ساقها الكاتب بُنيت على أساس أن قبائل ال(قولا) التي ينتمي اليها الرئيس المُستقيل/ميشيل جوتوديا كانت لها أواصرقربى وتداخل في الحدود مع السودان(الشمال الشرقي)، ويعتقد كاتب المقال أن ذلك كان كافياً مما يدعوا الى الإعتقاد بفرضية وجود أياد خفية سودانية/ايرانية في الأحداث، ويرى آخرون انه يجب توخي الحذرفي تحليل أزمة بانغي وعدم خلط الأمور، ويرى خبيرالنزاعات الأفريقية بمركزالأبحاث والعلاقات الدولية في باريس الدكتور/رونالد مارشال عكس ذلك تماماً، فيرى مارشال:-(أن الأوضاع في أفريقيا الوسطى لايمكن قراءتها بمعزل عن تطورات مجريات الأحداث التي تكتنف العديد من بلدان القارة، وأن الادعاء بوجود دعم سوداني ممثل في العناصرالسودانية وسط المسلحين بقيادة الرئيس مشيل جوتوديا واستيلائه على السلطة فهو فهم خاطئ ومغلوط في قراءة الأوضاع بالمنطقة نظرا لتركيبة السكان في الحدود بين السودان وأفريقيا الوسطى، لان الرئيس مشيل هومن قبائل ال(قولا)، وهي مجموعة عرقية تعيش في الشمال الشرقي من أفريقيا الوسطى، وهذا لايعني البتة تورطاً سودانياً في الأزمة، وان مشيل كان قنصلاً لبلاده منذ سنوات بمدينة نيالا السودانية، إذن، أن الأمرطبيعي أن يستفيد مشيل من علاقاته الموجودة هناك وينشطها عبرالحدود)، واختم دكتور/مارشال(أن النزاع المسلح في دارفوروليبيا مؤخراً جعل من السهولة بمكان الحصول على السلاح المنتشرفي طول وعرض هذه المنطقة، وهذا الأمرلايعبربتاتاً من أن السودان كان متورطاً وله أجندة سياسية خاصة في أفريقيا الوسطى، مثلما كانت الأحوال ظاهرة للعيان في الدورالذي تعلبه تشاد في أفريقيا الوسطى عسكرياً خلال السنوات المنصرمة).، وفي المجال الامني ان وجود خمسة آلاف من القوات الافريقية مدعومة ب(الفين جندي فرنسي وألف جندي أروبي) لم تستطع احتواء العنف الطائفي المتبادل، ويعود هذا الى انه لايوجد حالياً جيش وطني رسمي في افريقيا الوسطى يمكن الإعتماد عليه لاستتاب الامن وضبط الامور، لان جنود افريقيا الوسطى تركوا العمل في الجيش بعد دخول قوات السليكا الى بانغي واستلامها السلطة، وهناك يأس واضح في نفوس البعض وتزمرهم من ادارة البلاد من قبل السلطة الانتقالية، وان بعضا من الجنود والضباط انخرطوا في صفوف مليشيات الأنتي بالاكا المسيحية، وهنا تتضح حالة السيد/ السكندرفردينا كجزء من قوات الدفاع الذاتي التي تضم اغلب قدامى الجنود من القوات النظامية، وفي هذه الاثناء يظل سيناريوالمصالحة في الوقت الراهن امرا بعيد المنال.. لان المخاطرالناجمة عن تدهورالوضع وتحلل قوات السليكا وتسللها الى حدود الدول المجاورة يمكن ان يشكل نوعاً آخرا من المخاطرالامنية المستقبلية لعدد من دول الجوار، وهذا امرأكدته من قبل عدة تطورات وأحداث افريقية حدثت في الماضي، حينما اندلعت الازمة في رواندا عام 1994م، فان سيولاً من اللاجئين والمهجرين الفارين من جحيم الحرب عبروا الحدود ومن بينهم جماعات مسلحة استقرت بها الاحوال في محافظات رواندا المتاخمة للحدود مع زائير، وأصبحت سبباً رئيسياً في احداث اضطرابات امنية كبيرة في دولة الكنقوالديمقراطية مدى عشرين عاماً، خاصة في اجزائها الشمالية والجنوبية باقليم كيفو.
رئيس تحريرصحيفة الوجدة الدولية/باريس
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.