التاريخ يكرر نفسه بلا ريب .. والثورات تكرر نفسها حتى في زمن قصير إذا توفرت عناصر الاشتعال والغضب الموضوعية ، فهلا فهم الحاكمون " العابرون " الرسالة؟ كنت قد توقفت عن الكتابة في انتقاد الحكومة الانتقالية السابقة التي لم نر منها خيرا قط بعد تشكيل الحكومة الحالية. وكنت قد وعدت أن أتوقف عن ذلك لأرى ماذا ستفعل الحكومة الجديدة بعد أن غادرت غير مأسوف عليها حكومة " عيال أمريكا " التي اختفى من تركوا مناصبهم عن المسرح وكأن الأرض ابتلعنهم لا نحس منهم من أحد ولا نسمع لهم ركزا ، والحمد لله ، لكنهم تركوا " بقاياهم " الذين استعانوا بمن هم أضل سبيلا . وكان الأمل أن تكون الحكومة الجديدة قد وعت الدرس وعرفت مواضع النقص وتبينت الخلل الذي أدى لفشل سابقتها لكنها للأسف أثبتت خلال أشهر معدودات أنها أسوأ وأضل فانطبق عليها المثل " شهاب الدين أظرط من أخيه " . أتابع هذا السقوط المريع اقتصاديا وأمنيا وصحيا وتعليميا " فلا إطعام من جوع ولا أمن من خوف ولا علاج أو دواء من مرض ولا تعليم من جهل " وكفى بذلك فشلا وسقوطا. دافعنا عن حكومتي الثورة ما استطعنا حتى أصبحنا نخجل من الدفاع عن حكومة لم تبق في وجهها مزعه لحم من ذل التسول للغرب والشرق ووجهنا للسابقة نقدا لاذعا علها تصلح حالها لكن لا حياة لمن تنادي وسكتنا عن هذه عل وعسى فما وجدنا منها غير ذات التجاهل لقضايا الشعب الملحة المتعلقة بحياته اليومية فهي ليست " فالحة " إلا في تحرير الأسعار و" الفرجة " على سوق الله أكبر وهو يلتهم كل شيء .. حكومة تأتمر بأمر أسيادها في البنك الدولي وتطبيق ما يطلبون دون النظر إلى الواقع الاجتماعي والمعيشي للشعب وهي لا تدري أن دول الخليج بكل ثرائها ترفض روشتة البنك الدولي التي يطلبها منهم كل عام لإصلاح الاقتصاد لكن حكومتنا تحتج بادعاءات بلهاء تزعم إن الدعم يستفيد منه الأغنياء وهذا صحيح ولكن حين يتم رفع الدعم لا يجد الفقراء والضعفاء منه شيئا وبالتالي يزداد العبء عليهم وحدهم دون الأغنياء. ركزت الحكومة جهودها فى القضايا الخارجية وحققت نجاحا لا ينكر لكنه ليس نجاحا ملموسا أو محسوسا يمكن أن يرى الشعب نتائجه في معيشته بين عشية وضحاها وهو في ذات الوقت مرهون بتوفير " الأمن " وفي هذا حققت الحكومة صفرا كبيرا والقادم أسوأ " وكذلك مربوط بالبنية التحتية وتوفير الطاقة وفي هذا فدرجة الحكومة أقل من الصفر .. فعن أي استثمارات جاذبة يتحدث الحالمون ؟؟ " انخرطت الحكومة في محادثات السلام وهذا أمر مطلوب وجيد ولكنها ركزت كل جهدها على ذلك وهي ليست أكثر من اجتماعات لتوزيع السلطة والثروة وهي غير مأمونة العواقب وغير مرضي عنها إلا من الشركاء فيها ، فما تفعله في عام يمكن أن يهده ويدمره تمرد شخص واحد خارج على مجموعته أو غضب من يرى أن نصيبه قسمة ضيزى فيخرج على الاتفاق بالسلاح .. ألم يجرب كل المجتمعين الآن التصالح مع النظام البائد ثم التمرد عليه .. ؟؟ لذا فإن كان السلام مطلبا فهو ليس قضية يترك بسببها الشعب للجوع والمرض والجهل حتى إذا ما توصلت الحكومة مع شركائها في السلام لاتفاق لم تجد حينها شعبا تبشره بما توصلت إليه بل قد يسقطهما معا لأن الجوع كافر .. وهو الذي أودى بالبشير وسيورد البرهان وحمدوك موارد الهلاك بلا ريب. كلما انتقد أحد الحكومة تشبث أصحاب النعمة بالتشدق الفارغ عن أن هذه مخلفات الكيزان حتى أصبح قولا سمجا ممجوجا لا يقنع إلا مبرري الفشل .. و هذا وإن صح جزئيا فيجب ألا يعفي عن المسؤولية والمساءلة .. فالذين يحكمون كانوا يعلمون أو ينبغي أن يعلموا أن الذين سقطوا لن ينسحبوا من المسرح فمثلما كانت المعارضة تفعل كل ما يؤذي النظام البائد وتشجع حصار الحكومة " حصار الشعب " وتفاخر بذلك كما يفعل " عمر قمر الدين " وقد نكون جميعا ساهمنا في ذلك بطريق آو أخر ، فليس لها الآن أن تتوقع أن يقدم المنهزمون لحكومة الثورة فروض الولاء وقرابين الطاعة ويدفعون بأموالهم التي سرقوها ليدعموا بها اقتصاد الثورة .. لقد كان التقصير في تهاونهم وكان عليهم تتبع أزلام النظام البائد جماعات وفرادى .. وزرافات ووحدانا. لقد كان الأولى أن تبدأ الحكومة بتغيير العملة لضبط الكتلة النقدية والتحكم فيها واستردادها من أيدي أزلام النظام لكنهم تركوها لتدخل من باب المضاربة بالدولار فيترتب على ذلك كل هذا الانهيار في سعر الجنيه. والأنكى والأمرّ أن الحكومة ظلت تترسم خطى النظام البائد " وقع الحافر على الحافر " في طباعة العملة وشراء الدولار من السوق الأسود ويكفي شاهدا ما قاله من وضع نفسه رئيسا للجنة الاقتصادية الفريق أول " خلا " حميدتي وإعلانه على الملأ بأنه تم شراء دولارات تعويض الأميركيين من السوق الأسود !! أهناك سوء أكثر من هذا . ؟؟ حكومة فشلت في كل شيء وأفقدت الناس حتى الأمل في أي إصلاح وحتى ما اتخذته من قرارات بنية الإصلاح عادت على الشعب المنكوب بالوبال مثل رفع الرواتب وتحرير سعر الصرف المرن وأخيرا التمادي في رفع الدعم دون نظرة لحال المواطن المسكين.. حكومة فشلت في تشكيل حكومة بعيدة عن المحاصصات وفشلت في تنفيذ أهم بنود الوثيقة الدستورية وشوهتها بالتعديلات وفشلت في تكوين المجلس التشريعي وتتعثر في اختيار نائب عام ورئيس قضاء بعد أن فشلت في التعيين السابق بل الأدهى أنها فشلت حتى في اختيار وزير للتربية والتعليم !!.. ولكنها نجحت نجاحا باهرا في زيادة إفقار الشعب وخوف الشعب فأصبح المواطن لا يأمن على نفسه ولا بيته ولا مستقبله فهو خائف حتى إن كان يملك ثمن الدواء فلن يجده فما بالك بمن لا يملك !! .. حكومة لم تقتص للشهداء ولم تحاكم مجرما ولم تقبض على قاتل ولا تستطيع مواجهة الجيش برد حقوق الشعب من شركاته ولا مواجهة الدعم السريع بإلزامه بالخضوع لسلطة الدولة . حكومة يتسول مواطنوها " حق الدواء " على مواقع التواصل وتتجول حركاتها المسلحة في عاصمتها ويهدد زعماء القبائل والعشائر والطوائف بتكوين مليشيات جديدة ويرفض قائد الجنجويد فيها الخضوع للجيش " حمرة عين " ويزعم أنها قوات حكومية مع أنه يتزعمها بالوراثة ويقتسمها مع أخيه .. !! حكومة لم تفتتح مشروعا ولم تبن مدرسة ولا طريقا ولم تشيد مصنعا وغاية ما فعلته " صيانة مباني حكومية بالمليارات ليسكنها أصحاب الوظائف العليا الجدد " وحضور عدد من المؤتمرات وزيارات مؤامرات. حكومة لم يعرف الناس عنها إلا الصفوف وضرب الكفوف دهشة مما حاق بهم .. ولا نملك إلا أن نقول لها كما قلنا لطاغية النظام البائد وهو يرفع سعر الوقود قبيل انتفاضة سبتمبر 2013. إرفع .. ارفع .. إنت حاكمنا المدلّع.. يمكن البتسوي ينفع .. ما يهمك لو حريق السعر في أكبادنا ولّع .. ارفع .. ارفع يمكن البتسوي ينفع.. أو يحرك ذرة فينا من المشاعر.. أو يخلي الشعب يطلع .. أو يكون الثورة للممكون وصابر .. ارفع .. ارفع