يتواصل الجدل في الوسط الصحافي السوداني حول تأسيس نقابة مهنية، في ظل الانقسام بين العاملين في القطاع بشأن تمثيل القاعدة الصحافية واقتراب إصدار مشاريع قانونية تتعلق بالصحافة والإعلام. وجدد صحافيون سودانيون دعواتهم للوحدة والتوافق، إثر إقرار رئيس مجلس الوزراء هذا الأسبوع لمشروع قانون النقابات بعد انتظار طويل. وقال الكاتب الصحافي حيدر المكاشفي إنه لا بد لهم من الالتقاء واتخاذ خطوة إلى الأمام، كي يتمكن الصحافيون من الانطلاق وتأسيس نقابتهم الحرة المستقلة الديمقراطية، التي تتولى الدفاع عن مصالحهم المادية والمعنوية وتعمل على توفير الأجر الذي يكفل ظروفا معيشية مناسبة لأعضائها وتحسين بيئة وشروط العمل. وقامت الحكومة التي تشكلت بعد الثورة بحل كل النقابات والاتحادات المهنية، وطلبت من كل مجموعة مهنية أن تختار لجنة تمهيدية لتجهز لقيام نقابة للفئة التي تمثلها. لكن تعطل العمل في الاتحاد العام ونقابة الصحافيين السودانيين مع رفض وامتناع رئيس الاتحاد السابق إجراء أي عملية تسليم وتسلم إلا من خلال لجنة منتخبة. وكانت القاعدة الصحافية منقسمة في من يمثل القاعدة، كما أن عددا من الكيانات استنكرت خطوات تعيين اللجنة التمهيدية، معللة بأنها لم تشرك القاعدة الصحافية، بل قامت بانتحال تمثيلهم دون الرجوع للقاعدة العريضة من الصحافيين. ثم أعلنت رابطة إعلاميي وصحافيي دارفور عن مبادرة لتوحيد الوسط الصحافي بوزارة الثقافة والإعلام بعنوان "أسس عودة نقابة الصحافيين السودانيين"، وبعد نقاش مستفيض خلال الورشة أجمع الصحافيون على ضرورة وحدة الوسط الصحافي للوصول للنقابة وإجازة القانون المنظم لعملها. واتفق الصحافيون المشاركون في الورشة على ضرورة تكوين لجنة توافقية من جميع المؤسسات والكيانات الصحافية السودانية وتعمل هذه اللجنة على إعداد سجل صحافي جديد وموحد وقانون خاص لنقابة الصحافيين الفئوية. حيدر المكاشفي: القانون وحده لا يمكن من إنتاج صحافة حقيقية حرة وأجمع معظم الصحافيين على تشكيل لجنة تحضيرية توافقية من كل الأجسام للتحضير للجمعية العمومية وشددوا على ضرورة أن تتحول كل الأجسام الصحافية إلى فريق عمل موحد يعمل على تذويب الخلافات وأجمعوا على ضرورة تكوين نقابة فئوية تضم جميع الصحافيين. وأعلنت الرابطة أنها ستعمل مع جميع الأجسام الصحافية من أجل إنجاز مشروع نقابة الصحافيين السودانيين لما تمثله من أهمية في دعم الانتقال في البلاد وترسيخ قيم الديمقراطية. وراهن الصحافيون على نقطة توافق وهي أن الجميع يرغبون في عودة نقابة الصحافيين وسن قانون يمكّن من طي الفراغ الكبير الذي شكله غياب النقابة، ما ساعد في تشكيل اللجنة التمهيدية لاستعادة نقابة الصحافيين. وانخرطت اللجنة التمهيدية خلال الأشهر الأخيرة في أعمال لجنة مبادرة توحيد الوسط الصحافي حرصا منها على تحقيق أكبر قدر من التوافق بين مكونات الوسط الصحافي. وقررت اللجنة المضي قدما في تلك المبادرة على أمل أن تحقق خطوة كبيرة للأمام في إطار الوصول للعتبة الأولى بتكوين لجنة تأسيسية لنقابة الصحافيين السودانيين. ويأمل الصحافيون في أن تعيد النقابة المنتظرة الصحافة إلى مهنيتها وتمنحهم حقوقهم ومكانتهم التي يستحقونها، إضافة إلى أهمية مشاركة النقابة مع الحكومة في مشاريع القوانين التي تتعلق بالصحافة والإعلام وتنظيم القطاع. وتسلمت وزارة الثقافة والإعلام من اللجنة الاستشارية لإصلاح قوانين الإعلام في السودان هذا الأسبوع مقترحات مشروع قانون الإذاعة والتلفزيون وقانون الصحافة فضلا عن قانون الحصول على المعلومة. واعتبر المكاشفي أنه لا يكفي أن تصدر الحكومة قانونا للصحافة مهما كانت جودته، فالقانون وحده لا يمكن من إنتاج صحافة حقيقية حرة وديمقراطية، فالصحافة وخاصة الورقية تعاني اقتصاديا. وأضاف "نخشى إن ظلت هذه المعاناة قائمة دون أن تتدخل الحكومة لتخفيف وطأتها على الصحف، أن قانون الصحافة عند إجازته لن يجد صحفا وسيصير اسما بلا مسمى". وأشار إلى أنه على الحكومة إن كانت جادة في وجود صحافة حقيقية أن تسعى بجدية لتحسين أوضاع هذه الصحف، إما بالدعم المباشر كما تفعل الكثير من الدول، أو بطريق غير مباشر بإلغاء أو تخفيض الرسوم على مدخلات الصناعة الصحافية التي تشمل الورق والأحبار وكل مستلزمات الطباعة، ولا بد في هذا الخصوص من وحدة الناشرين وتكوين الكيان الذي يمثلهم، فهم كما الصحافيين مختلفون ومتناحرون.