قمة الإحباط أن تشعر بأنك تحمل فى قلبك بلدا متدهور الاقتصاد تتمنى أن ترمم جنباته بيديك لتمسح عنه كل المعاناة. وقمة الإحباط أن تنظر اليه من بعيد وهو يئن وانت عاجز أن تقدم له القليل من الحلول. وقمة الإحباط أن ترى بنو جلدتك يحكمون البلاد 30 عاما ويفشلون و يسرقون موارده ويبيعون أركانه. وقمة الإحباط أن ترى من يصفق ويطبل للفاشلين والسراق وقتلة النفس التي حرم الله قتلها . وقمة الإحباط أن ترى فشلا وطنيا كاملا في حكم البلاد منذ الاستقلال. وقمة الاحباط ان تري امام عينيك كل هذه الموارد والخيرات تذهب بعيدا الي الغرباء. وقمة الاحباط ان تفشل في التخلص من كل هذه الرواسب التي تنخر جسد الوطن. وان كنت احيانا ادعو الله أن يجعلني (كسيزيف) بطل الإغريق احمل وطني من أسفل الجبل إلى أعلاه وعلى كتفي اتحمل الالم لاخرجه من هؤلاء و عزلته التي كادت تقتله مرات و مرات والصخرة تقع مني في القاع لاعود واحملها من جديد. فما أحلى العذاب الأبدي من أجل الوطن. وكم تقتلك الحسرات وانت ترى تلك البلدان الجميلة وقد وصلت قمما وانت في القاع. و كم يقتلك الحزن وانت ترى عاصمة بلادك غارقة في أكوام النفايات وقد غطتها جيوش الذباب. وكم تفتقد كل مشاعر الفخر في المهجر ان كرمك الغرباء او صفقوا لك حين يكون الابداع في مكان آخر. نعم لقد هجرنا الوطن حين ضاق بنا الحال . وان صدق قول الشاعر فينا حين قال: لَعَمْرُكَ ما ضاقَتْ بِلاَدٌ بأَهْلِهَا ولكنَّ أَخلاقَ الرِّجالِ تَضيقُ. فعذرا لك وطني. فنجاحات الآخرين في اثيوبيا ورواند والصومال وغيرها تحزننا كثيرا علي وطن كان يمكن ان يكون. وان كنت على يقين إن تقدم السودان ليس بهدف بعيد المنال فالسودان غني بالموارد والخيرات. ولكن يتطلب الأمر خلاصا من هيمنة النخب الفاشلة . الغريب انه غير النحيب على الامة والظلم على الامة نسمع منهم هذه الايام. ففي كل ساعة ينشرون سمهم القاتل في المجتمع يحرمون ويحللون ويكفرون . وعندما تحدثهم عن الاخلاق الاسلامية الحقة والقيم اتوك باقوال قدسية و سيوف ونعتوك بالالحاد والكفر وانك ضد االله والعقيدة. وهذه هي الظلامية التي جاءت الثورة لتغيرها. ولماذا لا نسال انفسنا كيف انطلقت "دول التغيير" سنغافورة وكندا وتشيلي وأستراليا ورواندا واثيوبيا والصومال. سودان اليوم اخوتي يحتاج لشعب واعي ووطني. شعب يبدأ مسيرته من الصفر بعد خلاصه من كل القيود وإزالة بيوت العنكبوت و الاخفاقات القديمة التي اقعدته طويلا.