تحية طيبة وبعد.. أما وقد اطلعت على منشورك الذي سارت به الركبان ووجلت له القلوب وانكره كثر واحتفى به قليلون..فإني لأعلم أنك سيدة محترمة وأم وزوجة ولست من ترضين بأن تكون غيرك من نساء السودان عشيقة لعوباً وزوجة ملتزمة في آن معاً، فإما أن تستمسك بحبل رجل أو أن تغدو سائبة أو ان تنتظر بيتها الحلال حتى ينزل عليها بالستر والرحمة.. ولكنك ربما تعنين عبر مقترحكِ تخويف الرجال أو على الأقل تحذيرهم من خطورة الاقدام على فكرة التعديد. ولأنني ارجح الاحتمال الأخير فسأبني رسالتي اليك عليه واقول بكل تقدير تستحقينه. اولاً إن دعوتك المخلصة تنطوي على قهر شديد للمرأة.. ولكن أية إمرأة؟ إنها الارملة التي لا يتزوجها الا ( راجل مرأة)، والعانس والمعيبة، والبدينة ( والشينة) بمقاييس مجتمع ما، فضلاً عن المطلقة. في ظل اوضاعنا الاقتصادية الصعبة هذه، انت تعرقلين الامل امام هذه الشرائح من مجتمع النساء في بلادنا، وهن الغالبية، حيث تشهرين بوجه الازواج سلاحاً لا اخلاقياً يجعل المقتدرين منهم – على قلتهم – في هذا الزمان يترددون ويحجمون عن حل مشكلة مليون امراة ليست لديهن الا هذه الفرصة الوحيدة لكي ينجبن أطفالاً ويتخضبن بالحناء كبقية النساء او ان يطلقن إن اشترطن هذا الشرط. فما هو القهر إذا لم يكن هذا قهراً. ثانيا ربما تعلمين انه لا يقدم على تعدد الزيجات إلا مقتدر.. وأول المقدرة الذكورة الفائضة.. فإذا قرنا رسالتك برسالة الزميلة داليا إلياس التي استعرضت خلالها استشراء ظاهرة ضعف الفحولة وسط الرجال في هذا الزمان من جراء ضغوط المشاكل الصحية والنفسية والتغذوية المخيمة على المجتمع فإننا سنكون أمام تناقض صارخ.. فهل رجال السودان يفيضون ذكورة الى درجة انهم يعددون الى هذه الدرجة المزعجة ام انهم يعانون من انكماش كبير لهذه الناحية الى درجة قرع جرس الخطر؟.. فإذا افترضنا أن هذا موجود وأيضاً ذاك موجود فلماذا لا نحل هذه المشكلة بتلك، فندع فائضي الذكورة يعددون ليسدوا ثغرات العاجزين ويادار ما دخلك شر. في الحقيقة وبكل المقاييس فإن دعوتك انما تكرس لقهر اشد ضد المرأة ..ولا اقول ذلك عبثاً وانما اكاد اجزم انك اذا طلبت اجراء استطلاع وسط شرائح: العوانس والأرامل والمطلقات وهؤلاء كما احسب يبلغن نسبة تتجاوز 50% من مجتمع النساء اللائي يرتقبن الزواج اليوم فإننا نتوقع ان ترجح كفة من يفضلن التعدد حتى يحظين بفرصة وأمل انت تحاولين اجهاضه وهذا لعمري اجرام بحق هؤلاء الكريمات علماً بأنهن الغالبية. السيدة الفاضلة امل هل تراك فكرت في عواقب اكتشاف الزوج خيانة زوجته؟ وأنك تعرضين من تدافعين عنهن جزافاً لخطر القتل هن وعشاقهن. سيدتي المحترمة إذا كان هذا هو حلك لمشكلة تعدد الزوجات ( العشيق مقابل الزوجة الثانية) فما هو حلك لمشكلة زوجات المغتربين الذين يمكثون اكثر من عام بعيداً عن احضانهن؟ وما اكثرهن. وماهو حلك لزوجات المرضى شهورا ومرضى القلب والفشل الكلوي والسكري المتفاقم.. هل سنجد عشاقاً ذوي كفاءة لكل هذا العدد الضخم من المحرومات في ظل مزاعم داليا؟. استاذة أمل كيف غضضت الطرف عن مسؤولية الشلابات تجاه ظاهرة التعدد.. ام ترى يتزوجهن الرجال دون ارادتهن؟ اين الذمة والموضوعية في قول الحقيقة؟ ثم.. دعيني أسأل بعفوية: ماهي شروط هذا الصديق الذي يستعان به؟ وهل تمانعين ان يكون ( راجل مرأة)؟ طبعا لا اتوقع ان توافقي على ان يكون متزوجاً والا عملنا شنو. حسنا سنقول نيابة عنك( شرطا يكون اعزب) وفي هذه الحالة سنخلق مشكلة اضافية للشابات اللائي سيفقدن عروض الزواج ممن سيقومون بدور الصديق العابر ، فهل هنالك قهر للنساء واهدار لكرامتهن وإلغاء لفرصهن في حياة زوجية سوية أكثر من هذا؟. الزميلة امل ليس كل ما يحدث في الغرب يصلح للشرق ، كما أن المستعينات بصديق الآن لا ينتظرن ضرة سواء كن متزوجات او غير متزوجات. ولعله من الانصاف ان تجدي حلاً موازياً للرجل الذي تغيب زوجته عن فراشه طوال ايام الطمث واشهر الحمل وايام النفاس وايام المرض ورغم ذلك فالرجل لا يستعين بصديق الا الاستثناء. الخلاصة يا اختاه نجدها عند امير الشعراء احمد شوقي الذي أورد في قصيدته التي يستهلها بالقول.. سلو قلبي غداة سلا وتابا لعل على الجمال له عتابا ولا ينبيك عن خلق الليالى كمن فقد الأحبة والصحابا فمن يغتر بالدنيا فإني لبست بها فأبليت الثيابا فلم أر غير حكم الله حكماً ولم أر دون باب الله بابا .