اليوم فقط ايقنت تماماً ان الكائن حمدوك يجب ان يرحل، و معه كل هذا المشهد العبثي. حمدوك عبارة عن مهرج، و قوى الحرية والتغيير بكل فصائلها، و توجهاتها غارقة في خيانة الثورة، و الشعب، فجميعهم هدفهم، و غاياتهم السلطة، و هذا لا يخفى علي احد، فكل الشعب السوداني اصبح علي علم بذلك. يرى البعض في ضعف حمدوك محمدة و يلبسون هذا المسخ بلبوس التوازنات السياسية، و العبور بالبلاد بالتراضي. للأسف هذه العقلية تعمل ضد مبادئ الثورة، فالثورة لا يجب ان تقدم التوازنات السياسية قبل اهدافها التي يجب ان يتحرك قطارها ليدهس كل ما هو بالي، و قديم متعفن. عمل النظام البائد بهذه العقلية لثلاثة عقود، فالنتيجة ماثلة امامنا بدون شرح، او تأويل. لمبتدعي هذا المنهج المعطوب، فحمدوككم لم يكن سياسياً، و لم تأتي به الثورة لتنفيذ اجندة سياسية في وسط مشهد عبثي لا يمت اصلاً للسياسة بصلة، بل عبارة عن سمسرة، و تقاسم للكيكة، في احسن الاحوال الرقص علي جثة الوطن الصريع. عندما يطرح رئيس وزراء حكومة الثورة مبادرة فأعلم عزيزي القارئ ان ثورة ديسمبر قد ماتت، و اصبحت جثة تنتظر الدفن، إن إستسلمنا لهذا المبدأ حيث الضعف، و الخوف، و التردد. اتينا بك ايها الحمدوك لتعمل وفق الشرعية الثورية، و التي بالضرورة هي الدستور، و القانون، و سلاحك الماضي هو الشارع بكل اطيافه. لم نسع بعد بان ثورة في الكرة الارضية إنتصرت بالمبادرات، و المماحكات السياسية الخربانة كخراب عقلية من مثلوا هذا المشهد العبثي القميئ. جاءت مبادرة الحمدوك عبارة عن مخترحات، ايّ والله حمدوك يخترح علينا، و ثورتنا منتصبة لا تقبل القسمة إلا علي اهدافها التي اقسم عليها شهداءنا الابرار، و بصموا عليها بدمائم الطاهرة. جاء في مطلع مخترحات حمدوك بما اسماه إصلاح القطاع الامني، و العسكري. في هذا الجانب اثبت هذا الرجل انه مراوق، و غير جدير فهو عبارة عن دمية لا تصلح إلا في ايدي من يحركها خلف الستار!!! في اول زيارة لحمدوك الي الولاياتالمتحدةالامريكية تواصلت مع عدد مهول من رفقاء الامس لرغبة قطاع واسع من الضباط الوطنيين الذين يمتلكون خبرات واسعة لممشاركة في تقديم خطة العبور بالثورة بترتيب القطاع الامني، و العسكري، حيث مربط الفرس، حيث البداية الصحيحة لإنطلاق الثورة نحو الاهداف، و الغايات. يشهد الله كل من عرفتهم من عسكريين لا إنتماء سياسي لأحدهم، و لا احد لديه طموح سياسي، او وظيفي، فكل همهم تحقيق اهداف الثورة، و العبور بها الي بر آمن بعيداً عن تغول سلطة الامر الواقع، و فرض اجندة القوة، و سطوة السلاح. كنا في مواجهة المُكر السياسي حيث انك لابد ان تعرف إنتمائك السياسي، و تحدد الجهة التي تؤيد، او تتبع حتي تكون لك كلمة، و صوت مسموع. المعضلة كانت في لقاء الرجل بشكل رسمي، فكانت الإجتهادات الشخصية، و العلاقات هي المحدد. المهم في نهاية الامر هو لقاء الرجل، و تنويره، و تنبيههة بالمخاطر الامنية، و العسكرية التي ستحول دون تحقيق اهداف الثورة. برغم الصعوبات، وزحمة العمل، و الجميع يعلم الحياة في الغرب، إستقطع الإخوة الضباط زمن طويل في نقاشات، و حوارات تمخضت عن رؤية قاموا بتسليمها الي السيد حمدوج في عشاء اعدوه له في مقر إقامته. اجزم بقسم غليظ إن لم يكن قد تركها في ادراج الجناح الفخم الذي خُصص له فمكانها صناديق القمامة في مكتبه بالقصر، و اتحداه ان يخرج بها الي الشعب السوداني. تنحصر معضلة السياسة السودانية وسط النخبة العاطلة بين الحسد في اللا شيئ، و الإستسلام للقطيع، غير مسموح لك ان تتحدث بلا قطيع تتبعه، او يتبعك، اثني، او ثقافي، او إجتماعي، او ايديولوجي، او مناطقي لتفرض رؤيتك غصباً عن الجميع، و ستجد الإحترام، و التقدير حسب قوة القطيع، و حجمه في الجهل، و السفور. اعتقد صوتنا وصل الي الجميع بمن فيهم قائد مليشيات الدعم السريع حميدتي، في انه ايّ يوم يمر بعد الثورة يجب ان يبحث له، و لقواته عن مخرج لأنه لا يمكن بأي حال من الاحوال ان يكون لهذه المليشيا دور في المشهد في السودان بعد الثورة سوى عملية الدمج، و التسريح. هذا المسعى فقط إن جاء بإرادة منه لكان له الف حساب عند جموع الشعب السوداني صاحب الكلمة الاخيرة،و التي لا تحكمها ايّ توازنات سياسية، او مماحكات عاطلة. للأسف حميدتي وجد جوقة من المطبلاتية، و المرتزقة لم، و لن يبينو له الطريق بشكل صحيح فتمادى الرجل، و اصبح له طموح سياسي يفوق قدراته المتواضعة، فلجأ الي خطاب النظام البائد العنصري، الذي تنحصر اجندته بين القبيلة، و المنطقة، و الثقافة، و العنصر. اخيراً..كل مرجعيات حمدوك لإصلاح القطاع الامني، و العسكري، عفى عنها الزمن، و اولها اتفاقية جوبا العرجاء، التي زادت الوضع تعقيداً علي علاته. الوصول الي جيش وطني محترف طريقه عدم الإعتراف باي وضع شاذ، و عدم الرضوخ لمبدأ توازنات القوى الذي سيذهب بنا جميعاً الي الجحيم. يجب وضع خطة واضحة، و صريحة تكون وفقاً لمبادئ الثورة في تأسيس جيش وطني بعقيدة وطنية محترمة، و قوى امن محترفة، و الجميع في مسافة واحدة في التنفيذ، و السمع، و الطاعة. كسرة.. البرهان.. كل محاولاتك تظل فاشلة لأنك تدور في ذات الدائرة الجهنمية التي تركك عليها الماجن المخلوع. الطريق إلي قلوب الجماهير، و الشعب المتعطش للتغيير برغم الجوع، و الفقر، و المرض هو الصدق في القول، الذي يعضضه البيان بالعمل. برهان.. ستقرأ حديثي هذا طال الزمان او تقاصر، في صفحات التاريخ، إنصياعك الي فلول النظام البائد، و تنفيذ اجندتهم، و رغباتهم لا يضير الثورة، و الثوار في شيئ، فعليك بالنظر إلي ضفة النيل الازرق الاخرى من شرفة مكتب سعادتكم بالقصر إن كانت هناك دروس، و عِبر. البرهان.. تعينك لمدير مكتب المأفون المخلوع بأمر الثورة إبن عوف، و كاتم اسراره مديراً لكتبكم بالقصر، و المجلس السيادي خطوة غير جديرة بالإحترام. برهان.. المنظر القبيح امام القيادة العامة لابد له من مراجعة، و محاسبة من قام بصناعة هذا القُبح الذي دفعنا فيه مال برغم الظرف الإقتصادي الذي تمر به البلاد، في الإمكان القيام بعمل محترم يحمي مقرات الجيش، و يحفظ المظاهر الحضرية التي بالضرورة لها إنعكاس علي حالة المواطن النفسية، و إحساسة بالامان، و ترسيخاً لهيبة جيشه.